قانون الضرائب العقارية الجديد يثير جدلا واسعا بين الخبراء والمواطنين
منذ صدوره فى عام 2008 وحتى بدء تطبيقه هذا العام مر قانون الضرائب العقارية الجديد بالعديد من التأجيلات والتعديلات، فقد اثار هذا القانون الجدل بين الخبراء والمواطنين فيرى البعض أنه عبء جديد على كاهل المواطن وبالرغم من تعديلاته إلا أنه منقوص المعايير والضوابط، بينما يراه البعض الآخر بداية لتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواه وواجب وطنى يجب الالتزام به.
يقول محمد راشد (مواطن) يجب قبل تطبيق القانون الجديد أن توضع ضوابط ومعايير تتناسب مع الحالة الاقتصادية للمواطنين، فمع ارتفاع أسعار العقارات فى الآونة الأخيرة أصبح أغلب المنشآت والمنازل تتعدى المليونى جنيه (أى تتخطى حد الإعفاء) فارتفاع سعر المنزل ليس مرتبطا بغناء أو ثراء مالكه.
وأضاف حسام عجلان (محامٍ) قائلاً امتلاك المواطن لمسكن خاص به حق يكفله له الدستور والقانون فبذلك لا يمكن فرض ضريبة عليه طالما استغل فى السكن والإقامة وليس فى الأعمال التجارية، وعليه لابد من اعفاء المسكن الخاص من الضريبة الجديدة وبدون حد اقصى لسعره السوقى، فهناك العديد من المواطنين ورثوا وحدات سكنية غالية الثمن يقيمون بها لكن مقدرتهم المالية لا تمكنهم من دفع الضريبة.
وأوضح جمال عثمان (موظف) قائلاً إن تقييم الوحدة السكنية أو العقار على أساس سعر السوق الحالى ليس بدقيق لأنه لا توجد معايير أو مواصفات محددة يمكن الأخذ بها ما يؤدى إلى ارتفاع الأسعار والإيجارات، فما الضمانة لمصداقية وشفافية لجان التقدير وعدم الرشوة والتربح.
مضيفاً أنه بالتبعية سوف تتزايد على المواطنين القيمة الإيجارية مع تطبيق القانون الجديد لأنه من البديهى أن يحمل المالك قيمة الضريبة على المستأجر.
بينما قال أسامة رضوان (طبيب) أن أغلب الوحدات السكنية والعقارات تعتبر تحت الاعفاء الضريبى فهى ليست مطالبة بالضريبة لكن من يقطنون الفلل والقصور عليهم دفع الضريبة فإن المبالغ المحصلة تصب فى الموازنة العامة وتطوير العشوائيات والمحليات أى فى الصاح العام.
ويقول أحمد الصراف (مستثمر) دفع الضرائب واجب وطنى والضريبة العقارية ليست بجديدة فهى تحصل منذ زمن تحت مسمى (العوايد) ولكن الآن تم تعديلها فى صورة القانون الجديد فليس بالكثير أن يدفع من يمتلك عقارا ثمنه يعادل المليونى جنيه 120 جنيها شهرياً، فلو قارنا هذا المبلغ بفاتورة الكهرباء أو التليفون لعرفنا أنه ليس بالكثير ومصر الآن تحتاج وقوف أبنائها معها بدلاً من انتظار المعونات واللجوء للقروض الدولية.
وأضاف سامح رأفت (مهندس زراعى) قائلاً عند تطبيق القانون وبدء لجان الحصر والتقدير فى العمل سوف تظهر الممتلكات الحقيقية للأغنياء ويتم محاسبتهم فليس من العدل أن يمتلك مواطن أكثر من منزل أو عقار ولا تتم محاسبته ضريبياً.
اكد محسن العيسوى (مواطن) بأن هذا القانون سوف يصنع رواجاً فى حركة البيع والشراء العقارية بالإضافة لتزايد المعروض من الوحدات السكنية للإيجار بغرض الاستفاده منها بدلاً من غلقها (للتسقيع) فعندما تزداد الوحدات السكنية المعروضة تقل القيمة الإيجارية المطلوبة تناسباً مع كثرة المعروض.
يرى الدكتور أحمد شهير أستاذ المحاسبة والضرائب ومدير مركز الخدمة العامة للاستشارات التجارية بجامعة أسيوط أن هذه الضريبة بمثابة عبء على عاتق المواطن حيث إن الأصل فى الضريبة تفرض على الدخل وليس الثروه والممتلكات ما يؤدى فى نهاية المطاف لتآكل الثروة ومن المعلوم أن هذه الممتلكات تم تكوينها فى الأصل من دخول سبق خضوعها للضريبة ومن ثم يعد ذلك ازدواج ضريبى، وقد تكون هذه الممتلكات بالميراث وتم تقييمها بمبالغ ضخمة جداً مما يصعب على المنتفعين بها سداد القيمة الضريبية المحددة عليها لانخفاض دخله أو لكونه يتقاضى معاشاً محدوداً وأضاف دكتور شهير أن هذه العقارات لا تحقق دخلا ومن ثم ينتفى الخضوع للضريبة موضحا أن من أهم سلبيات هذا القانون أنه يتنافى مع الموضوعية وعدالة الضريبة وذلك لاعتماده على التقدير الذى قد يوصم فى كثير من الحالات بالجزافية فمن المعروف أنه لا تتحدد قيمة العقارات إلا عند واقعة البيع والشراء وهذا يحدث بالفعل فى فرض ضرائب الأرباح الرأسمالية، أما ما يحدث حالياً فى حساب الضريبة العقارية جزء كبير منه ناتج عن ارتفاع معدلات التضخم وانخفاض القوى الشرائية للنقود.
ومن جانبه أكد أ.د.غزال العوسى أستاذ المالية العامة والاقتصاد بكلية الحقوق جامعة أسيوط أن هذا القانون (الضريبة على العقارات المبنية) رقم 196 لسنة 2008 جاء لإصلاح ما ورد فى القانون رقم 56 لسنة 1954 وتعديلاته والذى ينظم الضريبة على العقارات المبنية ويحسب لهذا القانون أنه أعاد تنظيم هذه الضريبة بشكل يتفق وأهميتها كمورد من الإيرادات الضريبية للدولة إلا أن هذا القانون انطوى على بعض العيوب الذى تخرجه من نطاق العدالة الضريبية أبرزها أن القانون وقبل تعديله أخضع المسكن الوحيد للأسرة للضريبة كما أعفى المستشفيات والمؤسسات التعليمية الخاصة كما أخضع للضريبة المحلات والأكشاك الصغيرة إلا أن التعديلات التى وردت على هذا القانون وبصفة خاصة التعديلات الأخيرة الواردة بالقانون رقم 117 لسنة 2014 أعادت إلى هذا القانون اتزانه بتقريره إعفاء السكن الوحيد للأسرة من الضريبة ما لم يصل إلى حد الخضوع وهو 2 مليون جنيه للوحدة، وأدرج المؤسسات التعليمية والمستشفيات التى تهدف إلى الربح للضريبة وبالتالى يكون المشرع المصرى قد تلافى بهذه التعديلات العيوب التى وردت فى القانون عند صدوره فى عام 2008
بينما أشارت فاطمة عبدالحافظ الخبيرة بالسوق العقارى ومديرة شركة ستار للأسكان والتعمير لا داعى من قلق المواطنين من القانون الجديد لأن العقارات الخاصة معفاة حتى المليونى جنيه وهذا يعنى أن أغلب المنشآت معفاة من العبء الضريبى أو حتى الحصر والمحاسبة عدا القصور والفيللات لأن قيمتها التسويقية أعلى ولا تمثل هذه الفئة عدداً كبيراً.
وأضافت قائلة إن القانون الجديد سوف تعود فائدته على الفقراء ومحدودى الدخل فأغلب الحصيلة سوف تصب فى الموازنة العامة بالإضافة لتطوير العشوائيات والمحليات وبالتالى يصب كل هذا فى المصلحة العامة، وتتساءل: لماذا ينزعج أغلب المواطنين من القانون الجديد مؤكدة أن هذا القانون لا ينطبق على البسطاء بل الأغنياء.