السوق العربية المشتركة | سلامون القماش.. قلعة صناعية دخلت غرفة الإنعاش

السوق العربية المشتركة

الإثنين 18 نوفمبر 2024 - 08:24
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

سلامون القماش.. قلعة صناعية دخلت غرفة الإنعاش

محررة «السوق العربية » فى جولة بمصانع سلامون القماش
محررة «السوق العربية » فى جولة بمصانع سلامون القماش

شباب القرية: أملنا كبير فى حكومة المقاتلين لإحياء صناعة التريكو وبث الروح فى القرية

قرية سلامون القماش التابعة لعروس الدلتا قرية ولدت عملاقة وحفرت اسمها بحروف من ذهب ولم لا؟ وهى القرية التى خرجت صناعتها حدود مصر لأنها تبنت مشروعاً عملاقاً تحدث عنه الرئيس المخلوع «حسنى مبارك» فى بداية توليه المسئولية وقالها جملة شهيرة «أتمنى أن جميع قرى مصر تحذو حذو تلك القرية» التى تخصصت فى صناعة التريكو وأصبحت شهرتها عالمية حتى أصبح دخل الأسرة فيها عاليا وأصبح كل فرد من تلك القرية يمارس تلك المهنة التى تدر عليه دخلاً وفيراً.. وأصبح كل فرد يعتمد على نفسه لامتهانه تلك المهارة حتى ضجت شوارع القرية بحركة البشر بل وتمت الاستعانة بالعمالة من خارج القرية ومن القرى المجاورة لها وأصبحت صناعة التريكو عنوان أهل القرية فهم يتباهون ويتفاخرون بين القرى بأنهم عماد الاقتصاد داخل محافظة الدقهلية ولكن بعد أن عاشت سلامون القماش أزهى فتراتها دخلت غرفة الإنعاش ووضعت الأسر على أجهزة التنفس الصناعى بعد أن باتت تلك الصناعة وغيرها من الصناعات الصغيرة التى تمثل أهمية كبيرة فى المنظمات والهيئات الدولية والإقليمية فالصناعات الصغيرة تمثل محور اهتمام السياسات الصناعية الهادفة إلى تخفيض معدلات البطالة فى الدول النامية والدول المتقدمة صناعياً بغض النظر عن فلسفتها وأسلوب إدارتها لاقتصادها، كما أن الصناعات الصغيرة تمثل أهمية كبيرة جداً بل وهى عامل مؤثر فى اقتصاد أى دولة فبالرغم من كوننا فى حالة اقتصادية متدهورة وانهيار العملة المصرية وزيادة نسبة البطالة وحدتها فى البيوت المصرية مازالت الدولة لا تدعم الصناعات الصغيرة التى تعد عاملا أساسيا فى تقدم معظم الدول.



رغم أن مصر بلد زراعى إلا أن تلك الفترة شهدت طفرة صناعية كبيرة واعتقدنا أن مصر سوف تكون احدى القلاع الصناعية فى الشرق الأوسط فقرية سلامون القماش التابعة لمحافظة الدقهلية التى يبلغ عدد سكانها قرابة 40000 نسمة والتى تبعد عن المنصورة عاصمة الأقاليم 5 كيلومترات تسببت فى ازدهار الاقتصاد وعلو شأن الصناعة فى الدقهلية بل وفى مصر كلها فلقد اشتهرت هذه القرية باليابان الصغرى فبها صناعة منسوجات وتجارة ملابس جاهزة منذ أكثر من 70 عاما حيث بدأت الصناعة فى القرية فى عام 1937 وقد زارها وفد كندى فى عام 2002.

هل يمكن أن تستنفر أجهزة الدولة برئاسة حكومة المقاتلين حكومة المهندس إبراهيم محلب لبث الروح من جديد فى هذه الصناعات الصغيرة وإحيائها مرة أخرى وتشغيل المصانع الكبرى للقضاء على طابور البطالة التى فشلت حكومات سابقة فى حل طلاسمها. انتقلت جريدة السوق العربية إلى تلك القرية للتسجيل بالكلمة والصورة هموم أهل القرية والأسر الموجودة بسلامون القماش التى تعانى من انهيار مهنتهم وخوفهم من شبح البطالة.

يقول- محمد حامد- واحد من أصحاب المصانع عشنا فترات لن ننساها وأصبحت صناعتنا فى بداية عهد المخلوع فخر لشعب الدقهلية ولكن منذ سنوات طويلة أصبحنا نعانى الأمرين بعد أن سقطنا من حساب حكومات سابقة عديدة لفشلهم الذريع فى إيجاد ووضع حلول لمشاكل صناعة التريكو التى كانت مصدر دخل للوطن، وأضاف فى لوعة وحسرة هل يمكن للمسئولين الآن أن يستيقظوا من سباتهم لإحياء تلك الصناعات؟ أملنا كبير.

وتلتقط الجريدة أحد أطراف الحديث، سيدة تقول توفى زوجى وترك أكثر من ماكينة واعتقدنا أنه ترك لنا ميراثاً نقتات منه ولكن هبطت صناعة التريكو وأصبح فى قائمة «الصناعات المغضوب عليها» رغم أننا عشنا أحلى سنوات عمرنا وتؤكد وهى تبكى: أعول أسرة مكونة من خمسة أفراد احترفوا صناعة التريكو ولكن الآن أصبحوا فى طابور العاطلين.

يقول- محمد على- أحد شباب القرية عندما أتذكر حياة الرفاهية لقريتى أضرب كفاً بكف بعد أن أصبحت المقاهى بالقرية مكتظة بالشباب العاطل لعدم اهتمام الحكومة ووضع حلول لمشاكل تلك المهنة.. أضاف نحاول بقدر الإمكان استمرار مهنتنا رغم انقطاع التيار الكهربائى بصفة دائمة ومستمرة والذى بسببه نفقد الملايين فانقطاع التيار الكهربائى قد يصل إلى 7 أو 8 ساعات يومياً ما يؤثر على الإنتاج ويتسبب لنا فى خسائر مضاعفة.

ويؤكد- عباس عبدالله- أحد شيوخ القرية والبالغ من العمر 80 عاما عشنا سنوات تحدثت فيها الصحف العالمية عن قريتنا قرية سلامون القماش والتى كانت تصدر شغل التريكو إلى روسيا سنة 1970، فكان كل طفل فى كل بيت يولد على ماكينة وبعد فترة وجيزة ينضم لطابور العاملين المهرة. ويسأل متعجباً ماذا حدث لقريتنا لقد أصبحنا نعانى مرارة الاستمرار فى صناعة التريكو فقد فقدنا ميزة تصدير منتجاتنا إلى روسيا التى ربحنا من ورائها المليارات التى كانت تضخ فى الاقتصاد المصرى وذلك نظراً لسوء المواد الخام الموجودة حالياً التى نصنع منها وبذلك لم تعد المنتجات التى تصدر مطابقة للمواصفات وهذا ما أدى بدوره لإيقاف التصدير، مشيراً إلى أن سعر كيلو الصوف اليابانى كان بخمسة جنيهات وكان من أجود الأنواع أما الآن أصبح سعر الصوف المصرى الكونتر 33 جنيها ولا يطابق المواصفات الجيدة. قال- محمد رابح- أحد العاملين باحدى المصانع أنا كنت صاحب مصنع وتم غلقه بسبب عدم دعم الحكومة لنا، وعدم الاستقرار فى الأسعار بسبب تحكم التجار فى المواد الخام دون مراقبة من الحكومة.

قال- محمد المنسى- صاحب إحدى المصانع هناك مشكلات عديدة أدت إلى تدهور صناعة التريكو فى قرية سلامون القماش ولعل أبرزها الضرائب الباهظة التى تفرضها الحكومة فهى تطالب من الجميع أن يقوم بعمل بطاقة ضريبية وسجل تجارى وأن العدادات الموجودة داخل المصنع يجب أن تكون مرخصة تجارية ونحن لا نمانع ولا نجد مشكلة فى ذلك ولكن المشكلة أنهم يقومون بفرض فواتير نار ولا يتم المحاسبة بالشكل السليم أنا مستعد أن أمشى بشكل قانونى ولكن أن تحاسبنى بما يرضى الله وبما أقوم من استهلاكه وليس بفرض أرقام جزافية من أجل إعاقتى «أنا جالى فاتورة كهربا الشهر الماضى 6000 جنيه» كما أيضاً فكرة التأمين على العمال نحن لا نمانع التأمين على العمال ولكن أن يتم هذا فى شكل قانونى منصف يحمى العامل ويحمى أيضاً صاحب العمل من غدر العمال فالعامل يأتى إلينا ونقوم بتعليمه ويصبح ذا مهارة وكفاءة عالية جداً ونقوم بالتأمين عليه وبمجرد أنه تعلم المهنة جيداً يترك المصنع ويقوم بفتح مصنع داخل منزله صغير ويقوم بمنافستنا وبشدة وبشراسة والمشكلة ليست فى هذا فقط بل إنه يظل تحت التأمين التابع لى ولا أستطيع أن أثبت أنه ترك العمل عندى وليس من حقى إيقاف هذا التأمين «مستعدين نمشى قانونى 100% ولكن أن يتم حمايتنا وينظر لنا بعين الرحمة وأن يتم التعامل مع هذه الصناعات على أنها عامل فى مؤثر فى اقتصاد أى دولة مثل الصين».

قال- محمد الشاعر- من أسباب تدهور صناعة التريكو فى سلامون بل وضربها فى مقتل هو ارتفاع تكلفة المنتج المحلى فى مقابل المنتج الصينى بالإضافة إلى الضرائب الباهظة وفواتير الكهرباء المرتفعة والتى تقطع بشكل مستمر بالإضافة إلى ضرائب المبيعات التى تفرض علينا والتأمين على العمال.

قال- محمد شعبان- عامل بأحد المصانع جميع الحكومات السابقة لم تعط قرية سلامون القماش شيئا بل هى التى عملت اسمها بنفسها وبجهود أبنائها المهرة ولكن للأسف الدولة لم تقم باستغلال هذه القرية التى لا يوجد بها بطالة بل وبها أزمة عمالة والاستفادة منها.

تؤكد- التفات فراج- احدى الموظفات بالتربية والتعليم رغم أننى كنت أعمل إدارية إلا أننى وأنا فى مشوار دراستى احترفت صناعة التريكو لأنها كانت تدر ربحاً وفيراً وأضافت الآن دخلت تلك الصناعة فى طى النسيان لإهمال الحكومات السابقة فى انعاشها أملنا كبير فى حكومة المهندس محلب فى إنعاش تلك الصناعات الصغيرة وخاصة صناعة التريكو لأنها مصدر رزق رئيسى لسلامون القماش.

يقول- محمد فهد- أحد أصحاب المصانع سوء الكهرباء جعل جميع أصحاب المصانع يسارعون بشراء المولدات الكهربائية التى يصل سعرها إلى آلاف لتشغيل الماكينات إلا أن تلك المولدات لم تكن كافية فهى لا تستطيع تشغيل إلا ماكينات الحياكة العادية مثل «ماكينات السنجر والعراوى» ولا تستطيع تشغيل الماكينات التى تعمل بالكمبيوتر والتى تقوم بصناعة الملابس والتريكو.

قال- محمد فهمى- أحد أهالى القرية صرخنا وصرخاتنا لم تصل إلى المسئولين لزيارة تلك القرية الصناعية التى تدهور حالها من أجل الوقوف على مشاكل تلك الصناعة التى أنعشت الدقهلية وعاشت سنوات طويلة معتمدة عليها، عندما كانت الأنفاق مفتوحة بيننا وبين غزة كانت سلامون القماش تشهد عملية بيع غير مسبوقة من قبل الفلسطينيين فكانوا يأتون دائماً إلى القرية لشراء ما نقوم بتصنيعه ولكن هذا لا يعنى أننا نؤيد فتح هذه الأنفاق فنحن نقف يد بيد مع الدولة من أجل حماية الوطن ولكن كل ما نطالب به هو النظر إلينا بعين الرحمة.

قال- محمد فواز- أحد أصحاب المصانع أطالب المهندس محلب رئيس الوزراء بالحد من استيراد الملابس الجاهزة كل نبدأ فى تطوير الصناعات الصغيرة، وأكد أيضاً أن سلامون القماش صامدة ورغم كل هذه الظروف التى تمر بها القرية فأهلها مستمرون فى العمل دون النظر إلى الوراء فنحن نقوم بالتصدير الآن إلى جنوب إفريقيا عن طريق التجار الموجودين فى منطقة الموسكى فى القاهرة حتى إن كانت نسبة التصدير ضعيفة ورغماً من أن دول جنوب إفريقيا فقيرة إلا أننا لم نتوقف عن العمل نهائياً ولو وضع ضوابط للسيطرة على الارتفاع العشوائى لأسعار الخامات من قبل الحكومة فسوف تستطيع فسوف تستطيع المصانع المحلية منافسة المنتج الأجنبى.

وفى النهاية يطالب أصحاب المصانع والأهالى بقرية سلامون بوضع ضوابط من قبل الحكومة للنهوض بهذه الصناعة.