التفاخر بين العائلات وتقليد المجتمعات المترفه أحد الأسباب المهمة للإسراف الاستهلاكى خلال شهر رمضان
12:10 ص - الأربعاء 30 مايو 2018
بقدوم شهر رمضان يتزايد معدل استهلاك المصريين من الطعام والشراب بصورة ملحوظة ، حيث تشير التقارير إلى أن حجم الاستهلاك يرتفع في بداية الشهر ويبدأ بالانخفاض تدريجيًا بنهايته واعتادت الأسر المصرية على البذخ والإسراف في شراء احتياجاتهم من السلع الغذائية خلال رمضان، وهو الأمر الذي يساهم بشكل كبير في حدوث ارتفاعات بالأسعار بنسب تتراوح ما بين نحو 10 و 30% خاصة لسلع الدواجن واللحوم والخضراوات ومنذ أن اتخذت الحكومة قرار تعويم الجنيه المصري، وبدأت مستويات معيشة بعض المواطنين في التراجع، نظرًا لحدوث فجوة كبيرة بين الدخول وأسعار السلع.حيث يقومون بشراء السلع خصوصاً تلك التي يسمونها بالسلع الرمضانية وما يتبعه من مناسبات دينية كعيد الفطر المبارك، والقرب من عيد الأضحى، مما يدخل الأسرة في حلة من عدم التوازن.. كما أن الكثير من أصحاب الدخل المحدود يلجأون للاقتراض لتلبية هذه المتطلبات. ورغم كل هذا فالكل يحرص على شراء مستلزمات رمضان قبل أن يبدأ وقد صار رمضان شهرًا استهلاكيا في كل شيء، فحتى الدول التي تعاني من ظروف اقتصادية صعبة تحرص الأسر على توفير احتياجات هذا الشهر.
الطب يحزر من السفه الاستهلاكي
ورغم أن ظاهرة السفه الاستهلاكي في عالمنا الإسلامي لم تعد ظاهرة رمضانية فحسب وأنها موجودة طوال شهور السنة كما تؤكد التقارير الاقتصادية والظواهر الحياتية، إلا أن السفه في التعامل مع الطعام والشراب في رمضان.
كما يقول دكتور الجهاز الهضمي محمود راضي أصبح سلوكاً مستفزاً لا يتفق أبداً مع السلوك الصحي السوي الذي ينصح به الأطباء ويؤكد عليه علماء ودعاة الإسلام، حيث جاء الدين الإسلامي بتوجيهات دينية مهمة لها فوائدها الصحية.
ويضيف قائلاً: نحن الأطباء نعتبر الإسراف في الطعام والشراب خلال شهر رمضان «كارثة صحية» تجلب للإنسان كثيراً من المشكلات والأزمات، فبدلاً من أن يكون شهر الصوم فرصة سنوية للتخلص من كثير من الأمراض والتخلص من السمنة القاتلة للإنسان، أصبح موسماً سنوياً لجلب المزيد من الأمراض بسبب السلوك الخاطىء لكثير من الصائمين من الرجال والنساء.
لذلك ينصح أستاذ طب الجهاز الهضمي والكبد بضرورة الاعتدال في تناول الطعام والشراب وتجنب الوجبات الدسمة، وبكثرة الحركة بعد تناول طعام الإفطار تحديداً، والانشغال بالصلاة بعد تناول الوجبات، لأن كثرة الحركة تساعد على هضم الطعام، وعدم إصابة الصائم بالخمول والتخمة.
ويرى الدكتور محمود راضي أن الزوجة بحكم واجباتها ومسئولياتها داخل الأسرة تتحمل مسئولية كبيرة في ارتفاع معدلات استهلاك الطعام في رمضان لأنها هي التي تقوم بإعداد الطعام أو تشرف عليه، إذا كان عندها من يساعدها في المنزل، وهي غالباً التي تتولى الإنفاق على الطعام والشراب، وبإمكان الزوجة العاقلة أن تلبي رغبات الزوج والأبناء دون إسراف، بمعنى أن تعد لهم ما يحتاجونه لكن دون مغالاة.
ويرى أن علماء ودعاة الإسلام عليهم مسئولية كبيرة في توجيه الجماهير إلى السلوك الراشد خلال شهر رمضان، وعليهم أن يحذروهم من آفة التقليد والمحاكاة للآخرين دون وعي، فالإنسان مطالب شرعاً أن يتعامل مع نعم الله بوعي وحكمة في ضوء توجيهات دينه ونصائح الأطباء، وهو وإن كان دينه يحثه على الكرم والجود في رمضان وغيره من الشهور فلابد أن يكون ذلك في حدود الاعتدال.
تقليد اعمي في الإسراف
أوضح دكتور علم الاجتماع محمود محمد الحذر من تقليد المجتمعات المترفة ذات النمط الاستهلاكي الشره المترف، حكمة اقتصادية ذات يوم أوقف أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ابنه عبدالله، رضي الله عنهما، وسأله الى اين تذهب ؟ فقال عبدالله؛ للسوق، وبرر ذلك بقوله؛ لأشتري لحماً اشتهيته، فقال له الفاروق؛ أكلما اشتهيت شيئاً اشتريته. إنها حكمة اقتصادية خالدة وقاعدة استهلاكية رشيدة، خصوصاً ونحن نشهد في أيامنا هذه سباقاً محموماً يترافق معه أساليب تسويقية جديدة وأساليب إعلانية مثيرة ووسائل إعلامية جذابة.. وأقول لأختي المرأة المسلمة، ينبغي عليك عندما تشعرين بأن حافز الإنفاق يدفعك إلى مزيد من الإسراف والتبذير والتسوق والشراء والشراهة الاستهلاكية، اتباع الخطوات التالية: تمهلي قليلاً قبل أن تخرجي نقودك واسألي نفسك إن كان هذا الشعور حقيقياً أم انفعالياً، احرصي على ألا تشتري محبة الآخرين بالهدايا أو تقليدهم ومحاكاتهم بالإنفاق المفرط. اسألي نفسك قبل الشراء إذا كان بالإمكان شراء ما هو أفضل من هذا الشيء إذا أتيحت فرصة عرض سعري أفضل. وختام القول؛ فإننا لو جمعنا كل ما ننفق على الأمور التافهة في صندوق، ثم وجهنا هذا المال للقضاء على أسباب المآسي من حياة الناس لصلحت الأرض وطاب العيش فيها.
ويؤكد أن محاكاة الأسر بعضها لبعض فيما يتعلق بولائم رمضان هو الذي يؤدي إلى زيادة الاستهلاك، فوليمة رمضان لم تعد في إطار الاعتدال، بل أصبحت وسيلة للتفاخر والتباهي؛ حيث تتلاقى فيها كل أشكال الطعام والشراب، وما نأكله ونشربه منه قليل للغاية ويكون مصير هذا الطعام في الغالب صناديق القمامة، وهو أمر محزن لأن كل مجتمع إسلامي فيه فقراء لا يجدون ما يفي بحاجتهم من الطعام والشراب، وعلينا أن نغلف ما تبقى من الموائد مما لم تعبث به الأيدي ونوزعه على الفقراء ليكون أحد أشكال الصدقة التي نتقرب بها إلى الخالق سبحانه، كما نحمي أنفسنا من عقاب الخالق الذي سيحاسبنا حتماً على إلقاء هذه النعم في صناديق القمامة.
توعية النساء بعدم الإسراف
وتقول د. نجاح التلاوي مسئولة المرأة بالمنيا: ان المرأة هي المسئول الأول عن الإنفاق المضاعف على الطعام والشراب في رمضان، وتؤكد أن الزوجة الرشيدة هي التي تضبط سلوك زوجها الإنفاقي في رمضان، وتستطيع كل زوجة أن تشكل وتنوع في مائدة رمضان في حدود حاجة الأسرة، فالإنسان في رمضان لن يأكل أكثر من طاقته، ولو أكل أكثر من حاجته سيمرض ولن يستطيع إكمال ما عليه من واجبات حياتية وعبادات وطاعات اختص الله بها الشهر الكريم ولذلك يجب على الزوجة ألا تصنع من الطعام أكثر من الحاجة وتقدم لأفراد الأسرة احتياجاتهم الغذائية بشكل جيد دون إسراف، وما يتبقى من الطعام تستطيع أن تحفظه بطريقتها وتقدمه في اليوم أو الأيام التالية بشكل مختلف دون أن تشعرهم بأن هذا متبقي من طعام أيام سابقة كما أن هذه المرأة الرشيدة تضبط السلوك الإنفاقي للأسرة فى رمضان، فلا تطلب طعاماً من خارج البيت إلا عند الضرورة، وتصنع هي بنفسها ما يحتاجه زوجها وأولادها، وتصنيع الطعام في المنزل يوفر أكثر عما ندفعه فيه خارج المنزل، كما أنها لا ينبغي أن تطلب من زوجها ولا تشترى من المتاجر والمحال التجارية أكثر مما تحتاج إليه.
ولابد من نشـــر الوعــــي الدينـــــي والاقتصادي والصحي بين النســـــاء كفيـــــل بترشـــيــــد الاستهلاك وبالإضافة إلى ذلك تحرص سيدة المنزل الرشيدة على إعداد موائد طعام جيدة، ولا تجنح إلى التفاخر بالإسراف أمام ضيوفها، وتهتم بالنوع أكثر من انشغالها بالكم، فتقدم لضيوفها طعاماً جذاباً يجد عندهم القبول والرضا في حدود احتياجاتهم الفعلية.
كما أكدت ضرورة تربية الصغار على احترام الطعام في رمضان، لأن معظم ما يهدر من الطعام هو ما يتبقى في أطباق الأطفال، وهذه مسئولية الأم بالدرجة الأولى حيث ينبغي أن تعلم كل أم صغارها على كيفية احترام الطعام وعدم العبث به وعدم الأخذ منه أكثر مما يحتاج إليه، حيث تشير دراسات طبية عديدة إلى أن الأمهات هن المسئولات عن حالة السمنة التي يعاني منها أطفالهن.
اقتصاديون يحذرون من الإسراف
ويقول احمد امين خبير اقتصادي: يتزايد إخضاع المشاعر الدينية للاستغلال كوسيلة من وسائل توسيع السوق، بل وأحياناً لترويج أكثر السلع بعداً عن الدين.. وعليه، فإننا نؤكد على أن مفتاح حل الأزمات الحقيقي إنما يكمن في التربية الاستهلاكية.. إن شهر رمضان هو محاولة لصياغة نمط استهلاكي رشيد وعملية تدريب مكثف تستغرق شهراً واحداً يشعر فيها الإنسان أن بإمكانه أن يعيش بإلغاء استهلاك بعض الحاجات في حياته اليومية ولساعات طويلة كل يوم، إنه محاولة تربوية لكسر النهم الاستهلاكي الذي أجمع علماء الاجتماع وعلماء النفس على أنه حالة مرضية.. وهنا نذكر بعض المعالجات التي يمكن من خلالها التصدي للشراهة الاستهلاكية أو التخفيف من حدتها فيما يلي: ينبغي التخلص من القيم الاستهلاكية السيئة حتى لا يتسبب الاستهلاك الترفي في الفقر، إذ باستمراره تضيع موارد الأسرة.. كبح رغباتنا العاطفية المتعلقة بالشراء والاستهلاك على مستوى الأطفال والنساء والأسر.
يؤكد هو الآخر ضرورة التوعية الشرعية والاقتصادية والصحية بمخاطر السفه الاستهلاكي الذي يرتبط بشهر الصوم والعبادة.
وعن دعوات ترشيد الإنفاق في رمضان وخاصة الإنفاق على الطعام والشراب و رمضان شهر كرم وجود وتواصل أسري واجتماعي، ولذلك نرحب بموائد الإفطار الأسرية وما تحرص عليه كثير من الأسر العربية من تبادل الزيارات خلال هذا الشهر الكريم، لأنها مظهر طيب من مظاهر الترابط الاجتماعي التي ينميها فينا شهر رمضان المبارك، وكل ما يقوي الصلة بين المسلمين، سواء أكانوا أقارب أم أصدقاء أم زملاء عمل أم جيران، مطلوب ومشروع، لكن نؤكد على ضرورة الالتزام بالآداب والأخلاقيات الإسلامية خلال هذه التجمعات بمعنى أن نتجنب الاختلاط بين الرجال والنساء والشباب والفتيات والذي يجر إلى كثير من الرذائل المنهي عنها شرعاً في رمضان وفي غير رمضان، كما ننصح الأسر التي تحرص على هذه الموائد الجماعية بالبعد عن مظاهر الإسراف في الطعام والشراب، فإكرام الضيف مطلوب لكن إهدار نعم الله معصية وإثم، فبعض الأسر تتفاخر وتتباهى بإعداد أطعمة كثيرة ومتنوعة وتذهب معظمها إلى صناديق القمامة وهذا أمر يرفضه الإسلام، وإكرام الضيف ليس بكثرة الطعام والشراب الذي يقدم له، ولكن الإكرام الحقيقي بالحفاوة به، وإحاطته بكل مشاعر المودة والمحبة وإشعاره بأن الجميع يرحب به ويرغب في تكرار زيارته.
وتوضح الدكتورة سعاد الديب عضو مجلس إدارة الاتحاد العربي للمستهلك ورئيس الجمعية الإعلامية لحماية المستهلك أن استهلاك المصريين للسلع الغذائية في شهر رمضان يتضاعف إلى 3 أمثال الشهور الأخرى؛ نظرًا لاعتقادنا أنه شهر إسراف في المائدة وزيادة الطلبات على سلع الطعام، مؤكدةً أنه لو تم تبني مبدأ الاعتدال وعدم الإسراف خاصةً مع الزيادة الملحوظة في الأسعار، فمن الممكن أن يقل معدل الاستهلاك إلى النصف تقريبًا.
وتبين أن ثلث ما يشتريه المصريون من السلع الغذائية في رمضان كالسكر والأرز، والمكرونة، وغيرها يتم إهداره وإلقاؤه في مقالب القمامة؛ لأنهم يصنعون أطعمةً وحلوياتٍ تزيد عن احتياجاتهم، وبسبب الظروف الجوية تفسد وتُلقى في القمامة، مطالبةً المرأة المصرية المسئولة عن المطبخ بأن تقلل الكميات المستخدمة لإعداد الطعام لتقليل نسبة الإهدار.
كما يشير محمد شرف نائب رئيس شعبة القصابين بغرفة تجارة القاهرة الى ان استهلاك اللحوم فى رمضان يتضاعف فى الوقت الذى انخفضت فيه الكميات المستوردة بعد تحرير قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية، بل ان الانتاج المحلى يكفى 30% من الاستهلاك فقط بينما تستورد النسبة الباقية من الخارج وقد ترتب على ارتفاع اسعار العلف وانتشار مرض الحمى القلاعية نفوق إعداد كبيرة من الماشية كان من.. نتيجتها ارتفاع اسعار اللحوم بشكل حاد لقلة المعروض منها.
ويضيف ان المصريين اعتادوا على التبذير والبذخ فى الموائد الرمضانية حتى ان 40% من المأكولات خاصة فى موائد الرحمن تلقى فى تلال الزبالة للكلاب والقطط الضالة لكنه يعتقد أن موجة التراجع الملحوظ فى مستويات الدخول لغالبية المصريين بعد الموجات التضخمية المتتالية التى تشهدها اسعار السلع فى الاسواق سيجبر المصريين على الترشيد مؤكداً ان سلاح المقاطعة ضد التجار لن يكون له صدى فى رمضان لزيادة الاستهلاك وندرة المعروض من اللحوم وتراجع حجم الاستيراد.
يؤكد محمد شكرى رئيس غرفة الصناعات الغذائية السابق ان شهر رمضان يشهد اعلى معدلات استهلاك للحلوى خاصة الرمضانية ويصاحب ذلك ارتفاع كميات السكر المستهلكة والزيوت النباتية والحيوانية وكذلك منتجات الألبان خاصة الزبادى والجبن حيث تصل المنتجات المستهلكة من الجبن اكثر من 100 ألف طن فى هذا الشهر بل ان استهلاك الزبادى يتعدى الـ200% من حجم الاستهلاك فى الأشهر العادية وبالطبع فإن هذا الطلب المتزايد تترتب عليه زيادة الاسعار خاصة ان كميات الألبان المنتجة محلياً لا تكفى سوى بنسبة 50% من الاستهلاك وتعوض النسبة الاخرى من اللبن البودرة المستورد من دول اوروبا والذى ارتفعت أسعاره ايضاً بسبب تراجع قيمة الجنيه بعد تحرير سعر الصرف
يقول احمد عبدالوهاب رئيس شركة الاسكندرية للزيوت والصابون: ان استهلاك المصريين من الزيوت النباتية 900 ألف طن سنوياً من زيت عُبَّاد الشمس والصويا إضافة الي1،2 مليون طن من زيت الذرة والأولين، مؤكداً ان معدل الاستهلاك فى رمضان يزيد بنسبة 30% عن باقى شهور العام اى 65 ألف طن بينما فى الشهور العادية بمعدل 50 الف طن شهرياً.. مشيراً إلى ان الحكومة استطاعت توفير كل الكميات التى تحتاجها البطاقات التموينية فى مخازن الشركات العامة باسعار مدعمة اما زيت الذرة والأولين، فهى منتجات تطرحها الشركات الاستثمارية وتخضع للعرض والطلب واسعار الدولار فى الاسواق وبالطبع كلما زاد الطلب ترتفع اسعار السلع المعروضة.
رأى الدين في الاسراف والحل الفوري
شريعتنا وضعت منهجاً معتدلاً في الإنفاق يرفض كلاً من التقتير والإسراف ومن هنا يجب على كل مسلم أن يتوقف عن السفه الاستهلاكي في رمضان وفي غير رمضان، وأن يعلم أن دينه هو دين الاعتدال في كل شيء، يحرم التقتير كما يحرم الإسراف لأن كلاهما ظلم للنفس وتحطيم لقدراتها، وإن اختلفت الوسيلة، فعلى المسلم إذن أن يتجنب الإسراف في شتى صوره؛ في المأكل، والملبس، والمشرب، والترفيه، وسائر الأغراض المشروعة، لأن الإسراف يعني تبديد الموارد وإضاعة الثروات في ما لا يفيد.. وقد سجلت دراسات كثيرة أن المواطن العربي ينفق معظم دخله على الطعام والشراب ووسائل الترفيه مما يعني تراجع معدلات الادخار وربما الاستدانة في بعض الأسر من أجل الوفاء بالالتزامات الحياتية؛ ومعظمها استهلاكية.
وهذا ما يؤكده الشيخ صبري عبادة، مستشار وزارة الأوقاف المصرية ضرورة نشر الوعي الديني والاقتصادي والصحي بخطورة الإسراف والسفه الاستهلاكي عن طريق خطباء المساجد قبل رمضان وطوال الشهر الفضيل، ويؤكد أن خطباء وزارة الأوقاف المصرية وعددهم يزيد على 85 ألف خطيب سوف يشاركون حتماً في حملة نشر الوعي الديني قبل رمضان، وسوف تصل أصواتهم إلى السيدات في المنازل لأن الترشيد الاستهلاكي يبدأ من سلوك المرأة المسلمة التي تتولى في الغالب مسئولية التفكير في احتياجات رمضان وما تنفقه الأسرة طوال الشهر الكريم، وكلما كان سلوك المرأة رشيداً كلما كانت نفقات الأسرة على الطعام والشراب عند حد الاعتدال.
الشيخ صبرى عبادة: خطباء المساجد عليهم دور كبير في توعية الجماهير بمخاطر الإسراف
ويطالب الشيخ عبادة وسائل الإعلام وخاصة الفضائيات وما تقدمه من برامج متنوعة وخاصة برامج إعداد الطعام بأن تهتم كثيراً بتوعية السيدات بالسلوك المعتدل لأن تأثير الطباخين «الشيفات» على سلوك المرأة أكثر من تأثير الدعاة والمفتين في البرامج الدينية.
ويعبر الشيخ عبادة عن أسفه لارتباط ظاهرة السفه الاستهلاكي للطعام والشراب بشهر كريم من المفترض أن يقل استهلاكنا فيه بمعدل الثلث، فنحن في رمضان نتناول وجبتين يومياً، بينما في بقية شهور السنة نتناول ثلاث وجبات يومياً، أي أننا في رمضان نوفر وجبة يومية، فكيف يزيد استهلاكنا في رمضان من الطعام والشراب عنه في غير رمضان؟
ويضيف الشيخ عبادة قائلاً: التوعية بضرورة ترشيد الاستهلاك في رمضان ينبغي أن تبدأ قبل قدوم رمضان بشهر وربما أكثر حيث تنشغل كثير من الأسر بجمع كل صنوف الطعام لاستهلاكه في رمضان ربما خوفاً من زيادة الأسعار، وربما خوفاً من عدم وجود نقود في رمضان تفي بالمطالب الكثيرة التي تشغل الأسر قبل رمضان ومع التزامات عيد الفطر المبارك.
وهنا ينبه الشيخ صبري عبادة إلى ضرورة أن تكون للتوجيهات الصحية دور في ترشيد الاستهلاك، ويقول: لدى الأطباء الكثير والكثير من الحقائق الصحية التي تفيد في هذا المجال، فكثرة الطعام خلال ساعات الإفطار في رمضان تسبب للإنسان مشكلات صحية كثيرة، كما أن الأطعمة الدسمة وغير الصحية تسبب مشكلات أكثر، وهنا ينبغي أن نركز على التوجيهات النبوية التي لا يخالفها بحال ما حققه الطب الحديث والتي ترشد المسلم إلى السلوك الصحي في تناول الطعام والشراب، وهي كثيرة ومتنوعة وتكشف عن إعجاز نبوي حيث تؤكدها حقائق الطب الحديث.
ويحث الشيخ ابراهيم جمعه أهل الخير من القادرين على إعداد طعام الإفطار في رمضان للفقراء وعابري السبيل من خلال موائد الإفطار في كل البلدان العربية والإسلامية، ويؤكد أن هذه الظاهرة الطيبة مطلوبة شرعاً، فإطعام الطعام من أفضل الأعمال، والله عز وجل يقول في شأن المؤمنين المخلصين الصادقين في إيمانهم (ويطعمون الطعام علي حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً. إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً) الإنسان 8-9، ورسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول: «أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام» (قال الإمام النووي في الرياض 1/279 قال الترمذي حديث حسن صحيح). ويقول صلى الله عليه وسلم: «ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به» رواه البزار والطبراني بإسناد حسن. وقد أوصي صلى الله عليه وسلم بإكرام الضيف وعده من علامات الإيمان فقال: « عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرًا أو ليصمت، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليكرم ضيفه» (رواه البخاري، ومسلم).