مصر تطلق أطول نهر صناعى بطول 114 كيلو مترًا فى العالم بقلب الصحراء الغربية
إيمان شهاب
أحمد جلال السيد: هذا النهر سيحل أزمة عدم وصول المياه إلى توشكى وشرق العوينات بالصحراء الغربية
مصطفى بدرة: بفضل هذا النهر سيتم تسويق المنتجات المصرية فى الأسواق المحلية والخارجية
خالد الشافعى:تيمكن تعويض المبلغ المنفق على المشروع خلال عام أو عامين من إيرادات استصلاح الأراضى وزراعتها
منذ عام 2014 وحتى الآن، يولى الرئيس اهتمامًا خاصًا للملف الزراعى حيث يعمل على إنشاء مشروعات قومية متعددة بهدف استصلاح الأقاليم الصحراوية فى مصر، وكان من ضمن هذه المشروعات جاءتمشروع الدلتا الجديدة، والذى يعتمد على شق ترعة "النهر الصناعى" لمهمة توصيل المياه اللازمة لزراعة ما يقارب من 2.2 مليون فدان فى الصحراء الغربية، فهذا يشبه إنشاءتنهر نيل جديد، عبر إعادة استخدام مياه الصرف الزراعى، والسطحي، ونقل المياه الجوفية بطريقة آمنة دون إهدار للمياه، وإعادة توجيهها ونقلها للأماكن الزراعية بالمشروع بعد معالجتها فى محطة الحمام بالساحل الشمالى.ت
تعود بداية مشروع النهر الصناعى فى مصر إلى أبريل/نيسان عام 2017، حيث يهدف هذا المشروع إلى زيادة الرقعة الزراعية فى الصحراء الغربية، كما يسعى للمساهمة فى سد وتقليل الفجوة الغذائية، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، بالإضافة إلى أنه يساعد فى توفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، إضافة إلى التخفيف من الاستيراد، وتوفير العملة الصعبة.
فقد تحقق حلم المصريين بتحويل الصحراء إلى مساحات خضراء لزيادة الرقعة الزراعية، وبالتالى زيادة المحاصيل، فقد بدأ التشغيل التجريبى للنهر الصناعى الأكبر من نوعه بالعالم، والذى يبلغ طوله 114 كم، وتسير المياه من خلالهتتفى ترع مكشوفة، ومواسير مغطاه لمنع المياه من الفقدان، فالنهر الصناعى الجديد هو كلمة السر للدلتا الجديدة، وبمثابة شريان الحياة للصحراء الغربية الذى بات المصريين سنوات يتسنوا لهذه الفرصة، ولذلك قامت جريدة السوق العربية بعمل تحقيق صحفى من خلال استطلاع آراء الخبراء للتعرف أكثر عن هذا النهر العظيم، ومميزاته، وتحدياته وما إلى ذلك، وإلى نص التحقيق...
فى البداية، قال الدكتور عباس شراقى، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية، بإن الحكومة المصرية تعمل بجهود كبيرة فى قطاع الزراعة وتوسيع المساحات الخضراء فى مختلف مناطق البلاد، حيث تهدف هذه الجهود إلى استغلال المساحات الصحراوية وتحويلها لمناطق زراعية لتحقيق التنمية المستدامة، والمساهمة فى تحقيق الأهداف العالمية لزيادة المساحات الخضراء، وحماية الموارد البيئية المهددة بالزوال، موضحاً بأنتمحطة تحلية المياه تعتبر عنصرًا أساسيًا فى تحقيق أهداف مشروع النهر الصناعى الضخم فى مصر ومشاريع الدلتا الجديدة، فإنها تسهم بشكل كبير فى إنتاج مصادر مياه جديدة للحفاظ على مياه نهر النيل ومنع تراجع منسوبها، مشيراً إلى أنه تم بناء المحطة على طول ساحل البحر المتوسط فى منطقة الحمام بالساحل الشمالى، وتُعتبر هذه أكبر محطة لمعالجة مياه الصرف الزراعى فى مصر، حيث يتم معالجة أكثر من ستة ملايين متر مكعب من المياه يوميًا، كما سيتم توصيل هذه المياه إلى مناطق الاستصلاح الزراعى فى غرب الدلتا، والتى تهدف إلى زراعة خمسمائة ألف فدان،تمتوقعاً بأن يكتمل بناء محطة الحمام بالكامل وأن تعمل بكامل طاقتها المخططة بحلول عام 2050.
وأشار شراقى، إلى أن مشروع النهر الصناعى هو أحدث مشروع قومى للزراعة فى مصر، وهدفه الأساسى هو سد الفجوة الغذائية فى البلاد، ومع ذلك، فإن المساحة الشاسعة المطلوبة للمشروع، والتى تصل إلى 2.2 مليون فدان، تتطلب كمية كبيرة من المياه، وهذا يشكل تحديًا كبيرًا أمام الحكومة، لذلك تم اتخاذ تدابير للتعامل مع المياه بطرق غير تقليدية، بما فى ذلك إنشاء محطة الحمام لمعالجة مياه الصرف الزراعى التى تعد الأكبر فى العالم، والتى تعالج 2.5 مليار متر مكعب من المياه سنويًا، وتعتبر جزءًا أساسيًا من مياه الرى اللازمة للمشروع، لذاتتمتتنفيذ ما يشبه النهر الجديد لتوفير المياه للمشروع، ويتضمن ذلك إنشاء ترع ومواسير للمياه ومحطات رفع حيث يتم تنفيذ المشروع فى منطقة منخفضة ترتفع أكثر من 100 متر،تمؤكداً بإن إدارة الموارد المائية وتوفير المياه للزراعة تواجه تحديًا كبيرًا لمصر، نظرًا للنمو السكانى المستمر وتزايد الطلب على المياه، لذلك يتم اتخاذ إجراءات ومشاريع مبتكرة للتعامل مع هذه التحديات وضمان استدامة الموارد المائية، وتحقيق الأهداف الزراعية والبيئية فى البلاد.
وأشاد الدكتور أحمد جلال السيد، عميد كلية الزراعة بجامعة عين شمس، بقرار الرئيس بإنشاء نهر صناعى فى قلب الصحراء الغربية نظرًا للفوائد الاقتصادية والأمن الغذائى التى ستعود على الشعب المصرى من خلاله، حيث يعتمد النهر الصناعى على مياه النيل ومياه الصرف الزراعى، فإنه يعد من أكبر المشاريع فى الوقت الحالي، مضيفاً إلى أنه هناك بعض المناطق بالصحراء الغربية كتوشكى وشرق العوينات تعانى من صعوبة وصول المياه إليها، وبالتالى لا تصلح للزراعة، فهذا النهر العظيم سيحل هذه الأزمة، إضافة إلى أن النهر يقع على محور روض الفرج-الضبعة، مما يجعله محورًا هامًا يسهم فى تنمية البنية التحتية، وجذب الاستثمارات والسكان إلى المنطقة، وتحقيق التنمية المستدامة فى الصحراء الغربية.
وأشار السيد، إلى أن هناك كميات كبيرة جدًا من المياه يتم إهدارها فى البحيرات الشمالية، وخاصة بحيرة إدكو، ولذا يجب معالجة هذه المياه وإعادة استخدامها مرة أخرى بدلاً من إهدارها، لأنه ليس لدينا القدرة على تبذير المياه، لذلك يتم معالجتها ومن ثم توجيهها إلى مناطق ذات تربة جيدة للزراعة، وهذه هى الفكرة الأساسية التى يستند إليها المشروع، بالإضافة إلى ذلك، يتم الاعتماد على المياه الجوفية لتحقيق أهداف المشروع، متمنياً بأن تكون الترع قد تم بنائها بطريقة تضمن عدم تسرب المياه من خلال وجود تغطية كاملة وبنية تحتية مناسبة للمناطق التى تحتوى على رمال قابلة للتسرب.
توفى هذا الصدد، قال محمد السباعى، وكيل لجنة الزراعة والمياه بمجلس النواب، بأنتمشروع النهر الصناعى يمثل جزءًا هامًا من مشروع الدلتا الجديدة فى مصر، حيث يهدف إلى تعزيز التنمية الاقتصادية والزراعية فى المنطقة، كما يهدف المشروع إلى زراعة مساحة كبيرة من صحراء مصر الغربية، لذا يُعتبر الأضخم من نوعه على مستوى العالم، فقد يتجاوز مساحة مشروع توشكى بخمسة أضعافه، مضيفاً بأنه تم زراعة حوالى 350 ألف فدان حتى عام 2022، ولا يزال العمل قائمًا على استصلاح المساحة المتبقية، إضافة إلى أنه يتم استخدام نظام الرى المحورى فى المشروع، ويهدف إلى زراعة 15% من إجمالى الرقعة الزراعية فى مصر، مشيراً إلى أن المشروع يهدف أيضًا إلى تحقيق الاكتفاء الذاتى فى الغذاء وذلك بحلول عام 2025، من خلال إنتاج 65% من محاصيل القمح واستغلال 48.6% من محاصيل الذرة وزراعة 66.7% من محاصيل قصب السكر.
وأشار السباعى، إلى أنه هناك عدة فوائد زراعية آخرى لهذا المشروع، تتمثل فى إسهامه بإنشاء مجتمعات سكنية وبنية تحتية جديدة، مما يساهم فى تخفيف الكثافة السكانية، وتوفير فرص عمل جديدة، متوقعاً بأن يوفر المشروع أكثر من خمسة ملايين فرصة عمل جديدة، مما يساعد فى تقليل معدلات البطالة.
ومن جانب آخر، قال الدكتور مصطفى بدره، بأن النهر الصناعى المصرى يحقق نقلة حضارية للدلتا الجديدة، مشيراًتإلى أنه فى الماضى، كان النهر يعتبر ممرًا للتعمير وفكرة مقترحة من قبل الدكتور فاروق الباز، ولكن لم تكن هناك القيادة السياسية القادرة على تنفيذ هذا المشروع فى ذلك الوقت، ولكن الآن تم تنفيذ فكرة بناء النهر الصناعى، والذى يساهم فى إنشاء حضارة جديدة فى مناطق قليلة السكان، كما سيزيد من مساحة الأراضى الزراعية فى مصر بمقدار 3.5 مليون فدان، إضافة إلى أن النهر يعمل على تعزيز تقدم الدولة المصرية، مضيفاً بأن مساحة الأراضى التى كانت غير مأهولة بالسكان ومستخدمة للزراعة والعمران قد زادت من 3.5 إلى 4 مليون فدان، لذا لأول مرة يزاد العمران إلى ما يقرب من 9 مليون فدان.
وأشار بدره، إلى أنتالنهر الصناعى المصرى يعتبر مصدرًا للتنمية والاستثمار، حيث يخلق حضارة جديدة فى مناطق لم تكن مأهولة بالسكان من قبل، لذا يعتبر مشروعًا استراتيجيًا يهدف إلى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية فى مناطق جديدة، وسيساهم فى تغيير خريطة التنمية فى مصر وتعزيز مكانتها كدولة قوية على المستوى الإقليمى والعالمي، متوقعاً بأن مشروع النهر الصناعى سيزيد من المحاصيل، ومن ثم سيتم تسويق المنتجات المصرية المنبثقة عن المشروع فى الأسواق المحلية والخارجية.
بينما قال الدكتور خالد الشافعى، الخبير الاقتصادى، بأن مشروع النهر الصناعى المصرى هو الأكبر فى العالم حيث يقع بقلب الصحراء الغربية لزراعة الدلتا الجديدة، وذلك بهدف ترويض الصحراء الغربية وزيادة الرقعة الزراعية فى البلاد، لافتاً إلى أن المساحات المزروعة فى مشروع مستقبل مصر بلغت 450 ألف فدان، حيث يعمل النهر الصناعى والقناة المائية على توفير 17 مليون متر مكعب من المياه يوميًا، مشيراً إلى أن هذا النهر سيعتمد على مصادر مياه متنوعة لإمداده، والمتمثلة فى مصادر المياه السطحية، والمياه المعالجة، والمياه الجوفية، مضيفاً إلى أن هذا المشروع يهدف إلى زيادة الأراضى الزراعية المتاحة فى مصر، وتحقيق استدامة الإمدادات المائية للزراعة فى المنطقة.
ونوه الشافعى، علىتأن مشروع النهر الصناعى الجديد يعد قفزة فى مجال الزراعة فى مصر والعالم، حيث يهدف المشروع إلى استغلال المياه المهدورة، وإعادة تدويرها لإنتاج محاصيل تساهم فى سد الفجوة الغذائية الحالية،تفإنتالمشروع يتضمن تمهيد طرق داخلية، وحفر آبار مياه جوفية، ومحطتين للكهرباء، وشبكة طاقة داخلية متصلة بشبكة كهرباء الدلتا الجديدة، بالإضافة إلى مخازن ومبانى إدارية وسكنية،تمضيفاً بأنتمنطقة الدلتا الجديدة كانت فى السابق منطقة زراعية مزدهرة فى عصر الفراعنة، لذا تعد واحدة من أكثر الأراضى خصوبة فى العالم، مما يؤكد على أهمية المشروع، مؤكداً على أن القيمة التى تم تخصيصها للنهر الصناعى الجديد يمكن تعويضها خلال عام أو عامين بالإيرادات المتوقعة من استصلاح الأراضى وزراعتها.