السوق العربية المشتركة | قانون الإيجار الجديد صداع فى رأس المواطن.. وأزمة لا تنتهى

السوق العربية المشتركة

الإثنين 18 نوفمبر 2024 - 22:44
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

قانون الإيجار الجديد صداع فى رأس المواطن.. وأزمة لا تنتهى

محرر السوق العربية فى جولة مع ساكنى القانون الجديد والقديم
محرر السوق العربية فى جولة مع ساكنى القانون الجديد والقديم

لا يزال قانون الإيجار فى مصر يسبب أزمة كبيرة بين المالك والمستأجر، فمنذ طرح قانون الإيجار بصيغته الحالية والأزمة مستمرة ذلك بخلاف أن كمية المعروض أقل بكثير من حجم الطلب على الوحدات، كما أن أسعار الوحدات التمليك أصبحت باهظة الثمن ولا يستطيع المواطنون تحمل مبالغها أو أعباءها مما أدى إلى رفع القيمة الإيجارية بصورة مبالغ فيها وأصبح المواطن الفقير لا يجد الوحدة السكنية وإن وجد يكون فى غير مقدوره دفع القيمة الإيجارية بخلاف الزيادة السنوية التى تضاف على الوحدة.



نزلت «السوق العربية» إلى الشارع للوقوف على المشكلة مع المواطنين كما عرضتها على خبراء الإسكان حتى يتسنى لمتخذى القرار حل هذه الأزمة.

فى البداية يقول فتحى حسين «مالك عقار» إن الإيجارات عبارة عن عرض وطلب وكلما زادت كمية المعروض من الوحدات المؤجرة قلت القيمة الإيجارية والعكس بالعكس وأن أسعار الشقق التمليك ارتفعت ارتفاعاً ضخماً فى السنوات الأخيرة ما أدى لرفع القيمة الإيجارية معها.

وأضاف فتحى أن قانون الإيجار لا بد أن يعدل، بحيث يكون هناك توازن بين قيمة الدخل للمواطنين وقيمة الإيجار دون المساس بحق المالك وأيضاً دون العودة إلى القانون القديمة الذى به مساوئ كبيرة ولا بد أن يراعى «الناس الغلابة».

ويضيف خالد مراد «مشرف فنى» ومالك عقار أنه لا بد من التوازن فى القيمة الإيجارية الحالية وأوضح أن مشكلة الإيجار القديم هى القيمة الإيجارية المنخفضة والتى تعتبر مؤجرة «ببلاش» على حد قوله ولا يملك المالك أن يزيد من القيمة ناهيك عن أنها أيضاً تورث للأبناء أو لأحد الأبناء وأن مشكلة الإيجار بالقانون الجديد تكمن فى القيمة الإيجارية العالية وأن أقل قيمة تصل إلى 500 جنيه تقريباً فى المناطق الشعبية والنائية الأمر الذى لا يستقيم مع الشباب الذى لا يستطيع دفع الإيجار وبقية مستلزمات الحياة من راتبه لأن الإيجار يمثل نصف راتبه تقريباً.

مشيراً إلى أنه من المفترض تدخل الاقتصاديين والخبراء الفنيين والقانونيين للوقوف على أسباب المشكلة وكذا طريقة حلها. مؤكداً أن مصر مليئة بالوحدات غير المؤجرة.

واقترح خالد مراد تطبيق قانون الضريبة العقارية بعدالة وسينعكس ذلك على تأجير المزيد من الوحدات التى يفضل البعض من ملاكها إلى تركها خالية بينما لو اضطر لدفع الضريبة عليها فسنجد أنه من الأولى تأجيرها حتى يتسنى له دفع الضريبة.

ويقول أحمد فتحى «صاحب منزل» إن زيادة الـ10٪ لا تمثل قيمة كبيرة بالنسبة للمالك بينما هى صعبة على المستأجر، مشيراً إلى وجوب تدخل الدولة لحماية المواطنين والتوسع فى إنشاء الوحدات السكنية للشباب وبالتقسيط حتى يستطيع الشباب العيش بكرامة.

وفيما يقول محمد عبدالجواد «مستأجر» إن القانون يصب فى مصلحة المالك وأضاف أنه لابد من تعديل القانون وذلك بتخفيض نسبة الإيجارات ونسبة الزيادة السنوية أيضاً.

ويشير حسن عبدالباقى «مستأجر» إلى أن القيمة الإيجارية فى بداية السكن تكون عادلة لكن المالك بعد أول مدة وعند تجديد عقد الإيجار يستغل الساكن فى رفع قيمة الإيجار بصورة كبيرة وذلك لإدراكه بأن الساكن ارتبط بالمكان والمنطقة وأن أبناء الساكن استقروا فى المدارس ويصعب على المستأجر التضحية بمستقبل أولاده ونقلهم كل فترة من مدرسة لأخرى. وأوضح عبد الباقى أنه لابد أن يكون العقد لمدة أطول وليكن عشر سنوات بزيادة حين التجديد من 5 إلى 10٪ على أن تكون عادلة بين الطرفين وأن تكون أولوية التجديد للساكن القديم طالما يحافظ على نسبة الزيادة حتى لا يستطيع المالك ابتزاز المستأجر. وأضاف عبدالباقى أن الدولة غارقة فى مشاكل لا حصر لها ومع أنها صاحبة القرار إلا أنها صدرت الناس لبعضهم البعض كما أنها لا تشعر بالمواطن ولا تعيره اهتماما.

ينقسم المستأجرون فى مصر إلى قسمين، القسم الأول وهو مستأجر إيجار قديم، ومستأجر إيجار جديد.

ويعتبر المستأجر الإيجار القديم هو الشخص المحظوظ الذى استأجر شقة من عشرات السنين بسعر ضئيل الآن، وتكون مدة العقد مفتوح ولا يستطيع صاحب العقار أن يخرجه منها، أو يزيد من قيمة الإيجار المتفق عليه من سنين والذى يكون عادة ضئيلا جدًا نظرًا لانخفاض قيمة الفلوس. أما الإيجار الجديد، فهو القانون الذى ظهر فى عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وقد تم فيه تحديد مدة إيجار الشقة، وقيمة الإيجار التى تزيد كل فترة زمنية.

وأبدى عدد من المواطنين رفضهم لقانون الإيجار الجديد وقانون الإيجار القديم معًا ففى الوقت الذى أعطى فيه قانون الإيجار لقديم كل الحقوق للمستأجر دون أن يراعى المالك فأصبح المستأجر هو صاحب العقار لا يستطيع صاحب العقار أن يسترد عقاره، وأصبح يتلقى مقابلا ضئيلا جدًا نظير قيمة الوحدة او العقار، جاء قانون الإيجار الجديد ليعطى صاحب العقار كل المزايا وأجحف حق المستأجر الذى أصبح يزيد عليه قيمة لإيجار، وأصبح مهددا بالخروج من الشقة ويصبح بلا مأوى بعد فترة زمنية قصيرة إذا اختلف مع المالك، وأصبح فريسة لجشع أصحاب الأملاك.

وقال عاكف عباس أحد المستأجرين طبقًا لقانون الإيجار الجديد، أنه موظف ومتزوج، ويتقاضى راتب 2000 جنيه، ولديه ابنان. وأنه لم يكن يستطيع شراء شقة نظرًا لارتفاع أسعار الشقق، وعندما اقترب موعد زواجه قرر أن يستأجر شقة ليعيش فيها ويكون أسرة. وأوضح عاكف أن سعر إيجار الشقة منذ أن قرر أن يتزوج كان 500 جنيه، وكان ذلك منذ أربع سنوات، مشيرًا إلى أن مدة العقد ثلاث سنوات، وتزيد لتصل فى السنة الثالثة إلى 600 جنيه. وتابع عاكف أنه بعد انتهاء مدة العقد طالب من صاحب العقار أن يجدد العقد، ولكن صاحب العقار طالب أن يكون الإيجار فى العقد الجديد 900 جنيه نظرًا لارتفاع قيمة الإيجارات فى هذه المنطقة، مشيرًا إلى أنه كان أمام خيارين إما أن يستمر فى الشقة أو يتحمل قيمة الإيجار الكبيرة، أو يترك الشقة ويبحث عن أخرى فى منطقة أقل فى المستوى والخدمات وتكون مساحة الشقة أقل حتى يستطيع أن يسدد قيمة الإيجار. وأوضح أنه قرر أن يترك العقار وبالفعل وجد شقة إيجارها أقل ولكن فى منطقة أقل بكثير فى المستوى من المنطقة التى كان يسكن فيها. وأكد عاكف أنه اضطر أن يعمل فى عمل إضافى حتى يستطيع أن يدفع قيمة الإيجار، وانه خائف من أن يرتفع قيمة الإيجارات وألا يستطيع بعد ذلك أن يتحمل قيمة الإيجار ويجد نفسه فى الشارع دون مأوى، هو و أسرته. وطالب عاكف بتعديل قانون الإيجار الجديد، بحيث يكون هناك ضوابط فى زيادة قيمة الإيجار، وألا يكون المستأجر فريسة للمالك، وأن يتحكم فيه ويزيد من الإيجار بدون ضوابط.

وطالب وليد شعبان مستأجر لإحدى الشقق بتعديل قانون الإيجار الجديد، حتى لا يكون المواطن غير القادر فريسة للمالك، فلا بد من وضع ضوابط لكل منطقة بالنسبة إلى تكلفة متر المبانى ويكون الإيجار على هذا الأساس. وأكد شعبان أن القانون لا يعطى الأمان للمستأجر وظالم له، مشيرًا إلى أنه يجب على الحكومة أن تدافع عن المستأجرين، وأن تضع ضوابط لضبط السوق وألا ترتفع الأسعار ارتفاعات جنونية دون مبرر.

وفى المقابل قال أحمد عبدالقادر «مهندس كومبيوتر» و مستأجر لشقة، أن القانون عادل، وأن أسعار الإيجارات طبقًا للعرض والطلب، وأن وضع ضوابط على الإيجار يفتح الباب للفساد، من المسئول عن تقييم سعر الشقة وتحديد سعر الإيجار. وأكد عبدالقادر أن السوق عرض وطلب، وأن كل صاحب عقار مسئول عن تحديد قيمة الإيجار الذى يريده، وأن للمستأجر حرية الموافقة أو الرفض، مشيرًا إلى أن القانون لا يحتاج إلى تعديل، وأن ما يحتاج إلى تعديل هو قانون الإيجار القديم، والذى يظلم الآلاف بل الملايين من المؤجرين، مشيرًا إلى أنه يجب على الحكومة الانتهاء من هذا القانون أولًا قبل الحديث عن قانون الإيجار الجديد.

من جانبه قال المهندس صلاح حجاب عضو لجنة التشييد بالمجلس الأعلى للثقافة إن القيمة الإيجارية للوحدات السكنية تشهد ارتفاعاً ملحوظاً نظراً لزيادة حجم الطلب وانخفاض المعروض منها، مشيراً إلى ضرورة ألا تزيد قيمة الإيجار عن 25٪ من دخل الأسرة حتى لا ينعكس ذلك سلباً على الأحوال المعيشية للأسرة ولا نجد ما تنفقه على الغذاء والكساء والصحة. وأوضح أن هناك حلولا كثيرة يجب على المسئولين النظر فيها وبسرعة لتخفيف العبء من كاهل المواطن ومن هذه الحلول بإمكان بنك التعمير والإسكان القيام بدور الوسيط بين ملاك الوحدات المغلقة والمستأجرين بحيث يتحصل البنك على قيمة الإيجار بدلاً من الملاك، فالإحصاءات تشير إلى أنه يوجد حوالى 3 ملايين شقة مغلقة لم يتم عرضها للإيجار سوف تسهم فى حل المشكلة ولو جزئياً. وأضاف أن الدولة بإمكانها طرح أراضٍ مرفقة على المستثمرين بسعر مناسب الذين بدورهم مكلفين ببيع هذه الوحدات بنظام الإيجار بدلاً من التمليك الذى أصبح يسيطر على حيز كبير من شريحة السوق العقارى المعروضة حالياً، إن الشعب المصرى لم يكن يعرف هذا النظام قبل عام 1970 إلا فى القرى وبعض عواصم المحافظات ولكن تدخل الدولة المستمر فى تحديد القيمة الإيجارية أبعد المطورين عن البناء بنظام الإيجار. وأشار إلى أن طرح وحدات بنظام التمويل العقارى إحدى الأفكار والوسائل المهمة التى يجب وضعها فى الحسبان مع ضرورة الموافقة على إتاحة الفرصة للصندوق بالحصول على أراضٍ وتطويرها وعرض منتجاتها على المواطنين مباشرة دون وسطاء، وحذر حجاب من تدخل الدولة فى تحديد القيمة الإيجارية كما فعلت بالماضى الأمر الذى خلف أزمة الإيجارات القديمة وأصبح لدينا بعض الوحدات فى مدن راقية لا يتجاوز قيمة إيجارها بضعة جنيهات، مضيفاً أن عودة الدولة مرة ثانية لهذا الدور سوف يسهم فى خروج المستثمرين والقطاع الخاص من السوق العقارى واختفاء التأجير والاتجاه نحو التمليك، فضلاً عن سوء توزيع الوحدات السكنية على الأسر المصرية وزيادة عدد الشقق المغلقة وانتشار الإسكان العشوائى مع انخفاض القيمة الإيجارية دون المتعارف عليه وكذلك سوء استغلال الثروة العقارية وعدم الاتزان فى توزيع المساحات السكنية وتجميد الحراك السكانى وزيادة الكثافة المرورية.

وأخيراً فإن هذه المشكلة لن تحل على المدى القريب أو العاجل لأنها تتطلب سياسة إسكانية وإرادة لتنفيذها ومجموعة من الحلول تحتاج إلى وقت بحسب المهندس صلاح حجاب. أما الحكومة فقدت أعادت تصحيح مسار السوق وارتفاع أسعار قيمة الإيجارات إلى آليات السوق وفقاً للمهندسة نفيسة هاشم وكيل وزارة الإسكان لقطاع الإسكان والمرافق، مضيفة أن الدولة تبحث عن حلول عملية لهذه المشكلة منذ وقت طويل ولديها سياسات كثيرة ووجهات نظر مختلفة لحل هذه الأزمة.

وأوضحت أن من بين هذه الحلول تخصيص محور للإيجار فى مشروع الإسكان الاجتماعى «المليون وحدة» التى كانت أعلنت الحكومة عن تنفيذها عقب ثورة 25 يناير مباشرة، مشيرة إلى أن قيمة الإيجار بهذا المحور منخفضة وتتناسب مع دخول معظم المصريين.

وأضافت أن الدولة تخطط لطرح أراضٍ بأسعار منخفضة على المستثمرين بحيث يمكن تطويرها وإعادة طرحها على المواطنين بنظام الإيجار وبسعر مناسب، منوهة إلى أنه إذا حدث توازن فى معادلة المعروض والمطلوب فى السوق العقارى فلن تكون هناك أزمة على الإطلاق وهو ما تسعى إليه الدولة فى الوقت الراهن.

أما المهندس فتح الله فوزى عضو جمعية رجال الأعمال فقد رفض بشدة تدخل الدولة فى تحديد القيمة الإيجارية لما له من نتائج سيئة على السوق ونتج عنه فى الماضى ما يعرف بنظام الإيجارات القديمة ونجد حالياً صراعا بين المالك والمستأجر حيث لا يتحصل المالك على قيمة مناسبة أو مماثلة للمعروض بالسوق العقارى، موضحاً أن ذلك أسهم بشكل مباشر فى إحجام المطورين فى الاستثمار فى العقارات المؤجرة.

واستبعد فكرة عمل قائمة استرشادية للشقق بحسب طبيعة المناطق ومساحات الوحدات ومناطق التمييز، مؤكداً أن العرض والطلب هو الميدان الحقيقى للأسعار.

وطالب الحكومة بضرورة تعديل القوانين التى تعوق ضخ استثمارات كبيرة فى سوق العقارات بما يضمن عرضاً قوياً تتراجع على أثره بالضرورة الأسعار، فضلاً عن طرح أراضٍ بأسعار منخفضة تحقق ربحاً معقولاً للمطورين وتوفر وحدات مناسبة للفقراء ومحدودى الدخل. وأوضح أن القطاع الخاص مستعد أن يبنى وحدات للإيجار شريطة توفير أراضٍ بسعر مناسب وإيجاد حلول لمشكلة ارتفاع أسعار مواد البناء.