السوق العربية المشتركة | أزمة التعليم الفنى بين الواقع.. والمأمول

السوق العربية المشتركة

الأحد 17 نوفمبر 2024 - 04:52
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

أزمة التعليم الفنى بين الواقع.. والمأمول

أزمة التعليم الفنى بين الواقع.. والمأمول
أزمة التعليم الفنى بين الواقع.. والمأمول

الخبراء: مفرخة لتخريج عاطلين بشهادات رسمية
■ الطلاب: مش بنتعلم حاجة صح.. والمدرسين مش بتفتح لينا الورش
■ الوزير: مصر تحتاج إلى تناغم فعلى بين أقسام التعليم الفنى وسوق العمل
■ السيسى: ضرورة توفير العمالة الماهرة لتلبية احتياجات المشروعات القومية والمشروعات الزراعية والإسكانية والطاقة

تحقيق- طه حسن مدرسة (الدرسخانة الملكية) تعد أول مدرسة للتعليم الفنى بمصر عام 1830 حينما أدرك محمد على أن أساس النهضة فى مصر لا يقوم إلا بسواعد عمال مهارة وفنين ذوى تدريب جيد وليس مجرد تراكم خبرات فقط ثم توالت قيام المدارس الزراعية والصناعية المتخصصة حيث اعتمدت الدولة على تلك الطلاب فى العمل وسد احتياجات الجيش والدولة بطريقة صحيحة وأكد تلك الأهمية للتعليم الفنى الرئيس عبدالناصر خاصة عقب ثورة 52 وقيام النهضة الصناعية فى مصر وإنشاء المصانع الكبرى وبالتوازى إنشاء مدارس التعليم الفنى وإعطاء الأولوية لهؤلاء الخريجين للعمل والترقى بتلك المصانع.

لكن ما حدث من إهمال وتراجع لهذا القطاع التعليمى المهم فى السنوات الماضية جعله يمثل عبئا على الدولة وليس مصدر استفادة ونهضة، حيث تخسر الدولة كل عام العديد من الملايين مقابل تخريج طلاب عاطلين بشهادات دون استفادة حقيقة طوال سنوات الدراسة مما زاد من حجم الفجوة بين العرض والطلب من ناحية احتياجات سوق العمل إلى خريجى متدرب.

الجدير بالذكر أن الرئيس السيسى قد أدرك أهمية التعليم الفنى ودوره فى منظومة النهوض بمصر، خاصة تزايد اعداد المشروعات القومية التى تقام واحتياج سوق العمل إلى خريج له أدوات وصناعة على أساس مهنية خاصة طلب الشركات الاجنبية التى تستثمر فى مصر ولذا أصدر قراره بقيام وزارة مختصة للتعليم الفنى والتدريب لإصلاح تلك المنظومة والاستفادة منها وخريجيها فى سوق العمل.

عن أحوال المدارس الفنية يقول سيد على طالب بالصف الثانى الثانوى الصناعى بأن التعليم الفنى يعانى إهمالا شديدا فى كل شىء حيث لا يوجد عدد كاف من المعلمين وإذا تواجدوا فأغلبهم لا يقوم بالشرح الجيد كما أنه لا توجد ورش للتدريب العملى وإذا وجدت لا تستوعب أعدادنا التى تزيد على 50 طالبا فى الفصل الواحد وأن أقل قسم يوجد به 3 أو 4 فصول على الأقل ما يجعلنا لا نتعلم شيئا يذكر يؤهلنا للخروج إلى سوق العمل والقدرة على المنافسة للعمالة المؤهلة التى غزت المصانع المصرية بجميع أنواعها.

وأكد سيد على أن هناك مشكلة اخرى تواجهنا وهى نقص الكتب المدرسية فكثيرا ما يمر النصف الأول من العام الدراسى ولا نستلم الكتب الجديدة بجانب ضعف الخامات التى نعتمد عليها فى التدريب العملى ما يضطرنا إلى الاعتماد على الكتب القديمة التى يوجد بها تغيير أحيانا ما يصعب علينا فهم المنهج وما هو ملغى أو محذوف بالإضافة إلى زيادة المصروفات الدراسية والمبالغة فيها من قبل بعض الأقسام التى تضطرنا إلى شراء جميع مستلزماتها على حسابنا الخاص وأغلبنا يعانى من ضيق الأحوال المعيشية بجانب نظرة المجتمع لنا على أننا مجرد شهادة ليس أكثر أو جاهل بشهادة كما يطلق علينا البعض، وانتشار ظاهرة الغش فى المدارس الفنية جعل بلا هدف فى المذاكرة أو تحصيل العلم وما ندرسه إن وجد ليس له علاقة بسوق العمل.

وحول تخصيص وزارة للتعليم الفنى أشار إلى أن هذه خطوة جيدة تعمل على التركيز على مدارس التعليم الفنى والاهتمام بها أكثر مما هى عليه الان فهناك العديد من المعدات والورش والطلاب الموهوبين فى العمل الفنى ولا أحد يستغلهم.

واتفقت معه ريهام صالح (طالبة بمدرسة شبرا التجارية) فتقول: بالإضافة إلى كل ما سبق ذكره فإن هناك معاناة أخرى تواجهنا ألا وهى الانفلات الأخلاقى الذى يعانى منه بعض طلاب المدارس الفنية بسب غياب المعنى الحقيقى للتعليم والهدف منه بسبب فكرة التعليم الفنى مفرخة للبطالة والعاطلين ليس أكثر، وهذا واضح فى نسبة التعدى على المدرسين بالسب أو الضرب فهى أكبر من التعليم الثانوى العام وسوء معاملة مدرسى العملى لنا واتهامنا دائم بالفشل وتحذيرنا من استعمال الأدوات وعقابنا بالضرب أو دفع ثمن المستهلك منها على حسابنا الخاص، فيجب وضع كل ذلك فى الاعتبار.

وأشار دكتور نصار عبدالمحسن أستاذ تدريس المناهج التربوية كلية التربية جامعة أسيوط إلى أن الحل ينقسم إلى جزءين، الأول إعادة تثقيف المجتمع لأهمية التعليم الفنى والصناعى لأن المجتمع لا يتعامل مع هؤلاء بأسلوب آدمى وينظر لهم كطبقة دونية مع الأسف، لكن الحقيقة غير ذلك الان لولا الميكانيكى لما وجد الحل لعيوب السيارات، الثانى هو أن يكون فى الدولة رقابة على التعليم بصفة عامة والتعليم الفنى بصفة خاصة، وأن تتكون لجنة من الاساتذة لتقييم المناهج وأن يشارك الطلاب فى تقييم الأساتذة وأن الأساتذة الذين يأخذون تقييم "ضعيف أو متواضع" يتم عمل دورات لهم كنوع من تقوية التواصل بين الأستاذ والطلاب، وعند تخريج الطلاب يحصل أكثر 50 طالبا تفوقا على منح دراسية فى الخارج لمدة عام أو عامين على أن تصرف له راتبا شهريا وفى حاله تفوقه على زملائه الأجانب أبناء البلد المضيف يصرف له مجاميع كما يجب أن تكون لوزارة الخارجية المصرية مبانٍ لتسكين الطلاب ويكون من واجبات السفير المصرى فى هذا البلد متابعة الطلاب وعمل لقاءات شهرية، كما يجب ربط التعليم بالواقع حيث إن التخصصات تكون فى المجال المطلوب فى الواقع فعلا وربط المدارس بالورش حيث تكون المدرسة ورشة نجارة أو ورشة للسيارات أو مكانا نطلب منه الميكانيكى أو تركيب بلاط أو دهان أو عامل بناء، وكل التخصصات، فى هذه الحالة نستطيع أن نقول اننا يمكن أن نجنى ثمار ما يصرف على التعليم الفنى والذى أصبح مع الأسف مجرد مفرخة لشهادة كل عام وليس أكثر وحتى نكن منصفين هناك تحمل على طلبة التعليم الفنى فدائما ما نتهمه بالفشل فى التخصص ويظهر ذلك بوضوح عند قيام أحدهم بالتقدم إلى وظائف تخصصه فى الشركات والواقع أنه لا علاقة له بما درس له من دروس عملية داخل المدرس أكثر من التعرف على أسماء المعدات فقط وانا وغير على علم تام بان هناك مدارس متخصصة فى التعليم الصناعى وبها احدث الوسائل التعليمية ولم تفتح ورشة للطلاب ولو مرة واحدة فى العام بحجة الحفاظ على العهدة والرتين وصعوبة صيانة الأجهزة داخل ورش الوزارة أو فى الخارج فأى منطق هذا فى التعليم وسوء الإدارة.

اضاف الدكتور كمال عبدالناصر الخبير التربوى وأستاذ علم النفس التربوى بجامعة المنيا، لا بد من التركيز على الطالب فى التعليم الفنى فهو أحد وأهم اضلع العميلة الإنتاجية فى جميع المراحل فخروج طالب على مستوى تعليمى جيد من المدارس الفنية ولا يحتاج سوى تدريب متخصص لفترة بسيطة داخل المصنع أو الشركة التى يعمل بها سوف يوفر على الدولة الكثير من المليارات التى تنفق فيما يسمى بمراكز التدريب والتأهيل العامة والخاصة والتى من المفترض أن هذا هو دور المدارس الفنية حيث يبلغ عدد الطلاب بالتعليم الفنى نحو مليونى طالب يشكلون 60٪ من الطلاب الحاصلين على الشهادة الإعدادية يقابلهم 40٪ فقط للثانوى العام، ومن أسباب تدهور التعليم الفنى وفشله فى تحقيق نجاحات نظرة المجتمع المتدنية لطلاب التعليم الفنى ولمدرسيه لدرجة أنه فى بعض الفترات كان أحد اشكال عقاب المعلم نقله من التعليم العام للتعليم الفنى وينظر لطالب التعليم الفنى بأنه أقل فى القدرات الذهنية من طلاب التعليم العام ومنها غياب الإرشاد الأكاديمى للطالب وقصور البيئة الدراسية بالإضافة إلى تكدس الطلاب داخل المدارس من المؤكد أعطى نتيجة عكسية خاصة أن أساس علمهم هو المواد العملية حتى أصبح خريج طلاب الدبلومات الفنية يجهلون القراءة والكتابة.

بالإضافة إلى الحرص الكامل على التنشئة السليمة والتربية أيضا، فليس معنى أنه دخل فى المدارس الفنية أنه فشل فلابد من تغيير نظرة المجتمع للتعليم الفنى وطالب الصنايع فهو عندما يشعر بأن المجتمع يقدره ويحترمه سيفكر ألف مرة قبل أن يهمل أو يرتكب أى سلوك مشين ولكن الوضع الراهن يفرض على طلاب المعاهد الفنية أو المدارس الصناعية أنه بمجرد أن يلتحق بمدرسة صنايع فيشعر أن المجتمع ينتظر بلطجيا وليس طالبا ناجحا ويتعلم كيفية البلطجة ويسعى إلى السلوكيات المشينة وهذا على مستوى الفتيات والشباب فيظهر الزواج العرفى بداخله وتنتشر المخدرات ويصبح التعليم الفنى وكرا للتحرش والانحراف بجميع أشكاله.

وأضاف الدكتور شريف الدندراوى أستاذ الهندسة الوراثية بجامعة عين شمس أن التعليم الفنى هو أساس التنمية التكنولوجية فى المجتمعات الحديثة ومن هنا جاءت أهمية وضع معايير أكاديمية لقطاع التعليم الفنى للارتقاء بجودته حتى تتم مواجهة التحديات التى يتعرض لها الوطن فى الوقت الراهن.

وقد أصبح استمرار التطوير والتقويم سمة أساسية من سمات العصر، واضحى تطبيقهما واستحداث آليات لتفعيلها ضرورة لا غنى عنها فى كل مناحى حياتنا، تحقيقا للجودة الشاملة، ومواكبة للتغيرات المعاصرة والمستقبلية وشدد على أن تطوير التعليم الفنى قضية هامة ومحورية فى ضوء اتجاه الدولة لإعطاء الأولوية لهذه النوعية من التعليم.. وأنه لابد من تغيير النظرة المجتمعية المتدنية تجاه التعليم الفنى والاهتمام بالمناهج وتنقيتها من الشوائب وزيادة الجانب العملى مع ضرورة توافر قاعدة بيانات عن الاعداد المطلوبة فى كل التخصصات وتلبية احتياجات سوق العمل مع تطبيق نظام جيد للإرشاد والتوجيه وقياس قدرات ومهارات الطلاب كل هذه العوامل تعطى تعليما فنيا جيدا ومنتجا مدركا لمطالب سوق العمل، إن التعليم الفنى فى مصر هو إحدى الأدوات الرئيسة لتحقيق برامج التنمية الشاملة، بل إنه يعتبر قاطرة التنمية، ودعامة هامة من دعامات منظومة التعليم؛ حيث يسعى بنوعياته المختلفة إلى إعداد القوى العاملة الماهرة اللازمة لخدمة خطط التنمية الاقتصادية، والاجتماعية للدولة حيث يصب مباشرة فى سوق العمل.

وتهدف منظومة التعليم الفنى إلى تنمية القدرات الفنية لدى الدارسين فى مجالات الصناعة، والزراعة، والتجارة، والإدارة والخدمات السياحية ومتماشيًا مع توجه الدولة الذى انعكس فى دستور 2014، حيث تنص المادة (20) على "تلتزم الدولة بتشجيع التعليم الفنى والتقنى والتدريب المهنى وتطويره، والتوسع فى أنواع التعليم الفنى جميع، وفقًا لمعايير الجودة العالمية.

ومن جانبه أكد الدكتور محمد يوسف وزير التعليم الفنى والتدريب أن منظومة التعليم الفنى والمهنى فى مصر تحتاج إلى المزيد من التدعيم لتلبى مخرجاتها احتياجات سوق العمل، وذلك عن طريق زيادة عدد المدارس الفنية، وتطوير البنية التحتية والتجهيزات فى بعض المدارس ومراكز التدريب، إلى جانب الربط بين عدد المنشآت التعليمية المختلفة والطاقة القائمة أو المستقبلية لسوق العمل، وتحقيق التوافق بين احتياجات الصناعة ومناهج المؤسسة التعليمية، وكذا الربط بين مستويات التعليم والتدريب بمستويات التشغيل، وتقوية عناصر المتابعة للعمليــة التعليميــة وجودتها، وخلق هيئات تدريس قادرة على التعامل مع المتدربين والمتعلمين بكفاءة.

وأكد وزير التعليم الفنى أن رؤيــــة استراتيجية التعليم الفنى تقوم على تحقيق قيمة مضافة للدولة، وتلبية احتياجات السوق المحلى والعالمى من المهارات فى التعليم الفنى والتدريب المهنى، من خلال نظام متطور وجاذب وفعال ومرن، يحقق لخريجيه أقل نسبة بطالة بمصر فى السنوات الثلاث القادمة، مشدداً على أن الهدف الرئيسى منها هو تحسين جودة التعليم الفنى والتدريب المهنى فى مصر وربطه باحتياجات سوق العمل المحلى والإقليمى والعالمى، وذلك من خلال وضع وتحديث ومتابعة استراتيجية وطنية موحدة للتعليم الفنى والتدريب المهنى، وذلك فى تعاون وثيق مع جميع الجهات المعنية لضمان توافق المعروض مع الطلب، وأوضح الوزير أن مصر لديها قوى عاملة بمستوى عالمى بما يساهم فى تحسين مستوى التنافسية الدولية للصناعة المصرية.

وأشار إلى أن الاستراتيجية سوف تولى اهتماماً كبيراً بتثقيف الطلاب، وغرس قيمة احترام العمل داخلهم، كما سيتم العمل على التوسع فى التعليم المهنى من خلال إنشاء الهيئة الوطنية للتدريب، وكذا التوسع فى التعليم فى بيئة العمل، وتأكيد ضرورة اشتراك أصحاب المصلحة فى إدارة منظومة التعليم الفنى والمهنى.

وأضاف الوزير أنه سيتم أيضا العمل على تشجيع ريادة الأعمال لدى خريجى التعليم الفنى، وتأكيد ضرورة التواصل بين وزارة التعليم الفنى والتدريب، والصناعة والتجارة، والصندوق الاجتماعى للتنمية، لدعم مشروعات للخريجين من المدارس الفنية.

وأن مصر تحتاج إلى تناغم فعلى بين أقسام التعليم الفنى المختلفة وسوق العمل، مضيفًا أن الدولة ستعمل على دعم ذلك التناغم للقضاء على البطالة، ولتنفيذ الخطط والمشروعات التى تم طرحها فى المؤتمر الاقتصادى، مشيرا إلى أن أحد أهم أهداف الوزارة الجديدة هو تنمية المهارات الفردية لدى جميع الطلاب.

وأشار الرئيس السيسى فى معرض حديثه حول التعليم الفنى إلى ضرورة توفير العمالة الماهرة لتلبية احتياجات المشروعات القومية ومشروعات البنية الأساسية والمشروعات الزراعية والإسكانية والطاقة، مؤكدا ضرورة التدريب المناسب لإعداد هذه العمالة من أجل إقامة كيانات حضارية متكاملة على غرار المشروع الزراعى فى الفرافرة على أربعة ملايين فدان.