انفلونزا الطيور «الخطر القادم» فى الشتاء والحكومة تستعد لإنقاذ الثروة الداجنة قبل وصولها للمستهلك
«السوق العربية» تطرح القضية:
انفلونزا الطيور «الخطر القادم» فى الشتاء والحكومة تستعد لإنقاذ الثروة الداجنة قبل وصولها للمستهلك
وزارة الزراعة فى الحكومات المتعاقبة لم تحرك ساكناً واقتصر الأمر على تنفيذ بعض الغرامات على أماكن غير مرخصة
عندما نتحدث عن وباء فى احتمالية قدوم إلينا فى فصل الشتاءً بمحتواه فيروس قاتل يهتك الأرواح البشرية وسرعة انتشاره لافتة للنظر، عندها لا بد من تسارع كافة الجهات التى من شأنها إيجاد طرق الوقاية ضد هذا الوباء بالبحث والسعى نحو محاولة استئصاله وعدم تمكينه من الانتشار، حيث إن الجهود التى قدمتها وزارة الصحة الموقرة والساعية لتقديمها مستقبلاً بشكل أفضل بلا شك عبر الخطط القادمة لا بد أن تتوج بالشكر والعرفان، ولكن ومع ذاك التظافر مازلنا نحتاج إلى بصمة المساندة الفعالة برزانة اتخاذ القرارات التى من شأنها طرح الإيجابية فى إزاحة هذا الوباء وعدم ظهوره فى هذه الموسم من الشتاء.. وعلى المواطن التعرف على بعض الامور الهامة.. والاتجاه الى مجال التوعية والإرشاد لمواجهة هذا الوباء المنتشر إذ إن توعية أصحاب المحلات التجارية بمختلف أنشطتها والعاملين بها أصبحت معدومة والدليل على ذلك واللافت للنظر محلات الطيور المهمشة عن التوعية وعن الضوابط الإرشادية خاصة فى أوساط انتشار مرض أنفلونزا الطيور، فكما هو معروف أن المسببات الرئيسية لانتشاره وتفحله بالمجتمع هو التخالط بين الأشخاص، وخاصة بالمحلات التجارية الخالية من التعقيم، وبالأخص ممنوع منعا باتا بيع أو تداول الطيور أو الدواجن إلا بعد ذبحها فى مجازر مرخصة من قبل وزارة الزراعة. هذه هى القاعدة الأساسية تقريبا التى يتمحور حولها قانون 70 لسنة 2009 الخاص بتداول وبيع الدواجن فى مصر، الذى صدر حينئذ لمكافحة انتشار أنفلونزا الطيور ومحاصرة المرض، حيث يبدأ بعدم تربية الطيور إلا فى أماكن مرخصة ومنع الذبح إلا بالمجازر التى ترخصها وزارة الزراعة أيضا بينما تناول القانون فى بقية مواده حق الهيئة العامة للخدمات الطبية فى إعدام أى بؤرة محل الإصابة، فضلا على تحديد الغرامات التى تبدأ من ألف حتى 10 آلاف جنيه، وغلق الأماكن غير المرخص لها بالذبح لمدة تصل إلى 3 أشهر ومصادرة الطيور لحساب وزارة الزراعة.
هذه هى القاعدة القانونية، التى ظلت حبرا على ورق، بعد أن أظهر الواقع أن تنفيذها مستحيل، واتضح من التجربة أن هناك ضرورات ملحة وعوامل موضوعية لا يمكن للقانون أن يصبح فعالا من دونها.
فى عام 2010 استيقظ مستثمرو الثروة الداجنة من صغارهم إلى كبارهم على صدور اللائحة التنفيذية للقانون وتقضى بالمنع الفورى لتداول أو بيع الدواجن الحية فى كل من «القاهرة والجيزة و6 أكتوبر والإسكندرية» إلا إذا كانت مصحوبة بتصريح من الهيئة العامة للخدمات البيطرية لتثبت خلوها من أنفلونزا الطيور واستيفاء هذه المحلات للاشتراطات الصحية للتربية، على أن تعطى اللائحة مدة سنة كفترة انتقالية لمحال الدواجن والمزارع لتقنين أوضاعها، وبناء ما يلزم من مجازر مستوفاة للاشتراطات والتراخيص.
كان هذا كله ما توصلت إليه المجموعة الوزارية العاجلة التى تشكلت فى هذه الفترة لمواجهة فيروس الأنفلونزا، وإنقاذ الثورة الداجنة التى تصل إلى 780 مليون فرخ سنويا، وقتها قامت الدنيا ولم تقعد، واعترض أصحاب المحال الذين اعتبروا أن الذبح فى المجزر لا يناسب طبيعة المستهلك المصرى الذى «يريد أن يرى كل فرخ على الطبيعة»- كما قال أحدهم- كما احتج أصحاب المزارع الذين أعلنوا عن انخفاض أعداد المجازر المرخصة مقارنة بحجم الإنتاج، وهو ما يعنى إعدام ما يزيد على مليون فرخ يوميا، فضلا على عدم قدرتهم على إنشاء مجازر خاصة بالذبح، الأمر الذى دفع عددا من المستثمرين على الجانب الآخر للإقبال على إنشاء مجازر خاصة، خصوصا أن «السوق تحتاج ذلك»- على حد قولهم- وما بين هذا وذاك هرعت الأجهزة الحكومية إلى النزول إلى المحال والمزارع غير المرخصة وإعدام الدواجن فيها إذا ما تم الشك فيها للإصابة.
اليوم وبعد مرور 4 أعوام على إصدار قانون 70 وفى ظل عودة انتشار بؤر الإصابة بالأنفلونزا بين الطيور، لم تختف فوضوية المشهد الذى يكشف أن القانون كان مجرد حبر على ورق، فالطيور الحية مازالت تباع فى المحال، و60٪ من مزارع تربية الدواجن غير مرخصة وفقا لتقرير الهيئة العامة للخدمات البيطرية، والمجازر المرخصة مازالت أقل بكثير من نسبة الإنتاج، فالموجود لا يغطى سوى 46٪ فقط من حجم الإنتاج الفعلى لدجاج التسمين، وهو الأمر الذى كشفته دراسة مركز المعلومات واتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء 2013، والذى أوضح أن مصر فى حاجة إلى إنشاء 33 مجزرا جديدا لتغطية محافظات الجمهورية، وهو ما يحتاج إلى تكلفة تصل إلى 582 مليون جنيه، أما من سولت له نفسه من القطاع الخاص إنشاء مجزر خاص ففى ظل عدم تنفيذ القانون، وبالتالى عدم التزام أصحاب المزارع بالذبح فى المجازر، تحولت المجازر الخاصة إلى خرابات، أجهزتها معطلة وأموالها مهدورة، وأصحابها على شفا أمتار من السجن.
حتى الآن لا توجد خطوة تنفيذية من وزارات الزراعة فى الحكومات المتعاقبة منذ صدور القانون، وهى الجهة الأولى المسئولة عن تنفيذ القانون، ترمى إلى نية تطبيقه على أرض الواقع، ويقتصر الأمر على تنفيذ بعض الغرامات على أماكن غير مرخصة، وإعدام أخرى فى بؤر تربية منزلية، وذلك مع كل مرة تثير فيها وسائل الإعلام موضوع أنفلونزا الطيور عقب ظهور حالات مصابة بالأنفلونزا الموسمية تنتهى بانخفاض موجة إثارة الموضوع «لتعود ريما لعادتها القديمة» من جديد.
وإن الإصابة تعود إلى «التراخى فى إجراءات حماية الأراضى الزراعية، وتزايد مخلفات إقامة مزارع الدواجن فى الأراضى خصوصا الدلتا ووادى النيل، خصوصا فى محافظات المنوفية والغربية والدقهلية والجيزة والفيوم وبنى سويف». اكتشاف الهيئة للبؤر المصابة التى تعتمد فيها على فرق استطلاع تسمى الكاهو منتشرة بين مزارع تربية الدواجن، يعقبها قيام أطباء بيطريين بالهيئة بإعدام الطيور المصابة وما فى نواحيها، وبالتالى القدرة على احتواء انتشار الفيروس، الغريب أن هذا الدور يقتصر على 40٪ فقط من مزارع تربية الدواجن فى مصر، حيث تعمل المزارع الباقية «60٪ من المزارع» بدون ترخيص، وبالتالى بدون فحص أو تحصين..
أوضح ايضا أن ذبح الطيور فى المجازر المرخصة وفقا للقانون يعنى تحصينها بمجرد وجودها فى المزرعة، فضلا على فحصها أثناء التربية وقبل الذبح وبعده أيضا، وهو الأمر الذى لا يقى من أنفلونزا الطيور فقط، بل من العديد من الأوبئة التى تصيب الطيور وتنتقل للإنسان أيضا، وإن كانت أقل خطورة من الأنفلونزا الموسمية. حتى المجازر المرخصة وفقا للنواوى لا تخلو من المشاكل التى يعتبر أن أهمها هو تعيين صاحب المجزر لأطباء بيطريين بمعرفته، وليس من جهة الهيئة العامة للخدمات البيطرية وهو الأمر الذى يؤدى إلى «تضارب مصالح».
أنفلونزا الطيور أصحبت من الفيروسات التى أعلنتها منظمة الصحة العالمية كموسمية، وهذا معناه أن التحصين الموسمى لا غنى عنه بدءا من 2010 عقب الإعلان، ولأن الفيروس انتقل للإنسان بالفعل يجب أن نتوقع ظهور سلالات جديدة منه كل عام لتحوره داخل الطائر المصاب أو الإنسان، وهو الذى تعلن عنه منظمة الصحة العالمية فى شهر مارس لكى تستعد شركات الأدوية لإنتاج مصل يواجه السلالة الجديدة، ويكون جاهزا فى بداية الشتاء لتحصن الطيور.
هنا، يأتى دور وزارة الزراعة فى شراء هذه الأمصال وتطعيم الطيور فى بداية موسم الشتاء ضد سلالة الأنفلونزا الشائعة هذا قد يحدث فى الأماكن المرخصة التى تقع تحت إشراف الوزارة ومديريات الطب البيطرى وهيئة الخدمات البيطرية، لكن الأزمة فى المزارع غير المرخصة والتربية المنزلية والمحال التى تقوم ببيع الطيور حية أو تقوم هى بالذبح، وليس فى مجازر مرخصة، وهذه جميعا ليس من المنطقى بعد 4 سنوات من القانون أن تظل فى العمل كما هى بدون تدخل الأجهزة المعنية لإيقافها.
وفى سياق متصل فإن «محمود. ن»، صاحب أحد محال بيع الدواجن بمنطقة العمرانية بالجيزة، دافع عن نشاطه بأن الزبون المصرى يفضل ذبح الدواجن قبل الشراء مباشرة، وأن إلزام القانون بالذبح فى المجازر قد يفيد أصحاب المزرعة، أما هو كصاحب محل صغير، على حد وصفه، القانون بالنسبة له خراب ديار، وهو أمر يضر الآلاف من أصحاب المحلات الصغيرة مثله.
محمود أوضح أنه يقوم بالدفع للموظفين للتغاضى عن عدم قانونية نشاطه، وهو الأمر ذاته الذى تقوم به المزارع غير المرخصة، وفقا لما أوضحه عاطف القاضى، صاحب مجزر خاص، موضحا أن مجزره الذى تحول إلى خراب كان من المفترض أن يستقبل نصف مليون فرخ سنويا وفقا لدراسة الجدوى التى أعدها قبل إنشاء المجزر، وهو العدد الذى لا يكفيه الذبح فى المجازر الحكومية، لكن المزارع «تستسهل» وتقوم ببيع الدواجن حية لتجار التجزئة، متجاهلة القانون أو لائحته التنفيذية، وهو ما أدى إلى توقف العمل فى مجزره بعد شهر واحد من الإنشاء لعدم وجود دواجن، مضيفا: «إذا أردت تشغيل المجزر من جديد يجب أن أقوم بشراء الدواجن، وهو ما لا أستطيعه لعدم وجود سيولة مادية وكثرة المديونيات علىّ، والتى قد تؤدى بى إلى السجن». المخالفات على مدى الأربعة الأعوام الماضية لم تقتصر على القانون أو لائحته التنفيذية فقط بل امتدت حتى للقرارات التى صدرت فى أعقابه، مثل ما أصدره مجلس المحافظين فى جلسته رقم 17 بشهر يوليو 2009، بتحويل محلات بيع الطيور إلى نشاط بيع الدواجن المثلجة أو المجمدة ومساعدتها على تغيير النشاط، وقرار وزير الزراعة رقم 1002 لسنة 2009 بغلق جميع مزارع الدواجن غير المرخصة بعد انتهاء الدورة الإنتاجية الحالية ويفوض المحافظين فى اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ ذلك مع إمكانية تغيير النشاط ومنح أولوية لهذه المزارع فى تخصيص أراض بالمناطق الصحراوية لإقامة نفس النشاط فى المخطط الجديد.
ومن جانب اخر قال عبدالله محمد ان اسعار الدواجن فى ارتفاع مستمر حيث يتراوح سعر الدواجن من 17 الى 19 جنيها فى الكيلو الواحد حيت ان من يتحكم فى هذه هم اصحاب المزارع حيث يقوم صاحب المزرعة بطرح كيلو الدواجن بـ 15 الى 16 جنيها ومن بعده يقوم البائع برفع الاسعار على المواطن.
وفى حوار مع سعيد جمال احد اصحاب مزارع الدواجن حول الإجراءات الوقائية إلى تقليل مصادر العدوى فى مزارع الطيور والدواجن ومنع انتقالها إلى المزارع الأخرى وبالتالى إلى الإنسان وذلك باتباع الإجراءات الاحترازية المتمثلة فى التالى:
التخلص من الطيور المصابة وذلك بإعدامها حسب الأساليب العلمية المتبعة. التخلص من النفايات ومخلفات الطيور بطرق آمنة وسليمة. إعطاء العاملين بمزارع الطيور العلاج الواقى ضد الفيروس وكذلك اللقاحات ضد الفيروسات البشرية. الترصد الوبائى النشط لمزارع الطيور وأماكن تربية الدواجن من قبل الجهات المختصة بهدف الاكتشاف المبكر للحالات واتخاذ الإجراءات الاحترازية الفورية لمنع انتشار العدوى بين الطيور. اتباع تعليمات وضوابط مكافحة العدوى فى المختبرات والمستشفيات. التوعية والتثقيف الصحى للقائمين والعاملين فى مجال تربية الطيور والدواجن وتزويدهم بالمعلومات والنصائح والإجراءات الوقائية اللازمة فى مثل تلك الظروف. إيقاف استيراد الطيور والدواجن من الدول الموبوءة بالمرض. إرفاق طلب شهادات خلو الطيور والدواجن وكذلك الإنسان. الإبلاغ الفورى عن أى إصابات مشتبه فيها بين الطيور والدواجن وكذلك الإنسان. التنسيق بين الجهات ذات العلاقة كوزارات الزراعة والصحة والتجارة والشئون البلدية والقروية وذلك لاتخاذ الإجراءات لمنع وفادة المرض ورفع درجة الترصد والتحقق المبكر من المصادر المحتملة للمرض.