مصانع سكر أبوقرقاص تستغيث من الإهمال ومهددة بالتوقف
تعد مصانع سكر أبوقرقاص من أكبر مجمعات مصانع السكر فى مصر، إلا أنها تعانى الإهمال وضعف خطوط الإنتاج وضعف الصيانة التى أدت إلى تراجع الإنتاج الذى أثر سلباً على موارد المصانع وميزانيتها المعتادة حتى وصل الإنتاج إلى ما يقرب من نصف الإنتاج الطبيعى للمصانع منذ إنشائها، هذا إلى جانب تأثير بعض القرارات الحكومية الخاصة بإنتاج السكر التى أضافت إلى مصانع سكر أبوقرقاص أعباءً على أعبائها، كما أن قدم المعدات وضعف الصيانة وسوء طرق الصرف للمخلفات جعل من مصانع سكر أبوقرقاص أكبر مصادر التلوث البيئى فى محافظة المنيا.
التقينا مسئولى المصانع وعماله وبعض سكان منطقة مصانع أبوقرصاص للسكر، للوقوف على حجم ما تتعرض له المصانع من مشكلات قد تؤدى إلى إغلاقها تماما.
فى البداية يؤكد محمد على، كبير مستشارى مصانع السكر بأبوقرقاص أن صناعة السكر فى مصر تتعرض لبعض المشكلات الكبيرة خاصة بعد قرار تحرير أسعار السلع التموينية والتى تشمل 20 سلعة فى مقدمتها السكر. ووضع سعرين للسكر بواقع 5.15 جنيه لكيلو السكر المورد من شركة السكر والصناعات التكاملية و4.50 جنيه لكيلو السكر الحر، سواء المورد من شركات البنجر أو المستورد من الخارج، كما أن تحرير اسعار السلع التموينية على البطاقات سيؤدى إلى انهيار شركات السكر، خاصة أن وضع سعرين مختلفين للسكر «كارثى»، الأول بقيمة 5.15 جنيه للسكر المورد من شركة السكر والصناعات التكاملية، و4.50 جنيه للسكر الحر، وبالتالى سيقوم المستهلك بشراء السكر بالسعر المنخفض كإجراء منطقى. وأكد كامل أنه فى حال استمرار الآلية الجديدة ستتحول شركات السكر المحلية لقطاع شبيه بقطاع الغزول الخاسر، وسيتم إغراق السوق بالسكر المستورد، وستنهار استثمارات بحوالى 15 مليار جنيه، ومما لا شك فيه أن كل تلك المشكلات قد أثرت بالسلب على مصانع سكر أبوقرقاص كأحد منتجى السكر فى مصر.
ويضيف محمود ثابت أحد أقدم العاملين بمصنع سكر أبوقرقاص، إنه إلى جانب المشكلة العامة التى يتعرض لها إنتاج السكر هناك مشاكل خاصة تتعلق بمصانع سكر أبو قرقاص، منها توقف بعض خطوط الإنتاج إما بسبب الإهمال أو بسبب قدم بعض المعدات وتجاوزها العمر الإفتراضى وضعف الصيانة وكثيرا ما تناقشنا مع الإدارة فى ذلك دون جدوى
كما يؤكد أحمد محيى أحد عمال خط إنتاج السكر، أن تراجع مستوى إنتاج المصانع أثر كثيرا على حياة العمال الذين ينتجون السكر ويتجرعون المر يوميا فى العمل داخل المصنع، كما أن هذا التراجع أدى إلى ضعف الحوافز والبدلات المالية الخاصة بالعاملين فى ظل موجات ارتفاع الأسعار بما أدى إلى تضاعف معاناة العاملين، كما أن ضعف الإنتاج وتوقفه أحيانا يجعل إنتاج المصانع لا يستطيع الصمود أمام متطلبات السوق وانهياره أمام سيل المستورد.
فيما يشير محمد سالم، رئيس أحد أقسام المتابعة بالمصانع، أن مصانع سكر أبوقرقاص كى تخرج من كبوتها، تحتاج إلى سياسة جديدة تراعى تجديد موارد المصنع من الماكينات الحديثة وكذلك الصيانة الدورية لخطوط الإنتاج والاهتمام بالعامل وجودة تدريبه كى يواكب طرق الإنتاج الحديثة حتى تعود مصانع سكر أبوقرقاص إلى سابق عهدها وقت أن كانت أحد أهم صروح إنتاج السكر فى مصر.
وتقول سهير فتحى، أحد سكان منطقة مصانع سكر أبوقرقاص، أن وجود المصانع داخل الكتلة السكنية أصاب الكثير بالأمراض لأن تهالك بعض المعدات والماكينات بالمصنع جعلته مصدرا مروعا للأدخنة والأبخرة الضارة، وقد وجهنا شكاوى عديدة تطالب بالاهتمام بفلاتر المصنع وصيانة المعدات دون مجيب، وكذلك إلقاء المخلفات الصناعية فى ترعة المحيط ما يلوث المياه التى يشرب منها الإنسان والنبات ونحن نتساءل لماذا لا يتم نقل مصانع شركة السكر إلى المناطق الصحراوية فى قرية تونا الجبل وهى قريبة من زراعات القصب والبنجر ومنطقة آمنة وبالتالى نخلق فرص عمل جديدة وتدب الحياة فى المنطقة ونقضى على التلوث الذى يحدث من وجود المصانع فى محيط الكتلة السكانية.
كما يقول الدكتور أحمد محمد عبدالجابر، أستاذ الاقتصاد بجامعة المنيا، أن ضعف الإنتاج والإهمال فى مصانع أبوقرقاص هى نتيجة طبيعية لما أصاب الصناعة بشكل عام، حيث إن القرارت الأخيرة ستقلل القدرة التنافسية لشركات السكر والصناعات التكاملية، وشركات البنجر سواء الحكومية أو الخاصة مثل «الدلتا والدقهلية والنوبارية وغيرها»، التى تتحمل تكاليف مرتفعة، مقابل الشركات التى تعتمد على المادة الخام من الخارج كما أن «الصناعات التكاملية» ليست لديها رفاهية خفض تكاليف إنتاجها، خاصة أنها تشترى القصب من المزارعين بسعر مدعم وتحدده الدولة، ولفت، إلى أن تكلفة إنتاج توريد طن قصب السكر للمصنع تصل إلى 3850 جنيها، دون احتساب تكاليف عملية الصنع، كما أن بعض القرارات قد تؤدى إلى تأثير خطير على الشركات العاملة بالسوق المحلية وانهيار استثمارات تتجاوز الـ15 مليار جنيه بخلاف المصانع التى يتم تأسيسها.
ويضيف عامر فتحى أحد مؤسسى رابطة العاملين بمصانع سكر أبوقرقاص، أنهم تقدموا بخطط إصلاحية لإنقاذ المصانع من الإغلاق وانهيار منظومة الإنتاج إلا أن عدم وجود ميزانيات للتطوير أو التدريب أو حتى الصيانة أدى إلى تعطل جميع الخطط واستمرار الانحدار فى مستوى أداء مصانع السكر بأبوقرقاص ولم يعد هناك حل الآن إلا تدخل الحكومة لتوفير ميزانية لرفع كفاءة الإنتاج وإنقاذ المصنع، خاصة أن عودة المصنع لسابق عهده سيوفر دخل كبير كما كان يوفر قبل تلك الأزمات أى أنه جهة مربحة وليست مستهلكة فقط.
فيما تبقى كل هذه المشكلات من ضعف خطوط الإنتاج وتهالك معظم المعدات وضعف التدريب والعمالة وتلويث البيئة، تحاصر مصانع سكر أبوقرقاص فى انتظار من يهمه الأمر.