«السوق العربية» ترصد: أهم الأسباب التى أدت إلى دخول مصر مرحلة «الفقر السمكى»
يؤكد الواقع تضاؤل نصيب القطاع السمكى فى مصر من الاهتمام والعناية اللازمة، وذلك بالرغم من اتساع الرقعة البحرية المصرية التى تبلغ حوالى 11,2مليون فدان و6,8مليون فدان بالبحر المتوسط و4,4فدان بالبحر الاحمر بالاضافة للبحيرات ونهر النيل بفرعيه الا ان المساحة المستغلة فى عمليات صيد الاسماك تبلغ حوالى 4,2 مليون فدان وهى مساحة ضئيلة بالنسبة للمساحة الاجمالية المتاحة كما انها غير مستغلة استغلالا اقتصاديا.
قامت جريدة «السوق العربية» باستطلاع اراء المواطنين فى مجال الثروة السمكية والاستثمار السمكى سعيا للوصول الى حلول فعالة لانقاذ ثروتنا السمكية وتحقيق اقصى استفادة منها لمصر.
تحدث فى البداية حمادة صالح احد الصيادين قائلا ان مهنة الصيد هى المهنة الحرة الوحيدة فى العالم لان الله وحده هو المتحكم فى رزق الصياد بعد رميه الشباك.. واشار الى انه رغم ان مهنة الصيد تحل مشاكل البطالة لكن الحكومة لا تكترث بها واصبحت عرضة للانقراض فى ظل التلوث وتجفيف البحيرات والاستيلاء عليها من بعض الافراد خاصة فى بحيرة ادكو التى تقلصت مساحنها بشكل كبير واغتصب منها 37 الف فدان لصالح اصحاب النفوذ، وأكد ان التلوث ادى الى نفوق مئات الاطنان من الاسماك وهو ما يستلزم عمل غسيل لتلك البحيرات، مشيرا الى بحيرة ادكو التى تمر بالمصرف الخيرى من شمال الجيزة الذى يروى البحيرة، واكد العاملون بالاستزراع السمكى العديد من المعوقات التى تحد من نمو القطاع حتى اصبح غير جاذب للاستثمار من اهمها غياب التشريعات والقوانين التى تنظم العمل داخل القطاع بالاضافة الى غياب التنسيق بين الوزارات المختلفة والمعنية بالانتاج السمكى.
وقال عبدالعزيز طلبة احد المستثمرين بقطاع الاستزراع السمكى ان اهم المشكلات التى تواجه الاستثمار بالقطاع هى تمليك الاراضى للمستثمرين حيث ان القانون يمنع ذلك وهو ما يجعل المستثمر غير مستقر لان التملك احد اهم سبل زيادة الاستثمارات، واشار الى ان المستثمرين بالقطاع يحصلون على المزارع بالايجار لمدة خمس سنوات فقط تجدد كل فترة بسعر جديد واصفا المشكلة بانها احد اهم معوقات الاستثمار فى القطاع.
ومن جانبه قال يوسف فايد محامٍ ومستثمر بقطاع الاستزراع السمكى ان هناك العديد من المشاكل التى تعوق انطلاق الاستثمار فى القطاع اهمها وضع حوافز من خلال استكمال البنية الاساسية للمزارع الحالية او للمناطق التى يقترح ان تقام بها المشروعات.
قال جمعة عزمى تاجر سمك ان القطاع السمكى هو المسئول عن تأمين جزء كبير من الفجوة الغذائية البروتينية فى مصر حيث تحتوى الاسماك على 30% من وزنها بروتينا حيوانىا سهل الهضم عالى القيمة الغذائية، ويماثل هذا البروتين فى تركيبه من الاحماض الامينية تركيب بروتين الدجاج ويتفوق على بروتين اللحم البقرى، مشيرا لانه يجب اتباع سياسات واضحة لعلاج الاوضاع المتدهورة بهذا القطاع الحيوى خاصة فى المصايد الطبيعية كانتشار اساليب الصيد البدائية والصيد الجائر وتأثيره السلبى على المخزون السمكى بالاضافة للتلوث الناتج عن القاء مخلفات المصانع والصرف الصحى والزراعى فى المسطحات المائية واجراءات التجفبف لاجزاء كبيرة من البحيرات لاغراض تجارية مع عدم وجود احصاءات دقيقة فى تسجيل بيانات الانتاج.
اكد صلاح بكر تاجر اسماك ان معدلات التنمية السمكية غير ملائمة لسد الاحتياجات المرجوة منها بل على العكس فإن التدهور مستمر فى مخزون الثروة السمكية نتيجة لعدم التواصل بين الهيئات المتخصصة فى هذا المجال.
واشار الى ان مصر تمتلك موارد سمكية هائلة لا يتم استغلالها بالشكل الامثل مثل بحيرة ناصر التى تعد اكبر بحيرة صناعية فى افريقيا وتتميز بخصوبتها وصلاحيتها للاسماك ولكن لا يتم الاستفادة من مميزاتها.
واكد ضرورة تشجيع صيادى السواحل الشمالية والشرقية والعمال المهرة فى بناء سفن الصيد للعمال على ضفاف بحيرة ناصر موضحا ان كمية ما نستورده من الاسماك بلغت 137 الف طن سنويا طبقا للاحصاء الاخير لهيئة الثروة السمكية. يقول مصطفى رضا احد الصيادين إن اول مشكلة تواجه الثروة السمكية فى مصر وتجعلها فى حالة الفقر السمكى هى عدم وجود دعم من الحكومة لتنمية الموارد السمكية سواء على مستوى القطاع العام او القطاع الخاص، يبقى الاستغلال بسبب القوانين التى شنتها الدولة لعرقلة الحركة الاستثمارية فى مجال الثروة السمكية ويطرح حلولا سريعة واساسية لتشجيع الاستثمار فى مجال الثروة السمكية خاصة ان ما تتمتع به مصر من امكانات تتمثل فى البحرين الابيض والاحمر والبحيرات ونهر النيل وهى مساحات شاسعة لا تتناسب مع حجم انتاج مصر من الاسماك واول هذه الحلول تفعيل الاجراءات لجذب الاستثمارات وازالة كافة المعوقات والحصول بشكل سريع على الموافقات ويكون هذا بمثابة دعم من الدولة لتشجيع الاستثمار، ويشير رضا الى ضرورة دخول القطاع المصرفى فى الاستثمار فى الثروة السمكية لان هذا لسوف يطمئن المستثمر على اعتبار ان درجة المخاطرة فى هذا المجال عالية. ويواصل حديثه مؤكدا ان الاستزراع السمكى يمثل عنصرا اساسيا يؤدى الى طفرة انتاجية غير مستغلة تحقق المستهدف من الانتاج السمكى وهو مصدر ثابت يمكن تنميته باستمرار لمواجهة التغير فى المخزون السمكى فى المصايد البحرية والمياه العذبة نتيجة استنزاف هذه المصايد الطبيعية.
اكد المهندس محمد الجزار رئيس الهيئة العامة للثروة السمكية التابعة لوزارة الزراعة واستصلاح الاراضى ان الهيئة تعتزم زيادة الانتاج السمكى فى مصر خلال الفترة المقبلة لتحقيق الاكتفاء الذاتى وتحقيق حصة كبيرة من متطلبات السوق الخارجى. موضحا ان الهيئة اعدت استراتيجية للنهوض بقطاع الاستزراع السمكى سواء فى البحيرات او النيل وذلك بعد الطفرة التى حققها الانتاج فى السوق المحلى خلال السنوات الماضية والتى ارتفعت من 220 الف طن الى ما يزيد على مليون و400 الف طن ويمثل الاستزراع السمكى نسبة 72% من اجمالى الانتاج بعد ان كان لا يتعدى نسبته 8,6%.
واكد الجزار ان الاستراتيجية اهم ملامحها طرح الاراضى الصالحة للاستثمار امام المستثمرين بالاضافة الى تطوير موانئ الانزال وتجهيزها وتحسين وسائل النقل والتداول داخل وخارج البحر وتزويدها بمعدات صناعه الثلج لتقليل الفاقد بعد الصيد وتحقيق زيادة رأسية فى الانتاج بالاضافة الى التوسع فى استغلال مناطق الصيد فى البحر حتى الحدود المصرية فى الشرق والغرب.
واشار الى ان الاستراتيجية اقترحت عددا من المشروعات التنفيذية اهمها انشاء مفرخ سمكى يجرى فى شمال سيناء بتكلفه 18 مليون جنيه انتاج 10 ملايين زريعة قاروص ودنيس لتنمية بحيرة البردويل بجانب انشاء مفرخ بحرى حديث فى محافظة الاسكندرية بالكيلو 21 بالعجمى بتكلفة 14 مليون جنيه لانتاج 5 ملايين اصباعية قاروص ودنيس. واضاف ان الاستراتيجية حددت المواقع التى تصلح لانشاء مزارع سمكية على طول سواحل البحرين الاحمر والمتوسط سواء كانت داخلية او اقفاصا وانشاء صالات مخصصة للتصدير مجهزة باحدث تقنيات حفظ الاسماك وتجهيزها للتصدير.
واقترحت الدراسة عددا من القرارات والتشريعات المهمة لحماية البحيرات وزيادة حجم الانتاج اهمها تجريف البحيرات وزيادة المخزون السمكى فى المناطق التى لم تكتشف بعد واقتراح السبل العلمية لتنميتها بالتعاون مع المعهد القومى لعلوم البحار وانشاء عدد من المفرخات المطلة على كل بحيرة بهدف تنميتها وتغذيتها حتى تصل الى احجام تصلح للتغذية ثم اطلاقها فى البحيرة للصيادين.
واوضح الجزار ان الدراسة قدمت تصورا عن تطوير موانئ الانزال وتزويدها بالمعدات والاجهزة الحديثة مثل الحاسب الالى لتسجيل ورصد كميات وانواع الاسماك المختلفة وربطها بغرفة بيانات بهيئة تنمية الثروة السمكية لمتابعة وتحليل ورصد المخزون السمكى.
وتعتزم الهيئة ايقاف عمليات تجفيف بحيرة المنزلة وكذلك باقى البحيرات وسرعة ازالة اسباب تلوثها.
وسوف تتخذ عددا من الاجراءات لمنع طرق الصيد المخالفة للقانون مع التشديد على توقف عمليات الصيد فى فترات التوالد ونمو الزريعة لمنع سرقتها ومعاقبة المتواطئين عن تطبيق القانون.