السوق العربية المشتركة | «السوق العربية المشتركة» تكشف أثر انهيار أسعار النفط عالميًا على السوق المصرى

السوق العربية المشتركة

الأحد 17 نوفمبر 2024 - 18:49
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

«السوق العربية المشتركة» تكشف أثر انهيار أسعار النفط عالميًا على السوق المصرى

أثر انهيار أسعار النفط عالميًا على السوق المصرى
أثر انهيار أسعار النفط عالميًا على السوق المصرى

انخفض سعر برميل النفط عالميًا، ليسجل أدنى مستوياته منذ الأزمة الاقتصادية عام 2009 حيث ظل الانهيار يتتالى حتى شهدت تلك السلعة خسارة أكثر من 50% من قيمته؛ من خلال كسر حاجز الـ50 دولارا للبرميل.. ففى الوقت الذى تعرض فيها اقتصاديات بعض الدول لخسائر فادحة خاصة دول منظمة الأوبك وعلى رأسها السعودية والكويت والإمارات، بالإضافة إلى إيران وروسيا، فهناك بعض الدول التى استفادت كثيرا من هذا الهبوط الحاد ومنها على سبيل المثال الهند التى انخفض فيها عجز الموازنة بشكل كبير، وأيضا الصين التى استغلت تراجع الأسعار وقامت بالشراء لزيادة المخزون، حتى أمريكا نفسها أشعرت المواطن هناك بهذا التراجع بعد أن انخفض سعر الجالون إلى 2.2 دولار بعد أن كان السعر 3.12 دولار.



ويرى الخبراء، أن مصر ستوفر حوالى 20 مليار جنيه من هذا التراجع، بالإضافة إلى ارتفاع جاذبية السوق المصرى لجذب الاستثمارات الأجنبية فى القطاعات غير البترولية لارتفاع تكلفة الاستثمار فى دول الخليج فى حالة فرض دول الخليج ضرائب جديدة لتقليص العجز فى موازناتها، فى ظل ما تعانيه من تراجع لأسعار النفط.

وتراجعت أسعار البترول بأكثر من 50% من قيمتها المسجلة فى يونيو 2014- أى قبل 6 أشهر- ليصل سعر برميل خام برنت إلى أدنى مستوى منذ الأزمة عام 2009، جاء الانهيار الحاد فى الأسعار خلال الفترة الأخيرة على أعقاب تراجع الطلب العالمى على البترول، بسبب تدهور أوضاع الاقتصاد الكلى حول العالم والتباطؤ الاقتصادى خاصة فى الصين وأوروبا ثانى أهم الأسواق المستهلكة للطاقة بعد الولايات المتحدة، خاصة اقتصاد الصين، الذى كان أكبر مصدر لنمو الطلب العالمى على البترول خلال السنوات الأخيرة.

أشار المهندس أسامة كمال، وزير البترول الأسبق، إلى أن أزمة انخفاض سعر النفط لما دون الـ50 دولارا للبرميل، نتاج لعبة سياسية كبرى، مشيرا إلى أن أزمة الانفصاليين فى أوكرانيا الذين تدعمهم روسيا- العدو الأول للولايات المتحدة الأمريكية- تعد سببا رئيسيا فى هذه الأزمة.

وتوقع كمال أن الأزمة لن تؤثر بشكل كبير على مصر، رغم إعلان مجالس إدارات بعض الشركات الأجنبية العاملة فى القطاع عن تخفيض موازناتها للعام الجديد بحوالى 30% بسبب تدنى أسعار الخام، لافتا إلى أن أسعار النفط ستبدأ فى العودة للحدود الآمنة خلال مارس المقبل.

واستبعد كمال أن تتخذ الحكومات العربية- التى تعتمد على النفط بشكل أساسى فى اقتصادها- قرارا بتخفيض الإنتاج فى ظل تراجع الأسعار بهذا الشكل، موضحا أن ذلك سيؤدى لمزيد من الخسائر وتخفيض إيراداتهم بشكل كبير.

من جهته، أكد الدكتور إبراهيم زهران، الخبير البترولى، أن تراجع أسعار البترول فى السوق العالمية سيكون له أثر إيجابى على مصر، موضحا أن مصر الآن تستورد كميات كبيرة من البترول الخام والبنزين والسولار، وانخفاض أسعارها عالميًا يصب فى مصلحة مصر، ويوفر لها عملات أجنبية كثيرة، ويقلل بشكل كبير من أزمة الطاقة الموجودة حاليا، والفجوة الكبيرة بين العرض والطلب.

ويقول الدكتور يسرى العزباوى، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن الأزمة لها أبعاد سياسية على المستوى الدولى والإقليمى، مشيرا إلى أن هذا الانخفاض يخدم مصالح الولايات المتحدة الأمريكية فى مواجهة دول مثل روسيا وإيران.

وأضاف العزباوى أن روسيا التى تسعى بشكل كبير لإعادة صياغة العالم ليصبح ثنائى القطبية من جديد- لا سيما فى الأزمة الأوكرانية- يؤثر انخفاض سعر النفط على اقتصادها وهو الأمر الذى يمكن القول عنه أنه يكبل اقتصاد موسكو فى مواجهة واشنطن.

وأشار الخبير بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، إلى أن هذا الانخفاض أثر على الاقتصاد الإيرانى المنهك، الذى تفرض عليه أمريكا ودول الغرب عقوبات شديدة، لمحاولة تركيعها أمام مجموعة (5+1)- الدول الأعضاء فى مجلس الأمن بالإضافة إلى ألمانيا- وهو ما يخدم واشنطن التى تدافع باستماتة عن حليفتها إسرائيل.

وتابع، من المتوقع أن التأثير من المتوقع أن يطال مصر فى هذا الشأن هو أن انخفاض السعر لما دون الـ50 دولارا للبرميل يؤثر على اقتصاديات بعض الدول العربية، خاصة الخليجية كالسعودية والكويت، اللتين تدعمين الاقتصاد المصرى، متوقعا أن هذا لن يظهر أثره فى الوقت الحالى، ولكن ربما نشعر به فى وقت متأخر من العام الحالى.

من جهته، أشار محمد بكر، الباحث بالمركز الإقليمى للدراسات الاستراتيجية، إلى أن تأثير انخفاض السعر العالمى للنفط على الاقتصاد المصرى باعتباره يعتمد على الدعم الخليجى مؤقتاً، تأثير منخفض، بل يكاد يكون منعدما، نظراً لعدة أسباب من أهمها أن النفط لا يشكل أحد روافد الاقتصاد المصرى بل إن انخفاض السعر العالمى للنفط يؤدى إلى تخفيف بعض الأعباء عن كاهل الخزانة العامة للدولة نظراً لانخفاض سعر الكميات المستوردة من المواد البترولية، والتى تقوم الدولة بدعمه، أى أن تكلفة الدعم ستنخفض بانخفاض السعر العالمى.

وأضاف بكر أن اقتصاديات مجموعة الدول الخليجية المصدرة للبترول لن تتأثر، نظراً لوجود فائض مالى لدى كل منها يعتبر بمثابة احتياطى استراتيجى لمواجهة مثل هذه الموجات من الانخفاض فى أسعار النفط، مضيفا أن هناك آليات لدى هذه الدول للتحكم فى السعر العالمى للنفط من خلال تخفيض الإنتاج، طبقاً لسياسات منظمة الأوبك التى تهدف إلى الحفاظ على معدلات ضخ البترول بما يتناسب مع تحقيق التوازن بين هذه المعدلات وبين الأسعار.

ورأى أن العوامل الأمنية لدول الخليج تعتبر فى أولويات السياسات الداخلية لهذه الدول، والدعم المادى لمصر فى هذه المرحلة يتجاوز كونه معونة اقتصادية بقدر كونه حماية لأمن الخليج من تسلل بعض الجماعات أو الدول أصحاب النفوذ فى منطقة الخليج عن طريق دعم مصر مالياً للحصول على الدعم السياسى المصرى فى المنطقة، لما لها من قوة تأثير ونفوذ إقليمى فى المنطقة العربية والشرق الأوسط وإفريقيا، إضافة إلى أن استقرار الأوضاع فى مصر يعد حماية مباشرة لأنظمة الحكم الخليجية، ما يعطيها من الأهمية ما يجعلها لا تهتم بالنظر إلى انخفاض السعر العالمى للنفط.

على جانب آخر، أكد الدكتور محمد أحمد جاد، خبير أسواق المال ومدير فرع شركة سيتى ستارز لتداول الأوراق المالية، أن تراجع أسعار النفط عالميا سيكون له تأثير إيجابى على الاقتصاد المصرى وبالتالى سينعكس على أداء البورصة، وذلك على عكس التوقعات التى تشير إلى أن هبوط أسعار النفط سيطيح بمؤشرات البورصة.

وفجر جاد مفاجأة من العيار الثقيل بعد أن أكد أن العالم سيشهد قريبا حل منظمة “اوبك”؛ موضحا أن المنظمة لا تعمل لصالح أعضائها، وأن هناك لوبى داخل المنظمة يحاول ضرب دول الخليج، وقال: ما يشهده سعر النفط ما هو إلا غطاء سياسى قذر ليحدث كما صنعت الطاقة الذرية قبيل غزو أمريكا للعراق فى بعض الدول العربية.

وألمح الدكتور محمد جاد إلى أن أسعار المحروقات لن تتأثر بانخفاض أسعار النفط عالميا؛ حيث إن فروق الأسعار ستلتهمها أزمة الكهرباء التى تشهدها مصر لسنوات مضت.

وأوضح أن المصانع التى تستخدم الطاقة فى إنتاج موادها مثل مصانع البتروكيماويات والحديد والصلب والأسمنت والأسمدة هى المستفيد الأول، حيث إنها ستعوض خسائرها التى طالتها خلال السنوات الأخيرة.

وأكد جاد أن انخفاض أسعار النفط عالميًا سيقضى على أزمة انقطاع التيار الكهربائى التى تعانى منها مصر؛ لافتا إلى أن فائض الأسعار سيتم ترحيله للصيف المقبل لعدم تكرار انقطاع التيار الكهربائى، متوقعا أن الصيف المقبل لن يشهد أزمة فى انقطاع التيار كما كان الحال سنوات ماضية.

وأوضح جاد أن السبب فى تأثر البورصة إيجابيا هو أن مصر دولة مستهلكة ومستوردة للنفط وبالتالى فهبوط أسعاره عالميا سيؤثر إيجابيا على الموازنة وميزان المدفوعات، وبالتالى ستكون مصر جاذبة للاستثمارات الخارجية، وستستفيد العديد من القطاعات داخل البورصة من هذا الهبوط مثل قطاع البناء والتشييد وقطاع التعدين والبتروكيماويات وأيضا شركات الأسمنت وبالتالى فالتأثير سيكون إيجابيا.

وقال خبير أسواق المال إن عام 2015 سيكون عام الارتفاعات موضحا أن المؤشر الرئيسى رغم الانخفاضات التى يشهدها فى الوقت الحالى لكنه فى اتجاه صاعد على المدى الطويل.

ولفت جاد إلى أن البورصة ستكون جاذبة للاستثمارات الخليجية فى ظل الهبوط التى تشهده تلك الأسواق متأثرة بتراجع النفط، مشيرا إلى أن السوق المصرى سيكون قبلة المستثمرين الخليجيين فى ظل تراجع أسعار الأسهم المصرية وبلوغها أدنى مستوياتها، خاصة أن معظم الأسهم المصرية تتداول تحت قيمتها العادلة وهناك الكثير من الأسهم التى يتم تداولها تحت قيمتها الاسمية وبالتالى فهذه الأسعار جاذبة للشراء.

أكد الدكتور وائل النحاس، المستشار الاقتصادى وخبير الأوراق المالية، أن التوقع بمستقبل الأزمة يعد ضربا بالغيب، موضحا أنه من الصعب التكهن بمستقبل الأزمة، فمصر التى تنتج حوالى 600 ألف برميل يوميا، ما تكلفة إنتاجها لهذه الكمية وفق البيانات الرسمية، وقال: “من الصعب فى ظل غياب البيانات الرسمية لتكلفة الإنتاج أن نحدد قدر المكسب أو الخسارة فى هذه الأزمة العالمية”.

وأرجع النحاس السبب فى انهيار سعر برميل النفط عالميا بدأ منذ اتفاق دول العشرين الاقتصادية- بمشاركة خليجية- على أن يصل إلى الحد الأمن وهو بين الـ60 والـ70 دولارا هو ما تسبب فى هبوط، مشيرا إلى أن الرياح جاءت بما لا تشتهى السفن.

وطالب النحاس ببيانات رسمية حكومية توضح التكلفة الحقيقية لإنتاج البترول فى مصر لمحاولة صياغة معادلة لتكلفة الإنتاج بأسعار البيع عالميا. فى الوقت الذى أوضح فيه أن بعض الشركات التى تعاقدت معها مصر للتنقيب والإنتاج، ستتأثر، فانخفاض السعر عالميا يجعل التكلفة لا تتناسب معها.

وتابع المستشار الاقتصادى، أن فكرة “الأجل” التى تتبعها دول الخليج مع مصر، وكان آخرها الكويت التى تعاقدت مصر معها بتوريد منتجات بترولية لمدة عام تجعل الأمر يحتمل شيئا من الضبابية، متسائلا عن الأسعار التى سيتم توريد المنتج به.. هل هو السعر الحالى أم أن السعر تم الاتفاق عليه بأسعار ما قبل الأزمة؟

وألمح إلى أنه من المتوقع انخفاض موارد قناة السويس، حيث إن انخفاض سعر النفط عالميا سيدفع شركات النقل واغلبها شركات ألمانية وأمريكية لتقليل التكلفة، فلو لم تتجاوب هيئة قناة السويس ستضطر هذه الشركات لسلك طريق رأس الرجاء الصالح، وهذا لا يخدم مصر ولا يخدم الشركات الناقلة التى ستسلك طريقا طويلا يكلفها الكثير.

وأوضح النحاس أن انخفاض الأسعار لن يسد عجز الموازنة، بل سيدفع لاستيراد التضخم من الخارج؛ حيث إن الولايات المتحدة تسعى للحفاظ على سعر الدولار عالميا فى الوقت الذى تنخفض فيه قيمة الجنيه، موضحا أن الهدف من هذه الحرب هو “بهدلة” الصين، و”تركيع” روسيا، مقابل نمو أوروبى الذى يسعى لعمل توازن لليورو مقابل الدولار.

ويرى الدكتور وائل النحاس أن الحل يكمن فى معالجة دول الخليج- لا سيما- السعودية والإمارات والكويت للعجز من خلال الحد من الاستثمارات الخارجية، موضحا أن الاستخدام الهادف للإعلام فى هذه المسألة كورقة ضغط على دول الغرب من شأنه أن يحل الأزمة.