السوق العربية المشتركة | "إسكندرية- مطروح".. هنا تتواجه منتجعات "الأثرياء" مع نجوع "الغلابة"

السوق العربية المشتركة

الأحد 17 نوفمبر 2024 - 20:37
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

"إسكندرية- مطروح".. هنا تتواجه منتجعات "الأثرياء" مع نجوع "الغلابة"

الطريق يكتظ بمداخل القرى  السياحية فى الجهة الملا صقة للبحر
الطريق يكتظ بمداخل القرى السياحية فى الجهة الملا صقة للبحر

تجده مكتظاً بمداخل لقرى سياحية قد لا ترى منها فى كثير من الأحيان سوى حدائق وأشجار مسورة ربما برخام أو بأشكال هندسية تحيط بقصور وفيلات.. بعكس ما تراه عينيك فى الجهة المقابلة والتى تقتصر على مجموعة من النجوع والقرى, التى يسكنها مواطنون ممن يرتضون بأقل شئ من الخدمات.



هكذا يبدو طريق "اسكندرية – مطروح" الساحلى, الذى كان يطلق عليه فى فترة من الفترات "الطريق السلطانى", ويبدأ من منطقة الدخيلة بالإسكندرية, وينتهى فى محافظة مرسى مطروح.

"اسكندرية- مطروح", بحسب سكان الساحل الشمالى الدائمين من قبائل وبدو أولاد على, وغيرهم ممن وفدوا من محافظات أخرى للاستقرار, يعد أبرز دليل على الحالة التى آلت بهم نتيجة اهتمام الحكومات السابقة بتعمير الشريط الساحلى الملاصق لشاطئ البحر, من خلال سماحها لمن وصفوهم بـ"القلة" من رجال الأعمال المصريين والعرب بضخ استثماراتهم فيها, دون الالتفات إلى المساحات الشاسعة من الأفدنة الصحراوية المواجهة لها.

عبيد الجميل, أحد أصحاب المنازل الواقعة على الطريق بالساحل الشمالى, يحكى عن معاناة الآلاف من المواطنين والأسر المقيمة إلى جوار الطريق, فيقول: "الاهتمام الحكومى بالمنتجعات والقرى وفيلات المسؤولين بطول الساحل واضح ولا أحد يستطيع إنكاره, سواء فى الخدمات المميزة التى تقدم لهم أو فى المواقع التى حصلوا عليها برخص التراب".

يؤكد "الجميل", وهو أربعينى, يقتات وأسرته المكونة من 5 أفراد من محصول أشجار التين الصحراوى, التى امتلأت بها ساحة منزله وقطعة الأرض الفضاء المحيطة به, أن مشكلة الخدمات بالنسبة لسكان النجوع والقرى المواجهة للقرى السياحية تعد الأبرز فيما يعانيه هؤلاء السكان طوال العام, خاصة فى فترات الصيف.

يواصل "الجميل" حديثه, بينما يشير بيده اليمنى إلى حديقة أمامية لإحدى القرى: "فى أيام مش بنلاقى فيها نقطة المياه, ونبقى قاعدين قدام البيوت شايفين المياه اللى جاية بخط خاص, بتترمى على الأرض فى الجناين وملاعب الجولف, وإحنا بنشتريها بالجرارات وكأننا مش محسوبين على الدولة فى شئ"
بينما يقول الشيخ محمد المنجى, إمام مسجد التوحيد بمنطقة الكيلو 37: "النجوع والقرى المنتشرة واللى انت شايفها, ياما عانت ولسه بتعانى من التجاهل, وعندما جاءت الثورة استبشرنا خيراً لكن الوضع زى ما هو ولم يتغير شئ, فالخدمات الأساسية مقتصرة على فيلات وشاليهات البهوات اللى فى الناحية البحرية من الطريق".

مآخذ كثيرة على آداء حكومات ما قبل ثورة 25 يناير تجاه قاطنى الساحل الشمالى, يعددها الشيخ "منجى", في حديثه القصير مع "السوق العربية", بقوله: "جميع الخدمات التى كانت تقدم لنا موسمية, فالمواصلات العامة نراها بشكل متقطع فى فصل الصيف فقط, والمياه أزمة كبيرة لدينا طوال السنة, ونسبة البطالة مرتفعة, وأولادنا إما بيشتغلوا فى زراعة التين, وإما مش لاقيين شغل وقاعدين فى البيوت".

محاولات يومية من أجل الحصول على جنيهات قليلة تلك التى تدفع, سالم حميدة الهوارى, إلى النهوض مبكراً لافتراش قطعة من الأرض تبعد أمتار قليلة عن الطريق الأسفلتى, إلى جوار مجموعة من زجاجات زيت الزيتون والأعشاب البرية, خاصة فى موسم الصيف الذى يشهد حركة رواج بالنسبة له لكثرة المصطافين ورواد القرى القريبة منه.

يقول "سالم", وهو شاب عشرينى: "أبواب الرزق قليلة جداً فى المنطقة, وكثير من أصحاب القرى يرفضون إلحاقنا بالعمل لديهم, ويفضلون استقدام عمالة من الحضر, وبالتالى كل واحد بيدور على أكل عيشه بالطريقة اللى تريحه, يعنى ألاقى شوية جنيهات أحسن من قعدتى فى البيت".

أحمد جمال, مدير إحدى القرى السياحية بالساحل, يؤكد أن الوضع بالنسبة للمنتجعات السياحية المواجهة لتلك النجوع "أمر طبيعى", فرضه واقع وحجم الاستثمارات التى تم ضخها منذ فترة التسعينيات, من القرن الماضى, خاصة وأن أصحاب تلك الاستثمارات فضلوا اللجوء إلى شاطئ البحر لتحقيق أرباح مؤكدة, دون انتظار لأرباح قد تأتى وقد لا تأتى إذا فكروا فى الاستثمار فى الجهة البعيدة عن الشاطئ.