«السوق العربية» تفتح ملف «الثروة المعدنية كنوز مصر المهملة» الخبراء يؤكدون: وجود ما يقرب من 270 موقعاً يمكن استكشافها لاستخراج الذهب
تزخر مصر بالكثير من الموارد المعدنية توجد فى مساحات واسعه منها شرقا وغربا شمالا وجنوبا والتى بعضها مستغل استغلالا غير كاف والبعض الآخر فى طريقة للاستغلال مع وجود كثير من المعوقات ويمكن النهوض بقطاع الثروة المعدنية بالنظر إلى مناخ الاستثمار فى الوقت الحالى بعد انتخاب رئيس جديد للبلاد وبالطبع تتنوع تلك الموارد من حيث النوع والكم وأماكن التوزيع ويعد قطاع التعدين من القطاعات الحيوية الهامة التى تعد من اكبر مصادر الدخل القومى على الاطلاق، حيث تقوم عليه العديد من الصناعات التى تحتاج إلى المعادن المختلفة والتى تزخر بها الاراضى المصرية فى كل انحائها، وعلى الرغم من وفرة الدراسات الجيولوجية، التى تؤكد أن مصر غنية بثرواتها المعدنية من ذهب وحديد وفوسفات ونحاس ورمال بيضاء، وغيرها من المعادن الهامة، إلا أن معظم هذه الثروات لم تستغل بعد، بالطبع يرجع ذلك فى معظمه الى العهود السابقة التى اهملت قطاع التعدين تماما حتى صار بيتا للفساد وإهدار المال العام فى الوقت الذى يرتفع فيه اقتصاديات الدول ودخولها القومية من استثماراتها فى قطاع التعدين، وقد نادى الكثير من الخبراء والمتخصصين من قبل بإنشاء وزارة خاصه للثروة المعدنية لحماية هذه الكنوز المهملة من الضياع والسرقة، وبالطبع قامت بعض الجهود بمحاولات الارتقاء بهذا القطاع فتم منذ شهور تشكيل مجلس علماء الثروة المعدنية من علماء التعدين واقتصاديات المشروعات التعدينية وترويج المشروعات من الهيئات العلمية ومراكز البحوث والخبراء من ذوى الخبرة فى مجال الثروة المعدنية من أجل وضع استراتيجية واضحة المعالم للثروة المعدنية فى مصر خلال 25 عاماً القادمة ووضع آلية لإنشاء مركز معلومات متكامل للثروة المعدنية فى مصر بالإضافة إلى دراسة تقديم مشروع قانون جديد للثروة المعدنية لكن السؤال الأهم فى هذا السياق هو : هل تدرك مصر مدى الجدوى الاقتصادية لوجود تلك الثروة المعدنية على أراضيها (سواء المكتشفة أو التى لم تكتشف بعد) ومن ثم تُحسن بالفعل استغلالها أم لا؟
فى البداية يقول عمر طعيمة، رئيس هيئة الثروة المعدنية، إنه سيتم خلال المرحلة المقبلة طرح الكثير من المزايدات للتنقيب عن المعادن فى مصر، خاصة الذهب والفوسفات، مؤكدًا أن الثروة المعدنية فى مصر لاتزال بكرًا، وإنه ستتم الاستفادة بشكل مباشر من الأبحاث التى أجريت من قبل، وإن مصر ستتواجد قريبا على خريطة الذهب العالمية. وأشار إلى أنه سيتم قريبا طرح مزايدات للاستفادة من الاتفاقيات التى وقعت قبل ذلك للتنقيب عن الذهب، مشيرًا إلى أن هذه المزايدات ستسهم فى حماية الذهب من التنقيب العشوائى الذى زاد خلال الفترة الأخيرة نتيجة الأحوال الأمنية فى مصر. وقال: إن هناك شركة واحدة هى التى تقوم بإنتاج الذهب فى مصر حاليا، بينما منجم «حمش» على سبيل المثال لا يزال يعمل بطريقة تقليدية، ولا توجد لديه معدات حديثة كمنجم السكرى، كما أن باقى المشروعات فى مجال الذهب لا تزال فى طور البحث والاستكشاف، وأضاف أنه يعتقد أن مصر ستصبح ضمن خريطة الدول المنتجة للذهب فى العالم خلال عام 2018.
وأضاف أن دخل الدولة من منجم السكرى خلال الأربع سنوات الماضية بلغ 60 مليون دولار، من بينها 42 مليونا إتاوة و19 مليونا دولار تحت حساب الأرباح، لافتًا إلى أنه سيأخذ جزءًا آخر تحت حساب الأرباح قبل 30 يونيو المقبل، على أن تتم تسوية الحسابات القديمة فى نهاية 2014.
ونوه بأن قانون الثروة المعدنية الجديد ميزاته أنه فيه إلزام للمستثمر بعمل قيمة مضافة للمعد الذى ينقب عنه، موضحًا أن القانون الجديد اعتبر هيئة الثروة المعدنية السلطة المختصة بتجديد ترخيص البحث والحفر ما دام المرخص له قائمًا بتنفيذ التزاماته.
وأشار إلى أن القانون الجديد يقرر عدم السماح للمرخص له فى العمل بالمناجم أن يبحث عن خام أو خامات أو أى مواد معدنية أخرى غير خام المادة المعدنية المرخص له بالبحث عنها، ما لم يكن خام هذه المادة مختلطا مع الخام المرخص له بالبحث عنه، ويتعذر استخراج أحدهما من الأرض دون الآخر، وله فى هذه الحالة أن يحصل على موافقة الهيئة بإضافة الخام الآخر المختلط إلى ترخيص المادة الخام المرخص له بالبحث عنه.
والجدير بالذكر أنه توقعت مصادر بوزارة البترول، اعتماد الرئيس عبدالفتاح السيسى، قانون التعدين الجديد خلال الفترة القليلة المقبلة.
وأوضحت المصادر أن القانون الجديد عدل من الخلل الموجود بالقانون المعمول به حتى الآن برقم 86 لسنة 1956، موضحًا أن أبرز البنود التى تم تعديلها ترتبط برسوم الإيجار وقيمة الإتاوات، حيث تم رفع رسوم إيجار الكيلومتر المربع الواحد إلى 5000 جنيه سنويًا بالقانون الجديد، مقارنة بنحو 5 جنيهات فى القديم
وذكرت أن القانون الجديد رفع من قيمة الإتاوة المفروضة على المرخص له بواقع 7٪ لتصل إلى 10٪، مقارنة بنحو 3٪ فى قانون المناجم والمحاجر القديم، مضيفًا أن القانون الجديد ألزم المرخص له باستغلال الخامات المعدنية وإجراء كل العمليات الصناعية المناسبة التى من شأنها رفع درجة جودة الخام وقيمته الاقتصادية
يذكر أن القانون الجديد المرتقب إصداره قريبًا يتضمن أكثر من 60 مادة، 90٪ منها تمثل بنود قانون التعدين القديم نفسه، فى حين تم تعديل كل البنود الخاصة بالرسوم والإيجارات بما يزيد من إجمالى العوائد الموردة لخزانة الدولة.
من جانبه قال خبير التعدين الدكتور محمد أبوالسعدات أن مصر تمتلك مقومات هائلة من الثروة المعدنية، وان ارتفاع أسعار المعادن على المستوى الدولى يجعل البحث عن المعادن فى مصر ذا جدوى اقتصادية كبيرة، ذاكرا أن مصر تستورد ما يزيد على 200 ألف طن من النحاس الخام سنويا، رغم أن مصر غنية بخام النحاس الذى يمكن استخراجه حاليا بجدوى اقتصادية، ويمكن أن يتجاوز المنتج منه الاحتياجات الاستيرادية سابقة الذكر. وأشار أبوالسعدات إلى ضرورة الاستفادة من التوجهات العالمية فى استخدام الخلايا الضوئية لتوليد الطاقة، والتى تستخدم السليكون فى تصنيعها، حيث يمكن استغلال الرمال البيضاء المتوافرة فى مصر بقدرات كبيرة فى تصنيع السليكون، وذكر خامات أخرى كالليثيوم الذى يدخل فى صناعة البطاريات الكهربائية المستخدمة فى السيارات، والتى من المتوقع طبقا للدراسات وجود 250 مليون سيارة على مستوى العالم تسير بتلك التكنولوجيا بحلول عام 2020، وهو ما يفتح آفاقا لزيادة الاستثمارات التعدينية فى مثل تلك النوعية من الخامات، والمتوافرة فى مصر أيضا بكميات كبيرة. وأبدى الخبير التعدينى أعتراضه على مبدأ المشاركة الذى تتبعه الحكومة المصرية فى المشروعات التعدينية المطروحة، لما تسببه من عطلة لمشروعات التعدين، وتحد من قدرات استخدام المعادن فى مصر، ودعا إلى وجود بديل عن ذلك بنظام ضريبى عادل، كما دعا إلى ضرورة وجود قوانين حاكمة تمكن من الاستغلال الأمثل للثروة المعدنية فى مصر.
واكد عاطف الصادق رئيس إحدى الشركات العاملة فى مجال التعدين عن الفوسفات فى مصر وجود عوائق كانت تواجه الشركات المستثمرة فى قطاع التعدين فى السابق، من خلال بعض التكلفة غير المبررة والكبيرة، التى كانت تتحملها الشركات فى بعض الأمور الإجرائية غير المبررة، مما كان يشكل عبئا على الشركات العاملة فى مجال التعدين، منتقدا غياب إطار تشريعى واضح ينظم العمل فى قطاع التعدين، ولكنه أبدى تفاؤله بتغير هذه الأمور المرحلة القادمة .
قال الدكتور سامى الراجحى مؤسس شركة سنتامين ايجيبت العاملة بمنجم ذهب السكرى أن مصر تحتوى على قدرات واعدة فى مجال الذهب، ضاربا مثل بمنجم السكرى، والذى يصنف الثامن عالميا من حيث الاحتياطى، والرابع عشر من حيث حجم الإنتاج، وذكر أن حجم الاستثمار فى المنجم يبلغ 4.2 مليار جنيه مصرى، وقد بلغ حجم إنتاجه 10 أطنان عام 2010، ويعمل فى المنجم 4500 عامل، وذكر أن مصر ما زالت بكرا فى مجال الذهب، وإنها من الممكن أن تصبح المنتج الأكبر للذهب فى القارة الإفريقية والشرق الأوسط، على شرط زيادة تقديم حوافز لتشجيع الاستثمار فى هذا المجال.
وأضاف الراجحى أنه على مستوى المعادن الأخرى فالثروة المعدنية فى مصر متنوعة من ذهب ونحاس وحديد وزنك ونيكل وكوبلت وحتى الماس، وتتنوع مواقع الثروة المعدنية فى مصر فى أكثر من موقع من الساحل الشمالى، حتى سيناء ومن الصحراء الغربية حتى الصحراء الشرقية.
أكد الدكتور حسن بخيت نائب رئيس اتحاد الجيولوجيين العرب أن مصر لديها رصيد هائل من المعادن، التى لم يتم استغلالها حتى الآن بالشكل الأمثل، وذكر أن الذهب يعد من المعادن الواعدة فى مصر، خاصة بعد إنتاج ما يزيد عن 10 أطنان ذهب فى عام واحد (2010) من منجم السكرى، وهو قد يزيد الفرص لضخ استثمارات جديدة فى مجال الذهب فى مصر، ليؤكد أن هناك دراسات تشير إلى وجود ما يقرب من 270 موقع يمكن استكشافها لاستخراج الذهب منها، وقد رفض الدكتور بخيت استخدام مصطلح مناجم على تلك المواقع إلا بعد اكتشاف الذهب فيها فعلا.
وأضاف بخيت أن منجم السكرى ليس الوحيد فى مصر، فهناك منجم حمش وشركة حمش هى شركة مشتركة بين هيئة الثروة المعدنية ومجموعة من المستثمرين السودانيين والمؤهل أيضا لإنتاج الذهب بكميات كبيرة، ولكن ضعف الاستثمار النسبى فى هذا المنجم كان عائقا فى الفترة الماضية، ومن المتوقع أن إنتاج منجم السكرى يبعث التفاؤل لضخ المزيد من الاستثمارات لهذا المنجم.
على مستوى المعادن الأخرى المتوافرة فى مصر، ذكر بخيت أن الفوسفات من المعادن البالغة الأهمية فى مصر، حيث يستخدم محليا فى صناعة الأسمدة كما يصدر بكميات كبيرة إلى الخارج، كما ذكر أن هناك معادن أخرى يمكن استغلالها اقتصادية فى مصر كالكوارتز والكاولين والباريت، والتى تدخل فى العديد الصناعات، مشيرا إلى أن الرمال البيضاء من العناصر الهامة المتوافرة فى مصر والتى يجب استغلالها اقتصاديا من خلال التصنيع، حيث يبلغ سعر طن الخام منها 7 دولارات يصل إلى 7000 دولار فى حالة تصنيعها محليا.