السوق العربية المشتركة | بعد قرار رفع الدعم عن الطاقة.. خبراء الاقتصاد يؤكدون: رفع الدعم «دواء مر لا بد منه»

السوق العربية المشتركة

الإثنين 18 نوفمبر 2024 - 14:29
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

بعد قرار رفع الدعم عن الطاقة.. خبراء الاقتصاد يؤكدون: رفع الدعم «دواء مر لا بد منه»

المهندس ابراهيم محلب
المهندس ابراهيم محلب

بعد سنوات طويلة من استمرار تطبيق منظومة الدعم التى تكبد الاقتصاد المصرى خسائر فادحة كل يوم والتى دائما ما كانت تبدى الحكومات المتعاقبة استياءها منها دون ان تستطيع أن تمسها خوفا من الغضب الشعبى والتى وصفها كثير من رجال الاقتصاد بالفاشلة اتخذت حكومة المهندس ابراهيم محلب القرار القوى والذى عجز عن اتخاذه تقريبا كل المسئولين فى الحكومات السابقة وهو إلغاء الدعم عن الوقود والغاز الطبيعى والذى بدأ سريانه فى الايام الماضية، وتأتى هذه الاجراءات فى اطار محاولات الحكومة فى مصر تقليص العجز فى الميزانية إلى 10 فى المئة من اجمالى الناتج المحلى فى العام المالى القادم من عجز متوقع بنسبة 12 فى المئة فى العام المالى 2013-2014. ووفقا للحكومة فإن دعم الطاقة والغذاء يستهلك ما يصل إلى 30% من حجم الميزانية وفى الميزانية التى أقرت مؤخرا خفضت الحكومة مخصصات الدعم بواقع 44 مليار جنيه لتتراجع تلك المخصصات إلى مائة مليار جنيه.



من جانيه قال المهندس ابراهيم محلب رئيس الوزراء أن رفع الدعم كان لابد منه وهو اجراء ضرورى وهام لإصلاح الاقتصاد المصرى الذى تضرر بسبب الاحداث المتلاحقة والاضطرابات المستمرة منذ اكثر من ثلاث سنوات ماضية.

واضاف محلب ان القرار اتخذ بعد دراسات دقيقة، وان الحكومة تسعى إلى تحقيق العدالة الاجتماعية بتحريك اسعار البنزين والسولار بهدف منع الدعم عن الأغنياء متسائلا «كيف استطيع تحقيق العدالة الاجتماعية؟ وبأى منطق سيكون ذلك والحكومة مستمرة فى دعم الغنى على حساب الفقير». وأكد أيضا ان الدولة فى حالة حرب ضد الفقر والجهل مضيفا ان الاموال التى سيتم توفيرها من خفض الدعم ستذهب لقطاعى التعليم والصحة، قائلا «لن نترك لأولادنا ديونا تتراكم.. نعلم حال بلدنا وشعبنا ولازم نواجه ومانخافش إلا من الله الذى نحرص على رضاه ثم الوطن». وسوف يعقد المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء خلال الفترة القادمة عدة اجتماعات، لمناقشة الآثار المتوقعة لرفع أسعار السلع بعد قرار الحكومة بزيادة أسعار الطاقة ومع سائقى الميكروباص والتاكسى لحثهم على عدم المغالاة فى زيادة أسعار تعريفة الركوب، وتكون الزيادات بشكل يتناسب مع الزيادة المتوقعة فى أسعار المنتجات البترولية التى تتوقع أن تكون فى حدود 6% من سعر تعريفة النقل الحالية.

من ناحية اخرى قال السفير حسام قاويش المتحدث باسم مجلس الوزراء إن جميع من يسمون الفقراء فى مصر لا يمتلكون أصلا سيارات نظرا لعدم قدرتهم المالية ولذلك لن يتأثروا بأى زيادة فى أسعار البنزين والسولار.

واشار قاويش إلى أن الأعوام الماضية رغم زيادة الدعم كانت هناك زيادة فى معدلات الفقر، معتبرا أن هذا بمثابة مؤشر على أن الدعم لم يصل للفقراء خلال الفترة الماضية وأن تعريفة المواصلات ستتأثر بالزيادة بعد رفع أسعار المواد البترولية ستزيد بنسبة من 2% إلى 6% فقط.

من ناحية اخرى أرسل وزير البترول المهندس شريف إسماعيل خطابات لمحطات الوقود يحذرهم فيها من استغلال الأحداث وارتكاب أى تجاوزات بعد تطبيق قرار رفع أسعار الوقود وأنها لن تتهاون مع محطات الوقود المخالفة لافتا إلى تشديد الرقابة على كافة المحطات حتى لا يستغل البعض قرار رفع الأسعار فى التربح وتخزين المنتجات البترولية لزعزعة الأمن داخل البلاد وخلق حالة من الارتباك فى توزيع السولار والبنزين، لافتا إلى وجود رقابة من قبل الهيئة العامة للبترول على كافة محطات الوقود.

كما أوضح أنه جار تشكيل لجنة من التموين ومباحث التموين والبترول لرصد أى مخالفات ومتابعة وحصر كل الكميات والأرصدة الموجودة من البنزين والسولار وللرقابة على كافة محطات بيع الوقود للمراقبة على البنزين والسولار بالإضافة إلى حصر كافة الكميات اليومية المسلمة من كافة البنزينات والكميات التى يتم بيعها.

فى البداية يقول الخبير الاقتصادى سعيد عبد الخالق إن رفع الدعم وزيادة أسعار الطاقة أمر لابد منه لأنه الدواء المر الذى لا بد أن يتعاطاه المريض لكى يشفى وهذا القرار يعتبر بمثابة الدواء المر للاقتصاد المصرى حتى يتعافى من مشاكله الاقتصادية من عجز فى الموازنة العامة للدولة وغيرها مؤكدا أن المشكلة الحقيقة فى أن الحكومة تأخرت كثيرا فى اتخاذ هذا القرار، فالحكومات السابقة كانت حكومات مترددة لم يكن لديها الشجاعة، ويحسب لحكومة المهندس إبراهيم محلب، هذه الجرأة لاتخاذها مثل هذا القرار لعلاج المشكلات الاقتصادية.

وأوضح عبد الخالق، أنه لا شك فى أن القرار له انعكاسات على الفقراء ولذلك لا بد أن تتخذ الحكومة بعض الإجراءات التى من شأنها الحد من التأثيرات السلبية لهذا القرار على الفقراء، عن طريق تشديد الرقابة على الأسواق، وتوفير السلع لمنع الارتفاع الصاعد للأسعار، وهذه أدوات تمتلكها الحكومة، وأيضا تعويض محدود الدخل عن تلك التأثيرات السلبية عن طريق خدمة تعليمية أفضل وتطوير العشوائيات وخدمات وإدخال غير المشمولين تحت مظلة الضمان الاجتماعى داخل مظلته، وتطبيق الحد الأدنى للأجور.

اضاف عبد الخالق أن عجز الموازنة العامة للدولة بلغ 239.7 مليار جنيه لعام 2012-2013، ولذلك لا بد من عملية تحريك للأسعار، وهو الأمر الذى سبقتنا به كلا من دول اليونان والبرتغال وإيطاليا وأن ارتفاع عجز الموازنة للدولة يعنى زيادة الإنفاقات العامة للدولة فى ظل استحواذ الدعم على ثلث الإنفاقات العامة للدولة، مؤكدا أن دعم المنتجات البترولية يستحوذ على ثلثى المبالغ المخصصة للدعم.

وأشار الخبير الاقتصادى الى أن دعم الطاقة يعنى الفارق بين أسعار البيع والإنتاج، حيث بلغت حجم الأموال التى تم إنفاقها على الدعم خلال الـ10 سنوات الماضية 695.2 مليار جنيه، أى أن تلك المبالغ أكثر بكثير من المبالغ المخصصة لدعم الصحة والتعليم، كما أن الدعم ارتفع من 67.7 إلى 95.5 مليار جنيه لعام 2011 وارتفع إلى 120 مليار جنيه عام 2012، أى أنه يزيد بمعدل 41%، ولو تركنا الأمور بهذا المعدل فى عام 2014 سوف تنمو عملية الإنفاق على الدعم بمعدل 41% وهذا الأمر يعنى أننا ندخل فى دوامة لا تنتهى، ولكى نمول هذا العجز الناتج عن تلك الدوامة لا بد من الاستدانة وبالتالى سوف يكون من الصعب علاج هذه المشاكل.

وأخيرا أكد عبد الخالق أن هناك شبه اتفاق بين خبراء الاقتصاد على ضرورة تحريك أسعار الطاقة، لأن المستفيد الأكبر من الدعم هم الأثرياء.

يقول مدحت يوسف، نائب رئيس الهيئة العامة للبترول سابقا: إن قرار رفع أسعار المواد البترولية الذى أصدرته الحكومة أمس له مؤشر إيجابى من ناحية رفع سعر لتر السولار وبالتالى ارتفاع قيمته عن البديل وهو المازوت المباع بسعر ١٥٠0 جنيه/ طن.

وأوضح الخبير البترولى أن هذا الفرق ليس بالكبير ليظل هناك نوع من التنافسية للاستهلاك من قبل العملاء لمزايا السولار المتعددة من ناحية الكفاءة والفاقد والمحتوى الحرارى، فى حين أن فروق الأسعار العالمية بينهما للطن الواحد تعادل ٢٣٠٠ جنيه مصرى، مشيرا إلى أن تلك معادلة تحتاج إلى دراسات سعرية سوقية مميزة.

كما أكد الخبير البترولى أن المؤشرات تشير إلى عدم إمكانية تخفيض فاتورة الدعم إلى ما أشار إليه وزير المالية بهذا القدر إلا إذا اتجهت زيادة الأسعار للمنتجات البترولية إلى ما يفوق تلك المؤشرات السعرية مع زيادة أسعار الغاز الطبيعى للمصانع، خصوصا تلك كثيفة الاستهلاك إذا وضعنا فى الاعتبار زيادة أسعار الاستيراد نتيجة زيادة سعر الزيت الخام والمنتجات البترولية باعتبار مصر مستوردة للزيت الخام والمنتجات.

من جانبه قال مساعد وزير الخارجية السابق السفير جمال بيومى أن زيادة أسعار البنزين التى تم إقرارها بدءا من اليوم غرضها أن يصل الدعم إلى مستحقية لأن الدعم بهذا الشكل كان يخلق سلعة بأكثر من سعر فى الأسواق ما يخلف مشاكل عدة، مؤكدا انه من الصعب أن نعيش بأكثر من إمكاناتنا.

وأضاف بيومى أنه كان لا بد من إعادة أسعار الطاقة إلى طبيعتها، لأن الاستفادة بالدعم على الطاقة تصل للسلك الديبلوماسى الأمريكى وشبيهه فى جميع الدول، مؤكداً أن الحوار المجتمعى الذى دار فى الفترة الأخيرة بين الناس حولهم إلى خبراء اقتصاد ما جعلهم يعتقدون خطأً أن هناك كنزا مدفونا يتم استخراجه بعد القرارات.

وأشار مساعد وزير الخارجية السابق إلى أن الأهم أن يغير المواطن من تفكيره وقلة ثقته فى الدولة وأدائها، مؤكداً أن الحكومة الحالية وطنية تحاول أن تتخذ قرارات فى صالح المواطن ينقصها الرقابة الكاملة المشددة على الأسعار فى الأسواق، والتحكم فى زيادة الأسعار التى يستغلها التجار فى اعقاب رفع أسعار البنزين.

يقول الدكتور رضا العدل أستاذ الاقتصاد والمالية بجامعة عين شمس: إن رفع أسعار البنزين حتى يتناسب السعر مع التكلفة، مؤكداً أن هذه الخطوة من الناحية الاقتصادية سليمة، وكانت متوقعة منذ قبل عهد الإخوان وتم الحديث عنها فى حكم المعزول لكن خشى أن يطبقها تخوفا من ردود أفعال المواطنين.

وأضاف العدل أن الشعب كان لديه توقعات برفع الدعم عن الطاقة فى أى وقت من الأوقات، مشيراً إلى أنهم فى نفس الوقت يشعرون بصدق الحكومة، لكن غضب بعض المواطنين من هذا القرار مشروع تماما، بالإضافة إلى تصريح الحكومة بإنفاق العائد من رفع أسعار البنزين على الصحة والتعليم وزيادة الأجور وهو ما اعتبره خطأً كبيراً.

وتابع أستاذ الاقتصاد والمالية بجامعة عين شمس، أن التجار سيرفعون الأسعار بشكل تلقائى عقب هذه الزيادة فى أسعار البنزين، لافتاً إلى أن الأهم فى الأمر هنا هو حصار عملية نقل الأعباء من الذين يتحملون زيادة أسعار البنزين، ويحملونها للمواطنين عن طريق غلاء الأسعار، فهنا نطالب الدولة بتشديد الرقابة.

وقال الدكتور مختار الشريف أستاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة إن دعم الطاقة وصل فى مصر لمراحل لا يمكن استمرار الدعم فيها لأكثر من ذلك مؤكداً أن رفع أسعار البنزين شر لا بد منه وسيوفر للدولة حوالى 50 مليار جنيه سيتم إنفاقهم على مجالات التعليم والصحة والبحث العلمى كما جاء بمؤتمر رئيس الوزراء.

وأضاف الشريف أن حكومة المهندس إبراهيم محلب فى موقف صعب والكثير من المشاكل تحيط بها مؤكداً أن اى اسم يرأس الحكومة فى هذا التوقيت كان سيتخذ قراراً برفع الدعم عن الطاقة.

وتابع أستاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة أن نجاح الأمر يحتاج إلى إجراءات رقابية مشددة من الدولة بالإضافة إلى وجود المواطن وزيادة الوعى لدى الناس بالأسواق حتى لا ترفع الأسعار بشكل عشوائى، مؤكداً أن الدولة تنتظر سنين عجافا قادمات سيكون هناك فيها رفعاً للدعم فى الكهرباء والغاز.

أكدت الدكتورة يمن الحماقى أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس أن قرار رفع الدعم الذى اتخذته حكومة محلب كأس مر لا بد أن يشربه الشعب المصرى وكذلك التصريحات الوزارية المتعلقة بإلغاء الدعم عن الطاقة بشكل تدريجى على مدار خمس سنوات.

وأضافت الحماقى، أن القرارات الاقتصادية الأخيرة التى اتخذتها حكومة محلب شجاعة وضرورية وحتمية معللة بأن الاقتصاد المصرى لا يمكن أن يستمر فى تحمل النزيف والفقد المرعب نتيجة لدعم الطاقة وقالت أستاذة الاقتصاد بجامعة عين شمس إن الحكومة المصرية تريد أن تنفذ قرارات فى مصلحة الدولة وفى صالح الاقتصاد المصرى بدلا من أن يتم ترحيل الأزمة إلى الأجيال القادمة كما كانت تفعل الأنظمة الحاكمة السابقة.

وأوضحت أن رفع أسعار الوقود والكهرباء يمثل دواء مرا لا بد أن يتجرعه المصريون حتى يتحرك الاقتصاد المصرى نحو الشفاء، ومشددة على ضرورة وجود آليات لتنفيذ ومتابعة تلك القرارات وتكاتف المجتمع فى تحمل تبعتها مشيرة إلى أن السوق المصرية غير كفء وهو الشىء الذى بدوره يمثل خطورة بالتزامن مع تنفيذ تلك القرارات الاقتصادية نظرا لعدم وجود رقابة حقيقة على الأسواق وهو ما يمكن أن يستغل من قبل التجار.

وقال محمود عبدالرحمن خبير الاستثمار المباشر ان الحكومة المصرية فضلت اتخاذ قرارات مؤلمة بدلا من الاستمرار فى سياسة تلقى المساعدات الخارجية.

وأوضح عبدالرحمن أن تلقى المساعدات من الدول العربية يبدو انه اصبح خيارا مستبعدا لحكومة السيسى.

واضاف عبدالرحمن انه بدون ضبط للاسواق وايجاد بدائل للمواطنين مثل توفير شبكة نقل حضارية فان رفع سعر الوقود لن يكون مرحبا به على مستوى غالبية المواطنين المصريين الذين يعانون من ارتفاع فى الاسعار وتزايد نسبة الفقر فيما بينهم.

وقال يجب ان تفعل الحكومة شبكات الضمان الاجتماعى التى تتيح تقديم مساعدات وزيادة فى السلع التموينية للمواطنين تجعلهم قادرين على الوفاء بالتزاماتهم المعيشية.