مستحقات الشركات الأجنبية تهدد استثمارات البترول فى مصر
البترول: الاتفاقيات تزيد من فرص الاستثمار.. والخبراء يؤكدون: تدعم الاقتصاد القومى
يواجه قطاع البترول منذ فترة كبيرة أزمة طاحنة بسبب مديونيات شركات النفط الاجنبية التى تستثمر فى مصر ومما زاد الامر سوءا هو الصعوبة فى سداد التزامات القطاع لشركات النفط والغاز الأجنبية فى وقتها المستحق. ولذلك لجأت أغلب الشركات العالمية فى مصر العاملة فى قطاع البترول إلى تعليق ضخ استثمارات جديدة، وإرجاء عمليات التنمية والاستكشاف، لحين قيام الحكومة بسداد مستحقاتها والتى تفاقمت إلى أن وصلت إلى 6 مليارات دولار، فى ظل عجز الحكومة عن الالتزام بسداد تلك المديونية فى ظل التوترات السياسية التى تشهدها البلاد منذ فترة. وأرسلت بعض الشركات الأجنبية خطابات تهديدية إلى الحكومة، تطالبها فيها بسداد مستحقاتهم المالية، مع خروج بيانات صحفية وتصريحات المسئولين بالشركات الخاصة للمطالبة بمستحقاتها، وتأجيل أى استثمارات جديدة فى مصر، لحين الوقوف على حلول تضمن استثماراتها، مع إيقاف أى أعمال تنمية أو أى أنشطة للحفر جديدة فى مصر.
ويواجه حاليا وزير البترول المهندس شريف إسماعيل، عقبات من خلال التفاوض مع الشركات العالمية فى مصر، والتوصل إلى طرق لسداد مستحقاتها، خاصة أن تلك العقبات تراكمت خلال السنوات الماضية، بالإضافة إلى حرصه على التوصل إلى حلول عاجلة وسريعة لتوفير الطاقة لمحطات الكهرباء والقطاع الصناعى، فى ظل حجم العجز الحالى فى الطاقة، وتلبية احتياجات السوق المحلى.
وتدين الحكومة بما لا يقل عن ٥ مليارات دولار لشركات النفط العالمية، نصفها حان موعد سداده. نمو الديون المستحقة إلى شركات النفط العالمية يسلط الضوء على نضال البلاد لتلبية ارتفاع تكاليف الطاقة فى نفس الوقت الذى تدعم فيه أسعار الطاقة لتجنب الاحتجاجات الشعبية. وقد يؤدى تأخر الحكومة فى دفع ديونها لمنتجى النفط والغاز إلى تعطيل الاستثمارات فى هذا القطاع، إضافة إلى تعريض أمن الطاقة فى مصر إلى الخطر.
وتكمن المشكلة الأساسية فى سياسة مصر فى استيراد النفط والغاز بأسعار السوق العالمية وبيعها محليًا بأسعار مدعومة. تشجع تلك الممارسات على الإسراف، كما تعنى أن صناعة النفط الحكومية تعمل الآن وسط خسارة مادية. وقد ارتفعت مصاريف الدولة لدعم الطاقة إلى ما يقرب من ١٦ مليار دولار أمريكيًا سنويًا، وهو ما يمثل نحو خمس ميزانية الحكومة بأكملها. وبلغت تكلفة المنتجات النفطية المستوردة ٥ مليارات دولار أمريكى فى السنة المالية 2012.
والجدير بالذكر ان قطاع البترول توصل فى عام ٢٠١١ إلى اتفاق مع شركات أجنبية لمواصلة العمل مع دفع الالتزامات المستحقة على جدول زمنى تم تمديده حتى نهاية السنة المالية ٢٠١٢ وذلك بفائدة حوالى 2٫٥٪ وعلى الرغم من الاتفاق طلب عدد من الشركات من الهيئة المصرية العامة للبترول فى أكتوبر ٢٠١٢ أن تسدد ديونها دفعة واحدة. لذا تعد الالتزامات المالية المستحقة لشركات النفط والغاز العالمية هى واحدة من أكبر الأعباء التى تواجهها الهيئة العامة للبترول. فى يوليو ٢٠١٢ وحده، تمكنت الهيئة من سداد ١٫٢ مليار دولار تقريبا على دفعات إلى شركات التنقيب حوالى 7. وان هنالك مجموعة شركات للنفط والغاز مثل بى بى واباتشى ومجموعة بى جى فإن مصر تدين لهم بأكثر من ٥٫٢ مليار دولار فى نهاية عام ٢٠١٢ وهناك مستحقات متأخرة تتعدى المليار دولار لشركات اخرى ومع تدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية فى مصر، اتخذت بعض الشركات احتياطاتها. فاشترت بعضها تأمين ضد المخاطر السياسية يستمر لعدة سنوات من مؤسسة استثمارات ما وراء البحار الخاصة وشركات تأمين أخرى لتغطية مخاطر العمل فى مصر بينما تأمل معظم شركات النفط فى تعويض الديون المستحقة كاملة، فهى لا تزال تخطط للاستثمار فى مشروعات جديدة فى مصر من شأنها أن تساعد على تجنب أزمة الطاقة، تحديداً الشركات القادرة على تحمل مستويات أعلى.
من جانبه اكد المهندس شريف اسماعيل وزير البترول والثروة المعدنية أنه سيلتقى عددا من ممثلى شركات البترول الاجنبية العالمية العاملة فى مصر، سعيا للتوصل إلى حلول للمشكلات التى تحول دون زيادة استثماراتهم فى صناعة البترول والغاز المصرية. وقال الوزير أن مستحقات الشركاء الأجانب تبلغ حالياً حوالى 5.4 مليار دولار وفقاً لآخر تسوية تمت نهاية الشهر الماضى، واستبعد إمكانية تخصيص البنك المركزى أى مبالغ من المنح العربية المقدمة لمصر لسداد جزء من المستحقات المتأخرة للشركاء. وأضاف الوزير أن هناك العديد من الأفكار التى يمكن مناقشتها مع الشركاء الأجانب لحل مشكلاتهم، خاصة مستحقاتهم المالية المتأخرة، من بينها دراسة قيام الشركات الأجنبية بالاسراع فى تنمية عدد معين من حقول الغاز وتوجيه انتاجها إلى عدد من المصانع المصرية على ان يخصص عائد بيع الغاز لسداد مستحقات الشركات الأجنبية. وشدد وزير البترول على أهمية الاسراع بعمليات تنمية حقول الزيت والغاز وإعطاء الأولوية للمناطق التى تحقق لمصر ميزة نسبية أفضل، فكلما زادت حصة البلاد من الاكتشافات أدى ذلك إلى تحسين الوضع الاقتصادي. مؤكدا انه طلب تقريراً عن موقف مستحقات الشركات الأجنبية وتفاصيل هذه المستحقات، وقالت مصادر مسئولة بهيئة البترول إن إجمالى مستحقات شركات البترول العالمية العاملة فى مصر بلغ فى نهاية الشهر الماضى 5.4 مليار دولار، منها على سبيل المثال لشركات اينى الايطالية وبريتش بتروليم «بى بى» وبريتش جاز «بى جي» البريطانيتين وبتروناس الماليزية. وأشار اسماعيل الى ان هنالك شبه اتفاق على برنامج ملزم للطرفين يتضمن ضخ الشركات لاستثمارات جديدة فى عمليات تنمية الاكتشافات وزيادة الإنتاج مقابل التزام مصر بسداد المستحقات المالية المتأخرة لهذه الشركات وفقاً لمواعيد محددة يتم الاتفاق عليها لا حقا وإن الاجتماعات مع الشركاء الأجانب تستهدف استعادة ثقتهم فى التزام الحكومة بسداد مستحقاتهم المتأخرة، خاصة ان الفترة الماضية شهدت عدم الالتزام بما تم الاتفاق عليه مسبقاً بين الجانبين. ونفى الوزير وجود أى نية لدى الشركات الأجنبية للخروج من السوق المصرية، أو الاتجاه لبيع جزء من الإنتاج المستقبلى سواء من البترول أو الغاز والحصول على قيمتها حاليا لسداد المستحقات المتأخرة، فضلاً عن عدم مناسبة الظروف الحالية لطرح حصة من شركات البترول للاكتتاب العام أو البيع لمستثمر استراتيجي. ولفت وزير البترول إلى أن الجانب المصرى يدرس عددا من البدائل مع الشركات الأجنبية حاليا، منها زيادة الإنتاج من الحقول الحالية على ان تخصص قيمة الزيادة لسداد المستحقات أو قيام الشركاء بتبكير الإنتاج من الحقول غير المنماة على ان يخصص الجزء الأكبر منها لسداد
وأكد المهندس شريف إسماعيل أن الوضع الراهن لقطاع البترول المصرى هو وضع مؤقت وسيتخذ منحى إيجابياً بمجرد الاستقرار الأمنى والسياسى خاصة مع تمسك الشركات الأجنبية بالاستمرار فى مصر.
من ناحيه اخرى قال المهندس طارق الملا، الرئيس التنفيذى للهيئة المصرية العامة للبترول، إنه سيتم الإعلان عن الدفعة الأولى من مستحقات من المديونية المستحقة لشركات النفط الأجنبية العاملة فى مصر الفترة القادمة. وكشف المهندس الملا عن وجود آلية جديدة لسداد مستحقات الشركات الاجنبية تتضمن تخصيص نسبة من الإنتاج الإضافى الذى تستخرجه هذه الشركات لسداد المستحقات المتأخرة لهذه الشركات، مؤكدا أيضا ان هذه الآلية ستنفذ بجانب جدولة الديون التى تم الاتفاق عليها بين الهيئة والشركات الأجنبية، مشيراً لانتظام الهيئة فى سداد التزاماتها للشركات. أشار الملا إلى أن الآلية الجديدة تضمن سرعة سداد مستحقات الشركات دون أعباء مالية على الهيئة وفى نفس الوقت تضمن زيادة استثمارات الشركات فى عمليات تنمية الحقول ووضعها على خريطة الإنتاج مبكراً بما يحقق مصلحة الطرفين. وأضاف الملا، سيتم التنسيق مع وزارة المالية حاليا، لتوفير الدفعة الأولى وتحديدها لسدادها وان القيام بسداد الدفعة الأولى من المديونية كفيل بحل الكثير من مشاكل شركات النفط الحالية، ويسمح بزيادة إنتاج الزيت والغاز.
وأشار الى أن الهيئة حرصت على السداد الفورى لمستحقات الشركاء الأجانب، لإرسال إشارة قوية بأن الهيئة ملتزمة بسداد المستحقات فى أسرع وقتواننا تأكدنا من أن سداد المستحقات بالجنيه غير ملائم بالنسبة للشركات الأجنبية التى تضطر لتحويله إلى دولار من أجل استيراد المواد الخام من الخارج اللازمة للتنمية والإنتاج.
والجدير بالذكر أن وزارتى البترول والمالية والبنك المركزى فى مصر، تجرى محادثات كثيفة منذ مدة، من أجل وضع برنامج زمنى وآليات جديدة، لجدولة مستحقات شركات البترول الأجنبى وتعتمد هيئة البترول المصرية على شراء كميات الزيت والغاز الخاصة بالشركاء الأجانب بالأسعار العالمية، وإعادة طرحها فى السوق بالأسعار المدعمة بخلاف ما تقوم باستيراده من منتجات بترولية من الخارجية.
من جانبه أكد المهندس يسرى حسان رئيس شركة فيجاس اليونانية للبترول، أن مصر مقبلة على كارثة حقيقية وتفاقم العجز الحالى فى الطاقة، إذا لم تقم على الفور بوضع خطط طويلة لأزمة الطاقة، لافتا إلى وجود تباطؤ فى ضخ استثمارات جديدة فى قطاع البترول منذ عام 2011 بسبب غموض الموقف السياسى، وهو ما دفع أغلب الشركات الأجنبية فى مصر إلى المحافظة على معدلاتها الحالية من الإنتاج، وعدم ضخ أى استثمارات جديدة.
وأشار حسان إلى انخفاض استثمارات الشركة السنوية إلى 50%، حيث كان يتم ضخ نحو 60 مليون دولار سنويا لعمليات الصيانة انخفضت إلى 30 مليون دولار، مع تراجع الإنتاج بنسبة 10%.
وأضاف أيضا أن المشكلة الحالية مشكلة مركّبة، وهى أن إنتاجى من الخام والغاز لا يكفى، مع إهمال معامل التكرير، حيث بلغت طاقتها الإنتاجية حاليا 21 مليون طن سنويا، بينما تصل الطاقة الفعلية إلى 33 مليون طن سنويا، وهو ما يتطلب إجراء تحديث سريع لتلك المعامل، بما يمكن الحكومة من استغلال المعامل بأقصى طاقتها، بما يستهدف خفض فاتورة استيراد المنتجات البترولية، واستبداله باستيراد خام للإنتاج تلك المنتجات والاستفادة منها.
وطالب حسان بضرورة الإسراع فى تطوير معمل تكرير أسيوط الذى ينتج النافتا بكميات كبيرة، ويتم توجيه جزء كبير منها للتصدير لإنتاج الفاقد فى كميات البنزين المستورد من النافتا.
وقال حسان: إذا كانت الحكومة جادة فلابد أن تبحث عن الزيت والغاز خارج مصر، من خلال الدخول فى استثمارات خارج مصر، تحديدا بالشرق الأوسط والشراكة مع شركات، مثل سوناطراك الجزائرية، وغيرها من الشركات الأخرى، والاستثمار فى العراق وليبيا، لافتا إلى أن إقليم مثل كردستان يمنح حقلا للتنمية، وتحصل الحكومة فقط على 25% والباقى للشركة المستثمرة، كما أن العراق تمنح الحقول للشركات، مقابل منحها على كل برميل منتج 1.5 دولار ربحية، لتحقيق عائدات، وتوجيه استثماراتها فى مناطق جديدة.
واقترح حسان ضرورة إدخال مستثمرين أجانب فى تطوير معامل التكرير، خاصة أن المعامل تعمل بـ60% من طاقتها، ما يمكنها من طرح 40% للاستثمار الأجنبى للعمل بطاقة 100%، والحصول على استثمارات تصل إلى 15 مليار دولار، تسدد مديونية الهيئة للشركات الأجنبية والتى تصل إلى 6 مليارات دولار، ويوجه 2 مليار دولار لتطوير المعامل، والفارق يتم به إنشاء معمل تكرير كبير بالعين السخنة بطاقة إنتاجية تصل إلى 200 ألف برميل، وأن يكون العائد على المستثمر شراء حصته بمعامل التكرير بالأسعار العالمية.
قال المهندس طارق البرقطاوى، رئيس شركة تنمية للبترول، إنه يتم التفاوض حالياً مع الهيئة العامة للبترول لمنح الشركة مناطق امتياز للاتفاقيات المنتهية، خاصة مع وجود عروض مقدمة من الأجانب لمد تلك الاتفاقيات والشركة فى المقابل تقدم عروضاً مقابلة، للحصول على تلك المناطق، وننتظر رد الهيئة حالياً.
واضاف إن اتفاقيات البترول يتراوح عمرها بين 20 و30 عاماً، يحصل الشريك الأجنبى على جزء من الإنتاج لاسترداد النفقات وجزء للأرباح، وكافة الشركات الأجنبية العاملة فى مصر بقطاع البترول استطاعت تحقيق أرباح خيالية نتيجة ارتفاع أسعار البترول، وكونه يستنزف منطقة امتياز ليس وارداً، خاصة أن إدارة المشروع تتم عن طريق شركة مشتركة بين الهيئة العامة للبترول والشريك الأجنبى و50% من الإدارة لمصر، وإذا شعر الجانب المصرى باستنزاف للحقول، فيكفل لنا القانون التصرف مع تلك الحالات ومنعها.
وأكد البرقطاوى، أن الشركات المصرية ومنها شركة تنمية، لها دور مهم جداً بقطاع البترول المصرى، حيث إنها أنشئت لاستغلال الحقول التى انتهت اتفاقياتها، وبما يستهدف المحافظة على حجم الإنتاج وعلى إعادة تطوير الحقول التى ستؤول إلى قطاع البترول بعد انتهاء الاتفاقيات البترولية والتى تحتاج إلى تمويل كبير، وتحتاج أيضا إلى رغبة سياسية قوية ودعم حكومى، بالإضافة إلى ضرورة تنمية الكوادر بالشركة حتى تكون قادرة على إدارة الحقول وتطويرها وإعادة إنتاجيتها.
جدير بالذكر فقد بلغ عدد الاتفاقيات البتروليـــة الجديدة خلال الفترة الماضية والتى تم تعــديلها حوالى 346 اتفاقية للبحــــث عن البتـــرول والغــــاز وبلغ مجموع ما أنفقته الشركات العالمية العاملة فى مصر فى مجال البحث والاستكشاف والتنمية حوالى 38.5 مليار دولار، كنتيجة مباشرة للاستقرار السياسى والإقتصادى الذى تمتعت به مصر ومصداقية وشفافية التعامل مع شركات البترول العالمية والشروط الجاذبة وتطوير الاتفاقيات البترولية.
وساعد عقد الاتفاقيات البترولية على تدفق الاستثمارات العالمية لمصر وزيادة تكثيف نشاط البحث عن البترول والغاز الطبيعى من أجل دعم زيادة الثروات البترولية وزيادة الاحتياطيات من البترول والغاز لتلبية احتياجات السوق المحلى من المنتجات البترولية والغاز الطبيعى وتوفير احتياجات الأجيال القادمة من أهم مصادر الطاقة، فضلاً عن تصدير الفائض للأسواق الخارجية بما يعنى زيادة حصيلة الصادرات البترولية اللازمة لدعم اقتصاد مصر والمساهمة فى التنمية الشاملة للبلاد.
ويشار الى ان قطاع البترول، بعد عام 2011، ومع الازدياد المتوالى فى استخدام المواد البترولية، واستمرار دعم المنتجات البترولية داخلياً برقم يعادل ثلثى قيمة العجز الاجمالى فى الموازنة العامة، وارتفاع قيمة استحقاقات قطاع البترول لدى الجهات الحكومية الى 150 مليار جنيه، حسب تصريحات وزير البترول فى مارس 2013، فقد أصبح هذا القطاع يعانى خللاً واضحاً فى منظومة الأداء تمثل فى أبرز مظاهره فى أزمات السولار والبنزين المتكررة، فضلاً عن الاخفاق فى بعض الأحيان فى إمداد قطاع الكهرباء بكافة متطلباته. وفى هذا الصدد تسعى وزارة البترول بشكل دائم لتجاوز الأزمات عبر الجهود الحثيثة لتوفير الطاقة.
ومن هذا المنطلق وما تفرضه ضرورة الاوضاع فى مصر واهمية هذه الاتفاقيات أصدر الرئيس المؤقت عدلى منصور 3 قرارات بقوانين للترخيص لوزير البترول بالتعاقد مع خمس شركات للبحث والتنقيب عن البترول فى مصر.
من جانبه قال المهندس شريف إسماعيل، وزير البترول والثروة المعدنية، أن إقبال الشركات العالمية على القيام باستثمارات فى مصربشكل كبير خلال الفتره الماضيه وبشكل غير مسبوق، وما قمنا به من ابرام عدد الاتفاقيات الهامة والتى وقعناها خلال الفترة الماضية تؤكد أن الاستثمار فى مصر جاذبًا لطفرة استثمارية عظيمه يتعمد نهضة مصر الاقتصادية فى الفترة القادمة.
وأكد اسماعيل أنه تم فى نهاية أكتوبر الماضى توقيع 9 اتفاقيات جديدة للبحث عن البترول والغاز فى مناطق خليج السويس وسيناء والصحراء الغربية والشرقية، مع شركات شل، وبيكو، وجرايستون، وبتزد باستثمارات حدها الادنى حوالى 470 مليون دولار، وقامت هيئة البترول بمنح توقيع 50 مليون دولار لحفر 15 بئرا للبترول.
أضاف الوزير، أيضا خلال الفترة الماضية تم توقيع 5 اتفاقيات جديدة لهيئة البترول للبحث عن البترول والغاز، فى مناطق غرب غازلات، بالصحراء الغربية، وجنوب شرق، وجنوب غرب غارب، بالصحراء الشرقية وشرق لاجيا، بسيناء، مع شركتى «ترانس جلوب إنيرجى» الكندية، و«فيجاس» اليونانية باستثمارات حدها الأدنى 115.5 مليون دولار ومنح توقيع حوالى 41 مليون دولار لحفر 72 بئرًا.
واشار الوزير أن توقيع ذلك العدد من الاتفاقيات خلال مدة لا تزيد على شهر يعد طفرة استثمارية وترجمة فعلية للثقة فى الاستثمار فى مصر من قبل الشركات العالمية. مؤكدا أن توقيع هذه الاتفاقيات التسع يأتى فى إطار الـ21 اتفاقية التى تم إصدار قرارات بقوانين بشأنها، والتى تعد الأكبر من حيث العدد خاصة وأنه منذ عام 2010 لم يتم توقيع أى اتفاقيات جديدة، وهى بمثابة رسالة إيجابية وشهادة ثقة بأن مصر مازالت جاذبة للاستثمارات البترولية وأن هناك اهتماما متزايدا من قبل الشركات العالمية للعمل فى مصر نظرًا للجدوى الاقتصادية واحتمالاتها البترولية الجيدة. وأضاف أن باقى الاتفاقيات التى صدر بها قانون سيتم توقيعها تباعًا لتصبح سارية للعمل بها.
وفى سياق متصل أكد تقرير سابق لوزارة البترول حول أهم الصفقات التى تمت فى قطاع البترول مؤخرًا، أن الصفقات كشفت عن دخول عمالقة للاستثمار فى مصر، لتحل محل شركات أخرى فى بعض مجالات الاستثمار، وأن الشركات التى دخلت أقوى واكبر من تلك التى خرجت، وأن الأخيرة كانت تعيد ترتيب محافظها المالية لكونها شركات مقيدة فى البورصات العالمية، وانها انتقلت من مجال التسويق مثلا، إلى مجال البحث والاستكشاف.
من جانبه أكد الدكتور رمضان أبو العلا، رئيس قسم البترول بجامعة السويس أن الثلاثة قرارات التى أصدرها رئيس الجمهورية المؤقت المستشار عدلى منصور بقوانين للترخيص لوزير البترول بالتعاقد مع 5 شركات؛ للبحث عن البترول واستغلاله فى عدة مناطق كان امرا ضروريا بلا شك فى ظل غياب السلطة التشريعية الممثلة فى مجلس الشعب المنتخب ولذلك قام الرئيس المؤقت بلعب هذا الدور واصدار هذه القرارات وعليه لا يجوز الطعن عليها مطلق فى المستقبل كونه ممثلا للسلطة التشريعية وإن الرئيس المؤقت يمثل الجهة التشريعية ويحق له اصدار قرارات ملزمة، ولكن المواءمة السياسية كانت تقتضى تأجيل تلك القرارات والتعاقدات طويلة الاجل «غير الملحة» الآن، خاصة أننا على اعتاب انتخابات رئاسية ويعقبها مجلس شعب، إذ انتظرنا سنوات طويلة دون صدور مثل تلك القرارات.
وأضاف ابو العلا، أن تلك التعاقدات تحتاج الى مراجعات من المختصين والسلطة التشريعية؛ لذا كان من الافضل انتظار مجلس الشعب القادم ووزير جديد، لان اى خلل او عدم التزام من مصر سوف يتم اللجوء الى المحاكم الدولية وهو ما عانت منه مصر خلال الفترة الماضية مما ادى الى تدهور مستوى قطاع البترول متأثرا بخسائره الكبيرة ولذلك وجب على المسئولين التأكد تماما من صحة هذه التعاقدات حتى لا تجلب على مصر مزيدا من الخسائر والتى تؤثر بدورها على الاقتصاد وخطط التنمية المستقبلية.
وأكد الخبير البترولى على اهمية توفير اكبر قدر من التحفيز للشركات المستثمرة فى مصر حتى نزيد من حجم الاستثمارت فى هذا القطاع الحيوى والتى تعود على الاقتصاد بدورها بمكاسب كبيرة ودفعة اقتصادية تساهم فى خطة النهضة الشاملة فمثلا التنقيب عن الغاز ثم بيعه للحكومة بعد اكتشافه خاصة عندما تكون عمليات البحث داخل المناطق العميقة يعد نوع من التحفيز للشركات للإقدام على عمليات البحث، لافتا إلى أن الحكومة تتساهل مع بعض الشركات حيث إن عددا منها يقوم بتقاسم الانتاج مع مصر .
ونفى أبو العلا، أن تكون قرارات القوانين للبحث عن البترول حلا لأزمة الطاقة التى تعانى منها مصر وانما هى تعد خطوه هامه نحو الطريق الصحيح لرسم استراتيجيه كامله وواضحه للاستثمار فى هذا القطاع وتعويض نقص السوق المحلى من منتجاته بشكل كبير وان الاستثمارات فى قطاع البترول والتعدين طويلة المدى، وتحتاج الى وقت اكبر لتحقيق عوائد جراء الاموال التى تم ضخها فى المشروعات، ومن ثم لن تكون مؤثرة من قريب أو بعيد فى الأزمة الحالية وانما يرى المواطن اثرها بعد مده طويلة.
يقول المهندس شامل حمدى وكيل وزارة البترول السابق أن تفويض الرئيس المؤقت عدلى منصور لوزير البترول فى عقد بعض الاتفاقيات الهامه للقطاع خلال الفتره المقبله هو شئ طبيعى جدا ومتعارف عليه قانونيا فالسلطه التشريعيه الممثله فى مجلس الشعب هى المخوله فى الاصل باعطاء مثل هذه التفويضات ومناقشتها والموافقه عليها وفى ظل عدم وجود السلطه التشريعيه الممثله فى مجلس الشعب قام الرئيس المؤقت بدور مجلس الشعب الغائب وأصدر التفويض بناء على الصلاحيات المخوله له فى هذه الحاله.
وأشاد حمدى بالجهود الكبيره التى يقوم بها المهندس شريف اسماعيل وزير البترول والثروه المعدنيه قائلا :»بعيدا عن علاقة الزماله القديمه التى تربطنى بالمنهندس شريف اسماعيل منذ القدم الا انه من أفضل الوزراء الذين قادوا قطاع البترول منذ فتره ومنذ توليه المسئوليه وهو لا يدخر اى جهد فى النهوض بقطاع البترول والقيام بكل ما يلزم من جولات او اتفاقيات او تنسيق مع باقى الوزرات.
واكد وكيل وزارة البترول السابق على اهمية الاتفاقيات التى يقوم بها مسئولى وزارة البترول وما يترتب عليها من تنشيط لعمليات التنقيب عن البترول فى مصر ويعيد كثير من فرص الاستثمار التى فقدناها فى الفترات الماضيه بشكل كبير وستساهم بشكل أكبر فى دفع عجلة الاقتصاد الى الامام وتطوير عمليات التنقيب والبحث عن البترول والغاز بشكل اوسع وأكبر.
قال المهندس صلاح حافظ الخبير البترولى أن اعادة فرص الاستثمار الى معدلاتها الطبيعيه فى مجال التنقيب والبحث عن البترول يعد من اهم مقومات اعادة ترميم القطاع البترولى بشكل كبير وأن عقد مثل هذه الاتفاقيات يزيد من فرص الاستثمار والتى شهدت تراجعا كبيرا خلال الفتره الماضية
وأضاف حافظ يجب على المسئولين فى مصر عدم فرض قيود على عمليه الاستثمار فى مجال البحث والتنقيب عن البترول وان يزيد من التسهيلات المعقوله للشركات الاجنبيه حتى يحدث نوع من التنشيط ويزيد من الاقبال من هذه الشركات على الاستثمار فى مصر.
واكد الخبير البترولى ان الاتفاقيات التى تعقدها الدوله ممثلة فى وزراة البترول مع الشركات الكبرى هى خطوه هامه لاعادة هيكله استرتيجية الاستثمار فى قطاع البترول والتى تراجعت كثيرا بسبب القيود التى كانت تفرذا الدوله من قبل على المستثمرين والتى نتج عنها بكل أسف هروب كثير من الشركات الكبرى وبحثها عن فرص للاستثمار فى أماكن أخرى.
وأشار الى أن مصر تحتاج الى مزيدا من التسهيلات التعاقديه وكثير من الحوافز للمستثمرين حتى تزيد من فرص تزايد عدد الشركات المستثمره فى مصر فى مجالات البترول المختلفه والتى بدورها تدفع قطاع البترول الى مزيدا من التطور ويؤدى الى نتائج مبهره فى تطوير القطاع وايضا الى نمو وازدهار الاقتصاد ودفع عجلة الانتاج الى الامام.