السوق العربية المشتركة | كريمة: ضرورة للعودة إلى المبادئ والأسس الصحيحة للإسلام

السوق العربية المشتركة

السبت 16 نوفمبر 2024 - 16:29
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

كريمة: ضرورة للعودة إلى المبادئ والأسس الصحيحة للإسلام

  محرر «السوق العربية» يتحدث مع أحد المواطنين
محرر «السوق العربية» يتحدث مع أحد المواطنين

«السوق العربية» تفتح ملف عدم إضافة المادة الدينية للمجموع


منذ فترة ليست بالقصيرة تم تهميش مادة التربية الدينية، وتم تحويل «حصة الدين» فى المدارس إلى استراحة من عناء يوم دراسى طويل، فالطالب لا يقرأ ولا المعلم يهتم بالشرح، وفى ظل الجهود الكبيرة التى تبذلها المؤسسات الأمنية والدينية للتصدى للإرهاب والعنف ونشر الوسطية والاعتدال والتسامح بين أبناء المجتمع، والقوافل الأزهرية التى انطلقت إلى المحافظات لمواجهة الفكر المتطرف بالقرى والنوادى ومراكز الشباب، يؤكد علماء الدين أن تلك الجهود وحدها لا تكفى، وأن التصدى للعنف والإرهاب يبدأ من المدرسة، بل وطالبوا بتدريس مادة التربية الدينية كمادة أساسية فى مراحل التعليم المختلفة، وإخضاع المناهج الدينية لإشراف هيئة كبار علماء الأزهر، لتخريج أجيال تتمتع بفكر وسطى لا يعرف الإرهاب والتطرف، وأن تكون مصدراً لتدين الشباب ونشر الأخلاق وتدعيم أواصر الوحدة الوطنية وذلك بجعل مادة للثقافة المشتركة مع غير المسلمين حفاظاً على الوحدة الوطنية.

وفى هذا السياق يقول الدكتور أحمد محمود كريمة استاذ الفقه المقارن بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر، إن مادة التربية الدينية فى المدارس تحتاج إلى مراجعة من جديد فى ظل الظروف التى تمر بها البلاد وانتشار سوء الأخلاق، بل وانعدامها.

وطالب كريمة فى تصريحاته لـ"السوق العربية"، بأن تكون لجنة من كبار علماء الأزهر الشريف لوضع خطة لتطوير مادة التربية الدينية فى جميع المدارس وتكون تحت إشراف الإمام الأكبر شيخ الأزهر، وذلك من بداية المراحل التعليمية حتى الجامعة وأن تكون ماده أساسية يثاب عليها الطالب ويعاقب حتى نستطيع الرجوع إلى المبادئ والأسس الصحيحة التى نادى بها الإسلام منذ فجر الطليعة، واقترح كريمة أن تسمى هذه المادة الثقافة الإسلامية وليس التربية الدينية، وأضاف أننا فى حاجة إلى ضوابط ومنهجية الإسلام التى تعمل على إزاحة السلبيات.

ومن جانبه أكد الشيخ إسلام النواوى، عضو الإدارة العامة بوزارة الأوقاف، فى تصريحات خاصة لـ"السوق العربية"، أن المنظومة التعليمية تحتاج إلى إعادة النظر فى شتى المجالات لأن مفردات هذه المنظومة ثابتة لا تتغير منذ أمد بعيد، بعد أن كانت مصر رائدة فى مجال التعليم على مستوى الشرق الأوسط، وانحدر مستوى التعليم إلى الهاوية بسبب السياسة الخاطئة التى يتبعها المسئولون، بل وتساءل كيف لمادة مهمة مثل الدين فى دولة دينها الإسلام أن تكون مادة ثانوية لا أهمية لها.

وفى سياق متصل يؤكد الدكتور سعد الدين الهلالى، استاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، فى تصريحاته لـ"السوق العربية"، أن المناهج الدينية فى مصر تحتاج إلى مراجعة لمواجهة الأفكار الهدامة كما فعلت دار الإفتاء المصرية بإنشاء مرصد للرد على الأفكار والفتاوى التكفيرية لرفعة الأمة ونهضتها، كما أن المناهج يجب أن تحرص دائماً على اختيار الآراء الوسطية المعتدلة التى تعبر عن الإسلام الذى هو دين الاعتدال والوسطية البعيد عن التطرف والتشدد بجميع أشكاله وألوانه.

ويقول الدكتور سعد جاويش، استاذ الحديث بكلية أصول الدين، بجامعة الأزهر، فى تصريحاته لـ"السوق العربية" إن المناهج الدينية بحاجة إلى إعادة النظر وتغيير بعضها فى ضوء مستجدات الأحداث، فمثلا فى هذه الأيام توجد فتنة تكفير المجتمع، والدعوة إلى العداء بين المسلمين والنصارى، ويجب على المسئولين مواكبة ما يحدث فى المجتمعات من خلال إقرار المناهج الدينية الجديدة فى المدارس "ابتدائى وإعدادى وثانوى" لتتوافق مع تلك المستجدات، ثم بعد ذلك أن نوكل إصلاح ذلك الخلل إلى المتخصصين من علماء الأزهر حتى يكتبوا فى حل هذه المشكلات المتجددة، وقد يجد فى المنظور القريب أو البعيد مشكلات أخرى تحتاج إلى أن نصف لها الدواء، حتى لا يقوم النشء على فكر مختل.

وأضاف جاويش، أن طلاب الجامعات بحاجة ماسة الآن إلى وجود تلاحم فكرى بينهم وبين علماء الأزهر، وأنا أرى أنه لو أتيحت الفرصة لعلماء الأزهر للقاء الشباب لقاء منتظما فى المدارس والجامعات ومراكز الشباب وما إلى ذلك من التجمعات لأثمرت ثمرة حسنة، ولاقتلعت جذور الإرهاب والتشويش الفكرى من عقول الشباب، وأطالب الحكومة ووزراء الشباب والرياضة والتربية والتعليم العالى بإفساح المجال أمام القوافل الأزهرية لعقد ندوات ومحاضرات علمية لتحصين الشباب ضد التطرف، والإسراع فى تدريس مادة للثقافة الإسلامية بالجامعات يقوم على تدريسها أفراد مخلصون يتم اختيارهم بدقة لتغير الكثير من المفاهيم الخاطئة.

ومن جانبه يقول الدكتور عبدالفتاح أدريس استاذ الفقة المقارن بجامعة الأزهر، إن الحارس الأمين والحقيقى والفعلى للأمة هو التربية الدينية ولقد كان دستور 1971 ينص فى مادته التاسعة على أن الأسرة أساس المجتمع قوامها الدين والأخلاق وهذه المادة نقلت بحالتها إلى دستور 2014، والانفلات الأخلاقى الذى تعانيه الأمة والذى ينبثق منه الانفلات السلوكى والإعلامى والبيئى مرجعها إلى غياب التربية الدينية، ولو أننا ربينا أطفالنا منذ نعومة أظفارهم على قيم الإسلام وان الإسلام عماده الرحمة والمحبة والسلام ولو أننا ربينا أيضا أطفالنا المسيحيين منذ نعومة أظفارهم على أن المسيحية عمادها أيضا الرحمة والمحبة والسلام، لأن الأديان السماوية كلها تنبع من معين واحد وتصدر عن أصول واحدة كلها تؤدى إلى تربية النشء تربية سليمة على التسامح والمحبة والرفق والحنان والتراحم والتكافل والتعاون بعيدا كل البعد عن التشدد والتطرف والإثم والعدوان الذى تعانى منه الأمة هذه الأيام، ولو أننا علمناهم حديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الذى جمع بين هذه القيم جميعا فى بلاغة ما بعدها بلاغة وبيان ما بعده بيان حينما قال "لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولن تؤمنوا حتى تحابوا أفلا أدلكم على شىء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم"، هذا هو السلام الاجتماعى الذى دعا إليه الإسلام الذى لو تبعناه والتزمنا به ما رأينا أبدا هذا الذى يحدث فى مصر من تخريب وتدمير وتشويه لصورة الإسلام على نحو لم يسبق على مدى أربعة عشر قرنا من الزمان، وهذه الإساءة التى تجرى للإسلام وتشويه صورته وتشويه صورة الأمة الإسلامية كله مرجعه إلى غياب التربية الدينية الحقيقية، ولو أننا وجهنا وجوهنا شطر التربية الإسلامية منذ سنين مضت ما عانينا ما نعانيه اليوم من إثم وعدوان وغياب تام للتعاون على البر والتقوى.

وطالب إدريس فى تصريحاته، لـ"السوق العربية"، جميع مؤسسات الدولة الدينية والتعليمية والعلمية والثقافية وغيرها بأن تعود من جديد إلى الإفصاح عن الوجه الحقيقى للإسلام وانه دين الرحمة والمحبة والتسامح والسلام، وان نبادر اليوم قبل الغد بأن نضع فى مناهجنا الدراسية منذ الحضانة حتى التعليم الجامعى تعليم هذه القيم وهذه المبادئ عن طريق أساتذة هم القدوة والأسوة فى الرحمة والتسامح والمحبة والسلام، فلنعلم هذه القيم لمعلمينا أولا ثم ينقلونها بعد ذلك إلى فلذات أكبادنا، ذلك أن فاقد الشىء لا يعطيه ولتكن التربية الدينية شاملة إسلامية ومسيحية، ولنعلم أبناءنا أن القرآن الكريم يأمرنا بأن نتسامح حتى مع أعدائنا فما بالنا بإخوتنا ومواطنينا وأحبتنا وذلك فى قوله تعالى: "ادفع بالتى هى أحسن فإذا الذى بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم" وهكذا يقول السيد المسيح عليه السلام "أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم أحسنوا إلى مبغضيكم وصلوا من اجل الذين يسيئون إليكم".

ويرى الدكتور عبدالفتاح عبدالغنى العوارى، استاذ ورئيس قسم التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر بالقاهرة، وعضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أنه إذا أرادت الدولة سلامة بنيان مجتمعنا فعليها أن تعمم ثقافة الإسلام الوسطى على سائر أبنائنا فى الجامعات، ويندب لذلك علماء متخصصون من الأزهر الشريف للقيام بتدريس هذه المادة، المهمة لا أن تترك التربية الدينية هامشية، فلا تضاف إلى مجموع الطالب، ومن هنا ينظر الطالب وولى أمره إليها أنها مادة ليس بالشىء الذى يعتنى به، فلا الطالب يقرأها ولا المعلم يدرسها، ومن هنا يتخرج أبناؤنا فيبحثون عن جرعة دينية افتقدوها فى شبابهم، فتتلقفهم أيدى التطرف، والفكر المغالى فى التشدد، فعندها يقولون: هذا هو الإسلام، والإسلام برىء من ذلك، وتبعة التقصير تتحملها الدولة والمسئولون فيها أمام الله عز وجل، لأننا نجنى الآن ثماراً مرة بسبب هذا الغرس المتشدد الذى أخذه أبناؤنا وشبابنا من كتيبات صفراء يدرسها أناس لا صلة لهم بقواعد الشرع، ولا قوانين اللغة، ولا يفهمون دلالات الألفاظ على معانيها، ولا يفرقون بين المنطوق والمفهوم، ولا يعرفون معنى القياس الجلى من الخفى، ولا يجيدون صنعة المنطق وقواعد الترجيح، ومعرفة الجمع بين الدليلين إن أوهم ظاهرهما التعارض، لماذا؟ وذلك لأنهم ما أخذوا هذه العلوم من شيخ من مشايخ الأزهر المعتبرين وما حصنوا أنفسهم بأسس وقواعد نعلمها لأبنائنا قبل أن يتركوا لقراءة كتاب وحدهم دون توجيه، ومن ثم فهذا الصنف المتشدد لا يقرأون وإن قرءوا لا يفهمون لأن فاقد الشىء لا يعطيه.

وطالب عبدالغنى فى تصريحاته لـ"السوق العربية"، الدولة بأن تدفع بشبابها إلى حضن الأزهر، وثقافته الوسطية حتى تعبر بسفينتها إلى بر الأمان، وعندها يصبح المجتمع خاليا من الخلل ويعيش الناس فى أمن وطمأنينة، وبذلك يفرح بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقالت الدكتورة آمنة نصير، استاذ العقيدة والفلسفة الإسلامية، إن تدريس مادة الدين أمر واجب ولا يجب أن نتقاعس عنه تحت أى بند من البنود، فإلغاء مادة الدين معناه أننا نخرج جيلا كاملا بلا عقيدة وبلا هوية على الإطلاق، وهو شىء لا يمكن قبوله فى مجتمع يعترف بالديانات السماوية.

وأضافت آمنة فى تصريحاتها لـ"السوق العربية" أن المشكلة الحقيقية ليست فى فرض المادة أو إلغائها، أو حتى تصريحات الوزارة حول فرض المادة من عدمه، ولكن المشكلة الحقيقية فى تدريس المادة، التى تعامل على أنها مادة ثانوية، علمًا بأنها مادة رئيسية وأساسية لكل مسلم فى مصر، فكيف لا ندرس الدين للطلاب، ونطالبهم بأن يكونوا أشخاصا متحلين بالأخلاق.

وأضافت آمنة: نحن نعيش فى زمن "اللت والعجن"، فهناك من ينفى وجود عذاب القبر، وهناك من يتحدث عن الغيبيات مفترضًا أنها مجرد وهم، ثم نحاول إلغاء مادة الدين فهذا شىء غير ممكن، إلا إذا كنا ننوى تخريج جيل بلا هوية دينية على الإطلاق، وبلا أى ضوابط أخلاقية أو دينية من أى نوع.

وردا على بعض الآراء التى تقول إن المدرسة ليست مكانا لتدريس الدين، قالت "هذا كلام خاطئ، فيجب علينا أن ندرس مادة التربية الدينية فى الفصول، وتكون مادة أساسية، ويدرسها مدرس كفء، بدلًا من أن نوكلها إلى مدرس غير مؤهل، فيجب أن تكون حصة لها قيمتها، ليست تكملة جدول.

ويقول محمد رجب شرابى، وكيل وزارة التربية والتعليم سابقاً، فى تصريحاته لـ"السوق العربية": هناك 6 نقاط أساسية تفسر لنا أهمية دراسة التربية الدينية، 1- محتوى مادة التربية الدينية سواء كانت الإسلامية أو المسيحية يرسخ معنى الإيمان بالله ومبادئ العقيدة التى تحض على الرحمة والتسامح ومراعاة الله فى كل المعاملات الإنسانية والمهنية.

2- عدم الاهتمام بدراسة المادة ومعرفة محتواها يخرج طالبا جاهلا بدينه وقيمه السامية الأمر الذى يؤثر على سلوكه وإخلاصه فى إنتاجه وعمله.

3- تخرج المنظومة طالبا ضعيفا دينيا وبالتالى إيمانيا تمكن تيارات الإلحاد والفكر الهدام المتطرف من التأثير عليه وجرفه إلى مساراتها بسهولة.

4- عدم الإلمام بمبادئ الدين والمعاملات الزوجية وفقا للعقيدة الدينية سواء الإسلامية أو المسيحية أدت إلى انتشار حالات التفكك الأسرى والطلاق والخلع فى المجتمع، وتخريج رجل وفتاة لا يعلمان عن حقوق بعضهما الشرعية والرباط المقدس شيئا.

5- عدم ترسيخ قيم الأمانة والصدق من خلال الدين ومراقبة الله فى المعاملات أدت إلى انتشار الفساد والرشوة.

6-عدم الاهتمام بمادة التربية الدينية يحرم الطالب من التوازن النفسى والروحى المنشود من تدريس العقيدة وترسيخها فى النفوس لتعينه على مواجهة إغراءات محرمة عديدة تؤدى إلى فساد الفرد والمجتمع.

وفى سياق متصل أكد رضا مسعد، رئيس قطاع التعليم بوزارة التربية والتعليم سابقاُ، أن إلغاء مادة التربية الدينية أمر واجب تنفيذه فى أسرع وقت، خاصة مع تطبيق مادة الأخلاق التى نحتاجها أكثر من أى شىء.

وتساءل مسعد، فى تصريحاته لـ"السوق العربية": هل المبادئ التى ندرسها للطلاب فى مادة التربية الدينية، هل تنمى قدرات الطالب؟ فماذا لو درسنا مادة الأخلاق، هل ستزيد مدارك الطالب، خاصة فى ضوء العلم الحديث، هذا هو السؤال الحقيقى، وبالطبع مادة الأخلاق قادرة على فعل كل هذا بشكل أكبر من مادة التربية الدينية.

وأشار إلى أن على مدى عمر المصريين، يظل البيت هو المدرس الأول للتربية الدينية، بل والأكثر تأثيرًا، فالابن يرى والده دائمًا يقيم الشعائر الدينية، أو يذهب للمسجد، أو حتى يسمع إلى الدروس الدينية، ويستفيد مما يسمعه.

وأوضح أن عدم تدريس مادة التربية الدينية، ليس له أى تأثير على العقيدة الخاصة بالطلاب، خاصة أن مادة الأخلاق ستنمى من الأخلاق لدى الطلاب، وستنمى من العقيدة أيضا، لأن الأخلاق تكمل ما بدأ به المنزل فى زرع العقيدة الصحيحة.

ومن ناحية أخرى رصدت "السوق العربية" آراء بعض الطلاب وأولياء الأمور عن أهمية دراسة التربية الدينية وإضافتها للمجموع حيث قالت منى جابر، ربه منزل، "إن ابناءها دائماً ما يدخلون امتحان التربية الدينية وهم لا يعرفون فيما سيمتحنون وماذا سيكتبون فى ورقة الإجابة، وذلك لعدم اهتمام معلمى المدارس بشرح المادة من الأساس".

كما قال أحمد عبدالعليم، طالب إعدادى، "المدرس لا يدخل الفصل فى حصة التربية الدينية، والمدرسة لا تهتم بها، وبذلك نجد صعوبة فى معرفة المنهج وفى الامتحان أيضا".

وتقول هدير محمد، طالبة فى أولى ثانوى، "سبب عدم اهتمام المعلمين بالمادة أن الطلاب لا يأخذون فيها دروسًا خصوصية، وبذلك تكون هناك محاولة للضغط على الطلاب لأخذ دروس فى التربية الدينية".

ويقول أحمد راغب، ولى أمر،" أنا دايماً بسأل ولادى عن الدين وبحاول افهمهم معنى دينهم بس لازم تكون المدرسة معايا وتفهمهم ولادى بيقعدوا فى المدرسة اكتر من البيت يبقى ازاى مش بيبقوا عارفين حاجة عن دينهم، انا بتمنى ان يتم شرح الدين فى المدرسة"، واتفق معه فى الرأى الحاج ممدوح فرغلى "أنا أرى أن الدين لا يدرس بسبب عدم وجود معلمين متخصصين فى مادة التربية الدينية، وهذا عار على الوزارة"، بينما ترى نور محمد، طالبة، "إحنا بمجرد أننا بنعرف أن دى حصة الدين بنقوم كلنا ننزل الحوش ونلعب عشان مفيش مدرس بيخش لينا يشرحلنا المادة"، بينما بقول معتز أحمد، ولى امر "أنا روحت قبل كده أسأل على مدرس التربية الدينية قالولى فى المدرسة معندناش وكلفنا الوزارة ومحدش اهتم بينا، أنا شايف أن عدم تدريس الدين هو اللى وصل لحالة التطرف الفكرى اللى احنا فيه دلوقتى"، ويقول عبدالغنى محمود، مدرس ثانوى "عدم الاهتمام بدراسة الدين ومعرفة محتواها يخرج طالبا جاهلا وهذا يؤثر على سلوكه وإخلاصه فى إنتاجه وعمله، وأتمنى أن تضاف التربية الدينية فى المجموع الكلى للطلبة"، بينما اتفق الكثير من أولاياء الامور أن لا يوجد للأسف فى الكليات خصوصاً كليات التربية تستطيع ان تخرج لنا مدرسين ودكاترة متخصصين فى شرح التربية الدينية فهى مقتصرة فقط على الشيوخ، وجميع المدرسين فى المدارس خصوصاً الابتدائى يستطيعون شرح المادة دون فهمها جيداً بل ويعتبرونها مادة غير مهمة بالمرة بسبب فكرة عدم دخولها فى المجموع، وطالبوا أولاياء الأمور من الحكومة بتخصيص كليات تستطيع أن تخرج مدرسين أكفاء لشرح مادة التربية الدينية بشكل جيد يخدم التلاميذ فى فهمهم لدينهم".

ومن ناحية أخرى أكد قال هانى كمال، المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم، منذ شهر تقريباً أن وزير التربية والتعليم يناقش دائماً كافة المشكلات التى تواجه العملية التعليمية وأهمها تهميش دروس التربية الدينية.

وأضاف كمال، فى تصريحات صحفية، أن عصر تهميش الدروس الدينية بالمدارس انتهى بلا رجعة، وأشار إلى أن الوزير أكد ضرورة الاهتمام بها بالتنسيق مع الأزهر الشريف.

وأشار المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم، إلى أننا نعترف بوجود عجز فى مدرسى التربية الدينية المسيحية، وهناك خطة للقضاء على هذا العجز، مضيفا: "نجرى متابعات لمدرسى التربية الدينية لرصد اى تطرف والمخالف سيتحول إلى المسألة".

ومن هنا نجد أن الجميع يحاول أن يرسخ أسس ومفاهيم الدين لدى الطالب حتى يستطيع مستقبلاً أن يخدم بلده بالشكل الجيد بل ويحارب كل سبل التطرف ويقضى عليه تماماً وحتى تعود مصر مرة أخر منبر الحضارات والأولى فى مكافحة فكرة الإرهاب والتطرف، وسوف تواصل "السوق العربية" رصد ما هو جديد بخصوص هذا الموضوع حتى نصل لحل يخدم قيم الطالب ويخدم وطننا بالشكل الجيد.

وتزايدت ظاهرة التدنى الاخلاقى فى المدارس المصرية حتى أصبحت سمة فى المدارس الحكومية، ولم تقتصر الظاهرة لم تقتصر على فئة معينة أو مرحلة عمرية بل إنها شملت جميع الفئات والأعمار فى المدارس، ولاشك أن لمؤسسة التعليم والمدرسة دور كبير فى تدنى مستوى أخلاقيات الشباب.

وأكد كمال مغيت الخبير التربوى، أن ما حدث فى مصر بالسنوات الأخيرة كانت له تأثيرات وانعكاسات على كافة نواحى الحياة ومن السلوكيات السلبية ومنها ظاهرة التحرش بالمدرسين والمدرسات.

وطالب مغيث فى تصريح لـ"السوق العربية" بأن تفرض وزارة التربية والتعليم مادة التربية الدينية على المجموع وأن يكون لها اختبار شفوى وتحريرى، بالإضافة إلى إلى تطبيق درجات للسلوك يحددها المدرسون فى الفصل.

وأضاف الخبير التربوى، أن المشكلة فى فاعلية اتخاذ الإجراءات التى يمكن بها تحسين الظواهر الاجتماعية الدافعة إلى انتشار العنف فى المدارس، وتابع: "نحن حاليًا فى حاجة ماسة إلى تأهيل المعلمين نفسيا وتربويا؛ لامتصاص طاقة الأطفال والتعامل مع أخطائهم بصورة تربوية".

وأشار الخبير التربوى، إلى أن الوزارة عليها أن توفر هذه الإجراءات التأهيلية للمعلمين، بالإضافة إلى تخفيض كثافة الفصول التى تزيد من الضغط العصبى للمعلم وتجعله يستخدم العنف تجاه الطلاب.

ثقافة الفوضى

وأضاف الدكتور مصطفى فهيم استاذ الفقه بجامعة الأزهر، أن ظواهر التدنى الأخلاقى نتاج طبيعى لثقافة الفوضى الناجمة عن سياسات مجتمعة جعلت من كل شىء لسلعة، مشيرا إلى أن التعليم تحول إلى تجارة بالدروس الخصوصية، وما يصاحبها من سلوكيات وألفاظ غريبة عن قيمنا وأخلاقنا.

وأشار إلى أن التربية الدنيية لها دور حقيقى فى مواجهة هذه الظاهرة، لكن للأسف انعدام دور المدرسة التربوى والتعليمى ونتيجة وجود التعليم الموازى الأسود، وهو الدروس الخصوصية والتى تنتفى فيها كل القيم التربوية، وتكتفى بعملية البيع والشراء، فالمعلم تاجر والطالب زبون والعلم سلعة غير متوافر فيها الشروط الصحية، فأصبح أبناؤنا يتلقون كل ما طرأ على المجتمع من سلوكيات سلبية دون ترشيح أو فلترة تربوية حقيقية.

وأكد عبدالتواب علام ناظر مدرسة ابتدائى بمركز كوم أوشيم بمحافظة الفيوم، التعليم السيئ وسوء المناهج وغياب القدوة والوازع الدينى وراء انتشار ظاهرة التحرش، مؤكدا أن وزارة التربية والتعليم أخطأت عندما وضعت مادة التربية الدينية خارج المجموع.

وأضاف علام فى تصريحات لـ"السوق العربية" أن غالبية مرتكبى ظاهرة السلوكيات السيئة تكمن معظمها فى مرحلة الثانوية العامة، مشيرا إلى أن هذا ناقوس والوزارة تحصد نتيجته قراراتها الخاطئة، ولابد من تكاتف الجميع ضد هذه الظاهرة والوقوف على أسبابها السابقة وعلاجها فورا.

وأشار إلى أن ظاهرة التعدى على المدرسين والمدرسات تتفاقم وتنتقل للشباب الأصغر سنا، مؤكدا أنه لابد من مواجهة هذه الظاهرة من خلال إضافة الدين للمجموع وعقد الندوات الدينية بالمدارس واستحداث مادة القيم والأخلاق ومحاسبة المتحرشين بعقوبات مغلظة.

ووضع علام عدة ووضع 4 أسباب تدفع مصر لإضافة التربية الدينية على المجموع وجاءت كالتالى:

1- محتوى مادة التربية الدينية سواء كانت الإسلامية أو المسيحية يرسخ معنى الإيمان بالله ومبادئ العقيدة التى تحض على الرحمة والتسامح ومراعاة الله فى كل المعاملات الإنسانية والمهنية.

2- عدم الاهتمام بدراسة المادة ومعرفة محتواها يخرج طالبا جاهلا بدينه وقيمه السامية الأمر الذى يؤثر على سلوكه وإخلاصه فى إنتاجه وعمله.

3-تخرج المنظومة طالبا ضعيفا دينيا وبالتالى إيمانيا تمكن تيارات الإلحاد والفكر الهدام المتطرف من التأثير عليه وجرفه إلى مساراتها بسهولة.

4- عدم الإلمام بمبادئ الدين والمعاملات الزوجية وفقا للعقيدة الدينية سواء الإسلامية أو المسيحية أدت إلى انتشار حالات التفكك الأسرى والطلاق والخلع فى المجتمع، وتخريج رجل وفتاة لا يعلمان عن حقوق بعضهما الشرعية والرباط المقدس شيئا.

تدنى مستوى التعليم

وأكد محد على، مدرس بمدرسة السعيدية أن تدنى مستوى التعليم وراء فساد الطلاب، مؤكدا أن انعدام الثقافة أدى إلى عدم تمكن الشباب من التفرقة بين الحرية الشخصة والاعتداء على حرية الآخرين.

وأشار فى تصريحاته لـ"السوق العرية"، إلى أن علاج هذه الظواهر السلبية يبدأ بإصلاح التعليم والارتقاء بالمستوى الثقافى، وفرض مادة التربية الدينية للطلاب وتطبيقها على مستوى العلاقات بين الطلاب وبعضهم.

من جانبه أكد الدكتور حسن عبدالله، مدرس بجامعة الأزهر أن هناك التعاون بين الأزهر ووزارة التربية والتعليم مستمر فيما يخص توحيد شروط القبول فى بداية مراحل التعليم الأساسى والانتقال وإعادة النظر فى المناهج التى تدرس فى التعليم قبل الجامعى، لإعداد مناهج جديدة ابتداء من العام المقبل، مشيرا إلى أن الأزهر يعكف على دراسة مناهج التربية الإسلامية حاليا لتطويرها.

وأيد أحمد البيالى وكيل نقابة المعلمين إضافة التربية الدينية، معتبرا ان ذلك يعد حافزا من قبل المدارس والأساتذة والطلبة للاهتمام بهذه المجالات، موضحًا أن مادة التربية الدينية لم يخصص لها أى اهتمام بالمدارس فى الوقت الماضى مؤكدًا أنها يتم التعامل معها على أساس أنها "مادة هامشية" على حد تعبيره.

وأضاف البيالى فى تصريح لـ"السوق العربية"، يجب أن يتم إضافة التربية الدينية للمجموع من سن تسع سنوات وليس قبل ذلك، كما يجب أن يتم تغيير المناهج الموجودة بالتربية الدينية حتى تلقى قبولا أكثر من قبل التلاميذ، نافيًا أن يفتح باب إضافة التربية الدينية والرياضية إلى المجموع الدراسى بابًا إلى الدروس الخصوصية بهذه المواد.

وقال الدكتور حسنى السيد، استاذ التربية بالمركز القومى للبحوث: إن المدارس تعانى أزمة مفتعلة نتيجة غياب الرقابة التعليمية، وفقدان هيبة المدرسة أمام الطالب، وتكون فكرة لديه بأن المدرسة مرتعا للشغب وممارسة الصراعات الحرة داخل أحواش المدرسة، موضحا أنه لا بد من الاهتمام بالسلوك الإيجابى لدى الطالب من خلال البيئة التى نشأ بها، علاوة على التحكم فى المحتوى المنهجى الذى يفرض قيم أخلاقية بين للطلاب، وذلك يتطلب إضافة مادة التربية الدينية للمجموع.

وأضاف السيد، فى تصريحات للسوق العربية، أنه يجب على إدارة المدرسة تخصيص أوقات لتنمية السلوك الأخلاقى الحسن لديهم، ووضع خطط لإقامة رحلات للطلاب حتى يشعروا بالحب لدى بعضهم البعض، والاطلاع على الثقافات الأخرى وتعلم الاحترام المتبادل بينهما، لافتا إلى ضرورة تفعيل لائحة مجلس أمناء المعلمين والطلاب، وإجراءات الثواب والعقاب.

فيما أكدت فاطمة اسماعيل خضر وكيل وزارة التربية والتعليم بالغربية، أنه على الوزارة الترحيب بهذه الفكرة لجعل الطلاب يهتمون بأمور دينهم وتفوقهم الدائم بماده الدين.

وأشارت فاطمة إلى أن وزارة التربية والتعليم حسمت، مطالبات الأزهر الشريف بإضافة مادة التربية الإسلامية إلى المجموع، خاصة أن اللجنة المكلفة بدراسة وبحث إمكانية إضافة مادة التربية الدينية لطلاب النقل والشهادات العامة إلى المجموع انتهت من عملها خلال الفترة الماضية، لافتة إلى أنها استقرت على عدم إضافة المادة إلى المجموع، وذلك لعدم وجود معلمين متخصصين فى مادة التربية الدينية.

وأوضحت أن الكثير من معلمى اللغة العربية يحتاجون إلى إثقال مهارات قراءة القرآن وأحكام التجويد، لافتة إلى أن الوزارة بدأت فى تدريب معلمى اللغة العربية من أكتوبر الماضى على منهج علوم القرآن خاصة التجويد، خاصة ما يتعلق بكيفية قراءة القرآن بأحكام التجويد، لافتا إلى أن التدريبات ما زالت مستمرة حتى الآن. وأوضح، مصدر بوزارة التربية والتعليم الذى طلب عدم ذكر اسمه، أنه حال الاتفاق أو عودة مناقشة الأمر مرة أخرى سيتم قصر إضافة مادة التربية الدينية إلى المجموع على طلاب النقل فقط، مؤكدا أنه لم يتوصل إلى اتفاق بشأنها.

وأكد أن عدم موافقة اللجنة المكلفة على إضافة المادة إلى المجموع، بسبب اختلاف الموضوعات والمناهج بين مادتى التربية الإسلامية والدين المسيحى، موضحا أن الطلاب فى التربية الإسلامية يدرسون موضوعات أكثر ومناهج تحتوى على مضمون كبير، على النقيض فى مناهج الدي المسيحى.

كان الدكتور محمود أبوالنصر وزير التربية والتعليم السابق، قد أصدر قرارًا وزاريًا بتشكيل لجنة لدراسة وبحث كيفية إضافة التربية الدينية الإسلامية، والمسيحية والتربية الرياضية للمجموع، فى جميع المراحل التعليمية، وترأس اللجنة الدكتور محمد يوسف، ومن ناحية اخرى قال الدكتور رجب بدوى النائب عن دائرة أكتوبر والواحات: اهتم بمجموعة من الملفات الهامة التى تحتاج إلى عناية من قبل الحكومة. ومنها إضافة مادة التربية الدينية للمجموع.

وأوضح أن هدفه من البرلمان هو خدمة العملية التعليمة والعمل جاهدا على جعل التعليم المشروع القومى القادم لمصر لأن فى اصلاح التعليم هو اصلاح لجميع مناحى الحياة من تربية سليمة وتعليم متميز لابناء هذا الوطن والعمل على تخريج طالب متسلح بكل سبل النجاح من ثقافات ومهارات وانشطة تساعده على انجاز ما يوكل اليه عند انخراطه بالعمل وهذا لن يتأتى إلا بالاهتمام بعناصر العملية التعليمية من معلم ومنهج وطالب ومبنى مدرسى يخدم العملية التعليمية والأنشطة التربوية. وفى سياق اخر قالت مصادر مطلعة: إن ذلك يأتى فى إطار المناقشات الحالية لتطوير المناهج عن طريق اللجان المشكلة بين الجانبين، لبحث آلية توحيد سن القبول فى التعليم الأزهرى والعام وتطوير المناهج المشتركة. وأضافت المصادر، فى تصريحات لـ"السوق العربية" أن الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر، جدد فكرة إضافة مادة التربية الدينية إلى المجموع، التى كانت طرحت كفكرة منذ فترة إلا أنه لم يتوصل إلى اتفاق بشأنها.