السوق العربية المشتركة | انخفاض أسعار البترول يهدد اقتصاد دول العالم.. والخبراء يؤكدون: اقتصاد مصر قوى ولن يتأثر

السوق العربية المشتركة

الإثنين 18 نوفمبر 2024 - 02:22
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

انخفاض أسعار البترول يهدد اقتصاد دول العالم.. والخبراء يؤكدون: اقتصاد مصر قوى ولن يتأثر

الخبراء يؤكدون: اقتصاد مصر قوى ولن يتأثر
الخبراء يؤكدون: اقتصاد مصر قوى ولن يتأثر

كانت بداية اكتشاف البترول- الذى اطلق عليه البعض "الذهب الاسود"- فى العالم اهميته ترجع الى الاستفادة من قدراته المختلفة ليعود بالنفع على البشرية ويساعد الانسان على التطور والتقدم الذى تحتاجه حياته بشكل كبير، وبدأت استخداماته تعود بالنفع على الانسان بالفعل فى تنقلاته ومنتجاته وكافة مناحى حياته من الناحية الاقتصادية التى تؤثر بشكل كبير على الحياة الاجتماعية وسبل راحته الممكنة، لكن بعد الحرب العالمية الثانية وتطور الاحداث صار البترول منتجا استراتيجيا له ابعاد سياسية واقتصادية كبيرة ولن نبالغ لو قلنا ان كثيرا من الحروب والنزاعات التى حدثت خلال السنوات الماضية كان السبب الاساسى بها هو البترول وتبعات السيطرة عليه والنزعات المختلفة للسيطرة على سبل انتاجه والمناطق الغنية به، وتٌعد الولايات المتحدة الأمريكية من اكبر الدول التى سعت ومازالت تسعى للسيطرة على منابع البترول حول العالم بشتى الطرق الممكنة، فمن الاتفاقيات والشراكة مع هذه الدول الغنية بالبترول وصولا الى احتلالها وتدمير هذه الدول بدون اى حق بغية السيطرة على انتاجها من البترول، وهذا سارت الكثير من الدول وبالأخص دول أوروبا الى تقليد امريكا فى نهجها الاجرامى محاولين البحث عن البترول والسيطرة على منابعه فى مختلف الدول تحت اى ذريعة ممكنة، ولذلك قامت بعض الدول العربية الغنية بالبترول بإنشاء منظمة الاوبك والتى تهدف الى التعاون المشترك بين هذه الدول والحفاظ على أسعار البترول وثباتها حول العالم ومحاولة لصنع تأثيرات كبيرة على القرارات العالمية حول الامور الخاصة بالبترول، وقد ساهمت منظمة الاوبك قبيل حرب 73 بوقف المساندة الأوروبية والأمريكية للكيان الصهيونى على خلفية منعها تصدير البترول الى امريكا وأوروبا لوقف الامدادات العسكرية والمالية التى تتدفق الى الكيان الصهيوني، وقد كان هذا الحظر بمثابة الضربة القاضية لهذه الدول والذى اضطرها إلى وقف المساعدات فورا.



وعلى المستوى الاقتصادى فإن تأثيرات البترول والذى يحب ان يسميه البعض بـ"الذهب الأسود" تأثيرات هائلة، فأسعار البترول حول العالم تتحكم بشكل كبير فى الكثير من اقتصاديات الدول التى تعتمد على البترول كمصدر اساسى للدخل القومى وفى مقدمتها الدول العربية فى الخليج والتى تعد من اغنى الدول على مستوى العالم من حيث إنتاج النفط ومشتقاته المختلفة، ولا يقتصر التأثير فقط على الخليج العربى وإنما يمتد إلى كثير من دول العالم فصناعة البترول واقتصاده اصبحت مثار خوف واهتمام العالم كله لما يمثله من منتج استراتيجى من المتوقع ان يحدث له حالة من الندرة فى المستقبل وهو ما جعل دول العالم تسعى الى تحصين نفسها بزيادة معدلات البحث والتنقيب عن البترول لحرصها على تأمين مستقبلها من الحاجة الى البترول فى السنوات القادمة، وأسعار البترول التى تتميز بالثبات النسبى والذى تحاول دول العالم والمصدرة للبترول خصوصا بالحفاظ عليه خوفا من التقلبات الاقتصادية والتى ستؤثر عليها نظرا لارتباط اقتصاديات الدول ببعضها ولو حدث أى نوع من الهبوط او الخسائر سيكون الجميع معرضع لها بشكل كبير.

خلال الايام الماضية تراجع سعر البترول بشكل مفاجئ أثار مخاوف العديد من الدول وحاز اهتماما كبيرا على المستوى السياسى والاقتصادى معا، فقد تراجع سعر البترول أكثر من دولار للبرميل، إذ بلغ خام برنت أدنى مستوياته فى أربع سنوات دون 83 دولارا للبرميل مع تزايد المخاوف بشأن الاقتصاد العالمى، مما ادى إلى استمرار موجة الخسائر التى بدأت منذ أربعة أشهر، وهبط برنت أكثر من 28 بالمائة منذ شهور فى ظل تباطؤ الطلب ووفرة المعروض وتسارعت الخسائر فى الاسابيع الأخيرة مع ظهور بوادر على أن منظمة البلدان المصدرة للنفط اوبك لن تخفض الإنتاج لتعزيز الأسعار، وادت المخاوف الاقتصادية إلى تسارع وتيرة هبوط اسعار البترول التى تضررت بشدة من وفرة المعروض العالمى، واشتدت المخاوف أيضا بسبب انخفاض معدل أسعار المستهلكين فى الصين إلى ادنى مستوياته فى نحو خمس سنوات ونزول أسعار المنتجين فى الولايات المتحدة للمرة الأولى فى اكثر من عام ما أثار موجة بيع للأصول التى تنطوى على مخاطر.

ويعتمد الدخل القومى لدول الخليج بشكل كبير على صناعة البترول حيث تأتى الكويت فى المرتبة الاولى تليها المملكة العربية السعودية والبحرين والكويت وباقى دول الخليج، وأيضا تعتمد الولايات المتحدة ودول اوروبا بشكل متفاوت فى نسبة كبيرة من دخلها الفومى على تجارة البترول، ولذلك يلاقى التغير فى اسعار البترول صعودا وهبوطا قدرا كبيرا من الاهتمام وتدور حوله دائما المخاوف والتكهنات بسبب خوف الدول من تأثر دخلها القومى من هذه الصناعة.

من جانبه يقول الخبير الاقتصادى الدكتور فخرى الفقى نائب رئيس صندوق النقد الدولى الأسبق، أن تراجع الطلب على البترول مع وفرة المعروض من أبرز الاسباب التى أدت لانخفاض أسعار النفط وان الولايات المتحدة الأمريكية زادت إنتاجها للنفط منذ العام 2008 حتى الآن بنسبة 70% مشيرا الى حالة التردى السياسى الموجودة وتأثر الأسواق العالمية بها وأن ما يحدث فى المنطقة من احداث وصراعات سياسيه قد يؤدى إلى لارتفاع أسعار البترول مرة اخرى، لكن الاسواق العالمية تقول إن الامر تحت السيطرة فالدول التى تشهد صراعات كالعراق وليبيا لم تتأثر صادرات البترول بها كثيرا، وإن لم يتم الاتفاق على آلية جديدة لتخفيض الإنتاج وتقليل وفرة المعروض فقد يستمر الانخفاض فى أسعار البترول بشكل كبير

واضاف الفقى، ان الخطورة الحقيقية فى انخفاض اسعار البترول بهذا الشكل المقلق هو أن ميزانيات الدول العربية النفطية كدول الخليج والعراق وليبيا وغيرها تعتمد بشكل أساسى على أسعار النفط وبالتالى ان انخفاض أسعار النفط سيؤثر على ميزانية هذه الدول ويكبدها خسائر فادحة خلال الفترة المقبلة، وأيضا تراجع الطلب على البترول خاصة فى المانيا وامريكا والصين واليابان من أهم اسباب تراجع الاسعار بهذا الشكل، واننا فى مرحلة اقتربنا فيها من مرحلة اكبر من تراجع الاسعار وان الاسعار المنخفضة ستعود للارتفاع مرة أخرى. وقد تقوم اوبك بخفض الانتاج خلال الايام المقبلة، وبالطبع السوق الامريكى هو المستهلك الرئيسى للبترول على مستوى العالم وهو يعيش حاله من الانتعاش مع زيادة انتاج الولايات المتحدة من البترول والغاز الصخرى وتراجع وارداتها، وان الاحداث السياسية التى شهدها العالم خلال الفترات الماضية كان لها دور كبير فى خفض الانتاج فى كل من ليبيا والعراق وإيران لكنهم بدؤوا فى الرجوع ببطء بالإضافة الى الاوضاع الاقتصادية لروسيا.

من ناحية اخرى قال المهندس اسامة كمال وزير البترول الاسبق، ان انخفاض اسعار البترول بهذا الشكل والذى لم يحدث منذ سنوات عدة له تأثيرات كبيرة على مستوى الدول التى تعتمد بشكل كامل فى دخلها القومى على البترول وسيضطرها بشكل كبير الى محاولات خفض الانتاج لرفع الاسعار وفى الوقت ذاته تقليل النفقات حتى يتم التغلب على الازمة لحين عودة أسعار البترول الى طبيعتها، لكن فى مصر الامر ربما يختلف قليلا فمصر تستورد البترول اكثر مما تصدره ولذلك سيكون الامر افضل لها وسيوفر عليها ملايين الجنيهات كفارق سعر البترول المستورد بعد انخفاض الاسعار العالمية، وسيتم استيراد البترول بأسعار اكثر انخفاض من السابق وعلى المسئولين فى مصر استغلال انخفاض الاسعار واستيراد الكميات اللازمة من البترول والغاز لسد حاجة السوق المحلى ولعمل مخزون استرتيجى لمواجهة الارتفاع المتوقع بعد انتهاء هذه الازمة فى انخفاض اسعار البترول.

وأضاف كمال، ان ارتباط البترول واسعاره بشكل اساسى ميزانيات كثير من الدول جعلها مؤثرا حقيقيا فى اقتصاديات هذه الدول، ومصر تعتبر من الدول التى تحتاج بشكل كبير للبترول واستهلاكها المحلى كبير مما جعلها تقوم باستيراد كميات كبيرة منه لسد حاجتها واصبحت من الدول المستورد للبترول ولكن هذا أيضا لا ينفى تأثر اقتصادها بانخفاض الاسعار على مستوى العالم فالأمر مرتبط بجميع الدول، ومصر لديها منافذ بحرية مثل قناة السويس تتقبل سفن النفط الكبيرة والتى تسافر بين الدول وبعضها ومصر بالطبع تستفيد اقتصاديا من مرور هذه السفن ودفعها لضريبة المرور من القناة لكن فى نفس الوقت حاجة مصر من البترول الكبيرة والتى تجعلها تستورد كميات اكبر كل عام سيجعلها تستفيد أيضا من انخفاض الاسعار