السوق العربية المشتركة | رفع سعر الفائدة وقيود تحويلات النقد الأجنبى للخارج تحديات جديدة تواجه الاستثمار فى مصر

السوق العربية المشتركة

السبت 16 نوفمبر 2024 - 00:33
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

رفع سعر الفائدة وقيود تحويلات النقد الأجنبى للخارج تحديات جديدة تواجه الاستثمار فى مصر

محافظ البنك المركزي
محافظ البنك المركزي

رفع سعر الفائدة وقيود تحويلات النقد الأجنبى للخارج تحديات جديدة تواجه الاستثمار فى مصر



اصدر البنك المركزى مؤخرا عددا من القرارات التى إن دلت على شىء فهى تدل على استقرار السياسة النقدية بالبنك المركزى وكانت هذه القرارات رسالة لكل المستثمرين بالداخل والخارج باستقرار سعر الصرف كما أنها شهادة ثقة فى الاقتصاد المصرى لتساهم فى جذب الاستثمارات.

ورصدت جريدة «السوق العربية المشتركة» فى هذا التقرير تداعيات قرارات المركزى ومدى تأثر المستثمرين بتلك القرارات حيث اكد بعض الخبراء ان قرار رفع سعر الصرف سيكون له تأثير سلبى على المستثمرين، فيما اكد جانب اخر ان هذا القرار إجراء ايجابى ومهم، بينما قرار رفع قيود تحويلات النقد الاجنبى للخارج اعتبره البعض رسالة للمستثمرين كما انه يعزز الثقة فى الاقتصاد المصرى

فى البداية قال عمرو عصمت، الخبير المصرفى: إن قرار رفع سعر الفائدة سيؤثر سلبا على المستثمرين سواء الجدد أو القدامى، وارجع ذلك إلى ان رفع سعر الفائدة فى زيادة تكاليف الإنتاج مع انكماش السوق وضعف الطلب لارتفاع نسبة التضخم لنسب غير مسبوقة، مضيفاً: لا اعتقد استمرار سعر الفائدة الحالى طويلاً، ولكن لحين تخفيضه سيحجم اغلب المستثمرين عن التوسع فى مشروعاتهم أو القيام بمشروعات جديدة مع تراجع مستوى الاقتراض من البنوك.

وأضاف ان ارتفاع أسعار الفائدة على المستثمرين يجعلهم يرفعون الأسعا على المستهلكين، لكن المشكلة الحقيقية ان المنتجات اذا ارتفعت أسعارها لا تتراجع مع تراجع أسعار الفائدة.

واكد عمرو عصمت ان رفع القيود على تحويلات النقد الأجنبى للخارج يعتبر إجراء إيجابيا ويعكس تحسن السياسات النقدية التى يتبعها البنك المركزى.

وتابع ان رفع القيود على تحويلات النقد الاجنبى للخارج إجراء مهم جدا فى خطة الإصلاح المالى والاقتصادى ويعزز الثقة والاطمئنان فى الاقتصاد المصرى ويساهم فى جذب الاستثمارات الأجنبية وتحويلات المصريين فى الخارج وبالبورصة المصرية، وذلك للاطمئنان بإمكانية تحويل العملات الأجنبية للخارج فى حال الاحتياج لذلك أو تحويل الأرباح مع وضع الضوابط الرقابية اللازمة.

واوضح ان القرار جاء فى توقيت مناسب، متواكبا مع إقرار قانون الاستثمار الجديد والذى نامل ان يكون دافع لزيادة الاستثمارات الأجنبية فى مصر فى ظل حرية دخول وخروج أموال المستثمرين وتنشيط البورصة المصرية.

لكن من جهة أخرى لابد من وضع بعض الضوابط لمنع سحب الدولار بعشوائية مثل تقديم مستندات تثبت قانونية المصدر أو سابق تحويلها إلى مصر لضمان عدم تهريب النقد الأجنبى.

وتابع: يعتبر هذا القرار شهادة ثقة فى السياسات النقدية التى يتبعها البنك المركزى المصرى ونأمل منه إصدار المزيد من القرارات التى تساهم فى استقرار الأوضاع الاقتصادية وتحسين قيمة الجنيه المصرى.

من جانبه قال عز الدين حسانين ان القرار خطوة ممتازة وذكية من البنك المركزى فكثيرا ما نادينا به، إلا إن موارد الدولار بالبنوك كانت شحيحة، والاحتياطى النقدى الاجنبى كان رصيده يتآكل باستمرار وبدون وجود موارد مستدامة من الدولار من الأنشطة الرئيسية مثل السياحة والتصدير والاستثمارات الأجنبية كلها عوامل كانت تساهم بضرورة وضع حد أقصى للتحويلات بالدولار أو ما يعادلها من العملات الأجنبية للخارج حتى لا يتم استنزاف الدولار من البنوك ومن الاحتياطى النقدى الاجنبى بالبنك المركزى.

وتابع انه بالتأكيد بعد قرار المركزى برفع القيود عن التحويلات للخارج سيزيد الطلب نسبيا على هذه التحويلات خصوصا لبعض عملاء الاستيراد من التجار والصناع وللأنشطة التعليمية والسياحية وسماسرة العقارات وهواة شراء العقارات بالخارج، وسيحد منها ان سعر الدولار مرتفع ومستقر منذ شهور عند مستوى ١٨جم فى البنوك وفى السوق السوداء، فالخطوة ذكية من البنك المركزى لانه وبسبب ارتفاع سعر الصرف للدولار امام الجنيه فإن رفع القيود عن التحويلات لن يزيد من التحويلات الخارجية بشكل كبير ولن يؤثر على رصيد الاحتياطى النقدى الاجنبى بالمركزى ولن يؤثر فى ارصدة البنوك الدولارية حاليا، وهى رسالة من البنك المركزى للمستثمرين بالخارج باستقرار السياسة النقدية واستقرار سعر الصرف، ما قد يساهم فى طمأنة المستثمرين بالخارج لتحويل اموالهم للداخل بسهولة وبسعر صرف مستقر، وطمأنة المستثمرين بالداخل بان تحويل أرباحهم وأموالهم بالعملة الأجنبية للخارج اصبح سهلا وميسرا وبأى كميات، وأيضا ستحفز هذه الخطوة العاملين بالخارج لزيادة تحويلاتهم عبر البنوك واستبدالها داخل البنوك لتعادل سعرى الصرف داخل البنوك وخارجها.

وأوضح ربما تساهم هذه الخطوة فى زيادة التحويلات من المستثمرين فى أدوات الدين الحكومية بسبب استقرار سعر الصرف نسبيا وعند سعر مناسب جدا ومربح للمستثمرين الأجانب وفى المقابل طمأنتهم بان أموالهم يستطيعون تحويلها بسهولة وبدون حد أقصى للخارج.

لن يساهم هذا القرار فى أى ضغوط على البنوك، لأن سعر الصرف المرتفع للدولار حاليا أمام الجنيه سيحد من الطلب على التحويل للخارج لأغراض السياحة أو الاستيراد من الخارج أو لاى اغراض اخرى، فالبنوك اصبحت سوق صرافة قوية تستطيع فى اى وقت شراء الدولار من السوق بالسعر المناسب والمنافس وتدبير احتياجات عملائها بسهولة، وحاليا السوق السوداء تشهد ركودا بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار وتوقف العديد من المستوردين عن طلب الدولار المرتفع وحاليا تعرض الصرافة بيع الدولار بأقل من سعر البيع بالبنك ولا تجد الطلب عليه.

وتابع ان قرار المركزى رفع الفائدة بواقع ٢٪‏ هو قرار يستهدف منه المركزى اهدافا مالية ونقدية منها توقع موجة من ارتفاع فى الاسعار خلال الاشهر القادمة مدفوعة بارتفاعات جديدة فى اسعار بعض الخدمات الحكومية مثل الكهرباء والمياه مما سيكون له اثر تضخمى جديد ورفع الفائدة حاليا محاولة لامتصاص الاثار السلبية المتوقعة عن موجة ارتفاع الاسعار القادمة، فهى بمثابة ضربة استباقية من المركزى لمواجهة التضخم، الا اننى ارى ان رفع الفائدة غير مناسب فى الفترة الحالية لأن التضخم الحالى والقادم ليس سببه زيادة المعروض النقدى بل سببه تعويم الجنيه وقرارات الحكومة من تحريك أسعار الطاقة وضريبة القيمة المضافة بخلاف جشع التجار، فعلاج التضخم برفع سعر الفائدة حاليا غير مناسب ولا يتناسب مع تآكل القيمة الشرائية للنقود وانخفاض القوة الشرائية للمواطنين، فاذا كان صندوق النقد الدولى قد توافق مع البنك المركزى على رفع الفائدة لمواجهة التضخم الحالى والمتوقع زيادته خلال الفترة القادمة انما هو تطبيق نظرى بحت ولا يمت للواقع الذى يشهد تناقص السيولة فى الأسواق وليس زيادتها، ولا شك ان تأثير رفع الفائدة إيجابى لأصحاب ودائع القطاع العائلى وحماية المدخرات المحلية من تآكلها بسبب التضخم ولكن له تأثيرا سلبيا على الاستثمار والاقتراض من البنوك، فالمستثمرون سوف يتأثرون سلبا برفع فأئده الاقتراض على الأرصدة المدينة المستخدمة والقائمة حاليا لدى البنوك ومستحقة على المستثمرين فسوف تزداد تكلفة الاقتراض القائم والتى تعتبر تكلفة ثابتة ستزيد من تكلفة الإنتاج وستساهم فى زيادة جديدة فى أسعار المنتجات المحلية وستنتقل العدوى إلى جميع أسعار السلع والخدمات، اما الاقتراض الجديد فسوف يتوقف حتما، والبنوك لن تضار من رفع الفائدة لأن الحكومة ممثلة فى وزارة المالية سوف تقترض السيولة المتاحة بالبنوك عن طريق إصدارات اذون الخزانة والسندات الحكومية التى سيزيد العائد عليها بالتبعية، وستتضرر الحكومة وموازناتها عن طريق زيادة الدين العام المحلى من خلال زيادة حجم أعباء الدين المحلى التى ستزداد بفعل زيادة فائدة أدوات الدين الحكومية وبالتالى سيزداد عجز الموازنة بالتبعية، ولا شك ان القيمة الشرائية للجنيه أيضا ستتأثر سلبا وستنخفض ولكن دون تأثير واضح على سعر الصرف أمام الدولار الذى سيستقر عند مستوى من ١٦ إلى ١٨ جنيها حتى نهاية العام. من جانبه اكد هانى أبوالفتوح الخبير المصرفى قرار لجنة السياسات فى البنك المركزى رفع سعر أسعار الفائدة 200 نقطة أساس سوف يكون له بعض التداعيات على الاستثمار والاقتراض من البنوك. فعلى الرغم من ارتفاع تكلفة الإنتاج فى الشهور ما بعد تعويم الجنيه، من المتوقع أن تتأثر الأسعار مرة اخرى بالتكاليف الإضافية المرتبطة بارتفاع سعر الفائدة والتمويل والتى سيتحملها المنتجون ويمرروها إلى المستهلك. من الناحية العملية تأثير رفع البنك المركزى للفائدة سوف يرفع تكلفة الأموال لدى البنوك ولكن ليس بنفس الدرجة فى كل البنوك. لأن لدى البنوك أوعية ادخاريه تكلفتها ضئيلة وأخرى بدون تكلفة، فتكلفة الأموال تكون باحتساب متوسط التكلفة على جميع الأوعية الادخارية لدى البنوك.

ومن المعلوم أن البنوك تستثمر فى أدوات الدين الحكومية بعوائد تفوق 20%. ربما يكون الأفضل للبنوك ألا ترفع اسعار الفائدة المدينة على القروض بنفس النسبة التى رفعها البنك المركزى، وتعوض الفروق من متوسط تكلفة الأموال على الودائع بمختلف أنواعها مع الأخذ بعين الاعتبار ربحيتها الوفيرة من الاستثمار فى أدوات الدين الحكومية. بالطبع لا يملك أحد أن يملى على إدارة البنك أن تلتزم بحد اقصى للفائدة على القروض، فذلك أمر تحدده آليات العمل الائتمانى وتكلفة الأموال ومحددات المخاطر التى تختلف من بنك لآخر، لكن البنوك باعتبارها شريكا فى التنمية الاقتصادية قد يكون من الملائم أن تضحى قليلا بتحمل جزء بسيط من الهامش الذى تحصل علية من العائد على الاستثمار فى أدوات الدين، والتكلفة الصفرية على بعض الأرصدة الدائنة منخفضة التكلفة لديها حتى تستقر الأوضاع ويخفض البنك المركزى اسعار الفائدة مستقبلا بعد احتواء التضخم إلى المستوى المستهدف على جانب اخر أوضح رجب حامد مدير تنفيذى بإحدى الشركات ومستثمر المفترض ان رفع الفائدة يزيد قوة الدولار والأسهم المقومة بالدولار والتأثير يكون عكسى على العملات الاوروبية والمعادن الثمينة وارتفاع قيمة الدولار لن يكون فى صالح المستثمرين فى مصر لأنه سيزيد من ضعف العملة المحلية مقابل الجنيه ويزيد من الأسعار والتضخم وتابع اى ارتفاعات فى قيمة الدولار ستكون ضد الاقتصاد المصرى خصوصا وارقام الواردات اضعاف ارقام الصادرات فى مصر، كما ان رفع الفائدة للفيدرالى يعقبه قرارات من البنوك المركزية فى كثير من الدول للمحافظة على قيمة العملة المحلية مع الدولار.

واوضح هانى وحيد مساعد مدير عام ببنك مصر انه منذ بداية للأحداث الاقتصادية المتلاحقة فى مصر وهو اليوم الذى قرر فيه البنك المركزى تعويم سعر صرف الجنيه ليتم تحديه وفقا لاليات العرض والطلب.

وتزامن مع هذا القرار رفع أسعار الفائدة 300 نقطة فى خطوة تهدف لاستعادة التوازن والسيطرة على التضخم المتوقع بسبب تحرير سعر صرف الجنيه وتخفيض سعر العملة من 8.88 جنيه إلى 13 جنيها.

وتابع ان من الأسباب التى دعت البنك المركزى لاتخاذ قرار رفع الفائدة، أولهما التضخم الذى وصل لمستويات قياسية (حوالى 32%) ثانيهما وهو توصية صندوق النقد الدولى الذى كما قيل الزم مصر برفع سعر الفائدة للتقليل الاثر المترتبة على التضخم حتى يتسنى لمصر الحصول على الشريحة الثالثة من القرض المقرر لها نوفمبر 2017 بعد المراجعة الدفترية الثانية التى تنتهى فى يونيو 2017.

واضاف ان من الآثار السلبية الخاصة بالاستثمار والمسثمرين

- معظم الدول فى حالات القلائل أو الأزمات السياسية الكبرى تتجه إلى خفض سعر الإقراض لتشجيع الاستثمار والحد من الميل الادخارى الناتج عن هذه الأحداث

- اغلب ان لم يكن كل المستثمرين مشاريعهم وأعمالهم معتمدة على الاقتراض من البنوك والمستثمر الان فى حاجة إلى حوالى 30% سنويا كفائدة فقط على القرض- فإذا اضفنا الاجور ومصاريف التشغيل والضرائب- فسوف يحتاج المستثمر حوالى 50% سنويا لسداد هذه الالتزامات فهل يوجد مشروع فى مصر فى ظل هذه الأحوال الصعبة يستطيع ان يوفى بهذه النسبة بل ويحقق ربحا مناسبا لصاحبه.

-يترتب على زيادة سعر الاقتراض وزيادة التكلفة على المستثمر زيادة الأعباء عليه ما قد يدفعه إلى تقليص بل وتصفيه بعض استثماراته- كذلك يجعل المستثمر الاجنبى الراغب فى الاستثمار التفكير أكثر من مرة قبل ان يأتى إلى بلد قد تكون طاردة للاستثمار من وجهة نظره- مما قد يؤدى إلى تسريح بعض العمال فى المشروعات القائمة وبالتالى زيادة البطالة بصورة كبيرة.

-تكاليف خدمة الدين الحكومى سوف تزيد بنسبة كبيرة مما قد يؤدى إلى تباطؤ الاستثمار ويجعل البلد تتجه نحو الركود وسوف تزيد مصروفات الفوائد مما يعن تأجيل قرارات رفع الاسعار والغاء الدعم التدريجى على المياه والطاقة والكهرباء... الخ.

- حتى فى اطار الحملات التى يقوم بها البنك المركزى لتشجيع المشروعات الصغيرة التى هى فى الاساس موجهة للسباب سوف تشهد إحجاما منهم لأن الشاب يقيم المشروع الصغير برأس مال محدود أو يقوم بالمجازفة فى مشروع كبير - وارتفاع سعر الفائدة يؤدى إلى الإحجام عن تلك المشروعات ومن منهم لديه رأس مال بسيط سوف يلجأ لإيداعها فى البنك بربح اعلى ودرجة مخاطرة اقل بكثير.

-ان التضخم الحاد الذى تشهده البلاد- ليس ناتجا عن زيادة الطلب على السلع والخدمات نتيجة وجود رخاء اقتصادى- بل هو ناتج فى حقيقة الامر عن قرارات اقتصادية (التعويم) ومعالجة هذا التضخم لا يتم برفع سعر الفائدة وتطفيش المستثمرين بل بتشجيع الاستثمار وتحفيز القطاع الخاص- ومزيد من الجذب للاستثمارات الأجنبية.

- واضاف ان هذه بعض الآثار السلبية لعملية رفع الفائدة 200 نقطة لتصل إلى 500 نقطة منذ قرار تعويم الجنيه- ولكن ليس هذا كل شىء- فرغم انه ما زال لدينا من الاثار السلبية سواء على الحكومة أو المواطن المغلوب على امره- لكن فى نفس الوقت قد تكون هناك بعض الاسباب التى قادت متخذ القرار لاتخاذ مثل هذه الخطوة والتى اعتقد من خبرتى البسيطة انه سوق يعقبها قرار اخر رفع جديد للفائدة وسوف نحاول فى مقالات قادمة ان نستكشف مع المتغيرات الاقتصادية والناتج على الاقتصاد وعلى الاستثمار وعلى الحد من التضخم فوائد هذه القرارات من وجهة نظر البنك المركزى واثارها الايجابية على المدى القصير والمتوسط.