
ياسر هاشم
ادعوا لمصر
على مرّ تاريخها العريق، والضارب في القِدم، عُرِفَت مصر دائمًا بالاستقرار والأمن، سواء في حِقبة الفراعنة أو خلال العصور الإسلامية، فكانت ملاذًا آمنًا للعلماء والفقهاء، ومركزًا تجاريًا وثقافيًا في العديد من الحقب الزمنية. دائمًا كان الأمن والأمان، سمة أساسية للمجتمع المصري، في كافة العصور، حيث تمكنت الحضارة المصرية من الازدهار لفترات طويلة، ورغم بعض التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي مرَّت بها، في العصر الحديث، تظل مصر بلدًا يُسجَّل له تاريخ طويل من الاستقرار في منطقة ساخنة تُعرف بتقلباتها السياسية. لقد تمكنت مصر من الحفاظ على استقرارها وأمنها وأمانها، في عصرنا الحالي، من خلال شعبها العظيم، وقيادتها الحكيمة، وقواتها المسلحة الباسلة، وأجهزتها الشرطية والأمنية، التي جعلتها واحة آمنة لمواطنيها وقاصديها على حدٍّ سواء. كما أثبتت مصر ـ مرارًا وتكرارًا ـ قدرتها الفائقة، على تحقيق توازن بين مختلف القوى الإقليمية والدولية، مما يعكس مستوى عالٍ من الدبلوماسية والحكمة، لتبرز كداعم رئيسٍ للأمن في الشرق الأوسط، حيث تسعى دائمًا لحل الأزمات العربية والإفريقية، والعمل على تسوية النزاعات. إذن، تظل مصر ـ رغم الصعوبات والمؤامرات وكافة التحديات ـ بلد الأمن والأمان، ويتجسد ذلك بوضوح في استقرارها الاجتماعي والسياسي، وأمنها الداخلي والخارجي، الذي يبقى أساسًا من أسس الحياة في هذا البلد العريق. بالطبع لسنا في محاضرة عن تاريخ مصر العريق، الزاخر بالبطولات والأمجاد والعراقة، والذي لا تتسع مئات المجلدات لوصفه، ولا كونها ظلت على الدوام مثار إعجاب العباقرة والعظماء والمؤرخين عبر التاريخ، بل لكون المولى سبحانه وتعالى فضَّلها، وشهد لها في كتابه بالكرم وعظيم المنزلة، وذكرها باسمها، وخصَّها دون غيرها، وكرَّر ذكرَها، وأبان فضلها في آيات عدة من القرآن العظيم. ما يجعلنا نتحدث في هذه السطور عن مصرنا العزيزة الغالية، هو ما يحدث من حولنا منذ سنوات، وما يحيط بنا من أزمات كبرى في عالمنا العربي، ومنطقة الشرق الأوسط الملتهبة، حيث النزاعات والحروب والاقتتال والنزعات الطائفية، التي نجَّانا المولى سبحانه منها، وأسبغ علينا نعمة الأمن والأمان والاستقرار. إننا كمصريين، في نِعَمٍ كثيرة، يحسدنا عليها غيرنا، أبرزها نعمة الأمن والأمان، كما ستظل بإذنه تعالى، بلد الخير والعطاء.. جُندها خير أجناد الأرض، في رِباط إلى يوم القيامة، كما أخبر عنهم رسولنا الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. لذلك نعتز كثيرًا أن مصر تمتلك جيشًا رشيدًا، يحمي ولا يبغي ولا يجور ولا يظلم ولا يعتدي، لكنه في الوقت نفسه نارًا تحرق المعتدين على أمنها أو أرضها أو حقوقها، خصوصًا أن جيشنا هو ابن هذا الشعب العظيم، ليس به ولا فيه مرتزقة ولا مليشيات، لسان حالهم جميعًا: «الشجاع يموت مرة واحدة والجبان يموت ألف مرة، وليس بين أبناء الوطن جبان واحد، فكلهم في سبيل الله، ولهذا الوطن العزيز أسود غائرة».. والتاريخ خير شاهد. إننا في هذه الأيام المباركة، والعشر الأواخر من الشهر الفضيل، ندعو لمصر الآمنة المطمئنة بهذا الدعاء: «اللهم احفظ مصر وشعبها وجيشها وشرطتها بحفظك ورعايتك، واجمع كلمة أبنائها على الحق، ووحِّد صفوفهم، وزِد قلوبهم مودةً ورحمةً ووئامًا، واجعل شعبها متماسكًا متعاونًا دائمًا على البرِّ والتقوى والخير، بعيدًا عن الشِّقاق والنفاق، وَوَحِّد كلمته على حب الوطن، واجعل مصر دار أمن وأمان يا أرحم الراحمين».
بقلم ـ ياسـر هاشـم