السوق العربية المشتركة | مصر تمتلك مقومات إنتاج الطاقة المتجددة ولم تبدأ استغلالها حتى الآن!

السوق العربية المشتركة

الأحد 17 نوفمبر 2024 - 01:30
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

مصر تمتلك مقومات إنتاج الطاقة المتجددة ولم تبدأ استغلالها حتى الآن!

وائل النشار
وائل النشار

وائل النشار : مصر أول دولة فى العالم قامت بتوليد الطاقة الشمسية عام 1911

يتجه العالم الآن إلى استخدام الطاقة المتجددة كبديل وحل عملى لارتفاع أسعار البترول والسولار والمشاكل البيئية التى تحدث جراء استخدام الفحم، وفى ظل تصاعد أزمات الكهرباء والطاقة فى مصر تلوح صناعة الطاقة المتجددة كحل عملى لهذه المشكلة، ولكن يغفل الجميع أن مصر كانت رائدة تلك التجربة فى إنشاء أول محطة للطاقة الشمسية فى العالم منذ عام 1911، كما أن صناعة معدات وأنظمة الطاقات المتجددة تعتمد على عدة ركائز أساسية تتمثل فى المادة الخام والبحث العلمى والتكنولوجيا والتشريعات المحفزة لتلك الصناعة والتمويل اللازم لها، وتمتلك مصر كل هذه المكونات فمصر تتمتع بشمس ساطعة تصل إلى 2000 كيلووات ساعة لكل متر مربع فى السنة ما ييسر لنا إنتاج الطاقة والكهرباء.



كما تتميز بعض المناطق فى خليج السويس وعلى جانبى الوادى بسرعات رياح عالية تتعدى 10 أمتار فى الثانية، فالمادة تتمثل فى الشمس والرياح متوافرة ومتجددة طوال العام وفى جميع فصول العام، ومن ناحية أخرى لدينا تجارب سابقة فى إنشاء مزارع رياح ومحطة الكريمات التى عملت جزئيا بالمركزات الشمسية كما تمت الاستعانة بالخلايا الضوئية والسخانات الشمسية، ولكن أين تلك المحطة الأولى فى العالم؟ ولماذا لم تستمر حتى الآن؟ ولماذا لم تضع مصر أولى خطواتها على سلم التصنيع والتصدير لصناعة معدات وأنظمة الطاقة المتجددة رغم أنها تمتلك جميع مقومات تلك الصناعة.

تاريخياً تعتبر مصر أول دولة فى العالم قامت بتوليد الطاقة الشمسية حيث كانت تمتلك محطه توليد الطاقة الشمسية المصرية التى كان موقعها فى شارع 101 بحى المعادى، لكنها اختفت وأصبح مقرها مُغطى بالمبانى والرمال والأشجار، كانت البداية عندما قام فرانك شومان المخترع الأمريكى، ورائد فى مجال علوم الطاقة الشمسية، بتشييد محطة للطاقة الشمسية فى القاهرة فى خريف عام 1911، حيث كانت أول وحدة رفع طاقة شمسية بحجم صناعى فى العالم.

واحتوت على خمس جامعات طاقة شمسية، كل منها بطول 62 مترا وعرض 4 أمتار وتفصل بينهم مسافة 7 أمتار، وكان تصميمها مُعدل من محركات تم شحنها من تاكونى وخامات تم إنتاجها فى الموقع، واستمر تشغيلها لفترة أقل من عام.

استخدم شومان فى محطته أحواضا من قطع مكافئ لتشغيل محرك بقوة 60إلى70 حصانا لضخ 6000 جالون من الماء فى الدقيقة الواحدة من نهر النيل إلى حقول القطن المجاورة، وحقق نظامه العديد من التحسينات التكنولوجية منها لوحات امتصاص مزدوجة مفصولة بمسافة بوصة واحد.

إلا أن اندلاع الحرب العالمية الأولى واكتشاف النفط الرخيص فى الثلاثينيات خفف من أهمية اكتشافاته وأخرت نهوض استخدامات الطاقة الشمسية ما حكم على اكتشافات شومان بالإهمال، وأعيد إحياء أفكاره وتصاميمه الأساسية ورؤيته فى السبعينيات خلال فترة موجة الاهتمام بالطاقة الشمسية الحرارية.

وذكر شومان لصحيفة نيويورك تايمز، فى عدد 2 يوليو 1916، فى حديثه عن الحدث لقد أثبتنا فائدة الربح التجارى من الطاقة الشمسية فى المناطق المدارية وأكثر من ذلك أثبتنا انه يمكننا الاستفادة من هذه الطاقة غير المحدودة بعد نفاد مخزون النفط.

أما الآن فقد حرك صدور تعديلات التعريفة الكهربائية ورفع الدعم تدريجياً عن أسعار الكهرباء حتى 2019، وكذلك تشريع تعريفة التغذية الكهربائية للطاقات المتجددة فى أكتوبر الماضى وقانون آليات تحفيز الطاقات المتجددة فى ديسمبر 2014 الماء الراكد، فقط تنقص هذه الصناعة التشريعات التى تفرض من الحكومة تركيب هذه المعدات.

كذلك هناك آليات دعم ومساندة التصنيع المحلى لمعدات الطاقات المتجددة فى عدد من البرامج والأنشطة التى تقوم بها أجهزة الدولة وشركاؤها فى التنمية من الدول الخارجية وتتمثل هذه الآليات فى التمويل بشروط ميسرة أو الدعم الفنى بغرض توطين تلك الصناعة واستخدم التكنولوجيا الحديثة، فقط ينقص تلك الصناعة الرؤية الواضحة والا ستراتيجية المحددة من أجهزة الدولة المختلفة.

قال المهندس وائل النشار خبير الطاقة الشمسية، إن صناعة الطاقة الشمسية فى مصر صناعة واعدة لما تتمتع به مصر من نسبة سطوع عالية، مشيرا إلى أن إقرار مجلس الوزراء لقانون التعريفة الخاصة بالطاقة الشمسية والتى تم إصدارها خلال شهر سبتمبر الماضى ساهم فى خروج العديد من البرامج لتمويل أنظمة الطاقة الشمسية للمؤسسات والأفراد.

وأكد النشار أن هذه الصناعة تعد عاملا مؤثرا لدفع عجلة التنمية الاقتصادية وحلا سريعا لمشكلات الطاقة فى مصر، مضيفاً أن مصر تمتلك مصادر عديدة للطاقة وأهمها الطاقة الشمسية والتى تعد من أغنى دول العالم بها والتى تتوافر فيها طوال العام ومازالت الاستفادة منها حتى الآن تكاد تكون منعدمة، رغم أن مصر هى أول دولة فى العالم قامت بتوليد الطاقة الشمسية عام 1911‏على يد العالم فرانك شومان، موضحا أن هناك ثلاثة أنواع لاستخدامات الطاقة الشمسية وهى فى السخانات الشمسية الخاصة بالمياه وتم عمل هذه التجربة فى مدينة الشيخ زايد، والثانى هو توليد الكهرباء عن طريق الطاقة الشمسية عن طريق تسخين بعض السوائل فى أنابيب لتوليد الطاقة كما فى محطة الكريمات البالغ طاقتها140 ميجاوات منها نحو20 ميجا من الطاقة الشمسية، والنوع الثالث هو توليد الطاقة الشمسية من الخلايا الفوتوفولطية هذه الخلايا هى عبارة عن معدن يتعرض للشمس وعند تسخينه يتم توليد الكهرباء.

وهناك مشروع تم تنفيذه مع الاتحاد الأوروبى لإنارة140 منزلا للبدو فى جنوب سيناء لإنارتها عن طريق الطاقة الشمسية بهدف توطين البدو، وتم عمل إضاءة لتشغيل الأجهزة المنزلية وأعمدة الإنارة ولا تحتاج هذه النظم لصيانة، وتم أيضا تشغيل وحدات اسعاف على الطرق السريعة بالطاقة الشمسية بالتعاون مع وزارة الصحة، ومن المعروف أن ألمانيا أكبر مستخدم للطاقة الشمسية فى العالم، وتنتج نحو 35 جيجاوات، فى حين أن انتاجنا كله بما فيه السد العالى 37 جيجاوات أى أن المانيا تنتج كهرباء أكبر من مصر، رغم أن عدد سطوع الشمس فيها يقل عن مصر ثلاث مرات، وتعادل الساعة فى مصر بنحو3 ساعات فى ألمانيا ورغم ذلك نحن متأخرون بدرجة كبيرة جدا.

وأضاف أن صدور قانون التعريفة الذى يتيح للأفراد أن يضخوا ما يتم انتاجه من كهرباء من محطات الطاقة الشمسية على الشبكة القومية للكهرباء ما يساعد على حل أزمة الكهرباء خلال عامين تماماً، مؤكداً أن صناعة معدات الطاقة المتجددة تعتمد على عدة مقومات أساسية وهى المادة الخام والبحث العلمى والتشريعات المحفزة والتمويل وجميع هذه المقومات توجد فى مصر.

وأوضح، أن حجم الاستثمارات المتوقعة لسوق الطاقة الشمسية فى مصر أكثر من 30 مليار جنيه طبقاً للخطة المطروحة من قبل وزارة الكهرباء والطاقة الجديدة والمتجددة، وهو ما يتطلب إسهامات كبيرة من القطاع المصرفى فى مصر. قال الدكتور ماهر عزيز، استشارى الطاقة والبيئة وتغير المناخ أن هناك جهودا لا تتوانى فى تتبنى استراتيجية جديدة للطاقة أعلن خطوطها ومحاورها الرئيسية الرئيس عبد الفتاح السيسى.

وأوضح الدكتور ماهر أن الاستراتيجية الجديدة تعتمد على تنويع مصادر الطاقة التقليدية وتنفيذ خطة شاملة لإصلاح الدعم وتنمية مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة وتحويل مصر لمركز محورى دولى لتبادل وتجارة الطاقة مشيراً إلى أن هناك محددات تكنولوجية تمنع الاعتماد كلياً على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح أولها انها طاقة متقطعة وتحتاج نظم تخزين باهظة التكاليف لكى يتم تسويقها على نطاق عريض.

وأضاف أن هناك تحديا قائما بالنسبة لاستخدامات الطاقة المتجددة تجعلها لا تزال محدودة ولكن هذا لا يعنى إهمالها ومع التطور التكنولوجى الجارى يمكن تجاوز المحددات ولكن ستظل تحتاج إلى فتح ضخم نعتمد عليه مشيراً إلى أن الفحم لم يستبدل فى الولايات المتحدة بالغاز الصخرى وذلك لان رأس المال القائم فى محطات الفحم لا ينتهى إلا بعد 50 عاماً وما تنشره هيومان رايتس ووتش من تقارير فى هذا الصدد غير صحيح خاصة أن الفحم يولد أكثر من 50% من الكهرباء المولدة بالولايات المتحدة وبالتالى لا يمكن استبداله بالغاز الصخرى.

ويؤكد الاستاذ الدكتور بهاء زغلول، المدير السابق لمعهد الفلزات، أن مصر تتمتع بإمكانات هائلة فى التصنيع المحلى لعدات محطات المركزات الشمسية، فهناك صناعات قائمة بالفعل بل متميزة نستطيع الاعتماد عليها ما يقلل من حجم الاستثمارات ويتلاءم مع الظروف الحالية، فهناك ثلاثة مصانع زجاج عالمية من الممكن أن تصنع الزجاج العائم، بالإضافة إلى مصانع الحديد والصلب التى تقوم بتصنيع القواعد والهياكل الصلب التى ترتكز عليها المعدات.

أما بالنسبة إلى بعض الأجهزة البالغة فى الدقة فيقترح الدكتور بهاء أن يتم استيرادها من الخارج أو الدخول فى شراكات مع شركات عالمية لنقل الخبرة إلينا، كما يمكننا الحصول على خطوط إنتاج ومصانع ليتم تركيبها فى مصر لننتج الكهرباء، بل نقوم بتبادل الفائض مع الدول المجاورة كما نقوم بتدشين صناعة معدات وأنظمة الطاقات المتجددة ونصدر الإنتاج إلى الدول العربية والإفريقية.

وأضاف زغلول أن مصر تستطيع أن تصنع الخلايا الضوئية “الفوتوفولتية “ إذا أردة ولكن الصين سبقتنا فى هذا المجال ولها سوق هائلة حيث إنها تقوم بالتصدير إلى أمريكا كما أنه وصلت إلى درجة إتقان عالية فهى تستطيع أن تصنع الخلايا الضوئية المرنة التى تتشكل على حسب السطح الذى تلتصق به وبدرجة سمك أقل ما يخفض من التكلفة الفعلية.

ويرى الدكتور زغلول أن المشكلة الحقيقة تكمن فى أن مدى احلامنا وطموحتنا ضئيل للغاية، فكيف يمكن أن يكون هدفنا هو أن تمثل الطاقة المتجددة نسبة 20% من اجمالى الطاقة بحلول عام 2022 منها 8% طاقة رياح والباقى طاقة شمسية وهو هدف متواضع للغاية لايضمن أسواقاً محلية أو التصدير لأى أسواق أخرى.

فى حين يرى المهندس فيصل عيسى، مدير إحدى شركات الطاقات المتجددة، أنه من الأفضل استيراد المنتج كله على أن نكتفى بتصنيع الأجراء الممكنة والسهلة من معدات وأدوات الطاقات المتجددة، وذلك لأن صناعة الخلايا الشمسية تحتاج إلى استثمارات ضخمة وسوقا كبيرا مستقرا ليس فقط فى مصر بل إفريقيا وعربياً وهو ما لا يتوافر لنا حالياً.

وأشار عيسى إلى أن قانون التغذية الصادر فى أكتوبر الماضى يعد بتفاؤل كبير، ويضيف أن هناك سوقاً قد بدء يتشكل وأن المستثمرين الأجانب يريدون التوجه إلينا، لكن التعريفة قد فضلت المشاريع الكبيرة وهى مشاريع 50 مليون وات وثمار هذه المشاريع لن تظهر قبل نهاية العام الحالى، فالمشاريع الكبير تحتاج إلى استثمارات ضخمة تقدر بحوالى 100 مليون جنيه وتحتاج شركات أجنبية ودراسات تستغرق وقتا طويلا، والبديل المناسب هو المشاريع الصغيرة فوق أسطح المنازل. أما عن تكنولوجيا طاقة الرياح فيقول الدكتور يحيى شنقير، مدير إحدى الشركات تصنيع أبراج الرياح، أن المشكلة الحقيقة تكمن فى عدم وجود طلب حقيقى فى الأسواق على المنتج وعدم خلق سوق يتناسب مع حجم الاستثمارات المقدمة.

وأضاف شنقير أن دولة مثل البرازيل تطرح مزايدات تفوز بها الشركة التى قدمت أقل تعريفة ليتم تخصيص الأرض وتمنح لها التراخيص لكن بشرط أن تصل نسبة المكونات المحلية إلى 70%، أما دولة الهند فقد انتجهت مثلنا سياسة تعريفة التغذية كما فرضت الجمارك على معدات الطاقة المتجددة المستوردة بنسبة 17% ما دفع الاستثمار المحلى إلى التصنيع، حتى إن الشركات الأجنبية قامت بإنشاء المصانع داخل الدولة لتتنافس مع الشركات المحلية فقط بسبب الآليات والسياسة التى تتبنها الدولة.