السوق العربية المشتركة | السوق العربية تدق ناقوس الخطر

السوق العربية المشتركة

الإثنين 18 نوفمبر 2024 - 00:40
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

السوق العربية تدق ناقوس الخطر

محرر «السوق العربية» فى جولة بمراكز رعاية وفنادق الكلاب
محرر «السوق العربية» فى جولة بمراكز رعاية وفنادق الكلاب

نستورد بمليار ونصف «سلع حرق الدم» للمصريين



عزيزى القارئ بالطبع لا نقصد بهذا التحقيق الاستفزازى لنا جمعيا كأسرة تحرير ولك كقارئ دائما ما نحترم عقله أن نحمل على كأهلك اعباء اخرى ولكن اردنا أن تشارك معنا تجربة التعرف على أنواع اخرى من الاستثمار والبيزنس الذى يراه البعض حرية شخصية وهواية يجب أن تحترم ويوصفه البعض الاخر بانه إسراف وترف لا مبرر له بل بالعكس يضر بالوطن وبالاحتياطى النقدى للعملة الصعبة ولا تقره أعراف ولا قيم وهو قيام العديد من أصحاب الثروات بالمبالغة فى ممارسة هوايتهم بصورة ربما تعكس مخالفة للواقع وهو أن جميع المصريين يعيشون فى ترف وصل إلى حد استيراد أطعمة كلاب وقطط وعصافير بمليار ونصف المليار سنويا بالإضافة إلى اكسسوارات من الحرير والذهب وأسعار تصل إلى 50 ألف جنيه للكلب فى الوقت الذى مازال فيه بعض الفقراء ينتظر بقايا الطعام من أكوام القمامة بعد أن تعب من الحصول عليه بطريقة ادمية.. وهنا اختلط الأمر ما بين مؤيد للحرية الشخصية والرفاهية وما بين حق وطن بدأ يتعافى على يد ابنائه المخلصين.

أصحاب الهوايات

اشارت وفاء. ع إحدى المربيات لتلك الحيوانات الأليفة إلى أنها مجرد هواية ظريفة مثل باقى الهوايات بجانب أنها تعتبرها وسيلة تسلية للاطفال بالمنزل وانتشرت تلك الموضة بشكل كبير عقب الثورة حيث قام الكثير من المواطنين باللجوء إلى شراء وتربية تلك الحيوانات خاصة الكلاب الشرسة كنوع من الحراسة وانا على علم أن هناك العديد من الأسر تتخذ تلك الهواية كمشروع واستثمار خاصة القطط والعصافير عن طريق التزاوج خاصة الأنواع النادرة، حيث تقوم بتدريبها على مهارات مختلفة مما يزيد فى رفع قيمتها التسويقية وهناك عزبة بمحافظة الجيزة مختصة بهذا الأمر والأسعار لديهم أرخص من المحلات.

وأعرب حجازى بدوى عن سعادته وسط تلك الحيوانات خاصة أن لديه كلبا يرافقه منذ أكثر من 15 عاما وأصبح مشهورا فى منطقة سكنه بسبب تلك الهواية ولا يجد مانعا فى أن يستقطع جزءا من دخله للصرف على ما يحب من هوايات خاصة إذا كانت تربية الكلاب والقطط.

وأكد حجازى أن تلك الهواية ليست جديدة على مصر فتوجد هيئة بيطرية ومستشفى الشعب لعلاج هذه الحيوانات وبداخله قسم خاص للفندقة والحجز وكادر طبى متخصص وذلك منذ الاحتلال الإنجليزى، بجانب وحدات بيطرية وعيادات أطباء خاصة فى جميع المحافظات وللامانة لدى تحفظ على من يقوم بالصرف بإسراف وبذخ على تلك الهواية من شراء اكسسوارات غالية أو استيراد أطعمة ونحن فى مثل هذه الظروف الاقتصادية.

أصحاب المحلات

صرح الحاج صلاح معتمد تاجر حيوانات وطيور زينة بأن هذا النشاط من التجارة والبيع له طبيعة خاصة غير المعرفة عن حركة السوق، بمعنى أننا نتعامل مع جمهور ومستهلك معين وغالبا لا تستهلك عملية الشراء بضع دقائق بسبب قناعات العميل المسبقة بطبيعة ما يقوم بشرائه سواء من قطط وكلاب وعصافير أو فئران بيضاء وزواحف، فمثل هذه الأشياء أصبحت هواية لها موردون ويقوم بالصرف عليها وللحقيقة هى ليست قاصرة على الأثرياء فقط فهناك طبقات متوسطة تقوم بشراء هذه الحيوانات بغرض التسلية.

وأكد معتمد وجود أكثر من 1000 محل على مستوى القاهرة فقط لبيع الحيوانات ومن أشهر هذه الأماكن فى (مصر الجديدة.. والزمالك.. وجسر السويس.. والمعادى.. ووسط البلد) بجانب إقبال الكثير من كبار السن الذين يفضلون وجود حيوانات أليفة بجوارهم بحجة التسلية ولكن الملاحظ انتشارها وسط الشباب بطريقة كبيرة خاصة العصافير التى تستخدم كهدايا وفى الدرجة الأولى للسيدات التى تتخذها كنوع من التباهى والوجاهة الاجتماعية.

ويعمل فى هذه المهنة حوالى 20 ألف عامل ما بين أصحاب محلات بيع حيوانات أو اكسسوارات وأطعمة وغالبا ما نستوردها من الخارج خاصة من أمريكا وكندا ودخلت الصين المنافسة ولكن الإقبال على منتجتها ضعيف بسبب رداءة منتجتها.

وأضاف عمران أبوالحمد صاحب محل: نحن نعلم أن عرض هذه الحيوانات وعمل هذا الكم الهائل من الدعاية هو شىء مستفز للبعض وسط معاناة البطالة وارتفاع معدل الفقر ولكن هى مهنة كباقى المهن ولها منتج ومستهلك كما توجد صناعات مكملة لها من مراكز تجميل وتدريب القطط والكلاب وبعض الكوافيرات الخاصة من تصفيف الشعر وتهذيب الأظافر حيث تكلف المرة الواحدة لقص شعر الكلب إلى 150 جنيها وللقطط 100 جنيه أما بنسبة لأسعار الحيوانات فهى تختلف حسب النوع والسن بجانب المبالغة فى قيام بعض المواطنين بشراء اكسسوارت معينة تصل أحيانا إلى 10 آلاف جنيه لأنها مطعمة بالذهب والحرير الطبيعى بالإضافة إلى أسعار المعلبات واللحوم الجافة حيث تصل قيمة بعض الوجبات إلى 75 جنيها يوميا خاصة الأطعمة المستوردة من أمريكا وأوروبا بحجة أنها صحية وكاملة الدسم.

أما عن أنواع وأسعار القطط والكلاب والعصافير فحدث ولا حرج، حيث يوجد أكثر من 50 نوعا داخل مصر معظمها مستورد من ألمانيا وكندا وأمريكا والصين وهى ذات أشكال واحجام مختلفة ويغلب عليها التهجين وذلك لكثرة الطلب على أنواع معينة بمواصفات خاصة واحتل المرتبة الاولى فى مصر (الكلب الدبرمان) من حيث الطلب والسعر الذى يبدأ من 3 آلاف إلى 10 آلاف جنيه على حسب اللون والعمر وفى المرتبة الثانية (البوكسر وجريت دن) برغم من ارتفاع أسعارها بطريقة مبالغ فيها يصل إلى 15 ألف جنيه ويقبل عليها السائحون العرب بالإضافة إلى القطط وخاصة (السيامى) ذات اللون الابيض أو الرمادى كما توجد قطط تسمى (بالدلوعة) ويصل سعرها إلى 4 آلاف جنيه وهى مهجنة من امريكا وتتميز بأن لون العيون مختلف عن بعضه البعض والشمبانزى الجبلى السودانى يصل سعره إلى 20 ألف جنيه وهو نادر جدا.

أما عن العصافير والبغبغان فتوجد أنواع تصل سعرها إلى 1500 جنيه كما يقيم سعر البغبغان المتكلم حسب جودة النطق والالوان واحيانا يصل إلى 50 ألف جنيه.

ومع الاسف توجد حالات غش لتلك الحيوانات من قبل بعض أصحاب المحلات عن طريق بيع حيوانات بلدى على انها مستوردة، خاصة فى القطط بعد تلوينها بالالوان بصبغة معينة وبيعها إلى الأجانب فى موسم السياحة.

وهناك مراكز لتدريب الحيوانات على الطعام والإخراج واللعب والتسلية.

الخبراء

يرى الخبير منصور التونى انه من ناحية القانون لا يمكن منع استيراد تلك الحيوانات أو طعامها ومستلزماتها من ادوية أو اكسسوارات نظرا لوجود اتفاقية التجارة الحرة والحل يكمن فى ضرورة فرض ضرائب تصاعدية على هؤلاء المستوردين ما يساهم فى رفع الموازنة العامة للدولة من ناحية النقد الأجنبى لأن جميع ما نستورده بعملات اجنبية وأنه من الخطأ تصنيف هذه السلع بالترفيهية طالما تعمل على رواج السوق ولها مستهلك بجانب العمل على تصنيع تلك الأطعمة داخل مصر ويفضل أن تكون تابعة للدولة لضمان الكفاءة والترويج من ناحية وتوفير العملة الصعبة وخلق فرص عمل للشباب خاصة فى القطاع البيطرى والفندقة الخاصة، واضاف منصور أن أصحاب هذه الهواية هم فئة لايستهان بها من حيث الإمكانات المالية ولا القوة الشرائية فالتعاون معهم افضل من المنع الذى لا يحمل الصفة القانونية.

وأكد المستشار عصام المصرى بمركز خبراء الجودة والأغذية أن اقل ما توصف به تلك السلع هى (الاستفزازية) أولا لأنها لا تخدم القطاع العريض من المواطنين بجانب أنها تؤثر بجزء ولو بسيط على النقد الأجنبى داخل الدولة التى هى فى أمس الحاجة فى تلك الآونة إلى جميع مقومات النجاح من توفير احتياطى نقدى.. واذا استثمر هذا البيزنس بإشراف الدولة سوف نوفر ما لا يقل عن مليار جنيه سنويا نظرا لتوافر جميع امكانات الصناعة من أطعمة وجلود واكسسوارات وغيرها وبذلك نكون قد قمنا بحل المعادلة وهى الحفاظ على احتياجات بعض المواطنين لتلك الهواية ووفرنا هذا الكم الهائل من الملايين المهدرة بحجة الرفاهية وهناك مبادرة من البنوك المصرية منذ عام 2001 خاصة بهذا الشأن وتنص على التوصية بعدم تخصيص حسابات بنكية لاستيراد مثل هذه السلع المستفزة من أكل قطط وكلاب لأن الأولوية لاستيراد السلع الاستراتيجية وكثيرا من البنوك استجاب لتلك المبادرة ما عدا بعض البنوك الاستثمارية.

والجدير بالذكر أن نسبة الضرائب المقررة على استيراد هذه السلع والأغذية تصل إلى 30 فى المائة وهى نسبة مرتفعة ولكن مازال المستوردون مستمرين على نفس حالة الإقبال.

خبراء اجتماع

صرحت الدكتورة فريال مصطفى أستاذ علم الاجتماع بجامعة أسيوط بأن التمادى فى انتشار مثل هذه الهوايات المستفزة للقطاع العريض من المواطنين هو أمر غير صحى أولا لأنه يصور المجتمع وكأنه يسبح فى بحر من الرفاهية لدرجة أن أولى اهتمامه هو الإقبال على شراء وتربية الحيوانات غالية الثمن، فنحن لا نمانع من ممارسة الهوايات كل على راحته ولكن بطريقة لا تخلق شعورا بالدونية وهو شعور العديد من المواطنين بانهم لا قيمة لهم فى المجتمع وأنهم ملفوظون لدرجة أن الحيوانات افضل منهم وتحصل على حياة كريمة من رعاية صحية وطعام صحى ومعاملة محترمة وهذا خطر لأنه يعمل على زيادة حدة عدم الانتماء للدولة وزيادة الفجوة الطبقية فى المجتمع أو الانفصال الحياتى خاصة فى ظل هذه المتناقضات من حالة الكساد التى تشهدها البلاد وقلة حركة البيع والشراء والسيولة ونستورد فى ذلك الوقت هذا الكم الهائل من الأطعمة للحيوانات بحجة الرفاهية.

والحل فى زيادة إحكام الدولة على وسائل الاعلانات عن هذه النوعية من الهوايات لأنه من الصعب القضاء عليها لأنها تدخل تحت بند الحريات الذى تحترمه الدولة والأفراد.

الأطباء

صرح الدكتور ماجد موريس بإدارة الطب البيطرى ومشرف على أحد مراكز العلاج البيطرى للقطط والكلاب بانه توجد منظومة طبية متكاملة لإدارة الحالة الصحية لتلك الحيوانات من أطباء وكادر تمريض وادوية وحتى العلاج النفسى والفندقة ولكل حيوان ملف كامل من شهادة ميلاد لإثبات النسب والسلالة والحالة الصحية خاصة للكلاب والطيور النادرة شديدة الحساسية، ونوصى أحيانا بصرف وجبات معينة خاصة للحيوانات التى تقوم بعمل ريجيم ومنها ما يصل إلى 300 جنيه فى اليوم وأما الأسعار فقد تصل إلى 250 ألف جنيه لبعض الحيوانات الحاصلة على شهادات وجوائز دولية ومهرجانات ويصل الكشف داخل المراكز الخاصة إلى 150 جنيها أحيانا وكثيرا ما نوصى بالحجز وهناك قسم خاص للحجز وفندقة داخل مستشفى الشعب وكذلك ارتفاع أسعار بعض الأدوية المستوردة التى تصل إلى ألف دولار ونحن نرفض المبالغة فى مثل هذه الأمور مع الأخذ فى الاعتبار أنهم كائنات لهم الحق فى الطعام والدواء.

لـ«السوق العربية» رأى

من المؤكد أننا لسنا مع طرف ضد الآخر تناولنا جميع وجهات النظر دون تأييد ونحن لسنا ضد أن نكون رفقا بالحيوانات والطيور كأحد مخلوقات الله عز وجل فهذا من صميم عقائدنا السماوية التى توصينا بالرحمة لكن حينما يصل الأمر إلى حد الاستفزاز والاستهانة بمشاعر المواطنين وبمقدرات الدولة بحجة الحرية (هنا يجب علينا أن تكون لنا وقفة) وفى النهاية يبقى الحكم للقارئ.