الاقتصاد المصرى يواصل تربعه على صدارة الدول الإفريقية للاستثمارات الأجنبية
ساجد النوري
منذ بداية أزمة كورونا وتوقع العديد أن الاقتصاد المصرى سينهار مثل العديد من الدول حول العالم لكن يوما بعد يوم يثبت الاقتصاد المصرى للعالم كله انه نجح فى الصمود، وذلك بسبب القيادة الحكيمة من الدولة، وبخطى ثابتة ومتسارعة مضى الاقتصاد المصرى نحو النهوض والنمو فى ظل خطوات الإصلاح التى اتخذتها الحكومة منذ عام 2016، وهو ما تؤكده العديد من تقارير المؤسسات الدولية التى أشادت بالتقدم الذى تحققه مصر رغم أزمة الكورونا التى ضربت العالم كله.
واستعرض الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، تقريرًا أعده المستشار محمد عبدالوهاب، الرئيس التنفيذى للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، حول عدد من النتائج الإيجابية التى تضمنها تقرير الاستثمار العالمى لعام 2021 الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «الاونكتاد».
إشادات عالمية بتوثيق تجربة مصر بمجال التعاون الدولى والتمويل الإنمائى
وأكد الرئيس التنفيذى للهيئة العامة للاستثمار، أن التقرير أشار إلى احتفاظ مصر بموقع الصدارة من حيث كونها أكبر الدول المُتلقية للاستثمارات الأجنبية المباشرة فى القارة الإفريقية عام 2020، بإجمالى صافى تدفقات استثمار أجنبى بلغ نحو 5.9 مليار دولار، مضيفًا أن التقرير رصد قيام مصر بجهود ملموسة للترويج للاستثمار الأجنبى المباشر فى قطاعات اقتصادية متنوعة، خاصة فى ضوء اتفاقية تفعيل صندوق الاستثمار المصرى- السعودى، والذى يعطى الأولوية لقطاعات اقتصادية من ضمنها: السياحة، والصحة، والأدوية، والبنية التحتية، والتكنولوجيا، والخدمات المالية، والتعليم، والغذاء.
وأضاف المستشار محمد عبدالوهاب، أن هذه المؤشرات الإيجابية تحققت برغم ما أشار إليه تقرير «الاونكتاد» من تسبب جائحة «كوفيد-19» فى انخفاض صافى الاستثمار الأجنبى المباشر للقارة الإفريقية بنسبة 16% فى عام 2020 لتصل إلى نحو 40 مليار دولار مقارنة بنحو 47 مليارا عام 2019، هذا بالإضافة إلى تأثر تدفقات الاستثمار الأجنبى العالمى سلبًا بجائحة كورونا- كما أشار التقرير- لتنخفض بنسبة 35%، وذلك نتيجة إجراءات الإغلاق فى ظل جائحة كورونا، والتى أدت إلى تباطؤ المشاريع الاستثمارية القائمة، بالإضافة إلى قيام العديد من الشركات الكبرى بإعادة النظر فى المشروعات المخطط لها نتيجة احتمالات الركود الاقتصادى فى العديد من البلدان خلال عام 2020.
وأشار عبدالوهاب، إلى أن التقرير توقع تعافى تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر العالمى خلال عام 2021 لتنمو فيما بين 10%– 15% نتيجة قيام الاقتصادات المختلفة بتقليل قيود الإغلاق بالتزامن مع توفير لقاحات فيروس كورونا، فضلًا على التوقع برجوع تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر العالمى إلى مستويات ما قبل جائحة كورونا فى عام 2022 فى ظل تحسن الاقتصاد العالمى خلال العامين القادمين.
وقبلها بأيام قليلة، أعلن الدكتور محمد معيط وزير المالية، موافقة مجلس إدارة صندوق النقد الدولى على المراجعة الثانية لاتفاق الاستعداد الائتمانى لصرف الشريحة الأخيرة من برنامج الاستعداد الائتمانى المقدرة بنحو 1.7 مليار دولار من إجمالى مبلغ البرنامج المقدر بـ5.4 مليار دولار، واختتام مشاورات المادة الرابعة لعام 2021، هو دليل على أداء مصر القوى للغاية فى مجال السياسات بموجب البرنامج، وأننا نمضى بقوة فى مسيرة الإصلاح والتنمية، من خلال تحقيق التوازن والمرونة بين السياسات الاقتصادية والمالية المتبعة، بما يسهم فى تعزيز هيكل الاقتصاد القومى على النحو الذى أكسبه قدرًا من القوة والصلابة فى التعامل مع الصدمات الداخلية والخارجية.
وأضاف معيط، أن التناغم بين السياسات المالية والنقدية التى انتهجتها الحكومة بتوجيهات من القيادة السياسية، ساعد على الحد من التداعيات السلبية لجائحة كورونا التى أثرت على اقتصاد العديد من دول العالم، وخصصت الحكومة حزمة استباقية للإنفاق على القطاعات الأكثر تضررًا، كقطاع الصحة ودعم الفئات الاجتماعية الأكثر احتياجًا بالتوازى مع الحفاظ على استقرار الأوضاع والمؤشرات الاقتصادية، واستعادة ثقة المستثمرين وأسواق المال الدولية فى أداء الاقتصاد المصرى، لافتًا إلى أن مصر أصبحت محطة للإشادات الدولية بسرعة التعامل مع تداعيات «الجائحة» بأداء قوى، بل وأفضل من المستهدف من خلال تنفيذ كل الإصلاحات المستهدفة فى توقيتاتها دون أى تأخير بإشادة أعضاء المجلس التنفيذى لصندوق النقد الدولى.
وقال وزير المالية، إن قدرة الحكومة على تحقيق نتائج مالية جيدة ومتوازنة خلال العام المالى 2020/2021، أفضل من المستهدف ضمن برنامج الاستعداد الائتمانى كان له انعكاس جيد، حيث توقع خبراء صندوق النقد تحقيق الاقتصاد لفائض أولى بنحو 1% من الناتج المحلى الإجمالى خلال العام المالى الحالى مقابل ما كان مستهدفًا من قبل الصندوق النقد الدولى بنحو 5.% من الناتج المحلى الإجمالى، رغم التوسع فى الإنفاق على البرامج الاجتماعية، وزيادة الإنفاق على قطاع الصحة بشكل يفوق المستهدفات والتقديرات المتفق عليها ضمن برنامج الصندوق، مشيرًا إلى نجاح وزارة المالية فى إطالة عمر الدين، من خلال زيادة صافى الإصدارات المحلية من السندات طويلة الأجل لتحقق أكثر من 100% بنهاية مارس 2021، مقابل ما هو مستهدف ضمن البرنامج بنسبة 70%، إلى جانب تراجع معدلات التضخم واستقرار مستوى الأسعار المحلية، ووجود رصيد من الاحتياطى النقدى الأجنبى الكافى لدى القطاع المصرفى.
وأكدت سيلين آلار، رئيسة فريق خبراء صندوق النقد الدولى، أن موافقة مجلس إدارة صندوق النقد الدولى على المراجعة الثانية لاتفاق الاستعداد الائتمانى، تعد دليلًا على أداء مصر القوى للغاية فى مجال السياسات المالية بموجب برنامج اتفاق الاستعداد الائتمانى، موضحة أن خبراء صندوق النقد الدولى أثنوا على السلطات المصرية والإدارة الجيدة للسياسات.
وأعربت عن تقديرها العميق للمناقشات البناءة للغاية مع المسؤولين المصريين خلال البعثة، مؤكدة تطلعها إلى لقاء وزير المالية فى أقرب وقت.
وأشار أحمد كجوك، نائب الوزير للسياسات المالية والتطوير المؤسسى، إلى إشادة المجلس التنفيذى لصندوق النقد الدولى بقدرة الحكومة على صياغة وتبنى استراتيجية الإيرادات متوسطة المدى على نحو يُسهم فى زيادة وتنمية موارد الدولة بشكل يتيح الإنفاق الإضافى على برامج الحماية الاجتماعية، مثل تكافل وكرامة، وعلى مجالات وأنشطة التنمية البشرية، بجانب الإنفاق على القطاعات الحيوية كالصحة والتعليم، بالإضافة إلى استمرار جهود تحسين البنية التحتية.
كما أوضح أن إشادة مجلس إدارة الصندوق بنجاح وزارة المالية فى إعداد ونشر استراتيجية التعامل مع المديونية الحكومية فى المدى المتوسط «MTDS»؛ بما يسهم فى خفض المديونية الحكومية وإطالة عمر الدين وخفض فاتورة خدمة الدين، والجهود المبذولة لزيادة الشفافية والإفصاح، من خلال نشر تقرير مفصل يتضمن بيانات مالية للسنة المالية 2018/2019 لجميع الشركات المملوكة للدولة، إضافة إلى تقرير آخر منفصل عن أداء الهيئات الاقتصادية للعام المالى 2019/2020.
وأضاف كجوك، أن صندوق النقد الدولى أشاد بإجراءات الشفافية والإفصاح التى تتبناها الحكومة المصرية، من خلال نشر جميع النفقات المتعلقة بالتعامل مع جائحة كورونا، بشكل متكامل على موقع وزارة المالية، ونشر خطط المشتريات الحكومية، وتفاصيل العقود الخاصة بالتعامل مع الجائحة المرتبطة بالصحة، بما فيها أسماء الشركات الموردة للمستلزمات الطبية والصحية، بالإضافة إلى قيام الحكومة المصرية ووزارة المالية، بإعداد وإقرار قانون جديد لإدارة شؤون المالية العامة لتعزيز عملية إدارة ومتابعة وتنفيذ الموازنة بطريقة مميكنة ومتطورة، لافتًا إلى أن خطة الحكومة المعلنة مؤخرًا بشأن البرنامج الوطنى للإصلاحات الهيكلية، تُسهم فى ضمان تحقيق مسار نمو قوى ومرتفع ومستدام مدعوم بمشاركة أكبر من القطاع الخاص، وحظيت بإشادة صندوق النقد لما سيتيحه ذلك من خلق المزيد من فرص العمل وتحسين بيئة الأعمال وتنافسية الاقتصاد المصرى وزيادة حجم الصادرات والاستثمارات.
وأوضح خبراء الصندوق أن برنامج الإصلاحات الهيكلية يعكس التزام الحكومة بدعم تنمية رأس المال البشرى، وزيادة كفاءة وشفافية المؤسسات العامة، وتعزيز مشاركة القطاع الخاص فى عملية التصدير والاستثمار الأخضر.
كما نشر صندوق النقد الدولى مقالًا الأسبوع الماضى، بعنوان «مصر تتغلب على صدمة كوفيد وتواصل النمو» ويستعرض الإجراءات التى اتخذتها مصر منذ بداية أزمة «كورونا» للحفاظ على مكتسبات الاقتصاد الكلى وتحفيز النمو.
وقالت سوكانان تامبونليرتشاى، من فريق خبراء الصندوق لمصر فى المقال الصادر ضمن سلسة «بلدان فى دائرة الضوء» التى يصدرها الصندوق، إن مصر كانت من بلدان الأسواق الصاعدة القليلة التى حققت معدل نمو موجبًا فى 2020، بفضل استجابة الحكومة فى الوقت المناسب، وتنوع الاقتصاد المصرى.
وذكرت المحللة ديكشا كيل، أن مصر دخلت أزمة كوفيد-19 مسلحة بهوامش كبيرة، بفضل الإصلاحات التى نفذتها منذ عام 2016 لتسوية الاختلالات الاقتصادية الكلية، من خلال اتفاقات مثل «تسهيل الصندوق الممدد» (EFF) للفترة 2016-2019، وشملت هذه الإصلاحات تحرير سعر الصرف للتخلص من المبالغة فى تقييم العملة، وضبط أوضاع المالية العامة لتخفيض الدين العام، وإصلاح دعم الطاقة لمعاجلة أحد المخاطر المالية الرئيسية، وإتاحة حيز للإنفاق الاجتماعى، والإصلاحات الهيكلية لتقوية مناخ الأعمال وجذب الاستثمارات وزيادة فرص العمل، لاسيما للشباب والنساء.
وأكدت كيل، أن نتيجة هذه الإصلاحات تمكنت الحكومة من الاستجابة بسرعة من خلال خطة دعم شاملة مع الحفاظ على الاستقرار الاقتصادى. وعلى سبيل المثال، تضمن الدعم المالى مساعدة مؤسسات الأعمال والعاملين فى القطاعات الأشد تضررا مثل السياحة والصناعة التحويلية، وتأجيل سداد الضرائب، وتوسيع برامج التحويلات النقدية إلى الأسر الفقيرة والعاملين غير النظاميين.
وأشارت كيل، إلى قيام البنك المركزى المصرى بتخفيض أسعار الفائدة الأساسية بمقدار 400 نقطة أساس خلال عام 2020– فانخفض سعر الفائدة على الودائع لليلة واحدة من 12,25% إلى 8,25%– للمساعدة على دعم النشاط الاقتصادى وتخفيف الضغوط فى الأسواق المالية المحلية، وأطلق البنك كذلك عدة مبادرات لتخفيف الضغوط على المقترضين وضمان توافر السيولة للقطاعات الأشد تأثرا، منها زيادة إمكانات الحصول على ائتمان بأسعار فائدة تفضيلية وتأجيل سداد الاستحقاقات الائتمانية القائمة لمدة ستة أشهر.
وأكدت كيل، أهمية هذه التدابير الاستثنائية على مستوى القطاع المالى لضمان سلاسة تدفق الائتمان فى الاقتصاد فى أعقاب أزمة كوفيد-19.
فيما قال ماثيو جارتنر، إن اتفاق الاستعداد الائتمانى الذى بدأ فى يونيو 2020 وانتهى الشهر الماضى ساعد السلطات فى المحافظة على الاستقرار الاقتصادى، وإعادة بناء الاحتياطيات الدولية لاستعادة الهوامش التى سحبت منها بغرض التصدى للأزمة، والتقدم فى تنفيذ أهم الإصلاحات الهيكلية، بما فيها تدابير تعزيز الموارد العامة، وزيادة شفافية المالية العامة والحوكمة، وتحقيق تقدم فى القوانين لتحسين بيئة الأعمال، بغية وضع مصر على مسار للتعافى القوى والاحتوائى.
كما أكد جارتنر، أن السياسات الاقتصادية فى ظل البرنامج حققت توازنا بين دعم الاقتصاد للمساعدة على حمايته من صدمة كوفيد-19 وضمان بقاء الدين فى مستويات يمكن الاستمرار فى تحملها للحفاظ على ثقة المستثمرين.
ومن جانبها، قالت سيلين آلار، رئيسة بعثة صندوق النقد لمصر أن التزام مصر باتباع سياسات حذرة وقوة أدائها فى ظل برنامجها مع الصندوق قد ساعدا على تخفيف وطأة الأثر الصحى والاجتماعى للجائحة، وتوقعت أن يتعافى النمو بقوة فى السنة المالية 2021/2022 ليبلغ 5.2%.
وشددت آلار، على ضرورة الاستمرار فى الحفاظ على الاستقرار الاقتصادى والتركيز على الإصلاحات الهيكلية لتشجيع النمو بقيادة القطاع الخاص، مثل سياسات زيادة الإيرادات لتمويل السلع العامة الحيوية بما فيها الصحة والتعليم وشبكات الأمان الاجتماعى، وتعزيز الحوكمة والشفافية، ومواصلة تطوير الأسواق المالية.
وأكدت آلار، أن الصندوق سيواصل دعمه لجهود مصر فى مجال الإصلاح مع تقرير إجراءات السياسات المحددة لدعم هذه الأهداف وتنفيذها.
ولاستكمال النجاحات الاقتصادية التى تمر بها مصر الفترة الأخيرة، أطلقت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولى، مع كلية لندن للاقتصاد، كتاب «مبادئ الدبلوماسية الاقتصادية لمصر لتعزيز التعاون الدولى والتمويل الإنمائى»، فى حدث عالمى حضره أعلام الاقتصاد فى العديد من المؤسسات الدولية والعالم، من بينهم كارمن راينهارت، نائب الرئيس ورئيسة الخبراء الاقتصاديين بمجموعة البنك الدولى وبجامعة هارفارد بالولايات المتحدة الأمريكية، ومينوش شفيق، مدير كلية لندن للاقتصاد، وإريك بيرجلوف، كبير الاقتصاديين بالبنك الآسيوى للاستثمار فى البنية التحتية، بجانب ممثلى برنامج الأمم المتحدة الإنمائى ومنظمة التعاون الاقتصادى والتنمية OECD، والعديد من المؤسسات المالية الدولية الأخرى.
وأشاد مسؤولو العديد من المؤسسات الدولية وشركاء التنمية، بإطلاق وزارة التعاون الدولى، كتاب «مبادئ الدبلوماسية الاقتصادية لمصر لتعزيز التعاون الدولى والتمويل الإنمائى»، من كلية لندن للاقتصاد، معتبرين أن الكتاب يعكس ريادة التجربة المصرية، كما يتيح إمكانية تطبيق هذه التجربة على مستوى الدول الناشئة والنامية.
ويُعد الكتاب هو الأول من نوعه الذى يعمل على توثيق تجربة مصر فى التعاون الدولى والتمويل الإنمائى، وتدشين إطار مؤسسى للدبلوماسية الاقتصادية يقوم على 3 ركائز تهدف إلى الدفع بآليات التعاون الدولى لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، ويسرد المنهجيات المختلفة لمطابقة المشروعات الممولة من شركاء التنمية مع الأهداف الأممية للتنمية المستدامة.
وقالت كارمن راينهارت، نائب الرئيس بمجموعة البنك الدولى وكبير الاقتصاديين بالبنك، أود أن أؤكد على التوقيت المثالى لهذه الجهود التى قامت بها وزارة التعاون الدولى، لإشراك الأطراف ذات الصلة فى الجهود التنموية، وتوجيه التعاون الإنمائى لخدمة أولويات الدولة؛ وإننى آمل أن تتحول هذه التجربة إلى منهج تقتدى به الدول الأخرى.
وأشارت إلى أن التجربة المصرية تعد خطوة كبيرة نحو تحقيق قدر أكبر من الشفافية التى دائمًا ما يتم التأكيد عليها خلال اجتماعاتنا فى مجموعة العشرين، ومجموعة الدول السبع.
ومن جانبها، قالت مينوش شفيق، مدير كلية لندن للاقتصاد، إن ما طرحته وزيرة التعاون الدولى، حول تجربة مصر فى التمويل الإنمائى، وتدشين منصات التعاون التنسيقى المشترك، يعد ذو أهمية كبيرة فى ترسيخ مفهوم الشراكة بين الأطراف ذات الصلة ووضع المواطن فى محور الاهتمام، لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، كما أن خارطة مطابقة التمويلات التنموية مع أهداف التنمية المستدامة تعزز بشكل كبير مبادئ الحوكمة والشفافية، كما تمكننا مطابقة مشروعات التمويل التنموى مع الأهداف الأممية للتنمية المستدامة من إظهار مدى كفاءة وفاعلية هذه التمويلات فى تحقيق الأهداف التنموية، من خلال تحديد الفجوات والعمل على تعزيزها من خلال الشراكات المستقبلية.
وقال إريك برجلوف، كبير الاقتصاديين فى البنك الآسيوى للاستثمار فى البنية التحتية، ومدير المناقشة التى أجريت حول الكتاب، إن الكتاب يوضح كيف يمكن للدول أن تقود زمام أمورها فى تحقيق التنمية، وتوجيه التعاون الدولى والتمويل الإنمائى، لتلبية أولوياتها، كما يعد دافعًا للمجتمع الدولى نحو التكاتف والتعاون المشترك لتنفيذ خطط التنمية بكفاءة، مع إشراك الأطراف ذات الصلة من القطاعين الحكومى والخاص والمجتمع المدنى؛ مجتمع التنمية على مستوى العالم ممتن لصدور مثل هذا الكتاب.
وتابع أن النموذج المصرى فى التعاون الإنمائى فعال ومؤثر، وسيستخدم من قبل الكثيرين، ونحن ممتنون بشكل كبير لما أتاحته وزيرة التعاون الدولى، من فرص لفتح آفاق الحوار حول مستقبل العمل الإنمائى.
وأكد أكيم شتاينر، مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائى، أن إطلاق الكتاب يأتى فى ظل ظروف استثنائية، حيث يفصلنا عقد فقط عن تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتسعى الدول لإعادة البناء بشكل أفضل عقب التداعيات السلبية لجائحة كورونا.
وقال منير أكرم، رئيس المجلس الاقتصادى والاجتماعى للأمم المتحدة ECOSOC، إن مطابقة التعاون الإنمائى مع الأهداف الأممية للتنمية المستدامة ضرورية وخطوة هامة لتحقيق هذه الأهداف، موضحًا أن مصر تعد من أوائل الدول التى قامت بتطبيق هذا الأمر؛ كما يُعد الكتاب خطوة نحو التحوّل إلى النظام الاقتصادى الجديد العالمى والمتكافئ بنجاح.
كما قالت إيلينا بانوفا، المنسق المقيم لمكتب الأمم المتحدة فى مصر، إن الكتاب يلقى الضوء على الإطار التنفيذى لتوجيه التعاون الدولى والتمويل الإنمائى نحو تنفيذ الأولويات الوطنية، كما يعرض النموذج الفعلى لمنصات التعاون التنسيقى المشترك، موضحة أنه خلال 2020 أطلقت وزارة التعاون الدولى، منصة التعاون التنسيقى المشترك، التى ألقت الضوء على الأولويات التنموية للدولة مثل تكافؤ الفرص بين الجنسين والمشروعات الصغيرة والمتوسطة والرقمنة وغيرها من القطاعات، وأشارت إلى أن هذه الجهود تظهر الحوكمة الرشيدة التى يعمل فى إطارها التعاون الدولى والتمويل الإنمائى فى مصر، من خلال مبادئ الدبلوماسية الاقتصادية التى تعزز مبادئ الشفافية والمساءلة.
وبعد ان رصدنا أهم الإشادات الدولية التى جائت فى صالح مصر خلال الفترة الاخيرة، استطلعت «السوق العربية» رأى الخبراء للتعرف على مدى أهمية تلك الاشادات فى الفترة القادمة.
فى البداية قال الدكتور كريم عادل، رئيس مركز العدل للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، أن تقرير منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية يأتى باستمرار الدولة المصرية فى الصدارة كأكبر متلقى للاستثمار الأجنبى بالقارة السمراء على الرغم من تراجع الاستثمارات وخروج العديد من الاستثمارات الأجنبية من الأسواق الناشئة نتيجة جائحة كورونا، كنتاج لنجاح مجموعة إجراءات الاصلاح الاقتصادى والهيكلى التى اتخذتها الدولة المصرية والتى ترتب عليها تحسن المؤشرات الاقتصادية العامة بالاقتصاد المصرى وفقًا لما جاء بتقرير المراجعة الأخير لصندوق النقد الدولى والعديد من التقارير الدولية الصادرة من كبرى المؤسسات العالمية، ويعزز من هذا ما ورد بأحد التقارير الدولية من أنه بحلول عام ٢٠٣٠ سيكون الاقتصاد المصرى واحدًا من النمور الاقتصادية فى العالم، وعزز من ذلك التعديلات التشريعية على قانون الاستثمار رقم ٧٢ لسنة ٢٠١٧ ومجهودات الدولة فى تحسين المناخ العام للاستثمار وبيئة الأعمال ووضع العديد من المحفزات وهو ما ساهم فى أن تصبح الدولة المصرية قبلة آمنة للاستثمار فيها وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية خاصةً تلك الاستثمارات الخارجة من الدول التى تعانى من عدم استقرار اقتصادى خاصةً بعد جائحة كورونا.
واضاف عادل، فى تصريحاته، لـ«السوق العربية»، أن تقرير الأونكتاد بأن الدولة المصرية فى صدارة الدول من حيث الاستثمارات الأجنبية، سيساهم فى جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة فى الفترة القادمة وهو ما سيترتب عليه من تحسن أداء الجنيه المصرى والذى جاء كثانى أفضل العملات أداءً على مستوى العالم خلال عام ٢٠٢٠، حيث تساهم زيادة الاستثمارات فى زيادة النقد الأجنبى وما يترتب عليه من ارتفاع الاحتياطى من النقد الأجنبى لدى البنك المركزى وارتفاع معدلات التوظيف وانخفاض معدلات البطالة.
وتابع قائلًا: أن التقرير الصادر من منظمة الأمم المتحدة للتنمية يضاف إلى رصيد مصر من الإشادات الصادرة من صندوق النقد الدولى والبنك الدولى ومؤسسة جولدن مان ساكس الأمريكية ومؤسسات التصنيف الائتمانى العالمية، من تحسن الاقتصاد المصرى حيث تساهم هذه الشهادات والتقارير الدولية فى طمأنة المستثمرين وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية إلى الدولة المصرية.
اما بخصوص موافقة صندوق النقد على منح مصر الشريحة الأخيرة، أكد الدكتور كريم عادل، أنها شهادة ثقة جديدة فى الاقتصاد المصرى، وانعكاسًا لاستمرار ثقة المؤسسات الدولية خاصة صندوق النقد الدولى فى السياسات الاقتصادية بشقيها النقدى والمالى المتبعة من قبل السلطات المصرية بما فى ذلك نجاح الدولة المصرية فى التعامل مع جائحة كورونا وتبعاتها اقتصاديًا، والحفاظ على ما تحقق من مكتسبات ونجاح فى تحقيق مؤشرات اقتصادية إيجابية ومعدلات نمو موجبة.
وقال رئيس مركز العدل للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، أن ترجع ثقة صندوق النقد الدولى فى إقراض الدولة المصرية، كونها ملتزمة بالوفاء بالتزاماتها وسداد ديونها السيادية تجاه البنوك والمؤسسات الدولية، وهو ما يعطى الثقة فى قدرتها على الوفاء بالتزاماتها تجاه أى قروض جديدة تحصل عليها، ويضاف إلى ذلك، أن اقتراض الدولة المصرية يأتى بهدف استكمال برنامج الإصلاح الاقتصادى والهيكلى، ومواصلة ما تحقق من نجاحات على مستوى التنمية الاقتصادية والاجتماعية داخل الدولة المصرية، وهى من الأهداف الرئيسية والشروط الأساسية للقروض التى يمنحها البنك الدولى وصندوق النقد الدولى، والتى يسعى إلى تحقيقها داخل الدول الأعضاء وفقًا لأهداف التنمية المستدامة التى أعلنت عنهم الأمم المتحدة.
وأفاد عادل، أن ما يعزز من موقف الدولة المصرية وقوة الاقتصاد المصرى فى القروض الممنوحة التقارير الصادرة عن صندوق النقد والإيكونومست وبلومبرج ومؤسسة جولدن مان ساكس الأمريكية وغيرها من مؤسسات التصنيف الائتمانى بأن الدولة المصرية صاحبة أعلى معدل نمو خلال العام ٢٠٢٠، مع التوقع بتحقيق معدل نمو مرتفعة بدء من العام المالى ٢٠٢٢/٢٠٢١ وهو ما يوضح ضمان مسيرة التشغيل والانتاج بالدولة المصرية ومن ثم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها وسداد أقساط القروض الممنوحة لها.
فيما قال الدكتور عادل عامر، الخبير الاقتصادى، أن مصر من الدول القليلة التى نجحت فى الحفاظ على تصنيفها بأنها أكبر متلقى للاستثمارات الأجنبية فى إفريقيا على الرغم من جائحة كورونا التى أضرت بالاقتصاد العالمى، مؤكدا أن برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى انتهجته الحكومة كان سببا رئيسيا فى زيادة معدل نمو الاقتصاد المصرى.
وأضاف عامر، فى تصريحاته، أن مصر قامت بالعديد من الجهود الملموسة للترويج للاستثمار الأجنبى فى قطاعات اقتصادية مختلفة، لافتا إلى أن النجاح فى تحقيق مؤشرات إيجابية تحققت برغم ما سببته الجائحة فى انخفاض صافى الاستثمار الأجنبى المباشر للقارة الإفريقية بنسبة 16% فى عام 2020، لافتا إلى أن مصر اتبعت سياسة اقتصادية توسعية من خلال الاستمرار فى تشغيل الأنشطة الاقتصادية المختلفة، مع الالتزام بكافة الإجراءات الاحترازية للحد من انتشار الفيروس، فضلا على القرارات السريعة التى اتخذتها الحكومة لدعم ومساندة القطاعات الأكثر تضررا والتى كان على رأسها القطاع السياحى من خلال تخصيص مبلغ 100مليار جنيه لمواجهة جائحة كورونا.
وتابع الخبير الاقتصادى، أن الإصلاحات المعززة للنمو منحت الاقتصاد المصرى قدرة أكبر فى مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، مؤكدا أن تقرير الاستثمار العالمى لعام 2021 الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «الاونكتاد» والذى يحمل دلالات إيجابية عن الاقتصاد المصرى، دليل على قدرة الدولة على الصمود أمام تداعيات فيروس كورونا، لافتا أن الدولة المصرية اتخذت قرارات جريئة جاء أبرزها قانون الاستثمار الجديد، الذى ساهم فى جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، بالإضافة إلى بعض القوانين المتعلقة بالمنطقة اللوجستية فى قناة السويس، ورفع كفاءة البحر الأحمر والمتوسط، فضلا عن الإنفاق على تطوير البنية التحتية وإنشاء طرق جديدة مثل طريق جسر السويس، والذى كان له دور كبير فى تسهيل التبادل التجارى، وبالتالى جذب العديد من الاستثمارات.
من جانبه قال الدكتور على الادريسى، الخبير الاقتصادى، إن تقرير منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «الانكتاد» بأن مصر أكثر الدول استقبالا للاستثمار الاجنبى فى إفريقيا خلال عام 2020 يرجع إلى جهود الدولة التى تقوم بها لتهيئة مناخ الاستثمار فى مصر من حيث الاستقرار السياسى والامنى والاقتصادى واستقرار السياسات النقدية والمالية.
وأضاف الادريسى، فى تصريحاته لـ«السوق العربية»، أن من أهم أسباب تصدر مصر الدول الأكثر استقبالا للاستثمار الاجنبى يرجع أيضا إلى خفض أسعار الفائدة مما يُقلل من تكلفة الاقتراض، والحوافز والمبادرات التى يتم توجيهها للمستثمرين فى كافة القطاعات، وجهود الدولة للتحول الرقمى والشمول المالى ومكافحة الفساد، فضًلا عن مكاتب خدمات المستثمرين التى تقلص الوقت والجهد التى يواجه المستثمر.
وذكر الخبير الاقتصادى، أن تقرير «الاونكتاد» سيكون له مردود إيجابى على الاقتصاد المصرى من خلال زيادة الاستثمارات الاجنبية المباشرة نظرًا لانها واحدة من اهم المصادر الداعمة للاقتصاد حيث انها توفر فرص عمل وتسهم فى زيادة الانتاج وأيضا زيادة معدلات النمو الاقتصادى وتنقل رؤوس أموال أجنبية للاقتصاد، لافتًا إلى أن تقرير الاونكتاد سيعطى ثقة للمستثمرين للاستثمار فى مصر.
وفى نفس السياق، أكد النائب عبدالرحيم كمال، عضو مجلس الشيوخ، أن تقارير المؤسسات الدولية عن الاقتصاد المصرى، يعكس نجاح السياسات الاقتصادية فى ظل أزمة فيروس كورونا المستجد، فضلا عن قدرة الدولة على تقديم الحوافز والمبادرات للنشاط الاقتصادى ككل، وبالاخص بالنسبة للقطاعات الأكثر تضررا بسبب الجائحة.
وأضاف كمال فى بيان له، أن إشادة المؤسسات الكبرى بالاقتصاد منها صندوق النقد الدولى وفيتش وغيرها تعطى للمستثمرين الثقة فى الاقتصاد المصرى، خاصة بعد تحسن بيئة الأعمال فى الدولة المصرية، مما يجعل الدولة المصرية وجهة آمنة ومستقرة للاستثمار والعمل فيها، لافتًا إلى أن هناك تطورات ملحوظة فى المؤشرات الاقتصادية بسبب نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادى، فضلًا عن نجاح الخطط التى تضعها الحكومة لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة بما يسهم فى تحسين مستوى المعيشة للمواطنين باعتبارهم أهم أولويات الحكومة وبما يسهم فى تحسين المؤشرات الاقتصادية والذى انعكس بالفعل على أداء الموازنة العامة وعلى معدلات النمو الاقتصادى الحالية والمتوقعة.
وأشار عضو مجلس الشيوخ، إلى أن مصر احتلت المرتبة الأولى على مستوى قارة إفريقيا لـ3 سنوات متتالية، والمرتبة الثانية بين كافة الدول العربية على مستوى الاستثمار الأجنبى المباشر، خلال الفترة نفسها، متوقعًا أن تستمر مصر فى جذب الاستثمارات الأجنبية بشكل أكبر خلال الفترة القادمة، نتيجة تحقق 5 عوامل رئيسية داخل مصر، هى وجود استثمارات هاربة لمستثمرين يبحثون عن مناطق آمنة للاستثمار فيها ومصر تستطيع جذب تلك الاستثمارات، بالإضافة إلى وجود معدل فائدة حقيقى فعال مرتفع نسبيًا رغم تخفيضات الفائدة التى قام بها البنك المركزى المصرى خلال الفترة الأخيرة، وهو ما يساهم بشكل كبير فى استمرار التدفقات المباشرة وغير المباشرة على الاقتصاد المصرى، ووجود فرص انتعاش للبورصة المصرية خلال الفترة المقبلة.
كما قال الدكتور وليد جاب الله، الخبير الاقتصادى، أن الأونكتاد هى منظمة دولية تابعة للأمم المتحدة تساعد على إيجاد بيئة ملائمة تسمح باندماج الدول النامية فى الاقتصاد العالمى لزيادة فرص التجارة والاستثمار والتنمية للبلدان النامية إلى أقصى حد ومساعدتها فى جهودها التنموية.
واضاف جاب الله، فى تصريحات خاصة لـ«السوق العربية»، أن قد صدر مؤخرا عن تلك المنظمة تقرير يرصد احتفاظ مصر بموقع الصدارة من حيث كونها أكبر الدول المُتلقية للاستثمارات الأجنبية المباشرة فى القارة الإفريقية عام 2020، بإجمالى صافى تدفقات استثمار أجنبى بلغ نحو 5.9 مليار دولار. ورغم أن هذا الرقم يعد أقل من الطموحات المصرية إلا أنه يعد مقبولا جدا فى ظل تداعيات أزمة كورونا التى قلصت حجم الاستثمار الأجنبى المباشر عالمى حتى أنه انخفض فى القارة الإفريقية بنسبة 16% فى عام 2020 لتصل إلى نحو 40 مليار دولار مقارنة بنحو 47 مليارا عام 2019.
واكد الخبير الاقتصادى، أن الجهود المصرية نجحت فى احتفاظها بالمركز الأول إفريقيا رغم ظروف الجائحة، وهو ما رصده تقرير الأونكتاد مما يعتبر من المؤشرات الإيجابية التى تظهر صلابة الاقتصاد المصرى وتبرز قدرته على التعافى السريع من تداعيات كورونا فى ظل توقعات لتعافى تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر العالمى إلى مستويات ما قبل جائحة فيروس كورونا فى عام 2022 فى ظل تحسن الاقتصاد العالمى خلال العامين القادمين بصورة تدريجية.
وتابع قائلًا: أن مصر تحرص على أن تحافظ على مركزها الأول فى إفريقيا وأتصور أن تقرير الأونكتاد هو أحد المؤشرات التى تظهر قدرة الدولة المصرية على تحقيق ذلك.