السوق العربية المشتركة | الضربة الجوية نجحت فى تحقيق 90٪ من أهدافها

السوق العربية المشتركة

الإثنين 23 سبتمبر 2024 - 09:36
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

الضربة الجوية نجحت فى تحقيق 90٪ من أهدافها

  سمير عزيز يتحدث لمحررة السوق العربية
سمير عزيز يتحدث لمحررة السوق العربية

اللواء طيار سمير عزيز يفتح صندوق ذكريات نصر أكتوبر لـ «جريدة السوق العربية»:

أكد اللواء طيار أركان حرب سمير عزيز ميخائيل، أحد أبطال حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر المجيدة فى سلاح طيران، أنه قد استفادت القوات المسلحة بجميع أسلحتها كثيرا من حرب الاستنزاف، وفيما يتعلق بالقوات الجوية كانت القيادة على قناعة تامة بضرورة مفاجأة العدو بالطيران المنخفض لتفادى الرادارات المتطورة، الأمر الذى تطلب مجهوداً جباراً من طيارى الاستطلاع لتصوير طرق الهجوم وجغرافيا الأرض والهضاب والتلال، وكذلك مجهود كبير من طيارى القاذفات لتطوير أسلوب الطيران المنخفض والتعود عليه كأسلوب طيران وحيد لحسم المعركة، وكانت خطط الهجوم الجوى تقوم على تنفيذ الضربة الجوية بأكبر عدد متاح من الطائرات ومن مطارات مختلفة وفى نفس التوقيت وعلى اقل ارتفاع ممكن، وهو ما حقق عنصر المفاجأة التى شلت العدو.

وأضاف “ميخائيل” خلال حواره لـ“جريدة السوق العربية” قبل موعد إقلاع الطائرات لتنفيذ الهجوم يوم 6 أكتوبر أقلعت بعض الطائرات الحربية من عدة مطارات لعمل طلعات روتينية تدريبية للتمويه والخداع ولعدم لفت نظر العدو لما يتم التخطيط له، وتحدث الطيارون فى اللاسلكى مع برج المراقبة بشكل عادى حتى يلتقط العدو حواراتهم كالمعتاد، وفى مطار المنصورة الذى كنت أتواجد به أقلع عدد من تشكيلات الميج 21 وقاموا بدورة طيران عادية وعند الانخفاض للهبوط فوق المطار، استمرت الطائرات على ارتفاعها المنخفض، وبعيدا عن أعين الرادارات الإسرائيلية لتهبط فى مطار بلبيس كما تم من قبل عشرات المرات فى التدريبات.
 



■ حاربنا إسرائيل بالعقل قبل السلاح وكسرنا تفوقها فى سلاح الطيران

■ فى البداية.. عرفنا أكثر من هو اللواء طيار سمير عزيز؟

- ولدت عام 1943 ووالدى كان مهندساً بالقوات الجوية وكنت ابنه الوحيد فكان يرفض تماما أن ألتحق بالكلية الجوية وأثناء سفره إلى الإسكندرية تقدمت بأوراقى بالكلية الجوية وتخرجت فيها عام 1963 بالدفعة 14 برتبة ملازم طيار التحقت بجناح المقاتلات، وحصلت على فرقة مقاتلات فى مطار كبريت، ثم انتقلت إلى سرب ميج-17 مقاتلات قاذفة، ثم انتقلت إلى المقاتلات الميج-21 برتبة ملازم، وكانت أول دفعة من الملازمين تنقل إلى الميج-21 التى وصلت مصر حديثا فى ذلك الوقت، وتم اختيارى ضمن أفضل 3 طيارين، وبعدها انتقلت إلى اليمن عام 1965وكنت برتبة ملازم أول، وكانت هناك طائرات ميج-17 فقط، وكانت فترة هادئة، حيث كنا ننفذ طلعات استعراضية أمام القبائل اليمنية المعارضة بغرض إرهابهم فلم يكن احد من تلك القبائل قد سبق له رؤية طائرات من قبل.

■ أين كان موقعك يوم 5 يونيو 1967؟

- يوم 5 يونيو 1967 كنت حالة أولى على الممر من 6 إلى 8 صباحاً فى مطار فايد برتبة نقيب، بمعنى أننى فى كابينة طائرتى على أول الممر مسلح ومستعد للإقلاع فى أى لحظة للاشتباك، وكان معنا بالمطار طائرات سوخوى-7 وسرب يسمى سرب العروبة وبه طائرات ميج-19، وبعد انتهاء المدة نزلت من الطائرة، وبعد قليل سمعت صوت انفجار كبير وشاهدت الطائرات تحترق على أول الممر، وكان معى احد زملائى، فقال لى «إحنا بننضرب» وركبنا سيارة جيب واتجهنا إلى أول الممر لنقلع وكان هناك 4 طائرات تم قصفها، واستمر قصف الطائرات فى أماكنها، وكانت طائرات الميج-21 مرصوصة تفصلها مسافات بسيطة وأمامها السوخوى-7 فى صف مقابل، ورأيت هذا المشهد حيث جاءت طائرة إسرائيلية وقصفت طائرة ميج-21 موجودة بالمطار فانفجرت، وسرعان ما اشتعلت النار فى الطائرة المجاورة لها التى خرج منها صاروخ انفجر بطائرة سوخوى 7، وبعدها ذهبنا إلى قاعدة انشاص فوجدنا نفس المشهد، فلقد أسقطنا ثلاثة طائرة لإسرائيل يوم 20/7/1969، بما فيهم المقاتلة الميراج كان يقودها «ايتان بن الياهو» الذى أصبح فيما بعد قائد سلاح الجو الإسرائيلى فيما بين 1997 إلى 2003.

■ بدأت القوات الجوية فى إعادة بناء نفسها استعداداً ليوم التحرير.. حدثنا عن هذه المرحلة؟

- القوات الجوية لم تحارب فى 67، وبالتالى كان لدى الطيارين عزيمة وإصرار على الدخول فى الحرب مهما كان الثمن، وبدأت القوات الجوية فى إعادة بناء نفسها، وكانت البداية ببناء «دشم» للطائرات فى جميع المطارات، واشترك فى بناء الدشم شركات من القطاع المدنى، وبالفعل وفرت الدشم حماية كاملة للطائرات المصرية ولم تدمر طائرة واحدة على الأرض خلال حرب أكتوبر المجيدة، يضاف إلى ذلك أن القوات الجوية أعادت بناء وإصلاح ممرات الإقلاع والهبوط، وتم إنشاء ممرات سرية لا تظهر من السماء معدة للطوارئ، ووصلت إلى مصر بعد ذلك طائرة جديدة تسمى Mig-21 FL واختاروا أفضل الطيارين للعمل عليها وكنت منهم، وكانت هذه الطائرة مزودة بصاروخين فقط ولا يوجد بها مدفع وكانت تعتمد على الرادار فى الكشف عن الهدف، وانهينا الفرقة على تلك الطائرة وانتقل السرب إلى المنصورة وكان الاختلاف قد ظهر من خلال بناء الدشم والممرات التبادلية، والبالونات حول المطار.

■ كيف كان وضع القوات الجوية بعد حرب 67.. وما الاستعدادات التى تمت قبل حرب أكتوبر 73؟

- وضع القوات الجوية فى أعقاب حرب 67 كان يرثى له، فقد رصدت إسرائيل 12 طائرة لكل مركز جوى مصرى خلال عملية ضرب المطارات، واستخدمت نوعاً جديداً من الأسلحة فى هذا الوقت كان يعرف باسم «القنبلة الخارقة للأسمنت»، وخلال يومين دمرت إسرائيل معظم الطائرات وضرب الممرات وخسرنا 388 طائرة، إضافة إلى نسبة تتراوح بين 70 و80% من العتاد العسكرى، ولكن سرعان ما توحد الشعب والجيش وعزم الجميع على تحرير الأرض، وعلى مدار سنوات التى تلت حرب 67 انخفضت الجريمة بشكل عام والسرقة بشكل خاص فى المجتمع المصرى.

■ ماذا عن وسائل الخداع والتمويه التى تمت قبل إقلاع الطائرات يوم 6 أكتوبر؟

- قبل موعد إقلاع الطائرات لتنفيذ الهجوم يوم 6 أكتوبر أقلعت بعض الطائرات الحربية من عدة مطارات لعمل طلعات روتينية تدريبية للتمويه والخداع ولعدم لفت نظر العدو لما يتم التخطيط له، وتحدث الطيارون فى اللاسلكى مع برج المراقبة بشكل عادى حتى يلتقط العدو حواراتهم كالمعتاد، وفى مطار المنصورة الذى كنت أتواجد به أقلع عدد من تشكيلات الميج 21 وقاموا بدورة طيران عادية وعند الانخفاض للهبوط فوق المطار، استمرت الطائرات على ارتفاعها المنخفض، وبعيدا عن أعين الرادارات الإسرائيلية لتهبط فى مطار بلبيس كما تم من قبل عشرات المرات فى التدريبات، وفى التوقيت المحدد نفذ الهجوم الجوى الساحق وكان النسق الأول وفقاً لخطة الهجوم 90 طائرة مقاتلة ومقاتلة قاذفة وقاذفات ثقيلة لتدمير وشل فاعلية مواقع الدفاع الجوى الهوك وتدمير محطات الرادار ومراكز القيادة، والنسق الثانى بقوة 90 طائرة مقاتلة ومقاتلة قاذفة وقاذفات ثقيلة لضرب وشل المطارات والإرسال ومواقع كتائب المدفعية بعيدة المدى وضرب النقطة الحصينة شرق منطقة بورفؤاد، فى حين ضم النسق الثالث 40 طائرة مقاتلة لتعزيز النسق الأول والثانى فى أعمال القتال الجوى ومنع طائرات العدو من التدخل أثناء أداء المهام القتالية.

■ اكشف لنا عن دور الدول العربية خلال حرب أكتوبر 73؟

- الدول العربية كان لها دور كبير فى نصر أكتوبر المجيد سواء فى مرحلة ما قبل الحرب أو خلالها، وكان على رأس الدعم العربى استخدام سلاح البترول وهو دعم لا يمكن وصف تأثيره على سير العمليات العسكرية أو المفاوضات، وبالنسبة للدعم «الجزائرى» بالطائرات فقد بدأ منذ اللحظات الأولى لنكسة 67، فبعد ضرب المطارات بيوم أو اثنين طلبت قيادة القوات الجوية منا الذهاب إلى الجزائر لإحضار طائرات نحارب بها وذهبت وكان معى على زين العابدين وعادل نصر وفريد حرفوش وتيسير حشيش وسمير فريد وعز الدين أبوالدهب وكان معنا أيضا الدكتور محيى حماد وبديع وفائى، وفور وصولنا وجدنا 6 طائرات ميج-21 فقط جاهزة للطيران، وعاد الطيارون الأعلى فى الرتبة بتلك الطائرات، ثم دخلنا إلى «هنجر» وجدنا به طائرات ميج-17 عبارة عن جسم الطائرة والجناحين مفككين، وانتظرنا يوم حتى تم تجهيز عدد من الطائرات وعدنا بها من الجزائر.

■ ما الاستعدادات التى تمت قبل تنفيذ الضربة الجوية يوم 6 أكتوبر؟

- استفادت القوات المسلحة بجميع أسلحتها كثيرا من حرب الاستنزاف، وفيما يتعلق بالقوات الجوية كانت القيادة على قناعة تامة بضرورة مفاجأة العدو بالطيران المنخفض لتفادى الرادارات المتطورة، الأمر الذى تطلب مجهوداً جباراً من طيارى الاستطلاع لتصوير طرق الهجوم وجغرافيا الأرض والهضاب والتلال، وكذلك مجهود كبير من طيارى القاذفات لتطوير أسلوب الطيران المنخفض والتعود عليه كأسلوب طيران وحيد لحسم المعركة، وكانت خطط الهجوم الجوى تقوم على تنفيذ الضربة الجوية بأكبر عدد متاح من الطائرات ومن مطارات مختلفة وفى نفس التوقيت وعلى اقل ارتفاع ممكن، وهو ما حقق عنصر المفاجأة التى شلت العدو، وكان التخطيط يراعى حمولة ومدى وسرعة كل طائرة ومكان انطلاقها والهدف المتجهة له، بحيث تكون كل الطائرات فوق أهدافها فى وقت واحد، وكل هذا تم بالورقة والقلم وحسابات فنية بشرية دون أجهزة كمبيوتر أو أقمار صناعية.

■ ما الخسائر التى لحقت على العدو الإسرائيلى من قبل السلاح الجوى المصرى خلال حرب أكتوبر؟

- نجحت الضربة الجوية فى تحقيق أهدافها بنسبة 90% ولم تزد الخسائر على 5 طائرات مصرية، حيث دمرت 3 ممرات رئيسية فى مطارى المليز وبير تمادا، و3 ممرات فرعية وتدمير 10 مواقع بطاريات صواريخ أرض جو من طراز هوك وموقعى مدفعية ميدان، وتدمير مركز القيادة الرئيسى فى أم مرجم ومركز الإعاقة والشوشرة فى أم خشيب وتدمير عدد من مراكز الإرسال الرئيسية ومواقع الرادار، وكان مقرر القيام بضربة جوية ثانية ضد العدو فى نفس اليوم قبل الغروب، ولكن ألغيت نتيجة نجاح الضربة الأولى.

■ فى نهاية حديثنا.. صف لنا أثر التفاوت الذى كان بين قدرات السلاح الجوى بين مصر وإسرائيل فى نفوس الطيارين خلال الحرب؟

- القوات المسلحة بجميع فروعها وأسلحتها حاربت إسرائيل بالعقل قبل السلاح، والتفاوت فى القدرات العسكرية كان واضحاً لصالح إسرائيل، خاصة فى سلاح الطيران، فمصر اعتمدت على المقاتلة ميج 21 بأنواعها المختلفة كطائرة رئيسية فى دور الهجوم والدفاع، فى حين تنوعت الطائرات الإسرائيلية بين الميراج 3 والنيشر والفانتوم، وجميع الطائرات الإسرائيلية تتفوق علينا فى السرعة والمدى والحمولة وأيضاً القدرة على المناورة، وكان طيران إسرائيل هو الذراع الطولى التى تتباهى بها على مدار الصراع العربى الإسرائيلى، لكن مصر لقنت إسرائيل درساً لن تنساه واستردت أرضها وأعادت للأمة العربية عزتها وكرامتها.