إنجاز تاريخى لقطاع البترول.. لأول مرة شركة مصرية تفوز بمشروع إنشاء محطة معالجة للغازات بالعراق
لاشك أن التعاون المشترك بين مصر والدول العربية فى المجال البترولى يثمر مزيدا من اكتساب الخبرات والعمل على التطوير المستمر لما تتمتع به هذه الدول من علاقات تاريخية وجغرافية قوية، وبالأخص لو كان ذلك التعاون مع دول شقيقة مثل العراق والكويت والذى سعت مصر إلى ريادته فى الفترة الماضية، فبجانب العلاقات السياسية بين البلدين زاد حجم التعاون بين مصر والشقيقتين العراق والكويت خلال الفترة الماضية من خلال عقد بعض الاتفاقيات الهامة وإقامة بعض المشروعات المشتركة بينهم، بالإضافة إلى التعاون الكبير بين الشركات المصرية العاملة فى مجال النفط والتى تساهم فى مشروعات كبيرة بالبلدين وتبادل الخبرات الفنية والمادية المختلفة، فمن المشروعات التى شهدت تعاونا كبيرا بين الجانب المصرى والعراقى مشروع (أنبوب النفط الخام من العراق إلى العقبة) الذى سيتم مده مستقبلا إلى مصر لتزويدها باحتياجاتها مرورا بالأردن ومشروع (ربط حقول الغاز العراقية الجارى تطويرها مع خط الغاز العربى لتصدير الغاز لكل من الجانبين المصرى والأردنى)، وهذان المشروعان لهما بعد استراتيجى لمصر والعراق، أيضا تشهد العلاقات المصرية- الكويتية فى مجال النفط تطورا هائلا فهناك ما يزيد على 500 مليار دولار تدار من قبل الهيئة العامة للاستثمار ومؤسسة البترول الكويتية ومؤسسات القطاع الخاص وغيرها من الجهات والشركات البترولية المختلفة فى الاستثمار المشترك فى مجال تخزين وتكرير النفط على ساحل البحر المتوسط.
وفى إطار المساعى التى تبذلها مصر من أجل تعزيز العمل العربى المشترك وتطوير العلاقات مع الأشقاء العرب فازت شركة بتروجت بأول مشروع لتنفيذ الأعمال المتكاملة لإنشاء محطة معالجة الغازات بقيمة 4ر1 مليار جنيه لحقل سيبا بالعراق لصالح شركة كويت إنرجى.
من جانبه وصف المهندس شريف إسماعيل وزير البترول والثروة المعدنية الشراكة بين شركة بتروجت وكويت إنيرجى بأنها “تعد مثالا ناجحا للتعاون بين القطاعين العام والخاص” موضحا أن كلا الجانبين لديه من المعرفة والمهارات ونقاط القوة للنجاح، وقال إن فوز شركة بتروجت بالمشروع يؤكد عمق العلاقة بين مصر دولتى الكويت والعراق، مؤكدا أن شركة (كويت انرجى) إحدى الشركات الكويتية الكبرى التى تعمل فى مصر منذ فترة زمنية طويلة واصفا التعاون بين الشركة والهيئة المصرية والتى تمثلها شركة بتروجت بأنه “متميز”.
وأضاف إسماعيل أن الاتفاق “يأخذ الهيئة المصرية العامة للبترول والشركات المصرية لأول مرة خارج البلاد للعمل فى مناطق ودول أخرى فى مجالات البحث والاستكشاف والإنتاج” فى إشارة إلى الاتفاق بين شركتى بتروجت وكويت إنرجى للعمل بحقل سيبا فى دولة العراق الشقيقة، معربا عن شكره لرئيس شركة (كويت انرجى) منصور بوخمسين على التعاون مع قطاع البترول المصرى للوصول لهذا الاتفاق مؤكدا “التزام الهيئة بالتعاون وتنفيذ جميع اتفاقياتها” مع شركة (كويت انرجى) ومع جميع الشركات التى تعمل فى مصر.
من جانبه قال المهندس محمد شيمى رئيس شركة بتروجت، أن الشركة تقوم لأول مرة بتنفيذ مشروع محطة الغازات بنظام الأعمال المتكاملة (تسليم المفتاح) الذى يتضمن تنفيذ جميع أعمال التصميم والتوريد والتركيب والاختبار، وأشار التقرير إلى أن المشروع يستهدف تطوير الحقل لإنتاج 110 ملايين قدم مكعب من الغاز يومياً، وتبلغ فترة التنفيذ 18 شهراً باستثمارات حوالى 350 مليون دولار.
وأضاف الشيمى أن المشروع يدعم خطة بتروجت للتواجد بالسوق الكويتى مستقبلاً، ويأتى استكمالاً لتواجدها الناجح بالسوق العراقى والذى أثمر خلال العامين الماضيين عن الفوز بـ6 مشروعات كبرى بلغت استثماراتها ما يزيد على 6ر3 مليار جنيه بالإضافة إلى نجاحها فى إنشاء ورش تصنيع متخصصة بمعسكر الشركة بالبصرة وهى الورش التى تم تأهيلها بشهادة الجمعية الأمريكية للمهندسين الميكانيكيين ASME STAMP لتصبح أول ورش تخصصية تحصل على هذا الاعتماد بالعراق وسوف يتم استخدامها لتصنيع المعدات الخاصة بالمشروع.
ومن جانبه أوضح الدكتور منصور بوخمسين رئيس شركة كويت انرجى أن هناك ترحيباً كبيراً من جانب وزارة النفط العراقى بوجود شركات البترول المصرية فى السوق العراقى والذى يمثل تعاوناً إقليميـاً ثلاثياً بين الكويت والعراق ومصر ما يعزز النمو والاستقرار على المدى الطويل، وبناء استراتيجية قوية من شأنها العمل على تطوير وتعزيز التعاون فى الاستثمارات المشتركة بين الكويت ومصر وهو ما ظهر واضحاً خلال مشاركة الكويت فى المؤتمــر الاقتصادى العالمى الذى عقد بمصر أواخر مارس الماضى وشهد تواجداً مكثفاً لرجال الأعمال وهو ما يعبر عن وعى وإيمان كبير بثقة رجال الأعمال بالقدرات الكبيرة الكامنة فى الاقتصاد المصرى.
وأضاف رئيس شركة كويت إنرجى أن قطاع البترول والغاز “يعد جسرا متينا” لتنمية وتعزيز العلاقات بين الدول موضحا أن الاتفاقية تجسد “التعاون العربى المشترك المثمر”، واشار فى هذا الاطار إلى “الجمع بين مصر والعراق والكويت لتحقيق هدف واحد وهو التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمنطقة”.
قال صلاح حافظ الخبير البترولى ونائب رئيس هيئة العامة البترول الأسبق، أن فوز شركة بتروجت بمشروع تنفيذ الأعمال المتكاملة لإنشاء محطة معالجة الغازات لحقل سيبا بالعراق هو انجاز تاريخى للهيئة العامة للبترول ونتيجة حتمية لمجهودات كبيرة وكان هذا غير متوقع فى ظل الظروف الراهنة التى تمر بها مصر وان ملف الطاقة التى تم فتحه من أهم الملفات التى اسعدتنى فهى ستكون بديلا للطاقات الاخرى، ولابد من توجيه الاستثمار فى الاتجاهات السليمة والحيوية وان ملفات الطاقة واللوجستيات والتدريب والكوادر والبنية التحتية والقوانين من أهم عوامل جذب الاستثمار.
وأضاف حافظ، أن ما قام به قطاع البترول ومسئولوه من إصدار قوانين وقرارات جديدة ودفع باقى الديون للشركاء الأجانب فى خلال سنة ستساعد على عمل طفرة اقتصادية رهيبة بالبترول، وأن هذه الطفرة التى تحدث فى عمليات التنقيب والاستكشاف فى صالح الاقتصاد المصرى حيث ستجذب شركات التنقيب العالمية كمشروع بريتش بتروليوم هذا المشروع القومى الضخم رغم كونه بعد 5 سنين وتكلفته العالية إلا أنه سيغير ظروف كثيرة كسد عجز الغاز الطبيعى كما أن التكلفة العالية بالنسبة لمصر ستكون قائمة على سعر الاستيراد للبترول.
وأكد حافظ أن هذا المشروع وغيره من المشروعات التى تقوم بها شركات قطاع البترول المختلفة يتيج الاستثمار فى المجال البترولى والبحث والتنقيب ونقل الخبرات المصرية للخارج، وهو دور عظيم وهام قام به مسئولو قطاع البترول خلال الأشهر الماضية وبالاخص هذا المشروع وأيضا اتفاقية الشراكة بين الهيئة المصرية العامة للبترول وشركة كويت انرجى للبحث عن البترول والغاز فى منطقة الامتياز بالقطاع 9 فى محافظة البصرة جنوب العراق لتدخل الهيئة بمقتضى الاتفاقية شريكاً بحصة نسبتها10% مع شركة كويت انرجى وشركة دراجون أويل القابضة.
من جانبه قال الخبير البترولى إبراهيم زهران، أن مشروع حقل سيبا بالعراق والذى ستقوم بتنفيذه شركة بتروجت سيفسح المجال أمام قطاع البترول لأول مرة فى تاريخ صناعة البترول المصرية للعمل فى مجالات نقل الخبرات الفنية والبحث والاستكشاف خارج مصر بعد النجاحات التى حققتها شركات قطاع البترول خلال عملها فى الدول العربية والإفريقية فى مجال إنشاء وتنفيذ المشروعات، فضلا على زيادة القيمة المضافة والعائدات لصالح الاقتصاد المصرى نتيجة تنويع أوجه الاستثمار البترولى، ولا ننسى أن هذه أول شركة مصرية تفوز بمشروع خارج أرض مصر وهو ما يبين اتجاه الحكومة والقائمين على القطاع البترولى فى السعى لخلق بيئة استثمارية جديدة وخلق استثمارات خارج البلاد.
وأضاف زهران أن المشروع يعد مثالا يحتذى به فى الشراكة الناجحة بين القطاع الخاص والحكومة المصرية بمشروعات التطوير والإنتاج وتبادل الخبرات وفتح طرق جديدة للاستثمار فى القطاع البترولى خارج مصر، وأنه يأتى فى إطار الاتجاه إلى تعزيز الاستفادة من الإمكانات والخبرات المتاحه، وأن نجاح شركات الهيئة العامة للبترول مثل بتروجت فى حشد مليارات الدولارات من الاستثمارات فى مشروعات بترولية فى العراق وغيرها من الدول يعنى أن الوقت أصبح مثاليًا لطرح الأفكار الكبيرة والإقبال على تطوير المشروعات القادرة على تحقيق إسهامات ملموسة ومستمرة لدفع عجلة النمو الاقتصادى بشكل عام والقطاع البترولى بشكل خاص بالدولة.
وأشار زهران إلى أن الاتجاه من جانب الشركات المصرية إلى القيام بتنفيذ مشروعات كبيرة خارج مصر يقوم بإعادة فرص الاستثمار إلى معدلاتها الطبيعية فى مجال مشروعات البترول والتنقيب والبحث عن البترول والذى يعد من أهم مقومات إعادة ترميم القطاع البترولى بشكل كبير وأن الفوز بمثل هذه المشروعات يزيد من فرص الاستثمار والتى شهدت تراجعا كبيرا خلال الفترة الماضية، ويجب على المسئولين فى مصر عدم فرض قيود على عملية الاستثمار فى مجال البحث والتنقيب عن البترول وأن يزيد من التسهيلات المعقولة للشركات الأجنبية حتى يحدث نوع من التنشيط ويزيد من الإقبال من هذه الشركات على الاستثمار فى مصر