السوق العربية المشتركة | البصرة ردت المالح

كان التواصل بين بلداننا لا يعرف تأشيرات الدخول ومستلزماتها وتعقيداتها فقد كان الأجداد والآباء يتنقلون بين دول

السوق العربية المشتركة

الإثنين 25 نوفمبر 2024 - 03:36
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب
البصرة ردت المالح

البصرة ردت المالح

كان التواصل بين بلداننا لا يعرف تأشيرات الدخول ومستلزماتها وتعقيداتها، فقد كان الأجداد والآباء يتنقلون بين دول الخليج العربي وبعض البلدان العربية بما يملكون من وسائل التواصل ومن بينها طبعاً السفن والقوارب للبلدان التي لابد من الوصول إليها عن طريق البحر، أما البلدان التي تربطهم مع بعضهم بعضاً اليابسة فكانوا يستخدمون الدواب أو المشي على الاقدام مع استراحات بين مدينة وأخرى.. كانت البصرة بالعراق قريبة من معظم بلدان خليجنا العربي، ولذلك فإن اسماك الخليج المجففة «المالح» كانت من البضائع أو الهدايا التي يحملها أبناء الخليج لأهل البصرة، والذين بدورهم اشتهروا بكل أنواع الرطب والتمور فأنواع الأسماك المجففة الخليجية كانت تلقي قبولاً من أهل البصرة، رغم أن العراق أشتهر والى اليوم بسمك المسقوف الذي يلقي قبولاً من زائري العراق وقتها، خصوصاً تلك المطاعم والمقاهي التي تقع في شارع أبونواس، والرشيد، وهذه تؤكل طازجة ويتفنن العراقيون في الشواء وتحضيرها على موائد الزائرين؛ 



ويوم أن عافت البصرة لأسباب غير معروفة السمك المجفف «المالح» فقد ذهب ذلك مثلاً يضرب عند أهل الخليج العربي عندما ترفض بضاعة أو ربما خدمة يقدمها أحد بشروط مجحفة رغم الحاجة إليها، فيقال «البصرة ردت المالح» أو «عافت المالح» كناية أن ما يقدم لا يرقى إلى طموح من قدمت له الخدمة أو البضاعة. 

ما أكثر ما نشهده في زماننا هذا من خدمات لا يكون الغرض منها مبرأ من النوايا غير الصادقة أو ربما الخبيثة، فنشعر بيننا وبين أصدقائنا وزملائنا أن ما يقدم وراءه أمور لا تحمد عقباها وعلينا الحذر كل الحذر لا نريد أن تأخذنا الريبة في كل ما يقدم لنا فنحن نعلم أن أخوة لنا في بلداننا العربية ينشدون الخير لنا، ونعلم أن البعض تتداخل في ذواتهم نوايا الشر لأسباب نعلمها وأسباب قد لا نعلمها، كما أننا نعيش في زمان حولنا الكثير ممن يطمع فيما نملك من خيرات ويحاول الوصول إليها بكل الطرق والوسائل والسبل، كما نعلم بأن هناك من الجيران والأصدقاء ممن يسعون لإقامة علاقات وثيقة للارتباط المصيري بيننا وبينهم، فدراسة النوايا والتجارب بين الناس تحتاج إلى الرؤية الثاقبة والحكمة المبنية على العلم والإدراك والشعور الإنساني اليقض، فالحرص على التعاون الإيجابي ودراسة التجارب وتقييمها تساعد على الفهم والإدراك الصائب، وإذا كانت التجربة خير برهان، فإن التجارب المدروسة هي التي تقود إلى البرهان الأصوب المبني على أسس ثابتة وراسخة مع صدق النوايا الظاهرة والباطنة. 

في تلك الأزمان كان التبادل السلعي هو معيار التعاون التجاري والاقتصادي بين البلدان الشقيقة والصديقة، فالكل كان يحرص على تجويد ما لديه من منتجات زراعية أو ثروة حيوانية أو ثروة مائية بحرية أو نهرية، فيتم التبادل السلعي واحياناً يتم مقابل ما يقدم المبالغ اللازمة المعقولة ودون مبالغة، فالغرض كان هو التبادل الذي هدفه التواصل بين الناس وتقديم كل ما يسر الخاطر ويشرح الصدر وشعوراً بين ما يربط الناس بعضهم بعضاً يكتب له الديمومة في التعامل المتكافئ، والذي يقيم التواصل بين الناس بما يحفظ عليهم علاقاتهم الوثيقة والتي قد يلجأون إليها عندما تدلهم الخطوب ويجدون عند اخوانهم وزملائهم وأهلهم ما يحفظ كرامتهم وعزهم ويعزز المودة والمعروف بينهم. 

نسمع ونشاهد هذه الأيام في معظم بلداننا العربية الدعوات الصادقة للاهتمام بالزراعة بشكل عام وبعض المزروعات بشكل خاص إيماناً بأن خيرات الأرض عندما تجود تزرع الأمل في النفوس، وتسهم في النمو الاقتصادي والتجاري، وخصوصاً تلك المزروعات التي تشتهر بها بعض البلدان عن سواها؛ فالصناعة مطلوبة لمعظم بلداننا العربية لتطوير اقتصادنا وتنويعه، كما أن الأرض بطبيعتها معطاءة وخيرة فالاهتمام بالزراعة والعناية بها تعتبر مصدراً مهماً للدخل، كما أنها تحافظ على البيئة، وكلما زادت الرقعة الزراعية في أوطاننا كلما وجدنا الفرصة سانحة لتطوير منتجاتنا الزراعية، وقد يكون من بينها ما يدخل في الصناعة والتبادل التجاري. 

لقد درسنا ونحن في سنوات التعليم المختلفة أن الدول الصناعية الكبرى هي بالضرورة دول زراعية لا يستهان بمنتجاتها الزراعية، وخيراً فعلت مملكة البحرين بالاهتمام بالزراعة والرقعة الخضراء في بلادنا بتوجيه ودعم من صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة صاحب الجلالة الملك المفدى حفظها الله، وأن المملكة سائرة في طريق زيادة المساحة الخضراء في مدننا وقرانا وتشجيع المزارعين بما يعود عليهم وعلى أسرهم بالخير، وبالضرورة سيعود ذلك على بلدنا مملكة البحرين إن شاء الله بالخير. 

فتحية لكل تلك الجهود المخلصة من أجل أن تبقى أراضينا خضراء يانعة وتكون مملكة البحرين بلد المليون نخلة اسماً على مسمى. 

وعلى الخير والمحبة نلتقي