خبراء الاقتصاد: أمريكا تسعى للاستثمار وتنمية العلاقات الاقتصادية مع مصر
تربط مصر والولايات المتحدة الأمريكية علاقات اقتصادية قديمة تمتد إلى القرن التاسع عشر، وتعود بداية هذا التعاون إلى توقيع اتفاقية النعاهدة الأمريكية- المصرية التجارية فى 1830، وفى الستينيات حدث نمو كبير فى العلاقات الاقتصادية بين البلدين بعد تنفيذ خطط مشتركة للتنمية الاقتصادية والاستثمار فى مصر فى عهد الرئيس عبدالناصر، بعد ذلك تطورت العلاقات الاقتصادية بين مصر وأمريكا ليشمل مجالات اقتصادية عديدة والمشاركة بين البلدين فى مجال دعم المشروعات الإنتاجية والصناعية المصرية حتى أصبحت مؤشرا مهما يعكس العلاقات الاقتصادية المتطورة بين البلدين، وفى 1994 وأثناء زيارة آل جور نائب الرئيس الأمريكى لمصر لحضور مؤتمر السكان تم توقيع مشروع اتفاقية الشراكة بين البلدين من أجل النمو الاقتصادى والتنمية حيث تم تشكيل ثلاث لجان تتولى تنفيذ اتفاقية المشاركة بينهما وهى اللجنة المشتركة للتنمية الاقتصادية- المجلس المشترك للعلم والتكنولوجيا- المجلس الرئاسى الأمريكى، بالاضافة إلى عدد من اللجان الفرعية فى مجالات البيئة والتعليم والتجارة والتكنولوجيا، ومع بداية الألفية الجديدة بدأت خطوات المفاوضات التمهيدية مع الجانب الأمريكى لتحويل اتفاق الشراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية إلى اتفاق منطقة تجارة حرة، الأمر الذى من شأنه نفاذ جميع الصادرات المصرية إلى أسواق جديدة بالولايات المتحدة بدون جمارك وقد أقامت الولايات المتحده ومصر حوارا مكثفا للتوصل لهذه الاتفاقية، حيث تم توقيع اتفاقية إطار تجارة حرة تمهيدا لتوقيع اتفاقية تجارة حرة شاملة مع الجانب الأمريكى، وقد شهدت الفترات الماضية توترات سياسية بين البلدين بالطبع قامت بالتأثير فى نمو العلاقات الاقتصادية والعمل على تنميتها.
وقد سعى الجانب الأمريكى خلال الفترة الماضية لإعادة تطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين وزيادة الاستثمار، وفى محاولة من الولايات المتحده الأمريكية لزيادة فرص التعاون الاقتصادى بين البلدين وتطوير العلاقات الاقتصادية، بعد مرور ما يقرب من شهرين على زيارة أكبر وفود غرفة التجارة الأمريكية، زار خلال الأيام الماضية وفد تجارى أمريكى رفيع المستوى يضم 11 شركة أمريكية بقيادة نائب وكيل وزير التجارة الأمريكة لشئون التجارة الدولية كين بحث خلال الزيارة سبل التعاون وتعزيز الاستثمار بين البلدين، ولتحديد الفرص التجارية والاستثمارية والتوسع فى أنشطة هذه الشركات الأمريكية المعنية بالاستثمار فى مشروعات البنية الأساسية، والتقى الوفد بوزراء الكهرباء والطاقة والتجارة والصناعة وأعضاء غرفة التجارة الأمريكية فى مصر وقادة القطاع الخاص، وحملت زيارته رسالة مفادها أن هناك فرصا مواتية للاستثمار فى البلاد تقدر بمليارات الدولارات، فى الوقت الذى أشاد فيه الوفد بعزم الحكومة المصرية على تسهيل إجراءات الاستثمار الأجنبى خلال الفترة القادمة.
من جانبه قال نائب وكيل وزير التجارة الأمريكة لشئون التجارة الدولية كين هات فى تصريحات صحفية عقب الزيارة، أن مصر تعد سوقا جاذبة للشركات الأمريكية، ومحطة مهمة للاستثمارات الأجنبية ويقدر حجم التجارة الثنائية بين البلدين إلى حوالى 6.7 مليار دولار، كما تعد ثالث أكبر سوق تجارى فى المنطقة، وتمثل واشنطن ثانى أكبر شريك تجارى لمصر، وينبغى أن تواصل مصر جهودها لخلق سوق جاذب للأعمال، لاسيما أن رجال الأعمال متفائلون بشأن استثماراتهم فى مصر، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية ملتزمة أكثر من اى وقت مضى بتعزيز وتعميق علاقاتها مع مصر وأنها ترى فرصا للاستثمار هنا والشركات الأمريكية مهتمة بالمشاركة، حيث وصل حجم الاستثمارات الأمريكية 17.1 مليار دولار عام 2012 محققة بذلك زيادة عن عام 2011 حيث بلغت آنذاك 15 مليار دولار.
وأوضح نائب وكيل وزارة التجارة الأمريكية، أن هناك وفود آخرى ستزور مصر خلال الفترة القادمة لربط الشركات المصرية بغرض التجارة والتصدير أو البحث فى فرص الاستثمار بين البلدين، لافتا إلى أن الوفود التجارية التى تزور مصر تظهر مدى التزامها تجاه البلاد وعزمها المضى قدما فى هذا القطاع، حتى أن شركة ايه فى اى الأمريكية فتحت مكتبا لها فى مصر كنتيجة لزيارة الوفد الأمريكى الذى يعد أكبر الوفود على الاطلاق، وأوضح أن شركة أخرى شاركت فى الوفد فازت بمناقصة مهمة من جانب الحكومة المصرية لتوفير بعض تكنولوجيا تجارية لمشروع قناة السويس. واشار أيضا، إلى أن الوفد الذى ترأسه ضم شركات تعمل فى مجال الطاقة الجديدة والبنية التحتية ومواد البناء والمياه، والحكومة المصرية تعمل الآن على تقديم أشكال مختلفة من التطمينات حول مسار الاستثمار فى البلاد، موضحا أن كل الدول تعمل على إظهار مدى جذبها للأعمال.
من جانبه، يقول الخبير الاقتصادى الدكتور صلاح العمروسى، أن العلاقات المصرية- الأمريكية ستشهد تطورا هائلا خلال الفترة القادمة وقدوم مزيد من الاستثمارات للشركات الأمريكية إلى مصر، وسيشهد مزيدا من قيام كبرى الشركات الأمريكية بالقيام بمشروعات كبرى وبالأخص فى قطاع الطاقة الجديدة والتى تهتم مصر بالحرص على الاستثمار فيها خلال هذه الفترة، وما سيعزز ذلك هو حجم التبادل التجارى بين مصر وأمريكا والذى سيزيد فى المستقبل وهو يمثل الآن حوالى 20 مليار دولار ويتوقع زيادته فى المستقبل وأيضا حجم الاستثمارات الأمريكية فى مصر أكثر من 10 ملاير دولار، إلى أن الأثر الإيجابى للزيارات بين الجانب الأمريكى والمصرى يكمن فى زيادة فرص العمل وإتاحة الفرصة للشركات الأمريكية وأن تكون شريك رسمى فى الانشطه الصناعية والسياحية وأيضا فى تخرين الحبوب والصوامع بما يحرك الاقتصاد ويعمل على تنميته ويحقق أيضا بعدا لحل المشاكل الاقتصادية العالقه وحل مشكلة البطالة، فالشراكة الأمريكية تفتح آفاقا جديده لتشغيل الشباب وتعالج أزمة الركود الاقتصادى الذى تشهدها أمريكا الآن.
وأضاف العمروسى، أن المسئولين فى مصر يعون تمام مدى حاجة الاقتصاد المصرى لمزيد من الاستثمارات وضخها فى السوق المحلى وأيضا يحتاج إلى مزيد من الشراكات الاقتصادية والاتسثمارية مع دول العالم المختلفة، ما سيزيد من نشاط السوق المحلى ويزيد من حجم التبادل التجارى الدولى بين مصر وباقى الدول وهو ما يعزز من فرص حل الأزمات الاقتصادية المختلفة وعبور المرحلة الحالية للاقتصاد والانطلاق بقوة لمساندة المشاريع القومية العملاقة التى تقوم بها مصر خلال هذه الفترة والتى ستشهد بعدها انطلاقا شاملا للاقتصاد المصرى وحالة تنمية اقتصادية شاملة جميع القطاعات فى مصر وستكون بمثابة نصر وعبور جديد لمستقبل أفضل بدون أزمات، فى ظل حرص المسئولين الأمريكيين على تقوية العلاقات الاقتصادية مع مصر.
من ناحيته قال الخبير الاقتصادى ونائب رئيس صندوق النقد الدولى الأسبق الدكتور خيرى الفقى، أن العلاقات الاقتصادية بين الدول فى الوقت الحالى تكون فى الغالب بين الشركات وبعضها بجانب مساندة الحكومات وفتح أبواب الاستثمار واعطاء مزيد من التسهيلات للمستثمرين، فالقطاع الخاص يشكل العمود الفقرى لهذه العلاقات، والوفد الأمريكى يتكون من عدد من الشركات الأمريكية التى تنوى الاستثمار فى مصر خلال الفترة القادمة.