السوق العربية المشتركة | "السوق العربية" تستعرض الآراء حول الإلغاء التدريجي للعمل بالاعتمادات المستندية

بعدما أعلن الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء خلال كلمته باليوم الثالث من جلسات المؤتمر الاقتصادي يوم الثلاثا

السوق العربية المشتركة

الخميس 21 نوفمبر 2024 - 20:02
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

"السوق العربية" تستعرض الآراء حول الإلغاء التدريجي للعمل بالاعتمادات المستندية

بعدما أعلن الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، خلال كلمته باليوم الثالث من جلسات المؤتمر الاقتصادي يوم الثلاثاء الموافق 25 أكتوبر، أنه سيتم إلغاء العمل بالاعتمادات المستندية في عملية الاستيراد خلال أقل من شهرين، أعقبه قرار البنك المركزي ببدء الإلغاء التدريجي ليكون الإلغاء الكامل بحلول نهاية ديسمبر، سادت حالة من التفاؤل، فالقرار استجابة لمطالب نادت بها جميع منظمات الأعمال لشهور منذ بدء الإعلان عن العمل بالاعتمادات المستندية فبراير الماضي وحتى إلغائه، حيث حذرت من التداعيات السلبية لهذا القرار على الاقتصاد المصري وخاصة قطاع الاستيراد بما يؤثر على استقرار الصناعة وتوافر السلع، ونستعرض خلال السطور التالية آراء الخبراء حول مدى تأثير تطبيق هذا القرار على الاقتصاد.



 

صرح أحمد الوكيل، رئيس الغرفة التجارية بالإسكندرية، بأن الحل الصحيح يكمن في إلغاء قرارات البنك المركزي الصادرة بتاريخ  12 فبراير بأكملها، والتي من بينها العمل بالاعتمادات المستندية؛ وذلك للحفاظ على الطاقات الإنتاجية للصناعة الوطنية واستقرار الأسواق.

 

وقال نبيل بدوي، مستشار الغرفة التجارية بالإسكندرية لشئون الصناعات وريادة الأعمال، بأن القرار يعتبر بمثابة تصحيح، خاصة وأن العمل بالمستندات الاعتمادية كان يجبر التاجر على دفع كامل القيمة قبل وصول البضائع مما أحدث أزمة أدت إلى توقف الاستيراد تقريبًا، بخلاف ما كان متبعًا بالدفع على دفعات من خلال مستندات التحصيل حيث كان هناك سهولة في التعامل، فالعودة للعمل بمستندات التحصيل هو الأفضل وسيضمن عودة حركة الاستيراد من جديد.

 

وتابع: "نريد إلغاء القرارات الأخيرة حتى يعود السوق كما كان، خاصة وأن حاليًا هناك أكثر من 600 مصنع مهددين بالتوقف بسبب عدم توافر العملة الصعبة لشراء مستلزمات الإنتاج آخرها أحد المصانع الشهيرة الذي تعرض لأزمة شديدة".

 

وأضاف بدوي بأن الرئيس عبد الفتاح السيسي كان قد أصدر قرار بإعفاء مستلزمات الإنتاج ودخولها البلاد دون قيود والذي يُعد بمثابة علاج لتلك المشكلة، إلا أن القرار لازال في بداية تطبيقه، لذلك لابد من العمل على إعفاء مستلزمات الإنتاج من الضرائب والجمارك حتى تعود المصانع تعمل وتنخفض أسعار السلع.

 

وأشار إلى أن تعويم الجنيه كان أمرًا ضروريًا لصالحنا وكان لابد من حدوثه، وما ترتب عليه أن أسعارنا اصبحت منافسة لدول عديدة؛ بسبب انخفاض العملة وبالتالي أسعار المنتجات، مضيفًا بأن بعض الدول تلجأ لتخفيض العملة لتنافس في الأسعار، وأشهر مثال على ذلك دولة الصين.

 

وتابع مستشار الغرفة: "فيما يخص الدولار الجمركي لابد من إعادة النظر في آلية عمله وتحجيم عملية تحرير الصرف، لأنه يتحكم في سعر السلعة، وفي ظل تخطي الدولار حاجز 24 جنيه كنا نأمل أن يتم السيطرة على هذا السعر، ولو بما يسمى الدولار الحكومي، لذلك مطلوب تدخل الدولة للتحكم حتى نظل منافسين للدول المشهورة بالتصدير مثل الصين وتايوان وتايلاند".

 

وأوضح بأننا لابد أن نعترف أننا نعاني من أزمة في تدبير الدولار بسبب توقف المصانع، مشيرًا إلى أن التصنيع يخلق قيمة مُضافة ويعتبر جدار حامي للجنيه من خلال تحويل المادة الخام إلى منتج، لذلك لابد من القيام بعملية دعم كبرى لانقاذ التجار.

 

وتابع بأن ارتفاع سعر الدولار الجمركي يؤدي إلى رفع سعر المنتج، مضيفًا بأن أربعة دول من بين 134 دولة تطبق نظام الدولار الجمركي رغم معاناتهم من ذلك، لذلك في رأيي الشخصي أرى ضرورة إلغائه وأن يتم الصرف حسب آليات السوق.

 

ونوه لضرورة تشجيع زيادة حجم الصادرات عن طريق توفير مستلزمات الإنتاج، مؤكدًا بأن الرئيس عبد الفتاح السيسي كان يعي أهمية ذلك حينما طالب بإحلال الواردات وتعميق التصنيع المحلي، مضيفًا بأننا لدينا الموارد الهائلة التي تجعلنا في مصاف الدول القوية في التصدير، ولكننا نعاني من سوء تخصيص تلك الموارد.

 

وأضاف "بدوي" بأن مثال على ذلك تصدير عجينة الورق للصين واستيراده في صورة منتج؟! في حين نستطيع القيام بعملية التصنيع والتصدير، مشيرًا لضرورة إصدار الدولة قرار بمنع تصدير المواد الخام لإعادة تصنيعها محليًا وتحقيق قيمة مُضافة، مؤكدًا بأن طالمًا استطعنا تصنيع عجينة الورق نستطيع أيضًا تصنيع الكراسات وغيرها من المنتجات الورقية التي نستوردها بأضعاف سعرها، لذلك نحتاج لنقطة نظام.

 

وتابع بأن أزمة سلاسل الإمداد العالمية أثرت أيضًا على توافر المواد الخام، ونستطيع استغلال هذا الأمر لصالحنا عن طريق بدء تعميق التصنيع المحلي، متمنيًا دعوة كبرى الشركات العالمية للاستثمار في مصر.

 

وقال مستشار الغرفة بأن مؤتمر المناخ الذي تستضيفه مصر يأتي في توقيت حساس وغاية في الأهمية، نظرًا لأن التغيرات المناخية أدت إلى حرق بعض المحاصيل مما أدى لارتفاع أسعارها وصعوبة توافرها، مشيرًا إلى أننا سنواجه كارثة إذا لم يتم التحرك لحل أزمة سلاسل الإمداد العالمية.

 

وأكد بدوي على أهمية تشجيع المشروعات التي تقترب تكلفتها من الصفر "the coast near zero"، وتشغيل الشباب وتدريبهم على المشروعات القائمة على المواد الخام التي نتميز بها، ووضع خطة لزيادة حجم التصدير إلى 200 مليار دولار، مشيرًا إلى أن وجود عجز ما بين حجم التصدير والاستيراد لن يتيح زيادة قيمة الجنيه المصري.

 

وقال المهندس هاني المنشاوي، رئيس اتحاد الصناعات الصغيرة والمتوسطة ببرج العرب، بأن قرار إلغاء الاعتمادات المستندية هو الأمر الطبيعي لأننا كمستوردين كنا قد وصلنا لمرحلة جيدة جدًا بعلاقتنا مع الموردين؛ لذلك كنا نقوم بدفع جزء من حصيلة الفاتورة المطلوبة والمتبقي يتم سداده بعد وصول البضائع أو عقب وصولها بشهرين أو ثلاثة، وذلك لدرجة الثقة الكبيرة ما بين المورد والمستورد.

 

وتابع: "بعد قرار العمل بالاعتمادات المستندية اصبح لزامًا على المستوردين السداد دفعة واحدة، مشيرًا إلى أن الثقة الكبيرة في المستوردين المصريين ميزة كبيرة نتيجة حجم الأعمال الكبير مع الموردين على مستوى العالم، مضيفًا بأن ذلك يوحي بتشكيك الدولة في المستوردين ناهيك عن توفير الدولار خلال فترة زمنية قصيرة أسبوع إلى 10 أيام واشتراط مصدر معلوم، كل ذلك أحدث تباطؤ في عملية الاستيراد وخلق أزمة في توفير مستلزمات الإنتاج اللازمة للصناعة".

 

وأوضح بأن مع إلغاء العمل بالاعتمادات المستندية كل تلك المشكلات سيتم حلها ولكن مع بدء التطبيق الكامل للقرار.

 

وأوصى المنشاوي بضرورة حل مشكلة عجز الموازنة والفارق الكبير ما بين حجم الاستيراد والتصدير، مشيرًا لضرورة الوصول لحجم التصدير إلى 100 مليار دولار مثلما طالب الرئيس عبد الفتاح السيسي، مضيفًا بأن ذلك يمكن أن يحدث عن طريق تخفيض التكلفة وزيادة الجودة، وبالطبع بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي.

 

وأوضحت سماء حسن، مديرة شركة تخليص جمركي وعضو المجلس الاقتصادي لسيدات الأعمال بالغرفة التجارية بالإسكندرية، بأن حتى الآن لم يتم تفعيل القرار، مضيفة بأن مستلزمات الإنتاج فقط يتم استيرادها دون اعتماد مستندي، نظرًا لأهميتها في تشغيل المصانع واستمرار عملية الإنتاج، مقارنة مع غيرها من المنتجات المستوردة الأخرى.

 

وأشارت عضو المجلس الاقتصادي لسيدات الأعمال إلى أن المعرقل الاساسي حاليًا هو كيفية توفير الدولار، فلا يقتصر الأمر على أزمة اعتماد مستندي، موضحة بأن هناك الكثير من العملاء تتوافر لديهم المبالغ ولكن ليست في صورة عملة دولارية، وبالطبع نتيجة لذلك اصبح هناك نقصًا في بعض السلع بالأسواق.

 

وارجعت أزمة توافر الدولار إلى قرار العمل بالاعتمادات المستندية الذي أدى لسحب السيولة من المستوردين بالسوق، بالإضافة لتكبد عمولة الاعتماد المستندي، في حين كان يتم الدفع آجل على مراحل حتى وصول المنتج للمستهلك، مقابل سحب حجم أعمال كبير بدفعات على شهور.

 

وقالت بأن إلغاء الاعتماد المستندي أمر جيد في حد ذاته وسيعمل على تيسير عملية الاستيراد، كما أن الرجوع للعمل بمستندات التحصيل سيوفر سيولة مع المستوردين للقيام بالدفع على مراحل نظير رسوم التحويل فقط، وهي بالمناسبة أقل من عمولة الاعتماد المستندي.

 

وتابعت بأن أكثر من تضرر خلال العمل بالاعتمادات المستندي هم أصحاب المصانع بعد حدوث نقص في الخامات الأولية المستوردة اللازمة للتصنيع، وبالتالي حدوث أزمة توافر بعض السلع وارتفاع أسعارها، بالإضافة إلى جشع البعض من التجار في استغلال الأزمة لرفع السعر، وبالتالي ضعف حجم المبيعات، حيث أصبح الجميع متعثرين.

 

وأضافت: "جميعنا نأمل في حدوث انفراجات على جميع الأصعدة بقدوم شهر يناير، سواء من جهة إلغاء الاعتماد المستندي، وانتهاء الحرب الروسية الأوكرانية، خاصة بعد التمكن من السيطرة على انتشار وباء كورونا وعودة تشغيل المصانع دون تعقيدات في الإجراءات، بالإضافة إلى انعقاد مؤتمر المناخ بمصر ودخول تمويلات ستؤدي إلى انفراج الأزمة".