حركة المقاطعة للمنتجات الداعمة لإسرائيل تواصل هدفها.. والخبراء: فرصة ذهبية لبروز المنتج المحلى المصرى
إيمان شهاب
من بعد اندلاع الحرب فى غزة, وبدأت تتصاعد حملات فى جميع الدول العربية تدعو بمقاطعة المنتجات والشركات الداعمة لإسرائيل, وذلك عبر ساحات مواقع التواصل الاجتماعى بهدف الضغط على هذه الشركات لوقف دعمها للاحتلال الإسرائيلى، وللتعبير عن التضامن مع الشعب الفلسطيني, وعلى الرغم من أن هذه الدعوات لم تكن منظمة وكانت تتم بشكل فردى إلا أن تأثيرها كان واسعاً, ونجحت بالفعل فى مقاطعة الشعوب للسلع والمنتجات التى تحمل علامات تجارية عالمية تدعم الكيان الصهيونى مما ساعد المنتجات المحلية فى البروز ودعم المواطنين للمنتج المحلى.
بعد سنوات من التشجيع على الصناعة الوطنية ورفع شعار "صنع فى مصر", ساعدت حملات المقاطعة فى دعم المنتج المحلى المصري, والتخلص من عقدة الخواجة فقد تراجع الطلب بحوالى 30% على العلامات الأجنبية, وتشجيع الطلب على العديد من المنتجات محلية الصنع, فساهمت فى سطوع نجم عدد من الشركات المحلية, فكان لحملات المقاطعة تأثير إيجابى فى كل دول العالم إضافة إلى تعبيرها ولو بشكل بسيط بدعم القضية الفلسطينية وشعبها حيث أصبحت وسيلة لدعم أهل غزة, والمطالبة بوقف الحرب, وفرصة ذهبية لدعم المنتج المحلي, ومن هنا قمنا باجراء تحقيق صحفى حول حملات المقاطعة التى انتشرت مؤخراً, وفوائدها, ومدى تأثيرها على الاقتصاد المصري!.
فى البداية, يرى الدكتور خالد الشافعي, الخبير الاقتصادى, بأن تعزيز المنتج المحلى وتحويل الاعتماد من المنتجات الأجنبية إلى المنتجات المحلية تمثل فرصة مثالية لتعظيم دور المنتج المحلى فى الاقتصاد المصري, مؤكداً بأهمية وجود رغبة من المسؤولين والمعنيين بالاقتصاد فى تعزيز قيمة المنتج المحلى والتأكيد على قدرته على المنافسة مع المنتجات الأجنبية, مشدداً على ضرورة أن تكون هذه الرؤية مبنية على أسس تراعى فيها الكفاءة والمواصفات القياسية للمنتج المحلى، وأن تكون مراعاة هذه المعايير جزءاً من العملية لتعزيز قدرة المنتج المحلى فى السوق الداخلى والتعويض عن المنتجات الأجنبية.
وأشار الشافعي, إلى أن تعزيز المنتج المحلى وتقليل الاعتماد على الواردات الأجنبية سيساهم فى تقليل كلفة الاستيراد وتخفيف الضغط على العملة الأجنبية, وبالإضافة إلى ذلك، سيؤدى زيادة الاعتماد على المنتج المحلى إلى توطين الصناعات وتوسيع إنتاج المنتجات التى يمكن أن تنتج فى مصر، مما يقلل من الحاجة إلى الواردات ويدعم الاقتصاد المحلي, وبالإضافة إلى الفوائد الاقتصادية، ستؤدى الحملات أيضاً إلى تعزيز المنتج المحلى إلى إيجاد فرص عمل للعمالة المصرية, وتعظيم فرص الصادرات المصرية إلى الأسواق العالمية, مما سيساهم فى تحسين الوضع الاقتصادى العام وتعزيز التنمية الاقتصادية فى مصر.
بينما ذكر الدكتور إيهاب الدسوقي, الخبير الاقتصادى ورئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات والعلوم الإدارية, بأن الشركات المصرية التى تتنافس مع الشركات الأجنبية لديها فرصة كبيرة لتعزيز وجودها فى الأسواق وتحقيق أرباح مهمة, مشدداً على أهمية تطوير المنتجات وتحسين جودة الإنتاج لتلبية رغبات المستهلكين واستعادة ثقتهم فى المنتجات المحلية, محذراً من استغلال بعض التجار والمنتجين لهذه الفرصة من خلال رفع أسعار المنتجات، مما سيؤثر سلباً على المستهلكين ويجعلهم يتراجعون عن دعم المنتج المحلى.
وشدد الدسوقى, على أهمية تعزيز المزايا التنافسية للمنتجات المصرية، بما فى ذلك ميزة السعر المناسب, مضيفاً بأن هذا القرار له مزايا اقتصادية عديدة، مثل زيادة أرباح المنتج المحلى وتقليل الاعتماد على العملة الأجنبية من خلال توقف استيراد بعض المنتجات, مؤكداً على أهمية مقاطعة المنتجات المستوردة والاعتماد على البدائل المحلية، وذلك من أجل دعم الاقتصاد المصري, والقضية الفلسطينية, وتعزيز المنتجات المحلية.
وأشار الخبير الاقتصادى, إلى أن مقاطعة المنتجات الأجنبية التى لها بدائل محلية يمكن أن تعود بالنفع على المنتج المحلى من خلال دعمه وتطويره وتحسين جودته, موضحاً بأن هذه المقاطعات أدت إلى تشجيع المنتجات المحلية وتقليل فاتورة الاستيراد, مشدداً على ضرورة توفير الحوافز والضمانات والإعفاءات اللازمة من قبل الدولة للمستثمرين المحليين، بهدف زيادة مستويات التصنيع والإنتاج وتحقيق الاكتفاء الذاتى وتلبية احتياجات السوق المحلية فى مختلف السلع والمنتجات.
ولفت الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادى، ونائب رئيس الاتحاد العربى للتنمية الاجتماعية بمنظومة العمل العربى بجامعة الدول العربية لشئون التنمية الاقتصادية، إلى أن حملات المقاطعة نجحت فى الترويج للمنتجات المصرية محلية الصنع، مما ساهم فى تعزيز المنتج المحلى وتعظيم الصناعة الوطنية, لافتاً إلى أنه يمكن استغلال هذه الفرصة لزيادة الاستثمارات فى المنتجات المحلية وإنشاء منتجات محلية بديلة للمنتجات الغربية والأمريكية والإسرائيلية التى تم مقاطعتها, منوهاً إلى أن الشركات الأجنبية قد تكبدت خسائر فى مبيعاتها حتى بعد تقديم عروض وتخفيضات، وقامت بتوقيف بعض المبيعات لتحصيل القيمة من بعض التجار.
وأضاف غراب, بأن العديد من الشركات المصرية استفادت من حملة المقاطعة وبدأت فى استعادة نشاطها وانتشرت منتجاتها فى الأسواق, مؤكداُ بأن المقاطعة أدت إلى ازدهار مبيعات العلامات التجارية المحلية، خاصة بعد انتشار الحملات الإلكترونية التى تروج للمنتجات المحلية الصنع كبديل للمنتجات الأجنبية, مشيراً إلى أن معظم المنتجات الأجنبية لها بديل محلى فى الأسواق المصرية وأن صناعتها جيدة وقادرة على المنافسة.
وأكد الخبير الاقتصادى, على أن مقاطعة المنتجات الداعمة للكيان الصهيونى تعد فرصة ذهبية للمنتجات المحلية للترويج لها، إضافة إلى أنه سيعود بالنفع على الاقتصاد المصرى من خلال زيادة الاستهلاك للمنتج المحلي, وبالتالى زيادة الإنتاج والتشغيل وتوسع الاستثمارات المحلية, ومن ثم سيؤدى إلى تحسين الوضع الاقتصادى للبلاد, مشيراً إلى أن حملات المقاطعة تعتبر وسيلة سلمية وفعالة للتعبير عن الرفض والاحتجاج ضد السياسات والممارسات التى يعتبرها الأفراد غير عادلة أو غير أخلاقية.
ومن ناحيته, عبر الدكتور مدحت نافع, الخبير الاقتصادى, عن رؤيته بشأن حملات المقاطعة الاقتصادية واعتبرها سلاحاً ذو حدين, مشيراً إلى أنه لابد أن نعرف كيفية استخدام هذا السلاح بشكل صحيح، حتى لا نتضرر منه, مشدداً على ضرورة تقييم الأمور بعناية قبل اللجوء إلى استخدام سلاح المقاطعة, مشيراً إلى أنه إذا كان المقصود بالمقاطعة هو سلع مستوردة تماماً ولا يوجد بديل محلى لها، فقد يكون هذا مقبولًا لتقليل الضغط على العملة الأجنبية, مشيراً إلى أن آلية المقاطعة واحدة من أهم وسائل الضغط الشعبى فى مختلف دول العالم، لافتاً إلى أن عدم وجود جمعيات أهلية لحماية المستهلك, وعدم دعم المقاطعة وتوعية المواطنين يعدان من الأسباب الرئيسية لفشل بعض المقاطعات, لذلك لابد من تنظيمها لتسير فى طريقها الصحيح.
ومن جهه آخرى, قال المهندس متى بشاى، رئيس لجنة التجارة الداخلية والتموين بشعبة المستوردين فى الاتحاد العام للغرف التجارية، إن حملة المقاطعة الشعبية للمنتجات والسلع التى تدعم شركاتها الأم إسرائيل تُعَد فرصة جديدة للمنتجات المصرية لتوسيع قاعدتها الإنتاجية، بهدف تقديم بدائل محلية للمنتجات المستوردة بشكل عام، وتخفيف أزمة الدولار.
وأشار بشاى, إلى أنه لابد على المصانع والمنتجين المصريين الاهتمام بالمنتج المحلى ليتمكن من الوصول إلى أفضل صورة له، بهدف جذب شرائح المجتمع المصرى المختلفة وزيادة الطلب عليه, لافتاً إلى أن الأزمات السابقة، كظهور فيروس كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، أثبتت أن الدول التى تولى اهتماماً للمنتجات المحلية تتمتع بمزيد من المرونة فى مواجهة الأزمات العالمية, وتتمكن من تقليص حجم الاستيراد دون التأثير الكبير على الأسواق المحلية.
وأوضح رئيس لجنة التجارة الداخلية والتموين بشعبة المستوردين, أنه ينبغى على المنتجين المصريين استغلال فترة المقاطعة لتطوير منتجاتهم ورفع مستوى جودتها لتلبية احتياجات السوق المحلية، وأن يكون هناك خطة تصديرية تستهدف اقتحام الأسواق الخارجية.
وفى هذا السياق, أعرب علاء الوكيل, عضو مجلس إدارة المجلس التصديرى للصناعات الغذائية, عن تأييده لفكرة حملات المقاطعة التى انتشرت مؤخراً على وسائل التواصل الاجتماعى, حيث يعتبر سلاحًا ووسيلة للتعبير عن رفض الانتهاكات, مؤكداً بأن قرار المقاطعة لجميع المنتجات ذات العلامات التجارية العالمية واستبدالها بالمنتجات المحلية يشكل تحدياً ذو حدين على الاقتصاد القومي, مشيراً إلى أن هذا القرار قد يؤدى على المدى المتوسط إلى زيادة نسبة المبيعات للمنتجات المصرية، مما يعزز الشركات المحلية, وفى المقابل، ستتكبد الشركات العالمية خسائر فى استثماراتها بقيمة ملايين الدولارات.
وكشف الوكيل, عن مدى تأثر الشركات القائمة فى السوق المصرى بحملات المقاطعة، حيث زاد الإقبال على المنتجات المحلية، مما دفع الشركات القديمة إلى زيادة إنتاجها لتلبية الطلب المتزايد فى السوق, وبدأت الشركات الصغيرة المحلية فى مصر فى زيادة حجم أعمالها واستثماراتها لتلبية الطلب المتزايد على منتجاتها, موضحاً بأن المنتج المصرى قادر على المنافسة فى جميع الأسواق العالمية, خاصة أن مصر تصدر منتجاتها إلى أكثر من 120 دولة، مما يعكس جودة المنتج ومنافسته فى الأسواق الخارجية.