«السوق العربية» ترصد: إهدار كرامة «المرأة المعيلة» فى طريق البحث عن «كرتونة رمضان».. والتضامن الاجتماعى تتفرج!
معروف أن مصر بها نسبة عالية من الأسر المصرية عائلها هو المرأة التى تحملت المسئولية.. رغم نجاح المرأة المصرية فى كل الميادين إلا ان الظروف أحياناً تتكالب عليها ورغم أننا فى شهر كريم، شهر تتنزل فيه الرحمات بين العباد وتتضافر كل الجهود من أجل توفير دخل يناسب الأسرة المصرية إلا أن ظهور كرتونة رمضان أصبحت نقمة بدلا من أن تكون نعمة ووسيلة لسد جوع ورمق لأسر بأكملها، بما يحدث من إهانة وانتهاك لكرامة المرأة المعيلة خاصة أننا نشاهد طوابير أمام الجمعيات الخيرية ورجال الأعمال الذين يستغلون ظروف هؤلاء النسوة بزعم تقديم وجبات وكراتين فيها متطلبات الأسرة من زيت وسكر ولحوم وغيرها.. كل هذا يحدث بعيداً عن وزارة التضامن الاجتماعى التى هى المسئول الأول عن هؤلاء الأسر وظروفهم.
تتعرض المرأة المعيلة إلى مواقف مهينة تتكرر كل عام فى طابور «كرتونة رمضان» فهى تقف وتستنزف قواها وتهدر كرامتها للحصول على معونات من جميع الجهات المعروفة وغير المعروفة وربما بعدها لا تحصل على اى شىء.
قامت جريدة «السوق العربية» بعمل جولة لسماع صراخ وأنين هؤلاء النسوة وكانت أقوالهن كما هو موضح فى السطور التالية:
تقول سنية عبدالرءوف- 40 سنة- حياتى مليئة بالكفاح والجهد كباقى الزوجات المصريات المطحونات أوفر وأدخر وأربى أولادى الأربعة بدخل لا يكفى شراء الأشياء ورغم ظروفى القاسية بسبب مرض زوجى بالفشل الكلوى الذى تسبب فى تركه لعمله إلا أننى أعانى من المعاملة غير الآدمية التى ألقاها عند حصولى على كرتونة رمضان فى كل عام، كما اننى أضطر لحملها مسافات طويلة نظراً لبعد الجمعية الخيرية عن مناطق العمران لأعانى بعدها من ارتفاع فى الضغط وآلام الكتف بل وأكره نفسى وألعن الظروف التى وضعتنى فى هذا الموقف.
كما أضافت- سنية- لا أشتكى إلى أى مسئول ولكن أشكو وأبث حزنى إلى الله.
تقول آمال شعبان- 61 سنة- «أرملة» كرتونة رمضان بالنسبة لى مأساة، فلدى طفلان ومعاش لا يتعدى 240 جنيها ولذلك أعمل بتنظيف الخضار لصالح أحد التجار مقابل 0.25 قرش للكيلو ولقلة الدخل وصعوبة الأيام أضطر للتوجه إلى أكثر من جمعية خيرية للحصول على كرتونة رمضان وهذا يشعرنى بالخجل خصوصاً وأنا أنتظر دورى فى طابور طويل ولكن ما باليد حيلة.
تطالب ليلى السعيد- 50 سنة- بتوحيد أماكن مساعدات فى مبنى واحد نظراً لأننى مريضة بالفشل الكلوى وترددى على أماكن كثيرة يرهقنى كثيراً لأننى أعانى من أمراض أخرى كثيرة، وزوجى أرزقى ويحتاج إلى الأدوية.
تقول فايزة الشحات- 51 سنة- توفى زوجى من خمس سنوات ولدى ثلاث أبناء، واتقاضى معاشا شهريا ضئيلا وكل عام أحصل على شنطة رمضان من أحد مساجد المنطقة ورغم قيدى بكشف المحتاجين أقف طابورا طويلا وأحياناً نجلس على الأرض كما هو حالنا الآن حتى ينادى الموظف على الأسماء بشكل يحرج أولادى.
تطالب- فايزة- الدولة بتنظيم تلك العملية لفصل المستحق عن محترفى التسول.
تقول روح الفؤاد محمود- 61 سنة- أنا أرملة وليس لدى إلا الله بعدما توفى ابنى الذى كان يعولنى وترك لى أبناءه الثلاثة.. أحصل على مساعدات مالية من مديرية الأوقاف والأزهر وبنك ناصر وغيرهم من الجمعيات الخيرية ولكن يتميز شهر رمضان عن باقى الشهور من ناحية الإفطار، لذلك نتجه إلى أكثر من جهة للحصول على كراتين رمضان لكى ابيعها لتوفير نفقات أحفادى، ونأكل من الباقى ولكن ما يؤرقنى أن أحد هؤلاء الأطفال معاق ويحتاج للرعاية ولو كانت أماكن المساعدة واحدة لكان أفضل من كل هذا التشتيت.
تقول يسر عبد الله- 40 سنه- أقيم بالقرب من المدافن واعيش على صدقات أهل الموتى ولدى اربعة أبناء أصغرهم يعانى من الربو المزمن ويعيش على بخاخ للتنفس، أحصل عليها من أحد مساجد المنطقة، ثم يأتى علينا رمضان لأقف طابورا طويلا للحصول على كرتونة رمضان ولكن محترفى التسول يقاسموننا الرزق ما يجعل موزع الكرتونة يشتم ويسب الجميع وكأننا حشرات لكنى أتحمل من اجل لقمة العيش.
رأى الدكتور عبدالعزيز عبدالمجيد- رئيس المنطقة الأزهرية بالدقهلية- أن الأصل ان الصدقات تقدم للمحتاجين وذوى الحاجات لقوله تعالى «إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم».
فإذا طلب الصدقة غير هؤلاء فهو يأخد حق غيره وأصبح غير محتاج وهذا أمر محرم شرعاً لاستيلائه على حقوق الفقراء لاسيما إذا كان طعاماً يساعد هؤلاء على أداء العبادات فى شهر رمضان وعلى القائمين بهذا الأمر أن يتحروا ويبحثوا عن الفقراء والمساكين والمحتاجين ولا يأخذوا بالمظاهر لأن البعض جعل منها حرفة ليتسولوا فى أماكن شتى وقد هيأ نفسه على ذلك، فإذا ما رأيته انخدعت بمظهره وظننته فقيراً.
أما عن المرأة المعيلة والفقيرة التى لا تجد من ينفق عليها ويساعدها ويساندها فحقها على المجتمع بصفة عامة وعلى الدولة بصفة خاصة أن توفر لها حاجاتها الضرورية من مسكن وملبس وعلاج وما إلى ذلك، دون أن تتعرض للمشقة والمكابل أو أن تمس بسوء أو أن تهان على أيدى موزعى الصدقات.