بعد أن منحه الرئيس السيسى قبلة الحياة.. منخفض القطارة مشروع القرن لمصر
جاء اعلان الرئيس عبدالفتاح السيسى عن احياء مشروع منخفض القطارة ليمنح المشروع قبلة الحياة من جديد بعد عمليات شد وجذب طوال الـ90 عاما الاخيرة، فمنذ ان فكر أستاذ الجغرافيا بجامعة برلين، البروفيسور الألمانى هانز بنك، فى تحويل مجرى النيل ليصب فى منخفض القطارة؛ لتكوين بحيرة مياه عذبة كخزان مائى ضخم، يولد الكهرباء. فى عام 1916 وحتى الان ولم يكف اى من الملوك والرؤساء فى مصر عن الحديث عن المشروع الذى لم ير النور الا على يد الرئيس السيسى، فقد فكر الملك فاروق فى إنشاء مشروع منخفض القطارة، لكن الحرب العالمية الثانية لم تمكنه من تحقيق ذلك، وانتهت الحرب ولكن تركت منطقة مليئة بألغام حول المنخفض وهو ما عطل العمل بالمشروع.
ثم جاء الرئيس الأسبق محمد أنور السادات، كأن أول من بدأ فعلياً فى تنفيذ المشروع بإصدر قرار فى 25 يوليو 1973، باعتبار منخفض القطارة مشروعا قوميا، وطالب بإعطائه الأولوية، ووقع مجلس الوزراء اتفاقية مع ألمانيا الغربية لدراسة المشروع، وقدم بنك التعمير فى «بون» 11.3 مليون مارك، منحة لتمويل الدراسات النهائية.ولكن توقف المشروع ايضا حتى قدم احد نواب الشعب فى عهد الرئيس مبارك وتحديدا فى 30 سبتمبر 2009 سؤالا للحكومة عن مصير مشروع توليد الطاقة من منخفض القطارة الذى سيولد 3 أضعاف الكهرباء التى يتم توليدها من السد العالى، ولكن دون جدوى ايضا فكل الحكومات وعدت بتنفيذ المشروع ولم ير النور.
حتى جاء قرار الرئيس السيسى باحياء المشروع من جديد كمشروع قومى فى حكومة رئيس الوزراء إبراهيم محلب.
ويهدف مشروع منخفض القطارة إلى توليد الكهرباء عن طريق شق مجرى يوصل مياه البحر الأبيض المتوسط، لتصب فى منطقة منخفض القطارة فى الصحراء الغربية. بالقرب من مدينة العلمين عند مارينا، ويشمل شق مجرى مائى بطول 75 كيلومترا تندفع فيه مياه البحر المتوسط إلى المنخفض الهائل الذى يصل عمقه إلى 145 متراً تحت سطح البحر، لتكوين بحيرة صناعية تزيد مساحتها على 5 ملايين فدان، ويستغل اندفاع المياه لتوليد طاقة كهربائية رخيصة ونظيفة تصل إلى 2500 كيلووات/ساعة، توفر سنويا 1500 مليون دولار ثمن توليدها بالمازوت. ومن أبرز مكاسب المشروع توليد طاقة كهربائية نظيفة، تصل إلى 2500 كيلووات/ساعة، توفر 1500 مليون دولار على الخزانة المصرية سنويا وتزيد من فرص الاستثمار الصناعى فى المنطقة، كما يمكن زيادة كمية الكهرباء المتولدة عن طريق جعل القناة أكثر انحداراً للجنوب ولكن من شأن ذلك زيادة تكاليف المشروع. كما يمكن استخدام المطر الناتج عن البخار فى زراعة آلاف الأفدنة فى الصحراء، كما يمكن استخدام جزء من الكهرباء المتولدة فى سحب المياه من المنخفض، وتنقيتها ما يجعل مصر أكبر دولة فى العالم إنتاجاً للأملاح ويتيح استصلاح كمية أكبر من الأراضى كما يتيح تعويض نقص المياه العذبة ويجنب مصر المشاكل مع دول حوض النيل. وتساهم البحيرة الصناعية فى إنتاج كميات هائلة من الملح والأسماك، كما يخفف إنشاء ميناء بحرى الضغط على ميناء الإسكندرية، كما تهدف الخطة لإنشاء مشروعات سياحية خصوصاً بالقرب من موقع السد الذى سيكون أكبر سد بنته اليد البشرية. ومن فوائد المشروع تسكين ملايين المصريين القادمين من وادى النيل الضيق وخلق فرص عمل لهم، مع تقليل آثار الاحتباس الحرارى على مصر.
وعن الاهمية الاقتصادية للمشروع يقول الدكتور مصطفى النشرتى استاذ الاقتصاد بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا.
ان منخفض القطارة هو مشروع القرن بالنسبة لمصر فمنذ التفكير فى المشروع قبل ما يقرب من 100 سنة وحتى الان تجد من هو متحمس لتنفيذ المشروع ومن هو رافض له ويرجع ذلك الى ان الاقمار الصناعية الامريكية كانت قد التقطات صورا قديمة جدا للموقع تظهر بعض السلبيات اهمها فى ذلك الوقت التخوف من انشاء منطقة زلازل بفعل الطبيعة بجانب ارتفاع كتلة الماء التى تصل الى اكثر من 130 مترا والحديث قديم عن تمليح التربة والتأثير على منطقة المياه الجوفية الصالحة للزراعة.
ولكن مع تقدم الزمن والبحث العلمى اثبتت الدراسات الحديثة ان هذه المخاوف ليست حقائق ويمكن التغلب عليها من خلال خرائط جديدة تم التقاطها من خلال اقمار صناعية حديثة.
ويؤكد النشرتى ان المشروع سيساهم فى حل العديد من الازمات الكبيرة فى مصر منها توليد الكهرباء من خلال الشلال الناتج عن حفر القناة التى تصل الى 80 كيلومترا جنوب العلمين حتى يمتلئ المنخفض بالماء فانه سيغير شكل الحياة فى الصحراء سيتم انشاء 6 مدن جديدة وسيتم توطين السكان بالاضافة الى انشاء بحيرة بها ثروة سمكية ضخمة جدا.
وهذه البحيرة ستغير شكل الحياة فى الصحراء ليصبح المناخ من صحراوى الى شبه صحراوى وهو تغير مناخى كبير جدا يؤدى الى هطول الامطار حول البحيرة وهو ما يساعد على زراعة مليون فدان وخروج مراعٍ بشكل طبيعى حول البحيرة وهو ما سيساعد على تربية ثروة حيوانية رخيصة دون تكلفة على هذه المراعى وهو ما سيقضى على ازمة اللحوم فى مصر.
توليد الطاقة
ويطالب النشرتى بتشكيل هيئة قومية لتنمية وتعمير المنخفض تكون تابعة لمجلس الوزراء على ان تضم عددا من العلماء فى كل المجالات.
فى حين ترى الدكتورة بسنت فهمى استاذ الاقتصاد بالجامعة الامريكية ان منخفض القطارة مشروع التكامل الاقتصادى باضلاعه الثلاثة التى تتمثل فى الطاقة والمياه ومنظومة النقل وشبكات الطرق.
وقالت فهمى ان المشروع سينقل مصر نقلة اقتصادى كبرى بعدما طلب الرئيس السيسى من الحكومة احياءه من جديد بعد عطل دام 90 سنة خاصة ان المنطقة بعد انشاء محافظة العلمين تستوعب اكثر من 5 ملايين شخص وهو ما سيؤدى الى انشاء مجتمعات جديدة قائمة على الزراعة والصناعة ومناطق بها تكامل.
إنقاذ الدلتا
وتفجر بسنت فهمى مفاجأة من العيار الثقيل أن اهمية المشروع تتلخص فى ان تنفيذ هذا المشروع سيقضى على ارتفاع الماء بالبحر الابيض والتى يهدد بعض الشواطئ المصرية والمدن بالدلتا من الغرق بشكل كامل خلال الـ50 عاما القادمة. وهو ما سيقضى عليه المشروع بعد تنفيذه بجانب قدرة المشروع على الحد من ظاهرة الاحتباس الحرارى وارتفاع درجة الحرارة فى مصر. وتوجه فهمى اللوم الى المعترضين على اقامة واحياء المشروع فتقول على شلة المنتفعين وكارهى مصر ان يختفوا من المشهد ويتركوا الرئيس يعمل ومعه الحكومة حتى تنطلق مصر نحو مستقبل يستحقه الاجيال. وعن التمويل فتقول الدكتورة بسنت ان مشروع المنخفض سيحتاج الى ما يقرب من 14 مليار جنيه لشق القناة وهذا المبلغ ليس بكبير وسط اصرار الشعب المصرى الذى عرف الطريق جيدا وهو شراء اسهم من خلال طرحها مثلما يحدث الان فى مشروع محور قناة السويس.
ويرى الدكتور جبر عبدالسلام استاذ الكهرباء بجامعة المنصورة وعضو مجلس ادارة شركة كهرباء مصر ان مشروع منخفض القطارة سيساهم بشكل كبير فى حل مشكلة الكهرباء خاصة انه قادر على توليد طاقة بقوة الدفع المائى لن يكلف الدولة اى مبالغ مادية فهو حل سحرى للازمة الحالية خاصة اذا علمنا ان الازمة الحالية تحتاج الى بناء محطات وشبكة نقل تقدر تكلفتها ١٣٠ مليار جنيه مع توافر الوقود اللازم، فى حالة استخدام السدود والمصبات فان الطاقة المولدة من اندفاع المياه تحول الى طاقة حركة دون استخدام وقود فى إدارة المولدات، بينما تتلخص معوقات التنفيذ فى التكاليف الكبيرة لحفر مسار قناة المشروع التى بلغت حوالى 14 مليار دولار فى آخر حسابات وزارة الكهرباء والطاقة، وذلك إضافة إلى وجود آبار بترول فى المنخفض وكذلك وجود امتيازات لشركات البحث عن البترول تنتهى عام 2029. ويؤكد جبر ان هذه المشاكل يمكن التغلب عليها بشكل كامل بالتنسيق بين كل الجهات المخولة بتنفيذ المشروع.