«البيزنس» يدمر التعليم فى المدارس الخاصة
مدارس بلا ترخيص تحول المنظومة التعليمية إلى سوبر ماركت للتجارة!
توصف غالبية المدارس الخاصة التى بلغت نحو 6 آلاف مدرسة بأنها «سوبر ماركت» للتجارة فى التعليم.. فهدفها الأول هو المكسب والربح، لذلك تكون دائما موضع الاتهام بعدم الالتزام غالبا بالقوانين وفرض الرسوم الدراسية المبالغ فيها وغير المبررة والاعتماد على المدارس غير المتخصصة أو التربوية أو الأقل خبرة والأقل أجرا، فضلا على عدم الالتزام بوضع معايير تربوية فى تعليم الأجيال وفرض زيادة مالية غير مبررة فى المصروفات المدرسية تراوحت ما بين 60-70٪ فى بعض المدارس، وبرغم القوانين والقرارات الوزارية التى أصبحت حبرا على ورق، كما يذكر دكتور مجدى المصرى مدير مدرسة خاصة سابقا فإن كثيرا من المدارس الخاصة تكتسب شهرتها من شيئين، الأول: حصول الطالب على مجموع عال وغالبا بأساليب غير شرعية، والثانى: التركيز على المظاهر التى تبهر الآباء مع التركيز على اللغات الأجنبية والتى تستنفد جهد الطفل وتغتال طفولته، وهى عقدة لا مبرر لها لدرجة أن كثيرا من الطلاب ينجحون ولا يستطيعون كتابة جملة صحيحة بالعربية، وتضيع قيمتهم وانتماؤهم الوطنى، وأضاف أن كثير من الآباء وفى كثير من المدارس فوجئوا برفع المصروفات بمعدلات غير منطقية فتقدموا للوزارة مع بداية العام الدراسى الحالى بالشكاوى المريرة بسبب ارتفاع المصروفات واشتراك الأتوبيس بنسبة تصل إلى 75٪ برغم أن القانون 139 لسنة 1981 والقرار الوزارى رقم 306 لسنة 1981 يلزمان المدارس الخاصة بنسبة محددة سنويا للزيادة، وإعلان بيان المصروفات المدرسية فى مكان ظاهر بها وحتى قبل بداية العام الدراسى بوقت كاف وألا تتعدى نسبة 7 ٪ من مصروفات العام الماضى، وإبلاغ الوزارة والمديريات بتلك القرارات والمصروفات وتطبيق المادة 61 التى تنص على وضع المدرسة التى يثبت مخالفتها تحت الإشراف المالى والإدارى وتتولى فى هذه الحالة المديرية إدارتها حتى زوال المخالفة.
وأضافت سلوى عطا الله رئيس الإدارة المركزية للقطاع الخاص أن المدارس الدولية تخضع مثل أى مدرسة أو تعليم على أرض مصر للوزارة، لكن المخالفات كثيرة تصدر عنها، فنظم تلك المدارس تختلف تماما، فأعمال السنة مثلا تكون لديها بنسبة 60 ٪ من المجموع وعلى 3 فترات، لذا من السهل أن يحصل الطالب بها على مجموع عال جدا، ومناهجها بعيدة عن التاريخ المصرى وطبيعة المصريين، فقررت الوزارة إلزامها بتدريس منهج الدراسات أو التاريخ المصرى والجغرافية والتربية الدينية والقومية منذ عام 2007، ومازالت تلك المدارس تتحايل لإلغاء إشراف الوزارة عليها باعتبارها تتبع قنصليات أجنبية مع أن طلابها مصريون، وفى نفس الوقت لا تلتزم بمواصفات المدرسة الدولية مثل الاستعانة بمدرسين أجانب متخصصين، فالحقيقة أن صاحب المدرسة يذهب إلى بلد اللغة ليحضر أى شخص هناك لتدريس المادة لمجرد أنه أجنبى ويكون اختياره على أساس الأقل راتبا، لتجترع الدولة التى تلزمه بتوفير 10٪ على الأقل من المتخصصين أجانب.
وبعد الكشف عن أوراق هذا الشخص تكتشف أنه لا علاقة له بالتخصص أو حتى التعليم وأن بعض هؤلاء يقيمون بدون تصاريح عمل أو عقد، وإذا ذهب إلى تلك المدارس تجبر عدد الأجانب بها ألا يزيد على 3٪ من القوة الحقيقية دون القدرة على محاسبة المدرسة من هذا المخلل وأشار بأنه رغم تلك المخالفات الشديدة فى المدارس الدولية، فقد سمحت الوزارة برفع المصروفات فى بعضها خاصة القديمة بنسبة 30-40٪ على اعتبار أن مصروفاتها الدراسية منخفضة بالنسبة للحديثة.
ويقول أحمد سالم المدير السابق بالتعليم بالجيزة أن هناك مشكلة كبيرة أخرى أن بعض الطلاب عاشوا فى دول أجنبية ولا يعرفون اللغة العربية ويريدون الإعفاء منها، وتشترط عليهم الوزارة التوقيع على إقرار بعدم التقدم للجامعات المصرية بعد ذلك، وهذا يغلق الباب أمام الكثيرين، وهو ما جعلهم يطالبون برفع إشراف وزارة التربية والتعليم عليهم، أما المدارس الحكومية فمشكلتها نقص الإمكانات المادية، ولكن مدرسيها أكثر كفاءة وتخصص وفهما للمواد، ويجب أن نسلم بأن المدرسة الخاصة بكل إمكانتها المبهرة ونشاطها ليست إلا مشروعا تجاريا بالدرجة الأولى ونبسبة 99٪، كما أن المدرس يتعرض لظلم شديد بالمخالفة اللائحة فلا يحصل على راتب طوال أشهر الإجازة، وكل ما يجرى لإدارة والوزارة فى غيبة أو تصرف وتصمت، وهنا لا يفضى حسنات مدارس كثيرة تقدم علما متميزا وتضيف إليه نشاطات كثيرة، ومن ناحية أخرى تطرقنا إلى مشكلة المدارس غير المرخصة، فالحصول على ترخيص لبناء وتشغيل مدرسة خاصة أو دولية لا يحتاج إلى الكثير من التعقيدات، خاصة بعد تعديل القرار الوزارى المنظم لهذه العملية حتى بالرغم من وجود أصوات تؤكد تضررها من التعديلات التى طرأت عليه، ووفقا لقرارين 420 و422 لسنة 2014 فإنه لا يجوز إنشاء المدرسة الخاصة أو التوسع فيها إلا بترخيص مسبق من مديرية التربية والتعليم المختصة ووفقا للقواعد الخاصة ببناء المدرسة وتجهيزاتها ومدى مطابقتها من حيث المساحة لشروط هيئة الأبنية التعليمية، وبالنسبة للمدارس الثانوية فيكون الترخيص بذات الإجراءت، ولكن يشترط موافقة وزير التربية والتعليم.
وبالرغم من أن القرار يضطر أيضا أى مدرسة خاصة أن تبدأ نشاطها قبل صدور قرار الترخيص وفى حالة مخالفة ذلك تغلق المدرسة إداريا بقرار من المحافظ المختص أو وزير التربية والتعليم إلا أن الواقع لا يعترف بالقرارات، يقول عبدالحميد محمود موظف بإحدى الشركات: عادة لا يهتم أولياء الأمور بالكشف عن تراخيص المدارس قبل تقديم الأوراق لأبنائهم بها، فقد تقدم بأوراق القيد لابنه فى إحدى المدارس الخاصة بالقليوبية وبالفعل التحق بالصف الأول الابتدائى ولكن بعد انقضاء العام الدراسى اضطر إلى الانتقال للسكن فى مكان آخر أقرب إليه ولكن عند البدء فى إجراءات النقل من المدرسة اكتشف الأب أنه لا وجود لها بسجلات التربية والتعليم والتى أفادت بأن المدرسة غير مقيدة، وبالتالى لا يجوز التحويل من مدرسة غير مرخصة وكانت دهشة الأب كبيرة، خاصة أن المدرسة كبيرة وتضم مراحل التعليم الأساسى.
أما المدارس الدولية فلها مجموعة إضافية من الاشتراطات والتى يحددها القرار 422 لسنة 2014 وإن كان الواقع أيضا يرصد حالات التحايل التى تلجأ لها عدد منها، ويقول أحمد صبيح ولى أمر طالب بإحدى المدارس الخاصة والتى افتتحت منذ عام فرعا آخر بنفس المدرسة لشهادة الدبلومة الأمريكية، فيقول بعد إتمام ابنى الشهادة الإعدادية قررت تحويله إلى النظام الأمريكى، وبالفعل انتظم فى الدراسة لمدة عام ولكنى فوجئت عند تقدمى بأوراقى إصدار البطاقة الشخصية له عند إتمامه 16 عاما بأن إثبات القيد صادر من مدرسة أخرى تقع فى مكان ليس ببعيد عن مدرسته الحالية، فتوجهت إلى إدارة المدرسة للتعرف على سبب نقل قيد ابنى بدون إذن منى، فأوضحوا لى أنهم لم يحصلوا على ترخيص لمزاولة النشاط وأنهم فقط حاصلون على ترخيص مؤقت.
ويضيف أن الغريب فى الأمر أن المدرسة فقدت ترخيصها أيضا هذا العام ومازالت تقبل طلابا جددا دون أدنى اهتمام من الوزارة التى صرح لى أحد مسئوليها بأنهم يفضلون عدم التدخل إلا بعد تقديم بلاغات من أولياء الأمور حتى لا يتضرر التلاميذ من غلق المدارس، وقد تأكد بعد هذه الواقعة من انتشار بيزنس المدارسة الدولى، فالأمر لا يتطلب من المدرسة المخالفة سوى دفع 10 آلاف جنيه عن كل طالب للمدرسة الأخرى، ولا عزاء لأولياء الأمور مثلى، حيث ادفع 30 ألف جنيه مصروفات سنوية ولا يحصل ابنى على المستوى المتوقع من مدرسة دولية.
من جانبه أضاف الأستاذ محمد سعد المشرف على قطاع العلم العام أن المدرسة التى تخالف مواد القرارين الوزاريين 420 و422 يصدر ضدها قرار غلق إدارى بعد توجيه عدد من الإنذارات، ويضيف تنظ بالأساس إلى مصلحة الطلبة، فعند غلق المدرسة يتم تحويل التلاميذ إلى مدارس أخرى بنفس المديرية التعليمية التى قد لا يتوافر بها أماكن، ولذلك نسعى دائما إلى التوصل لنتابع مع المدارس لصالح الطلاب!
ويشير إلى أن بعض المدارس تحصل على ترخيصها من الشئون الاجتماعية وهى المدارس التى تضم مرحلة رياض الأطفال فقط، وأن تراخيص المدارس فيستمر لثلاث سنوات ثم يتم تجديدها وفقا للمعايير التى يحددها القرار، ويرى أن القرارات الأخيرة أسهمت كثيرا فى الحفاظ على حقوق الطالب وأولياء الأمور ولا تتضمن عراقيل لأصحاب المدارس الخاصة، فالتراخيص قد يصدر خلال أقل من 3 شهور إذا كانت المدرسة مستوفاة الشروط، ويرى أن هناك إقبالا كبيرا على انتشار المدارس الدولية التى تخطى عددها 40 مدرسة فى مديرية تعليمية واحدة وأن القاهرة الجديدة والسادس من أكتوبر هما المنطقتان الأكثر جاذبية لهذه المدارس. من جانبه أكد الأستاذ محمد سعد المشرف العام على قطاع التعليم العام أنه تنفيذا لتعليمات الدكتور محمود أبوالنصر وزير التربية والتعليم بمتابعة المدارس الدولية والوقوف على التزام هذه النوعية من المدارس بالقرارات التى وضعتها الوزارة لتنظيم العمل بها تم تشكيل لجنتين لمتابعة العمل بها ثم تشكيل لجنتين لمتابعة المدارس الدولية بإدارتى كرداسة التعليمية التابعة لمديرية التربية والتعليم بالجيزة والعاشر من رمضان التعليمية التابعة لمديرية التربية والتعليم بالشرقية.
ومن ناحية أخرى أفاد الأستاذ صلاح عمارة مدير عام الإدارة العامة للتعليم الخاص والدولى الذى ترأس اللجنة الثنية التى قامت بمتابعة إحدى المدارس الدولية بالعاشر من رمضان التعليمية التابعة لمديرية التربية والتعليم بالشرقية والتى تشكلت من أعضاء الشئون القانونية والتعليم الخاص والتوجيه المالى والإدارى بديوان عام الوزارة بأن اللجنة قد تكشف لها خلال الزيارة الميدانية وجود مجموعة من المخالفات بسجلات شئون الطلاب بالمدرسة، وقد قامت اللجنة بالتحفظ على هذه السجلات لفحصها ومراجعتها بديوان الوزارة بمعرفة اللجنة.
وأضاف الأستاذ محمد سعد أن اللجنتين ستستمران فى مواصلة أعمالهم من فحص ومراجعة السجلات التى تم التحفظ عليها وسوف يتم إعداد تقرير تفصيلى بما ستفسر عنه أعمال اللجنتين من نتائج للعرض على الدكتور محمود أبوالنصر للتوصية باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.