من ينقذ صناعة ورق البردى فى قرية القراموص بمحافظة الشرقية؟
قرية القراموص او القرية الفرعونية كما كان يطلق عليها بمركز ابو كبير محافظة الشرقية تعيش على زراعة وصناعة ورق البردى فلا يكاد يخلو بيت من بيوت القرية من عامل فى زراعة وصناعة البردى الجميع يعمل سواء صغارا او كبارا، رجالا ونساء حتى اكتسبت هذه القرية شهرة عالمية فى صناعة ورق البردى لأنه يحمل تاريخ عريق منذ القدم فالبردى الذى كتب عليه الفراعنة تاريخهم وعلومهم التى حيرت العلماء حتى اليوم وعاشت هذه القرية فترة كبيرة من الانتعاش والرواج الاقتصادى فى الثمانينيات والتسعينيات حتى اطلقت القرى المجاورة عليها سعودية مصر والان هذه الصناعة تعانى العديد من المشاكل والأزمات التى حاولنا إلقاء الضوء عليها.
فى البداية قال محمد السيد مصطفى: نبات البردى محصول صيفى يتم زراعته فى شهر مارس او ابريل عن طريق غرس الشتلات فى الارض المستوية المغمورة بالمياه مثل نبات الارز ويحتاج البردى إلى كميات كبيرة من المياه ويمكن الجنى بعد مرور 7 او 8 شهور وفى هذه الفترة يحتاج إلى كميات كبيرة من الاسمدة والمياه ويمكث البردى فى الارض من 4 إلى 5 سنوات ويتم قصه كل 6 شهور ويصل طول نبات البردى فى بعض الاحيان إلى 3 امتار وقد وصلت مساحة الارض المزروعة بالبردى فى القرية إلى حوالى 200 فدان قبل ثورة 25 يناير ولكن الان المساحة المزروعة لا تتعدى 20 فدانا فقط.
وأضاف يعود الفضل إلى د.انس مصطفى الاستاذ بكلية الفنون الجميلة الذى احضر شتلات البردى من اسوان وقام مع الدكتور حسن رجب بزراعتها فى القرية منذ عام 1977 تقريبا ثم قام بتصنيع ورق البردى وطور فى صناعته وادخل المكابس الحديدية وبدأ فى تعليم الشباب كيفية تصنيع ورق البردى حتى اصبحت القرية بالكامل تعمل فى زراعة وصناعة البردى وقبل ثورة 25 يناير لم يكن فى القرية عاطل فالجميع يعمل فى البردى وكنا القرية الوحيدة على مستوى الجمهورية المسموح لها بزراعة البردى.
ويقول بهاء حرحش عن طريقة صناعة ورق البردى: نقوم بتقطيع عيدان البردى الناضجة من الارض ويتم تقطيعها حسب المقاسات المطلوبة وتبدأ من 20× 30 او 40× 60 وحتى متر ×2 متر ثم يتم تقشيره ويتم تقطيعه شرائح بسمك 1 مللى بخيط رفيع من البلاستيك الخاص ويتم وضعه فى حوض به كمية من المياه مخلوطة الكلور والبوتاس بكميات محددة لفترة من 5 إلى 6 ساعات بعد ذلك يتم رص البردى على قماش بشكل طولى ثم بشكل عرضى ويتم عصره ووضعه فى كرتون ووضعه فى الشمس بعد ذلك يتم وضعه فى المكبس الحديد وضغطه لاستخراج ما تبقى به من رطوبة وبهذا تكون انتهت مرحلة التصنيع وتأتى بعد ذلك مرحلة الطباعة والرسم ومن ثم التسويق.
ويقول محمد الشبراوى ابوديب: صناعة ورق البردى فى الفترة الاخيرة خاصة بعد ثورة 25 يناير وتراجع السياحة وانخفاض عدد السائحين عانت العديد من الصعوبات والمشاكل التى اثرت بشكل كبير على العاملين فى زراعة وصناعة البردى فبعدما كنا نعمل 24 ساعة من اجل ان نلبى الطلبات المتزايدة من التجار وبائعى الورق وكنا نحقق ارباحا معقولة اصبحنا الان نعانى من البطالة وهجر العديد من الشباب هذه الصناعة وتقلصت المساحة المزروعة بالبردى من 200 فدان إلى 20 فدانا فقط وتوجه العديد من الشباب للعمل فى المصانع والشركات والبعض قام بعمل مشروعات خاصة.
ويقول عبده حسانين: من اهم المشاكل التى تواجهنا فى زراعة وصناعة البردى هى ارتفاع اسعار الاسمدة والكيماويات خاصة ان البردى يمكث فى الارض مدة طويلة بالإضافة إلى كميات كبيرة من المياه التى تحتاج إلى السولار لعمل ماكينات الرى خاصة بعد ارتفاع اسعار السولار بالإضافة إلى ارتفاع اسعار الكلور والبوتاس والكرتون والقماش وباقى الخامات المستخدمة فى صناعة البردى فارتفع سعر القماش من 20 جنيها إلى 110 جنيهات وكذلك اسعار باقى الخامات بالمقارنة بسعر المنتج النهائى من ورق البردى.
ومن المشاكل التى تواجه صناعة ورق البردى ايضا عدم توافر انابيب البوتاجاز وقد وعدنا المسئولين بتخصيص 150 انبوبة اسبوعيا للقرية ولكن لم يتم تنفيذ تلك الوعود ومن اهم المشاكل ايضا عدم وجود صرف صحى بالقرية والمعروف ان صناعة ورق البردى تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه وبالتالى تحتاج إلى صرف صحى لتصريف هذه الكميات الهائلة من المياه بالإضافة إلى انقطاع الكهرباء وارتفاع اجور العمال مع انخفاض سعر ورق البردى لقلة الطلب وكثر المعروض.
ويقول عبدالبديع عبدالوهاب اهم مشكلة تواجه العاملين فى صناعة البردى هى التسويق التسويق فنحن نجد صعوبة كبيرة جدا فى تسويق هذا المنتج الهام خاصة مع تراجع معدلات السياحة فى الفترة الاخيرة ونريد ان نعرف اين دور هيئة تنشيط السياحة وأين المعارض الدولية التى نستطيع من خلالها تعريف العالم بمنتجاتنا وكيف يأتى السائح الاجنبى إلى مصر ولا يجد ورق البردى الفرعونى الذى يعبر عن تاريخ مصر القديم وكذلك اين دور الملحق الثقافى فى جميع سفارات مصر بالخارج وتعريف الدول بهذا المنتج الهام.
وتقول الحاجة ام محمد: جميع سيدات القرية كن يعملن فى صناعة ورق البردى ولكن مع انخفاض الطلب على الورق توجهن للعمل فى المشاغل ومصانع الملابس وكثير منهن جلسن بلا عمل فى المنازل. وأضافت: ابنى حضر الكثير من المعارض فى الدول العربية مثل قطر والإمارات من اجل تسويق ورق البردى ولكن يجب ان تساعدنا الحكومة فى تسويقه.
وطالب الاهالى بتشكيل هيئة لتسويق ورق البردى داخليا وخارجيا وتكون حلقة الوصل بين المنتج وهم اهل القرية والسائح وتحمى المنتج من استغلال بعض التجار الذى لا يهمه إلا تحقيق الارباح فنحن لا نريد دعما ماليا ولا اى شىء نحن نريد تسويق منتجنا لنتمكن من العمل والإنتاج خاصة ونحن ننتج صناعة تعبر عن تاريخ بلدنا الفرعونى.
كما طالب اهل القرية بتكوين نقابة مستقلة لهم تعبر عنهم ويكون لها شروط فى انتاج منتج عال الجودة اسوة بالعاملين فى مجال تصنيع الالبان والجبن ويدخل العاملين بها تحت مظلة التأمين الصحى والتأمين الاجتماعى خاصة ان العمل فى صناعة ورق البردى يحتم علينا النزول فى مياه الرى وما يترتب عليها من امراض مثل البلهارسيا التى تؤدى إلى امراض كثيرة خاصة امراض الكبد.
الجدير بالذكر ان الدكتور رضا عبدالسلام وعد اهالى القرية بتقديم كافة انواع الدعم من اجل الارتقاء بصناعة ورق البردى من خلال قروض الصندوق الاجتماعى وفتح معارض لتسويق المنتج داخليا وخارجيا.
وأضاف انه تم الموافقة على طلب الجامعة البريطانية فى مصر لعمل نماذج شهادات التخرج من ورق البردى الذى تشتهر به المحافظة مضيفا انه سيخاطب وزير التربية والتعليم والعالى لتدوين الشهادات على ورق البردى لتشجيع زراعته وصناعته.
وبعد انتهاء جولتنا فى القرية تركنا الاهالى ومازال عندهم الامل فى الوصول لحلول تنقذ صناعة ورق البردى الذى لا يعتبرونه سلعة بقدر ما هو منتج يمثل تاريخ وحضارة مصر الفرعونية العريقة