الشهادات الدولارية حاليًا بالأسواق.. والخبراء: الحل الأمثل لعدم تعويم الجنيه والحد من السوق السوداء
تحقيق- إيمان شهاب
● وائل النحاس: الأموال التى سيتم إيداعها فى الشهادات لا تشكل خطرًا بسبب عدم معرفة مصدرها
● مصطفى بدرة: ستتجنب مصر من خفض تصنيفها الائتمانى لقدرتها على توفير السيولة الدولارية
أحمد شوقى: تسهم فى تعزيز منهجية الحكومة فى زيادة معدلات الشمول المالى وتدعيم أسس الاقتصاد الوطنى
محمد بدره: كل من يخزن الدولار سيخسره, فالأفضل استثماره فى هذه الشهادات
هانى أبو الفتوح: تلك الأوعية ستساعد فى الحصول على الدولار وتمنع مصر من الانجرار إلى سيناريو التعويم
منذ أيام تم إطلاق شهادات دولارية من قبل البنك المركزى المصرى بالتعاون مع بنك مصر والبنك الأهلى كجزء من جهود الحكومة لتوفير النقد الأجنبي، وتحسين ميزان المدفوعات، وجذب التحويلات النقدية من المصريين فى الخارج، إضافة إلى أن هذه الشهادات محفزاً للاستثمار فى الدولار الأمريكى، خاصة مع توفر عوائد جيدة على المدى الطويل، كما تتيح بعض هذه الشهادات إمكانية الاقتراض بالجنيه المصرى بنسبة تصل إلى 50% من قيمة الشهادة الدولارية، مما ستساعد فى توفير الفرص الاستثمارية للعملاء، والتى تعد من بين أهم الخدمات المصرفية التى تقدمها البنوك فى مصر، حيث تعتبر الشهادات الدولارية خياراً جذاباً للمستثمرين الذين يبحثون عن استثمارات آمنة وذات عوائد جيدة.
وتعد هذه الشهادات الدولارية الجديدة من أفضل الشهادات فى مصر لعام 2023، حيث تشمل شهادة ادخار القمة الدولارية وشهادة إيليت الدولارية، ومدة إصدار الشهادتين 3 سنوات، بفئة تبدأ من 1000 دولار أمريكى ومضاعفاتها، ولكن على الرغم من أن هذه الشهادات قد تساعد على جذب التحويلات النقدية، وتحسين ميزان المدفوعات، إلا أنه هناك بعض المخاوف من المستثمرين نحو الاستثمار فيه هذه الشهادات، وحقيقية إمكانية تسديد هذه الشهادات لهم بعد 3 سنوات أم لا، وكيف سيكون وضع الدولار والسوق السوداء بعد الآن.. كل هذا وأكثر تم اجراء تحقيق صحفى حوله لإنهاء هذا الجدل، وذلك من خلال استطلاع آراء الخبراء الاقتصاديين والمصرفيين وأسواق المال.
فى البداية صرح الدكتور أحمد شوقى، الخبير المصرفي، بأن قرار إصدار الأوعية الادخارية بالدولار يأتى فى وقت مهم للغاية، ويتيح مزايا عديدة لجذب عملاء جدد داخل القطاع المصرفي، كما ستلبى رغبة الكثير من العملاء الذين يحتفظوا بالأرصدة الدولارية، مضيفاً إلى أن سعر الفائدة جذاب للغاية، مما يعمل على زيادة الحصيلة الدولارية للبنوك، مؤكداً بأن هذه القرارات صائبة وتخدم البنوك والمواطنين، وتشجع على استغلال الدولارات الخاصة بهم والاستفادة منها، مما يمنح هذا المنتج العديد من المزايا أمام المستثمرين.
وأشار شوقى، إلى أهمية فصل القطاع المصرفى عن الحكومة، حيث يقوم القطاع المصرفى بتنفيذ السياسات النقدية للبنك المركزى دون أن يكون له علاقة بالأوضاع الاقتصادية للدولة، موضحاً بأن المشاكل الاقتصادية فى الدولة لا تؤثر بشكل كبير على القطاع المصرفى، بل تحرص البنوك على معرفة متطلبات العملاء وجذبهم داخل القطاع المصرفي، منوهاً إلى أن هذا النوع من الشهادات يدعم استراتيجية البنك المركزى المصرى فيما يخص فقط بشأن التخفيف من حدة الضغط على العملة المحلية، وتوفير حصيلة دولارية، مضيفاً بأن هذه الشهادات ستوفر عائد استثمارى مناسب جدًا فى ظل معدلات تضخم عالمية مرتفعة، إضافة إلى أن هذه الشهادات تستهدف القضاء على السوق السوداء، مما يخفض تكاليف تدبير العملات الأجنبية، ويساهم فى تعزيز منهجية الحكومة فى زيادة معدلات الشمول المالي، وتدعيم أسس الاقتصاد الوطنى.
بينما قال الدكتور محمد بدره، الخبير المصرفي، بإن طرح الشهادات الدولارية يمكن أن توفر فائدة كبيرة فى ظل نقص المعروض من العملة الصعبة فى البلاد، وذلك بسبب قلة عمليات تحويل الدولار من العاملين بالخارج، مشيراً إلى أن الشهادات الدولارية ليست الحل الأنسب لتوفير العملة الصعبة، لأنها لن تستطيع تجميع مبالغ ضخمة مثل شهادات الـ25% والـ18%، لذلك يجب إيجاد حلول جديدة ومبتكرة لتوفير العملة الصعبة، ومن بين هذه الحلول زيادة حجم الصادرات لتحقيق التوازن فى الأسواق، وتقليل فاتورة الاستيراد فى المستقبل، وذلك لأن استمرار الاعتماد على الدولار له انعكاسات سلبية على زيادة الأسعار، محذراً بعدم تخزين كميات كبيرة من الدولار كنوع من الاستثمار، نتيجة الشائعات المنتشرة حول تعويم الجنيه مرة أخرى، مضيفاً بأن كل من يخزن الدولار سيخسره.
وأكد الخبير المصرفي، على أن هذه الشهادات تعد وسيلة قوية لزيادة الحصيلة الدولارية، حيث تجذب تحويلات المصريين العاملين بالخارج وحائزى العملة الخضراء فى الداخل، مشيراً إلى أن هذه الأوعية الجديدة بالدولار تجذب مودعين من خارج القطاع المصرفى، خاصةً مع ارتفاع سعر الفائدة، متوقعاً نموًا كبيرًا فى الحصيلة الدولارية للبنوك، مما يعزز دورها فى مشروعات التنمية والاستثمار.
ومن ناحيته، أوضح الدكتور هانى أبو الفتوح، الخبير المصرفى، بأن العائد الذى تقدمه البنوك على الودائع الدولارية بنسبة 7% يعتبر الأعلى فى العالم، وأنه لا يوجد أى دولة توفر عائدًا مماثلاً لذلك، مشيراً إلى أن الشهادات الجديدة بعائد 7% لمدة ثلاث سنوات تعتبر استثمارًا جيدًا لمن يرغبون فى الاحتفاظ بأموالهم بالدولار، ومن المتوقع أن يحصل المودعون على عوائد تصل إلى 21% فى حالة الودائع لمدة ثلاث سنوات، مضيفاً بأن هذه الشهادات التى أطلقها بنكا مصر والأهلى ستجذب السيولة من المتعاملين الذين يرغبون فى الاحتفاظ بالدولار وعدم التفريط به، كما يمكن أيضًا استخدام تلك الشهادات للحصول على قروض للاستثمار.
وبالنسبة لتوفير هذه العوائد، أشار أبو الفتوح، إلى أن البنوك تستثمر الأموال التى تجمعها من الودائع الدولارية بشركات أخرى لديها مصادر بالعملة الأجنبية، وبالتالى ستكون حصيلة هذه الاستثمارات بالدولار، مشدداً على أهمية وجود مرونة من قبل البنوك المصدرة فى تسهيل إجراءات الحصول على الشهادات، ولكن لابد أن تكون متحوطة ومدركة تمامًا لأن تلك الشهادات من شأنها ضبط سوق الصرف وزيادة الاحتياطيات النقدية للبلاد، لافتاً إلى أن إصدار تلك الأوعية ستساعد فى جهود الحصول على الدولار، ويمنع مصر من الانجرار إلى سيناريو تعويم العملة، مما يحد من الآثار السلبية.
كما نوه الخبير المصرفي، إلى أن هناك تحفظات بشأن مصداقية هذه الشهادات الجديدة، خاصة فى ظل الأزمة الاقتصادية التى تعانى منها مصر، والتى تتمثل فى ارتفاع الديون المحلية والخارجية، وتراجع الاستثمار الأجنبي، مضيفاً إلى أنه يجب دراسة الاقتراح بعناية من قبل الاقتصاديين والماليين لتحفيز دخول الدولار إلى السوق المصرفى، والعمل على توفير السيولة التى تحتاجها الحكومة من خلال تمويل المشروعات الصغيرة، وزيادة التصنيع والتصدير والناتج المحلي، إضافة إلى إعادة تشغيل المصانع المتوقفة، والإفراج عن السلع الاستراتيجية المكدسة بالموانئ، موضحاً بأن هناك أربعة موارد أساسية لمصر من النقد الأجنبى وهي: قطاع السياحة، قطاع قناة السويس، العاملين بالخارج، وحجم الصادرات، وأنه يجب العمل على توسيع هذه الموارد وتحسين أدائها لتحقيق التوازن فى الأسواق، وزيادة العملة الصعبة.
ومن جهة آخرى، قال الدكتور وائل النحاس، الخبير فى أسواق المال، بأن توقيت طرح بنكا الأهلى ومصر شهادات ادخار دولارية جاء فى وقته المناسب، حيث تم المناداة على مثل هذا القرار منذ العام الماضى لتوفير النقد الأجنبى والحد من السوق السوداء. مضيفاً بأن الأموال التى سيتم إيداعها فى هذه الشهادات لا تشكل خطراً بسبب عدم معرفة مصدرها، حيث يقوم القطاع المصرفى بتحليل هوية العميل الذى سيدخر هذه الأموال قبل شراء الشهادة، وفى حال وجود أى شكوك حول العميل أو أمواله، يتم تحويله لجهات أخرى للتحرى عنه بشكل أفضل، مما يضمن عدم وجود أى خطورة على مصادر هذه الأموال.
وأوضح النحاس، بأن القطاع المصرفى المصرى قوى ومتماسك وقد استطاع التغلب على العديد من التحديات، لذا لا يوجد مخاوف بشأن قدرته على تسديد هذه الأموال بعد 3 سنوات، والتخوف من عدم الالتزام بوعوده، مؤكداً بأن هذا القرار صائباً حيث يسعى لجذب العملاء خارج القطاع المصرفى، وتحقيق الفائدة من الأموال الموجودة فى المنازل، كما يعمل على تشغيل عجلة الاقتصاد، مشيراً إلى أن ارتفاع العائد على الشهادات الجديدة سيزيد من تكلفة البنوك، كما يمكن استثمار الحصيلة الدولارية من تلك الشهادات فى استثمارات أخرى خارج مصر بعوائد مرتفعة، مثل اليورو والدولار.
بينما قال الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادى، ونائب رئيس الاتحاد العربى للتنمية الاجتماعية بمنظومة العمل العربى بجامعة الدول العربية لشئون التنمية الاقتصادية، أن شهادات الادخار الدولارية التى طرحها بنكا مصر والأهلى الهدف منها توفير العملة الصعبة من الدولار نتيجة النقص فيها، إضافة إلى تحجيم والقضاء على السوق السوداء، موضحاً بأن الفترة الماضية شهد السوق انخفاضاً فى العملة الخضراء، لذا فإن طرح البنوك شهادة ادخار دولارية ستجذب تحويلات المصريين العاملين بالخارج بدلاً من تحويلها للسوق الموازى، وتشجيعهم على دخولها للبلاد من خلال الطرق الرسمية بعائد مرتفع بدلاً من تداولها بالسوق السوداء، خاصة بعد تراجع تحويلات المصريين بالخارج خلال الفترة الماضية وفقا للاحصائيات، مما تسبب فى نقص كبير فى توفير المعروض من العملة الدولارية.
وأكد غراب، على أنها فكرة جيدة ستؤدى لزيادة الحصيلة الدولارية بلا شك لأن العائد 9% سنوياً فهو ليس بقليل، وهى تعد أداة بجانب أدوات أخرى تساهم فى زيادة العملة الصعبة فى البلاد، مضيفاً بأن من الحلول الهامة لزيادة العملة الدولارية أيضاً هو زيادة حجم الصادرات وتقليص فاتورة الاستيراد، وهذا ينتج عن زيادة فى الإنتاج والاستمرار فى خطة الدولة بتعميق المنتج المحلى، منوهاً إلى أن مصادر العملة الصعبة الأساسية لمصر تتمثل فى أربعة موارد: وهى قطاع السياحة، قناة السويس، تحويلات العاملين بالخارج، والصادرات.
ويرى الدكتور مصطفى بدره، الخبير الاقتصادى، بأن القطاع المصرفى المصرى قد تأخر فى طرح هذه الشهادات الدولارية بعائد كبير فى ظل نقص فى النقد الأجنبى، مشيراً إلى أهمية تلك الشهادات فى دعم الاستثمارات الدولارية خاصة بعد تراجع تحويلات المصريين بالخارج، فكان هذا هو السبب وراء طرح تلك الشهادات، لذا سيعمل على تشجيع حاملى العملة الأجنبية على توجيهها للقنوات الرسمية، مما سيقلص دور السوق الموازية بشكل كبير، إضافة إلى حاجة مصر للعملة الأجنبية، مؤكداً بأن طرح الشهادات الدولارية يحفز الاستثمار فى البنوك، كما أن هناك زيادة فى مدخرات البنوك وصلت لأكثر من 9 مليارات جنيه.
وأكد بدرة، على أن المجتمع المصرى يثق فى الجهاز المصرفى والحكومة لدعم الاستثمار، وأن مبادرات البنك الأهلى وبنك مصر بمثابة ضربة للسوق السوداء للدولار، موضحاً بأنه يجب على الشهادات الدولارية أن تشمل كل من يحمل دولارات داخل مصر، لذا لابد من منح الفائدة بنفس عملة الشهادة، مضيفاً بأن تلك الخطوة ستساهم فى توفير السيولة الأجنبية بعيدًا عن اللجوء للسوق الدولية للاقتراض، وبالتالى سيتوفر الدولار من القنوات المحلية الوطنية، وستتجنب مصر من خفض تصنيفها الائتمانى لقدرتها على توفير السيولة الدولارية بعيدًا عن القروض الخارجية.