السوق العربية تتابع بدء موسم جنى القطن .. ارتفاع غير مسبوق فى أسعار «الذهب الأبيض» .. و16 شركة تتنافس على أقطان الوجه «القبلى» وسعر القنطار يتجاوز 11 ألفًا و700 جنيه
تحقيق- محمد الشناوي
يعتبر القطن واحدًا من أهم المحاصيل الاستراتيجية التى تزرع فى مصر، ويحظى القطن المصرى بأهمية بالغة فى الأسواق المحلية والعالمية نظرًا لتفرده بمميزات المتانة والطول الفائق والنعومة وهى مميزات لا تتوافر فى الأقطان المنافسة التى توصف دائمًا بالقصر والضعف والخشونة كما هو الحال بالنسبة للأقطان الأمريكية، وتهتم الدولة بزراعات القطن وتقدم للمزارعين الدعم الفنى من خلال الحملة القومية للنهوض بمحصول القطن وكذلك توفير التقاوى عالية الإنتاجية والمبيدات اللازمة لمكافحة الآفات والحشائش.
وتزرع مصر حوالى 300 ألف فدان من محصول القطن تزيد وتنقص قليلاً من موسم إلى آخر وفقًا لمعدلات الطلب فى الأسواق وأسعار التسويق، وخلال العام الحالى تمت زراعة ما يقارب 254 ألف فدان بالمحصول وهو ما تسبب فى ارتفاع كبير فى سعر القنطار لتجاوز الـ 11 ألفا و500 جنيه فى بعض المزادات العلنية بمحافظات بنى سويف والمنيا والفيوم، وتأثرت أسعار القطن أيضًا بتضرر المحصول فى أهم الدول المنتجة للقطن ومنها الهند وباكستان بفعل التعرض للحرارة والجفاف والفيضانات وحرائق الغابات الناجمة عن التغيرات المناخية.
وتتزايد أهمية محصول القطن عالميًا نظرًا لاستخدامه فى صناعة الأزياء والتى تستهلك حوالى ثلثى ألياف القطن المنتجة فى جميع أنحاء العالم، كما أن القطن موجود فى كل مكان فى حياة الإنسان وما يقرب من نصف المنسوجات مصنوعة من هذه المادة وفقًا للمعهد الدولى للتنمية المستدامة (IISD)، كما أن حوالى 350 مليون شخص حول العالم يعملون فى سلسلة إنتاج وتوريد القطن، ومن أهم الدول الرئيسية المنتجة للقطن الهند والولايات المتحدة الأمريكية والصين والبرازيل وباكستان وتركيا ومصر، ويعمل نحو 250 مليون شخص فى تصنيع القطن فى حين أن 100 مليون مزارع يزرعون القطن فى مختلف البلدان المنتجة للمحصول.
وتواجه زراعات القطن عالميًا، خطرًا يتعلق باستدامتها بسبب التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة والجفاف والفيضانات وحرائق الغابات، كما أن أصحاب الحيازات الصغيرة ليس لديهم القدرة المالية على التكيف مع التغيرات المناخية والتقليل من أخطارها، وخلال العام الماضى 2022 تسببت الفيضانات واسعة النطاق فى تدمير حوالى 40 من محصول القطن فى باكستان، وفى الولايات المتحدة الأمريكية أدى الجفاف إلى خسارة حوالى مليون طن من القطن فى غرب ولاية تكساس.
وتشير التوقعات إلى أن غالبية المزارعين لا يمكنهم تحمل مخاطر زراعة القطن المتجددة والمتزايدة بفعل التغيرات المناخية نظرًا لتعرضهم المستمر للخسائر بسبب ضعف الإنتاج أو الكوارث الطبيعية التى قد تتسبب فى تدمير الإنتاج كليةَ، وبالتالى فإن الطلب المتزايد على القطن فى جميع أنحاء العالم يُمكن أن يفرض المزيد من الضغوط بشكل غير مباشر على المنتجين، وهو ما يتطلب دعمًا عاجلاً وكبيرًا لسلاسل إنتاج وتوريد الأقطان بأكملها.
«السوق العربية » ترصد بداية موسم تسويق القطن بالوجه القبلي
وبدأ الأهالى بعزبة داوود فى محافظة الفيوم، جنى محصول القطن، من الأراضى المنزرعة بهذا المحصول الاستراتيجى الهام، وسط سعادة من المزراعين خلال عمليات الحصاد، والذى يتم االاعتماد فيه على العمالة المدربة.
وقال حمدى أحمد، إن موسم جنى القطن يبدأ من النصف الأخير من شهر أغسطس، موضحا ان متوسط الإنتاجية للفدان تصل لحوالى 8 قنطارات، لكنه وبسبب التغيرات المناخية من ارتفاع درجات الحرارة خلال الموجات الحارة التى ضربت البلاد، تسبب ذلك فى نقص الإنتاجية بشكل كبير.
من جانبه، قال الحاج مختار، أحد مزارعى القطن، إن الفدان الواحد المنزرع يحتاج لمدة 5 أيام من أجل جنى الذهب الأبيض، لافتا إلى أنه يحتاج عمالة تصل إلى 50 شخصا خلال تلك الأيام، حيث يتم الجمع بشكل يدوى.
وتابعت " السوق العربية " تنظيم أول مزاد لبيع الأقطان الزهر لموسم 2023/2024، والمزايدة على 20 ألفا 282 قنطارا من صنف جيزة 95 من خلال 16 شركة، كما ترصد زيادة الطلب على الأقطان المصرية محليًا وخارجيًا، والارتفاع غير المسبوق فى أسعارها ليتخطى سعر القنطار فى المزادات العلنية حاجز الـ 11 ألف جنيه بمحافظات الفيوم وبنى سويف والمنيا، كما ترصد المخاطر التى تتعرض لها زراعات القطن عالميًا بغفل التغيرات المناخية وما صاحبها من فيضانات وحرائق وارتفاع غير مسبوق فى درجات الحرارة أثرت بشكل مباشر على زراعات القطن فى الدول الرئيسية المنتجة.
كما بدأ مزارعو سوهاج فى جنى محصول القطن هذا العام وسط حالة من الفرح والسرور.
لاهتمام الدولة ووزارة الزراعة بعملية زراعات القطن طويل التيلة جيزة ٩٨ الذى يعد أفضل أنواع القطن بعدما توقفت زراعات القطن لمدة ٣ سنوات.
وعبر محمد فؤاد أحد مزارعى القطن بمركز دارالسلام سوهاج عن سعادته بزراعة القطن هذا العام بعد توقف العديد من السنوات الماضية، متابعا: نتمنى عودة القطن المصرى إلى الأسواق العالمية وتكون مصر من أكبر دول العالم فى الإنتاج وتصدير القطن وأن نتائج الجنى الأولى للمحصول مبشرة بالخير.
وقال حمدى إبراهيم أحد زارعى محصول القطن بالفيوم : زرعت هذا العام 3 أفدنة من القطن، صنف جيزة 94 مستبشرا بإنتاجية كبيرة، مشيدا بدور وزارة الزراعة فى دعم الفلاح بتوفير البذور والمبيدات الحيوية.
وأضاف مختار إبراهيم: ننتظر زراعة القطن من العام للعام لاعتمادنا الكامل عليه، فى تجهيز أبنائنا المقبلين على الزواج.
قال المهندس محمد خلف فهمى مدير عام الشؤون الزراعيه بمديرية الزراعه بالمنيا ان
المساحة المنزرعه بالمنبا ١٥٠ فدان تقريبا مساحه قليله جدا موزعة بين مركز بنى مزار ٢٥ فدانا ومركز مطاى ١٢٥ فدانا.
والأسعار المتداولة طبقا للتجمعات فى بنى مزار كانت تتراوح بين ٥٥٠٠ جنيه و٦٠٠٠ جنيه للقنطار .
الإنتاجية متوسط عشرة قناطير للفنان زيادة عن للموسم الماضى بحوالى قنطار للفدان.
فيما أكد الدكتور أحمد عطا درويش، وكيل معهد بحوث القطن الأسبق للإرشاد، أن الارتفاع الكبير فى أسعار القطن حاليًا سببه زيادة الطلب العالمى على المحصول نظرًا لتأثر العديد من الدول المنتجة بمخاطر التغيرات المناخية، ومن المتوقع أن يستمر الارتفاع فى سعر قنطار القطن مع بداية حصاد أقطان الوجه البحرى والتى تزيد عن أقطان الوجه القبلى من 1000 إلى 2000 جنيهًا فى القنطار، خاصة مع الإقبال الكبير من قبل الشركات على شراء المحصول، وأن السعر الطبيعى لقنطار القطن سيصل إلى 12 ألف جنيه.
وأضاف أن سعر القطن مرتبط بسعر الدولار، وبالتالى هناك إقبال كبير من الشركات على شراء الأقطان سواء للاستخدام المحلى أو حتى للتصدير للخارج، مضيفًا أن المساحة المزروعة بالقطن خلال موسم الحصاد الحالى بلغت حوالى 254 ألف فدان، كما الإنتاجية عالية مقارنة بالعام الماضى خاصة فى الحقول الإرشادية، علمًا بأن إنتاجية أى محصول تتوقف على المعاملات الزراعية التى يقوم بها المزارع ومدى قدرته على تلبية احتياجات النباتات.
وأوضح " درويش "، أن أهم الأصناف التى تمت زراعتها خلال موسم الحصاد الحالى، «جيزة 94 وجيزة 96 وجيزة 97» فى الوجه البحرى، والأصناف «جيزة 95 وجيزة 98» فى الوجه القبلى، وجميعها أصناف عالية الإنتاجية ويتميز إنتاجها بالجودة المعروفة عن القطن المصرى، سواء فى مواصفات الطول أو المتانة أو النعومة، ويقوم معهد بحوث القطن بدور كبير فى النهوض بإنتاجية المحصول من خلال نشر الأصناف عالية الإنتاجية ومتابعة المحصول حتى الحصاد بمختلف المحافظات، وتقديم جميع أوجه الدعم الفنى للمزارعين.
وقال إن تأثر زراعات القطن فى معظم البلدان الرئيسية المنتجة للمحصول ومنها أمريكا والهند وباكستان، زاد من حجم الطلب العالمى على القطن وتسبب فى ارتفاع أسعاره، مضيفًا أن توسّع المزارعين فى إنتاج القطن خلال المواسم المقبلة من المتوقع أن يحقق لهم أرباحًا إضافية.
ومن جانبه، أكد الدكتور جابر محمد خليل، وكيل معهد بحوث القطن الأسبق للإنتاج، أن الإنتاج العالمى للقطن تأثر سلبًا بالتغيرات المناخية وما صاحبها من ارتفاع كبير فى درجات الحرارة وسيول وفيضانات وحرائق الغابات فى بعض الدول المنتجة للقطن، وينتج العالم حوالى 26 مليون طن من القطن سنويًا تُزرع على مساحة حوالى 2.5% من حجم الرقعة الزراعية.
وأضاف، أنه لا يمكن التكهن بمعدلات إنتاج القطن فى مصر حاليًا، خاصة وأن موسم الحصاد لا يزال فى بدايته، إلا أن المحصول تعرض بالفعل لارتفاع درجات الحرارة والإصابات الحشرية مما أثر على الإنتاج فى بعض المناطق، كما يتأثر الإنتاج أيضًا بالمعاملات الزراعية التى يقوم بها المزارعون.
أكد المهندس وليد السعدنى، رئيس لجنة تجارة القطن بالداخل ورئيس مجلس إدارة الجمعية العامة للقطن، أن هناك ارتفاعًا ملحوظًا فى أسعار القطن فى المزادات العلنية التى بدأت فى محافظة بنى سويف والمنيا، وتأتى هذه الزيادة فى أسعار الأقطان المصرية نظرًا لانخفاض المساحة المزروعة خلال الموسم الحالى والمقدرة بحوالى 254 فدان مع زيادة الطلب على الأقطان المصرية فى السوق المحلى والخارجى.
وأضاف أن القطن المصرى كواحد من أجود الأقطان العالمية يتميز بصفات المتانة والطول والنعومة، وبالتالى يزداد الطلب عليه فى الأسواق العالمية دون منافسة تذكر، وهى ميزة نسبية يمتاز بها القطن المصرى ولابد من الاستغلال الأمثل لهذه المواصفات والميزات للقطن المصرى حتى يعود لسابق عهده محصول استراتيجى واقتصادى بالدرجة الأولى، خاصة وأن القطاع الزراعى حقق العديد من الطفرات التصديرية خلال الفترة السابقة، وبالتالى يمكن أن يكون القطن واحد من أهم هذه المحاصيل التصديرية.
وأشار إلى أن هناك اهتمام كبير من القيادة السياسية بالقطاع الزراعى وخاصة المحاصيل الاستراتيجية وعلى رأسها القمح والذرة الشامية والقطن، للعمل على زيادة معدلات الإنتاج محليًا وبالتالى تلبية احتياجات السوق المحلية وتوفير فائض للتصدير فى المحاصيل التصديرية ومنها القطن، كما أن الدولة بدأت بالفعل فى تفعيل الزراعات التعاقدية للعديد من المحاصيل الزراعية بما يضمن للمزارعين تحقيق هامش ربح مناسب.
ومن جانبه، أكد المهندس أيمن ربيع، وكيل منطقة الفيوم بالهيئة العامة للتحكيم واختبارات القطن بوزارة التجارة والصناعة، أن الارتفاع فى أسعار القطن خلال موسم الحصاد الحالى سببها زيادة الطلب على محصول القطن محليًا وخارجيًا وكذلك الانخفاض الملحوظ فى المساحة المزروعة بالمحصول محليًا، كما أن الدول المهتمة بزراعات القطن تعرضت للآثار السلبية للتغيرات المناخية خاصة الهند وباكستان والولايات المتحدة الأمريكية.
وأضاف أن الأقطان المصرية أمام فرصة حقيقية لاستعادة مكانته وتصدره للأسواق العالمية مجددًا، وذلك مرهون بزيادة المساحة المزروعة وزيادة معدلات الإنتاج رأسيًا من وحدة المساحة، خاصة أن مصر لديها الخبرات والإمكانيات التى تؤهلها للنهوض بالقطن زراعةَ وإنتاجًا.