السوق العربية المشتركة | مصر إلى الأفضل خلال ستة أشهر بشعب عظيم وقائد عظيم

السوق العربية المشتركة

الإثنين 23 سبتمبر 2024 - 17:30
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

مصر إلى الأفضل خلال ستة أشهر بشعب عظيم وقائد عظيم

  د. سعد الزنط يتحدث إلى محررة السوق
د. سعد الزنط يتحدث إلى محررة السوق

الكونجرس الأمريكى يخطط لاغتيال الرئيس السيسى كما نال السادات منهم من قبل
العرب سوف يزداد ندمهم على كل مشروع تعاون تأخروا عن تنفيذه خلال الفترة الماضية فى مصر
البرلمان القادم هو الأخطر فى تاريخ مصر الحديثة

حقيقة الأمر أن مصر تمر بمرحلة هى من أخطر المراحل وأدقها فى تاريخها، مرحلة تفرض نفسها على واقع متغير خارج عن كل الحسابات ولا يخضع لمقياس، ويصعب التنبؤ بما هو آت، ما جعل الأمور أكثر تشابكا وتعقيدا، فى ظل وضع مضطرب اقتصاديا وسياسيا وأمنيا واجتماعيا، وتخطيطات وضغوط، لا شك أن المؤسسة الأمنية تعمل فى الوقت الراهن فى ظل معطيات مجتمعية معقدة وقاسية ومتشابكة، لكن الأمن والأمان قيمة أساسية لبناء المجتمعات الحضارية إذا تحقق أمن البلاد يستتبع جميع خصال سعادة الحياة ويقتضى العدل والعزة والرخاء والتعمير والإقبال على ما ينفع وقال الله تعالى “وإذا قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر“ لذا كان لـ«السوق العربية»: المشتركة هذا اللقاء مع الدكتور سعد الزنط مدير مركز الدراسات الاستراتيجية وأخلاقيات الاتصال..



المؤتمر الاقتصادى لم يكن مظاهرة شكلية.. بل مظاهرة كشفت حب الأشقاء ووفاءهم واحترام الأصدقاء وحرصهم على إحياء العلاقات الاستراتيجية

■ فى ظل وضع مضطرب اقتصاديا وسياسيا وأمنيا واجتماعيا.. كيف ترى المنظومة الاقتصادية.. وكيف نعبر بقاطرة الاقتصاد المصرى إلى بر الأمان؟

- حقيقة الأمر أن الوضع العام فى مصر يعانى كثيرا على كل مستوياته الاقتصادية والسياسية والأمنية والاجتماعية ويمكننا أن نؤكد أننا نلمح اختلالا واضحا فى مكونات البنية الاساسية لها جميعا.. وذلك نتيجة مجموعة أزمات ألمت بنا فى العقد الأخير من حكم الرئيس الأسبق مبارك فضلا عن فترة التدهور الشديد فى السنوات التالية على 25 يناير، المهم أن الاقتصاد كان القطاع الأكثر تأثرا والأعمق تضررا نتيجة سياسات خاطئة انتهجتها الحكومة، والجديد الطارئ على السلوك القيمى والمهنى المصرى فى الآونة الأخيرة بالإضافة إلى التدهور الأمنى الحاد وما خلفه ذلك من آثار على المستوى الداخلى العام، حيث قاربت نسبة النمو على الصفر تقريبا، وتجلطت شرايين ضخ الاستثمارات القادمة من الخارج.. هذا ما كان وامتد زمنيا لما يقرب من عامين مضت، واستقر الوضع العام إلى حد كبير ومتدرج حتى تولى السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى رئاسة البلاد، فاختلف الوضع بعد ضخ الأشقاء العرب لحزم المساعدة، وقد وصلنا الآن وهذا الشهر بالذات إلى مرحلة غير مسبوقة، ويعد- فى تصورى- انقلابا إيجابيا بالقدرة على تنظيم وإدارة مؤتمر مصر المستقبل، وأعتقد انه يعد قاطرة كبيرة إن تمكنا من استثمار نتائجه وأخلصنا فى إدارة مرحلة ما بعد المؤتمر.. فى تقديرى فإن مكاسبه لم ولن تتوقف عند حد الاقتصاد بل ستمتد لكل قطاعات الدولة، أننا الآن فى مرحلة غاية فى الأهمية والحساسية، نتمنى أن نمتلك الوعى والقدرة على الاستفاده من نتائجها.

■ ألست معى أن الاقتصاد المصرى يعانى مشاكل عديدة ومنظومة التشريعات الاقتصادية فى جزر منعزلة.. فكيف يكون توحيد المنظومة الاقتصادية بإدارة حديثة فى رأى حضرتك دكتور سعد؟

- بالفعل لدينا غابة تشريعات وليس منظومة والأخضر فيها أنها ذات تأثير مباشر على إدارة قطاعنا الاقتصادى خاصة جانب الاستثمارات فيه ولكن ما يطمئن أن الحكومة قد تمكنت مؤخرا من تعديل قانون الاستثمار، وباقى القوانين ذات الصلة كقانون الخدمة المدنية وعدلت من خريطة النظام المالى والمصرفى بشكل إيجابى جدا وغير مسبوق وأرى أن ما حدث من تعديل وإصدار للتشريعات كان مهما للغاية كخطوة أولى لتشجيع وجذب الاستثمارات الخارجية التى نحن فى أمس الحاجة لها، وهناك خطوة أكثر أهمية وهى نفس البيروقراطية الحكومية، خاصة لدى صغار الموظفين فى كل مؤسسات الدولة حيث يمثلون جلطات فى أوردة وشرايين الوطن، يعطلون تدفق الاستثمارات وربما منعها بشكل مستفز، وهو أمر أثق فى أن الحكومة سوف تضطلع به خاصة أن لدينا أجهزة رقابية متعددة تحتاج فقط لرفع كفاءتها.

■ برؤية استراتيجية.. هل كان المؤتمر الاقتصادى مظاهرة شكلية كما ظن البعض ام حقا اصلاح حقيقى سيحقق المأمول لمسيرة دعم الاستثمار والتنمية الاقتصادية؟

- اختتمنا المؤتمر الاقتصادى ونجحنا فيه بدرجة رائعة، وبالفعل لأنه كان مظاهرة ولكنها ليس شكلية.. مظاهرة كشفت حب الأشقاء ووفاءهم واحترام الأصدقاء وحرصهم على إحياء العلاقات الاستراتيجية بوعى شديد وإدراكهم أن مصر الجديدة جادة ومصممة على العبور الكبير.. حققنا على المستوى الاقتصادى ما يزيد عن مائة وخمسين مليار دولار بتعاقدات جادة ومدروسة ومؤثرة وهو ما يزيد عن مشروع مارشال وأكبر بكثير من طموحات أى دولة، لكنها مصر أم الدنيا التى أجبرت الدنيا بكل مستويات قوتها ونفوذها، وقد طوعتها جميعا ومنها الطامح ومنها الطامع على تغيير توجهاتها وحتى مفردات خطابها، ولنعد لسماع كلمات الأشقاء العرب فى الامارات والسعودية والكويت والأصدقاء الأوروبيين خاصة إيطاليا وإسبانيا وفرنسا، ثم النظر بعمق لكلمة وزير خارجية أمريكا وجملة وعباراته وكلماته التى أجبر جبرا على استعمالها وتبدلها جميعا.. حتى الأشقاء فى إفريقيا كانوا فى منتهى الرقى والوفاء لأمهم جميعا مصر.. حقا المؤتمر الاقتصادى حقق إنجازات ضخمة ومؤثرة وكان كاشفا للعالم عن عظمة مصر التاريخ والجغرافيا، ورغم ما أفرزه اقتصاديا إلا اننى أرى أن التأثير كان استراتيجيا شاملا وعميقا.

■ أيضا برؤية استراتيجية تحليلية ما أبرز التحديات التى تواجه مصر سياسيا وأمنيا للنهوض بالاقتصاد المصرى؟

- لا بد من استكمال خارطة المستقبل بالوفاء بالاستحقاق الأخير وهو مجلس النواب وأن يخرج بشكل ديمقراطى يفرز نوابا على مستوى المسئولية التاريخية لأنه البرلمان الأخطر والأهم فى تاريخ مصر الحديثة سواء من ناحية مسئولياته أو التقييم العالمى له ولمصر عموما.. وبعدها أرى أن إعادة بناء المؤسسات أن بناء جميع مؤسسات الدولة بالكامل مطلب حيوى وضرورى واختيار قادتها بمعايير محددة وموضوعية عادلة الأولوية فيها للأكفأ وليس للأنسب، وفى نفس الوقت وعلى خط متوازٍ مع بناء المؤسسات العمل على إعادة بناء الإنسان المصرى بالاهتمام بالأسرة والتعليم الأساسى وتنقية مصادر ثقافة الأجيال التى تكون سلوكه العام الذى تدهور بشكل سافر فى العقود الأخيرة، لا بد من اعادة افتتاح ورش صناعة القادة فى مصر والاستفادة من الجيل الباقى من الأسطوات الذى لايزال للآن بيننا، فمصر تم تجريفها وقد طبقت استراتيجية هدم البديل فى كل رقم 2 يصلح أن يكون الرجل الأول فى كل مؤسساتنا.. أيضا لا بد من إصلاح منظومة الإعلام وهى الأخطر والأهم فى تكوين وتوجيه الرأى العام والقادر على تغيير وتحسين البنية الفكرية والتعليمية والثقافية للشعب خاصة لدى قادة الرأى، فلن نتمكن من تغيير لغة الخطاب الدينى ولا حتى العام إلا بتغيير البنية العقلية وتطهير مصادر ثقافتنا بمنظومة قيم أخلاقية تتمسك بالقيم العليا للإنسانية التى تتوافر فى كل الأديان السماوية، بعد ذلك يمكننا تناول التحديات فى كل قطاع من قطاعات الدولة والتى أراها متقزمة حتما إذا ما تمكننا من تنفيذ ما سبق، وهنا فقط أركز على ضرورة الاهتمام بتدعيم وزير الداخلية الجديد فهو فى تقديرى مناسب جدا للمرحلة وسيتمكن بنجاح من معالجة كل التحديات الأمنية التى تواجه مصر.

■ كيف ترى الوضع الراهن لمؤسسات الدولة؟

- لا شك أن الدولة تتعافى الآن، خاصة أننا فى طريقنا لإنجاز الخطوة الثالثة والأخيرة وهى البرلمان، وبشكل عام فلدينا قائد عظيم يعمل بإخلاص وأمانة وبمجهود كبير على إعادة بناء كل مؤسسات الدولة على أسس سليمة، وأرى أن الأولويات فى هذه المرحلة فى الحقيقة تتعلق جميعا بالأمن القومى، فهناك رفع للكفاءة القتالية لقواتنا المسلحة وتحديث لأسلحتها والحرص على تنويعها بعد تجربة أمريكا القاسية معنا، وأيضا هناك إعادة تصميم للرؤى الاستراتيجية لمنظومة الأداء الأمنى بوزارة الداخلية وتطوير وتطوير مفهوم وثقافة المؤسسة وتوجهاتها التى يبدو أنها اتخذت من دبلوماسية الأداء الأمنى سبيلا لها، بمعنى أن رجال الشرطة يقومون بأداء الرسالة دون الاستدراج لمنطقة الخطر التى تعنى أن يكون لدى رجال الشرطة الوعى بالدور والرسالة وحدود الحركة، وهناك مجهود جبار بذل ولايزال مستمرا لتدعيم وتطوير القطاع الاقتصادى للدولة بكل مكوناته الاستثمارية والمصرفية والمالية، ونعتقد أن نتاج كل ذلك تمثل فى انعقاد المؤتمر الاقتصادى، وهناك بجانب كل ذلك بعض المؤسسات التى تحتاج لمجهود كبير لكى تبحث نوعا من النهضة الشاملة وهى مؤسستا العدالة والإعلام، المهم أن هناك رضى عاما مما يتم من تطوير وتطهير وتحديث جميع المؤسسات بالدولة تناسب المستجدات.

■ لكن كيف تتحقق السوق العربية المشتركة حلم العرب جميعا؟

- لست متفائلا بشأن السوق العربية المشتركة، فغياب الإدارة السياسية لدى القادة العرب فى الماضى أخر جدا بزوغ شمس هذا المشروع والآن أعتقد أن الحديث عن الإرادة السياسية الجمعية مسألة وهم كبير، البديل هو السوق الثنائى والثلاثى وتغطى بالاتفاقيات بين الدول الراغبة، وأذكر أن العرب سوف يزداد ندمهم على كل مشروع تعاون تأخروا عن تنفيذه خلال الفترة الماضية فى مصر.

■ كيف يمكن سد عجز الموازنة العامة للدولة فى رأى حضرتك؟

- عندما نعمل وننتج كما يجب، عندما نرشد الدعم الذى يعطى لمن لا يستحق، عندما ندرك أن التصدير بقيمة أكبر مما نستورد مهمة وطنية، كما نتمكن من القضاء على الفساد المستشرى فى مفاصل الدولة وفى كل هياكلها التنظيمية، عندما نعيد تنقية القوانين واللوائح وضبطها، عندما يدرك الشعب أن الانفلات السكانى مصيبة تلتهم ناتجنا القومى وزيادة عندما نحسن ثقافتنا الأخلاقية تجاه أداء المستحق علينا كمواطنين من ضرائب وجمارك، عندما يزداد الوعى الحقيقى بقيمة وعظمة ما وهبه المولى لنا من آثار وحضارة ومناطق سياحية ونحسن استثمارها كمصدر ثرى لمواردنا.. عندما نعيد افتتاح ورش صناعة القادة القادرة على قيادة مؤسساتنا نحو الشاطئ الآخر، وأشياء أخرى كثيرة ومترابطة ومتكاملة بها جميعا يمكننا إدارة العجز ليس فى الموازنة فقط ولكن تحقيق حلم الرفاهية والعيشة الكريمة.

■ كيف ترى دعم الدول الصديقة للاستثمار فى مصر؟

- حقا هو دعم مشرف بعضه من أشقاء يدركون بوعيهم القومى أن دعم مصر هو فى حقيقته ضمان لوجودهم وحفاظ على الأمن القومى العربى وبعض من الأصدقاء خاصة الأوروبية وبالطبع المصلحة متبادلة، وأعتقد أن العالم بدأ يدرك أن مصر تقوم الآن وستنهض من سبات عميق كان قد ألم بها، المهم كيف ندير كل نتائج المؤتمر الاقتصادى ليس على مستوى الدعم الاقتصادى فقط ولكن آثارها أعمق بكثير من مجرد الأثر الاقتصادى.

■ ماذا عن رأيك فى دور المرأة فى تنمية المجتمع ودورها القيادى فى تنمية المنظومة الاقتصادية والإدارية؟

- المرأة لها دور مؤثر إن مكنت منه فى الوقت المناسب وبقناعة بهذا الدور سواء من جانب الدولة أو المجتمع، وتجربة المرأة المصرية ثرية وكبيرة وممتدة بجذورها عبر التاريخ منذ الفراعنة وحتى العصر الحديث، ولدينا لحسن الحظ رئيس يمتلك الوعى العميق بأهمية وخطورة دور المرأة فى بناء مصر المستقبل، خاصة الشباب منهن والأمر لا يحتاج لتأكيد فقد أفسح لهن مساحات معقولة وكبيرة سواء فى الدستور أو التشريعات الحديثة، وحرص على تعيينهن فى المناصب القيادية بكل مستوياتها وهياكلها، كل ذلك يعطى مؤشرا على قناعة مصر بدور المرأة فى بناء مستقبل الوطن.

■ كيف ترى دور الشباب وكيفية خلق كوادر قادرة على تحمل المسئولية؟

- نحن نستعير الحاضر من أصحابه الحقيقيين وهم الشباب ولذا يجب أن نتحلى بالموضوعية ونعمل على تأهيلهم وتدريبهم بإخلاص لتولى مسئولية إدارة مقدرات الوطن، القيادة صناعة وهى صناعة ممكنة تبدأ من مرحلة التعليم الأساسى والنوادى والأحزاب والإعلام، يجب التوسع فى تطعيم كل الهياكل الإدارية فى الدولة بعناصر مميزة من الشباب لتدريبه على تحمل المسئولية ونعطيه الفرصة بإخلاص.

■ هل مصر تعانى من الأزمة أم فشل فى إدارة أزماتها؟

- مصر نفسها أصبحت مأزومة بذاتها من كثرة الأزمات التى تعانيها فى كل قطاعاتها، رغم أنها الدولة الأكثر إنشاء لأقسام وإدارات متخصصة فى الأزمات بكل وزاراتها ومؤسساتها، فنحن دائما نعالج الأزمات ولا نعرف ثقافة إدارة الأزمات، وبالطبع لا نعرف مطلقا أن هناك إمكانية لاستشعار الأزمات وهى مازالت فى مراحل تكونها وبالتالى يمكن تفاديها أو إجهاضها، هناك علم من علوم الإدارة يهتم بإدارة الأزمات، شأنه شأن باقى علوم الإدارة الحديثة الكفيلة بإدارة حياتنا بكل تفاصيلها من اقتصاد وسياسة وإعلام واجتماع.. وغير ذلك الكثير بنجاح ولكن بكل أسف حتى هذا التناول لدينا أزمة معه، حقيقة الأمر أن مصر فى حاجة للاهتمام أكثر بعلوم الإدارة.

■ الإدارة علم أم فن وما مواصفات القائد ومقومات نجاح الإدارة الحديثة؟

- الإدارة علم وفن، فهى موهبة وقدرة ذاتية لها إطار علمى يحكمها، والقائد يختلف كثيرا عن المدير فلكل مواصفات وسمات ومسئوليات، وبكل أسف مصانع القادة لدينا أغلقت من زمن طويل عن قصد وقد حرصت قادة مؤسساتنا فى العقدين الماضيين على إقصاء الصفين الثانى والثالث ولذا أصيب معظمها الآن بالعقم، وقد حرصت على تطبيق استراتيجية هدم البديل لكن من يصلح لأن يكون له فرصة، لن تقوم الدولة ولن تتقدم مؤسساتنا إلا بقادة يختارون بمعايير الكفاءة الواضحة والعدالة.

■ كيف يمكن التخلص من النفاق الإدارى المسيطر على مصر؟

- ليس لدينا نفاق إدارى فحسب فقد وصلنا إلى درجة أعمق وأخطر، ففى العقدين الماضيين أصبحت لدينا منظومة فساد بمعنى أن هناك من تمكن من تحويل فساد الإدارة فى مصر إلى إدارة الفساد لقد سكن الفساد كل مفاصل الهياكل التنظيمية لجميع مؤسسات الدولة.. وإذا كنا نخطط لمصر جديدة فالأولوية أن نكشف ونحطم رموز هذا الفساد ونذيب الجلطات الإدارية التى سدت كل شرايين وأوردة الجهاز الإدارى فى الوطن.

■ هل حقا اختيار القيادة فى مصر هل يتم على أسس علمية أم بعشوائية (هل الثقة/ الخبرة)؟

- فى معظم الأحوال لا توجد معايير واضحة وملزمة تستخدم فى اختيار القيادات فى مصر، فالأنسب يسبق الأكفأ، وأهل الثقة أهم من أهل العلم أو الخبرة، وتلك قضية خطيرة تحتاج لإعادة نظر ويكون الأساس هنا الشفافية والعدالة والموضوعية والكفاءة، وعلوم الإدارة عالجت منذ عشرات السنين هذه القضية، فقط قليل من الإخلاص والأمانة وينتهى الأمر بالتوجه للأصوب.

■ حقا الفساد يرجع لسوء إدارة واستشرى فى مفاصل الدولة وتغلغل منذ الفراعنة والعصور المختلفة فى مصر وبالفعل أثر ذلك على إعادة الإصلاح للمنظومة الإدارية لهذه الأجهزة.. فكيف يكون علاج هذا الفساد السرطانى والقضاء عليه فى رأى حضرتك؟!

- الفساد ظاهرة عالمية وتراكمية ترتبط بثقافة فاسدة وبيئة إدارية تفتقد للأمانة والشفافية، وفى مصر كما قلنا فسادنا وصل لمرحلة احترافية بعد أن تحولنا من فساد الإدارة إلى إدارة الفساد.. مطلوب جدية وإعلانها معركة للدولة تحت شعار “مصر تحارب الفساد“ والبداية ضبط منظومة مكافحة الفساد فى الدولة خاصة أن لدينا أجهزة كثيرة مسئولة عن المكافحة يجب أن تعمل تزامنا مع حملة قومية يصاحبها إعلام وطنى يرفع مستوى الوعى العام.

■ كيف نعالج الفجوة الفاصلة بين المجتمع المدنى والمؤسسة الأمنية؟

- التشخيص أهم من العلاج.. هذه الفجوة تسبب فيها على مدار السنوات العشر الماضية إعلام سلبى وأداء خاطئ لمنظمات حقوق الإنسان ودراما تركت صورة ذهنية سيئة عن رجل الشرطة وبالمقابل رد فعل قاسٍ وغير واعٍ من قيادة المؤسسة الأمنية تجاه رجالها، كل ذلك تسبب فى الإساءة للمؤسسة الأمنية وفى تقديرى كان ذلك مقصودا، وحقق أثرا تم التحفز له مبكرا وهو صناعة فجوة تفصل ما بين المجتمع المدنى ومؤسسته الأمنية، من هذا التشخيص يمكننا معالجة هذه الفجوة وهى مسئولية مشتركة ما بين المجتمع بكل أفراده وكذلك وزارة الداخلية وأعتقد أن الأمر قيد العلاج فى الفترة الحالية بشكل جاد.

■ ألست معى دكتور سعد أن ثورة 30 يونيو أوقفت قطار الرهس الصهيوامريكى وأفسدت السيناريو الشيطانى الذى تم إعداده لتركيع مصر وتفتيت المنطقة بكاملها؟

- بالفعل 30 يونيو و3 يوليو أوقفت قطار الرهس الصهيوامريكى وافسدت هذا السيناريو الشيطانى الذى تم إعداده للمنطقة بكاملها ويبدو أن القائمين عليه سواء فى الداخل أو الخارج كان لديهم يقين من تنفيذه ولذا فنحن نعيش الآن فى مرحلة تفصل ما بين سيناريو مجهض وآخر ينضج فى الغرب، ولمن يريد فليتناول خطاب أوباما فى جامعة القاهرة وخطابه الأخير فى كلية الحرب فى 28/5/2014 ويقرأ ما حدث بعد التاريخ الأخير خاصة عملية استنهاض كل المنظمات الإرهابية فى المنطقة والذى استهدف إنهاك دول الأقاليم أمنيا وعسكريا واقتصاديا وتفكيك الدول بمحاولة زرع رأس أخرى بمصادر قوة منافسة لرأس الشرعية مثلما حدث فى ليبيا واليمن وسوريا، وترك إيران تعبث فى المنطقة خاصة لمنابع سوريا والعراق والخليج ممتدا حتى اليمن فى الجنوب ثم احداث شارل ابدو فى 7 يناير وتغيير وزير الدفاع الأمريكى والضغط على مصر بوسائل منضوجة، والأمر الآن يتوقف على سرعة وقوة التحرك المصرى الإقليمى والدولى ووعى الشعب والقياد المصرية والعربية بأبعاد المؤامرة.

■ كيف يمكن إحداث التوازن بين الحرب على الإرهاب وحماية الحقوق والحريات؟

- حقيقة الأمر نحن فى معركة وجود ومع ذلك فمصر الأكثر حرصا على حياة الحريات والحفاظ على مساحتها بقدر الإمكان، وأرجو للمنافقين المبالغين ومن يسمون «النكبة» الرجوع لمجموعة القوانين والأحكام الفرنسية الصادرة فى الفترة الأخيرة بهذه المناسبة أو العودة لقانون باتريوث الأمريكى بعد أحداث 2001، ورغم أن مصر تمر بظروف استثنائية مهدرة لأمنها القومى الأمر الذى يكفل القانون الدولى ومواثيق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بحقها فى اتخاذ تدابير استثنائية فإن ذلك لم يحدث.

■ لكن كيف يمكن تحقيق التوازن بين مطالب الثورة ومطالب الدولة؟

- الدولة دائما تعمل لخدمة مطالب الثورة بشكل منظم ودستورى وبما يحقق مصلحة الغالبية وليس هناك صراع بينهما لكى نبحث عن توازن، فالمصلحة واحدة والهدف واحد والوجهة الوطنية واحدة، وعندما نتحول من الشرعية الثورية إلى الشرعية الدستورية ثم إلى شرعية الأمر الواقع المكملة للأخيرة فيجب أن نعطى للدولة الفرصة الكاملة لكى تحقق لنا ما نأمله.

■ هل العمليات الإرهابية تؤثر على حركة الاستثمار والتنمية ومشروع قناة السويس؟

- بالطبع.. فلا يوجد استثمار ولا تتحقق تنمية فى دولة مضطربة أمنيا، فرأس المال دوما يبحث عن الأرض الآمنة مستقرة الحركة، وإذا كنا نتحدث عن مصر فيقينا مصر الآن فى وضع أمنى أفضل بكثير مما كانت عليه، وقد أثبتت وزارة الداخلية وبمساندة وزارة الدفاع أنهما قادرتان على فرض الأمن بشكل مقبول ومتطور للأفضل، وتحديدا بالنسبة لمشروع قناة السويس فهو مؤمن تماما ويكاد يكون من المستحيل اختراقه أمنيا، وفى رأيى بقرب افتتاح مشروع القناة الجديدة سوف ينتهى الأمر ويكون الأمن أفضل بكثير عن وضعه الجيد الحالى.. فلست قلقا مطلقا، فكلى ثقة فى مؤسساتنا الأمنية.

■ ماذا عن رأيك فى دعوات البعض للمصالحة مع جماعة الإخوان الإرهابية؟

- كلمة واحدة.. لا مصالحة مع من انتهك عرض هذا الوطن وأسال دم أبنائه وباع مقدراته وفرط فى كرامته، والاستمرار فى التعامل بالقانون مع الخارجين عليه، وأعتقد أن الوقت لايزال مبكرا للحديث عن الحوار مع الفئة التى لم يثبت أنها ارتكبت جرائم وفى كل الأحوال التنظيم لغباء قادته نال أكبر ضربة قاضية فى تاريخه لن يتمكن من معالجتها خاصة بعد أن انكشف من الشعب المصرى والعربى كله.

■ هل تعتقد أن الرئيس السيسى مستهدف الآن أكثر من ذى قبل؟

- طبيعى أن يكون مستهدفا فما صنعه وما يخطط له خطير وليس هناك أوقح مما قاله رجال الكونجرس الأمريكى فى مقابلتهم الأخيرة للسيد الرئيس “ألا تخشى أن تنال ما ناله السادات منهم“ إنه تهديد مباشر.. فى كل الأحوال السيد الرئيس إنسان يؤمن بالقدر وهو رجل عسكرى مقاتل يمتلك قلبا مطمئنا ونفسا طيبة راضية ولدينا ثقة فى أن الله جاء به ليحفظه لا ليغتال.

■ لكن كيف تستعيد مصر ريادتها الأمنية ومتى يسود الأمن الحقيقى؟

- عندما نحسن اختيار وزير الداخلية وقد حدث مؤخرا ثم يقوم هو بإعادة هندسة هيكل الوزارة فيختار مساعديه ومن دونهم بمعايير الكفاءة والعدالة والقدرة، ويعمل على تغيير الرؤى الاستراتيجية لأداء وزارته بما يتوافق مع المستجدات الصعبة والمعقدة، وهناك أمل كبير فى قدرته على رفع كفاءة جهاز الأمن الوطنى ومده بعناصر شابة ومدربة تتمكن من استعادة الدور الوطنى والحيوى للجهاز لأن أمنا بلا معلومات لا يرجى منه نتائج حاسمة ولا يجب أن ننسى أن هذه المؤسسة قد ظلمت وأن لنا أن نمنحها الثقة من جديد فبدونها الأمر صعب بل يكاد يكون مستحيلا والتجربة أثبتت ذلك.

■ على ضوء المصادمات والمعالجات الأمنية.. مصر إلى أين؟

- مصر إلى الأفضل خلال ستة أشهر على أقصى تقدير ليس أمنيا فقط ولكن اقتصاديا وسياسيا وسيشهد العالم عودة مصر إلى مكانها ومكانتها اللائقة.. مصر وطن عظيم بشعب عظيم وقائد عظيم.

■ هل المواطن المصرى د. سعد الزنط متفائل بالمستقبل؟

- لدى يقين لا يتزعزع فى وعد الله لأرض هى الوحيدة التى شرفها الرحمن بجلاله وشرفها السيد المسيح وأمه البتول بزيارة تقدس كنانة الله فى أرضه.. انتظروا مصر فهى قادمة بقوة ودعواتكم للسيد الرئيس عبدالفتاح السيسى بالستر والتوفيق