السوق العربية المشتركة | السوق العربية فى «قرية الياسمين» مملكة إنتاج العطور فى مصر

السوق العربية المشتركة

الجمعة 15 نوفمبر 2024 - 19:34
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

السوق العربية فى «قرية الياسمين» مملكة إنتاج العطور فى مصر

 



«عطور الشانزليزيه فى «شبرا بالولة» بالغربية»
 
مع بزوغ صباح يوم جديد تستيقظ قرية شبرا بالولة، إحدى قرى مركز قطور محافظة الغربية المعروفة "بمملكة إنتاج العطور فى مصر" والتى تبعد عن عاصمة مصر بـ95 كيلو مترا، حيث يقطن هذه القرية أكثر من 60 ألف نسمة، فتجد أمامك روائح الياسمين القادرة على جذبك اليها بفضل رائحتها العطرة، تستقبلك بترحاب شديد، فهى عاصمة الياسمين كما أطلق عليها كل من ذهب اليها، بداية من شروق يوم جديد من كل عام من شهور جمع زهرة الياسمين، وتبلغ 6 أشهر فى العام ويتمنون أهالى قرية شبرا بالولة، بأن تستمر مدة جمع الياسمين العام بالكامل، لأنها شهور جمع الخير، ولا يوجد عاطل طوال مدة جمع الزهرة فى شبرا بالولة بالكامل من اطفال، وشباب، وشيوخ، ونساء، فيتنقلون بخفة بين أشجار الياسمين، فيقطفون الزهرة ناصعة البياض بحرص شديد ويجمعونها، ومن المفارقات العجيبة ان المصانع الموجودة بالقرية لا تنتج العطور وإنما تنتج "عجينة الياسمين" وتصدر العجينة من المصنع إلى فرنسا، وأمريكا والحكومة تغفل عن تعظيم الاستفادة من "مملكة إنتاج العطور بالعالم" التى تتسبب أراضيها فى إنتاج اشهر عطور «الشانزليزيه بفرنسا» لانها تصدر أكثر من 50% لفرنسا من إنتاج العطور والماركات العالمية.
 
موسم جمع زهرة الياسمين فى «شبرا بالولة» بالغربية
 
موسم الجمع لزهرة الياسمين واقتطافها من على الشجر فرحة لا توصف، يشارك فيها جميع أهالى القرية من شيوخ ونساء وأطفال، يقول المواطن "محمود خلاف" الرجل الخمسينى: نبدأ فى جمع زهرة الياسمين منذ اقتراب الساعة من الثالثة صباحا حتى لا تشتد الشمس على رؤوسنا، وتكون الزهرة ناصعة البياض قبل طلوع الشمس من مشرقها، ويتحدث خلاف لجريدة "السوق العربية" هذه الشجرة إرث لكل من يملك قطعة ارض بالقرية عن والديه وأجداده، لأن شجر الياسمين معمر اذ يعيش الشجر نصف عمر الإنسان تقريبا ما بين الثلاثين عاما والخمسة والثلاثين، فجمع زهرة الياسمين خير يعم على اهالى القرية كافة، حيث يتم حصاده خلال الستة أشهر مع بزوغ شمس كل يوم جديد.
 
«استلام محصول "الياسمين" من العمال والمزارعين»
 
يتحدث إلى جريدة «السوق العربية» عم مكرم، المسؤول عن استلام المحصول من المزارعين، وهو مجرد وسيط بين أصحاب الأرض والمزارعين، ويستظل تحت شجرة برفقته ميزانه الخاص ويقوم بالالتفاف حوله الكثير من المزارعين، من قام بجمع زهرة الياسمين فى الجرادل والبراميل البلاستيكية المعدة لذلك، ويزن عم مكرم حصاد كل شخص على حدة، بواسطة شخص آخر يجلس بجانبه يقوم بتسجيل كل شخص قام بالوزن فى دفتر والكمية التى عمل على جمعها، عندما قمنا بسؤال مكرم عن تكلفة زراعة الياسمين والربح كان رده انا رجل وسيط، بعد أن أجمع الزهرة أعمل على فرشها على طاولة كبيرة من الخشب جيدة التهوية، لكى لا يحدث تلف للزهرة، وتحتفظ بحيوبتها ولا يتغير لونها، فبمجرد اكتمال الطاولة يتم تحميلها على سيارات مخصصة مباشرة متجهة إلى المصنع، الذى يستخرج منها، "عجينة الياسمين" لافتا إلى أن ملامح الفرح تسود على كل وجوه المزارعين، بعد انتهاء وزن ما قاموا بجنيه من ثمار طوال مدة الستة اشهر التى يتمنون طيلة هذه المدة العام بالكامل، علما بأن جنى المحصول من على الشجر اسهل بكثير من المحاصيل الأخرى.
 
«مراحل التصنيع »
 
عجينة الياسمين هى المادة الخام للعطور العالمية، ذكر محمد المحزم الشاب الثلاثينى الذى يعمل بالمصانع داخل القرية بعدما استوقفناه وهو يتجول داخل الزراعة وسط العمال أثناء ذهابه للمصنع، قائلا خطوات التصنيع سهلة إذ نبدأ بغسل الزهرة جيدا ونقوم بوضعها فى أوانٍ كبيرة، ثم يوضع عليها غاز يسمى «الهيكسان» حسب قوله يساعد على عزل الزهرة من الزيت المرجو لعملية التصنيع، وتعرض المادة على أجهزة معنية باستخلاص الزيت بنقاء تام، والمرحلة الأخيرة المعامل الكيميائية التى يتم فيها تحليل المنتج للتحقق من جودته، علما بأن الطن ينتج 2كيلو جرام، منوها بـ"الصعوبات التى يعانون منها فى صناعة العطور"، لأننا على غير دراية كاملة بالسر الذى يحتفظ به الفرنسيون لأنفسهم فى هذه الصناعة، نتمنى من الحكومة مد يد العون إلينا، لكى نكون قادرين على إعداد أفخر العطور لأننا اصبحنا تحت يد المستورد الأجنبى، لجهلنا بصناعة العطور التى تستخرج من أراضينا.
 
«إنتاجية شبرا بالولة من زهرة الياسمين»
 
اوضح محمد عبدالقادر "مزارع" أن إنتاج قرية بالولة يعادل 6 أطنان من زهور الفل والياسمين، ويتراوح سعر الطن من 11 :12 ألف جنيه منوها إلى أن الطن الواحد ينتج من 4:3 كيلو عجينة، والفدان يحتاج إلى 100 شجرة، وتنتج الشجرة من 100:120غراما فى اليوم، أما بالنسبة إلى كيلو العجينة فيصدر بسعر يقارب من 16 ألف دولار، علما بأن الطن محليا لا تتعدى قيمته 15 ألف جنيه.
 
«احتياجات المحصول من خدمات وأسمدة »
 
محصول الياسمين ذو الرائحة العطرة من المحاصيل التى تختلف عن اى نوع اخر من المحاصيل، فخدمته اقل بكثير مقارنة بالمحاصيل الأخرى، إضافة إلى الأسمدة، فمحصول الياسمين يحتاج إلى الرى كل 15يوما فقط، والمغذى دائماً يحتاج إلى رش بجانبه دائما، ثمنه تقريباً 140جنيها للكيلو غرام، فالثلاثة قراريط باحتياج إلى كيلو واحد من المغذى، إضافة إلى استخدام الكيماوى بداية من زراعته، والثلاثة قراريط تحتاج إلى شيكارتين سوبر ونتر، حتى تنضج زهرة الياسمين وتصبح أكثر نضارة وبياضا، ويحتاج المحصول إلى رعاية وتقليم وتسميد تبدأ من شهر سبتمبر حتى شهر مايو من العام القادم.
 
«زراعة الياسمين فى طريقها إلى الانحدار»
 
ذكر المهندس خالد الجرادى.. صاحب أحد المصانع الخاصة بالياسمين، أنه على الرغم من وجود قرية بعراقة شبرا بالولة منفردة بزراعة الياسمين فى مصر، فإن تلك الزراعة فى طريقها إلى الانحدار، لأن المزارع بدأ يسلك طرقا غير شرعية ويلجأ إلى الغش من أجل مضاعفة إنتاجيته، فيقوم بخلط المياه على زهرة الياسمين لزيادة الكمية المتوجهة إلى المصنع أضعافا، فيتم رفض الطلبية تلقائيا من قبل الدولة المستوردة، ذلك بعد أخذ عينة من المنتج وتحليلها للتأكد من خلوه كيميائيا قبل استيراده، مضيفا "الجرادى": ذلك لعدم وعى أهالى القرية بأهمية وقيمة هذه الصناعة، علما بانها تمثل جزءا كبيرا من مصادر الدخل القومى، لأن مصر فى مصاف الدول المتقدمة فى تصدير الياسمين، فلا بد من تسليط الضوء على هذه القرية لأنه يوجد حاليا منافس قوى فى زراعة الياسمين، الا وهى الهند، وذلك يؤثر بالسلب فى مصادر الدخل القومى للدولة المصرية.
 
«النهوض بزهرة "الياسمين" لصناعة أجود العطور العالمية»
 
أشار خبير النباتات أحمد عبدالساتر إلى أن حالة الطقس فى مصر مؤهلة لزراعة نباتات الياسمين والفل ذات الروائح العطرية النفاذة، لأن زراعة الياسمين باحتياج إلى درجة حرارة معتدلة ورطوبة منخفضة وعليه لا يجوز زراعته فى جنوب صعيد مصر بصفة خاصة، وأضاف صناعة العطور فى فرنسا اعتمادها على المادة الخام المنتقاة من زهرة الياسمين بمصر، فلابد من تطوير الصناعة والارتقاء بها، فعطر الياسمين يعد جزءا من زيوت أخرى تأتى من الخارج خاصة من الهند، لذلك نحن نمتلك جزءا من خلطة العطور، ولفت "عبدالساتر" إلى أنه لابد من وجود حلول للغش التجارى وزيادة الوعى لدى المزارعين لأن المزارع يدمر الصناعة بشكل واضح دون وعى، فصناعة العطور تعتمد على السمعة، فلابد من وجود ماكينات حديثة بدلا من الأيدى العاملة أو وضع ضابط يحكم هذه الصناعة من خلال الأيدى العاملة، وعدم خلط الياسمين بالماء والعمل بسياسة الثواب والعقاب لمن يخطئ، ووضع أجر مناسب للعامل لكى لا يجد وسيلة للغش والتلاعب بأجود النباتات التى تصنع منها أجود أنواع عطور الشانزليزيه بفرنسا.