وداعًا أبا كفاح
كانت أيامًا لعبت فيها السفن التقليدية همزة الوصل بين البحرين والمملكة العربية السعودية الشقيقة من خلال فرضة المنامة وميناء الخبر، فكان التنقل بين مواطني البلدين يتم بيسر وسهولة، وكان التواصل بين الأهل والأقارب في البلدين يتم بحميمية تنم عن الترابط الأسري في كلا البلدين وبلدان الخليج العربي بشكل عام.
الأسر في خليجنا مترابطة والانتقال يؤكد على أهمية التواصل بين الأهل والأقارب، فلا يخلو بيت من بيوتنا من أسر رابطها الدم والمصير المشترك.
كان ابن عمة الوالدة «فاطمة» يرحمها الله، سالم بن مبارك الشروقي يرحمه الله ومثواه الجنة ورضوان النعيم، هو تقريبًا في عمرنا، ولما كان يزور أهل والده عائلة الشروقي بالحد كنا نحن بحكم قرابة الدم من جهة والدته نحظى بشرف زيارتنا والبقاء على تواصل فيما بيننا، وكانت فرحتنا عندما يقرر أهلنا أن نقوم برد الزيارة إلى دارين، ورحيمة بمحافظة رأس تنورة بالمملكة العربية السعودية، وقتها كان تجمع الأسرة يتم بروح الألفة والمودة والتواصل المحمود وظلت هذه الروح في مفهوم التزاور بين أهلنا في خليجنا العربي.
كان والد المرحوم سالم، مبارك الشروقي عصامي وجد أن الرزق الحلال لا يأتي إلا بالتعب وبذل الجهد فكان يزاول وقتها ما سمي بتجارة الشنطة وهي من الأعمال الحرة إذ كانت شبة القارة الهندية وتحديدًا مدينة ممبي سوقًا رائجة بين البحرينيين والهنود من خلال السفن الكبيرة في رحلتين أسماها البحرينيون، «سنان» و«معلي»، وهو وصف كان يطلقه البحرينيون على السفن التي تتخذ من التجارة بين دول الخليج العربي وشبة القارة الهندية ذهابًا وإيابًا.
كان وجود سالم بن مبارك الشروقي فيما بيننا بمثابة العيد الذي نحتفل به، فكان يرحمه الله وهو صغير متميزًا وتصرفاته تنم عن وعي وإدراك أكثر من سنين عمره الحقيقي؛ فقد ولد المرحوم سالم بن مبارك الشروقي بدارين في المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية عام 1373هـ 1953م عندما استقر والده هناك، فعائلاتنا ولله الحمد في امتداد على طول خليجنا العربي، والأهل موجودون في مدننا وقرانا، ولذلك فقد لعب - ولا يزال - جسر الملك فهد الواصل بين المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين دورًا كبيرًا إيجابيًا كونه مشروع وطني قومي بامتياز. وكنا في كل عام نجتمع كأهل وأسرة في مدينة من مدننا الخليجية إلى أن حالت الظروف الصحية بسبب كورونا دون مواصلة هذا اللقاء السنوي وإن كان تواصلنا من خلال وسائل التواصل الإلكتروني قائمًا وفعالاً.
المرحوم سالم حاصل على دبلوم إعداد المعلمين عام 1395هـ وحاصل على وثيقة اجتياز لقيادة الكشافة وتنظيم المعسكرات والرحلات، وهو قائد من قادة الحركة الكشفية بالمملكة العربية السعودية ومؤهل للشارة الخشبية ومدير مدرسة النجاح الابتدائية برأس تنورة وقائم بأعمال مدرسة رحيمة الثانوية سابقًا، وحاصل على دورات مهنية وشهادات شكر وتقدير من هيئات حكومية بالمشاركة في المؤتمرات والمناسبات الوطنية والمنتديات الاقتصادية ولديه تفكير تجاري وحضاري بمدارس الحياة التجريبية والعملية. وقد امتهن رحمه الله التجارة فكان رجل أعمال واستشاري في الكثير من المشاريع الحيوية واهتم كذلك بتفويج الحجاج من خلال مؤسسة الشروقي لخدمات الحج والعمرة، كما اهتم يرحمه الله بإدارة متحف الشروقي الثقافي لإحياء التراث الشعبي وساهم في نقل مقتنياته التراثية لمتحف الجنادرية بالرياض وحصل على خطاب شكر وتقدير من رئيس وفد إمارة الشرقية.
تاريخ من العطاء الوطني والاقتصادي والتجاري، وكان موضع ثقة من كثير من الأطراف الحكومية والأهلية. كان مهتمًا بالحركة الكشفية بالمنطقة الشرقية حتى أصبح أمين سر العلاقات العامة برابطة رواد الحركة الكشفية بالمنطقة الشرقية. إن الرجال يعرفون بسيرتهم وإسهامهم الوطني في مجالات عدة يحتاج إليها الوطن، والحمد لله أن المرحوم سالم بن مبارك الشروقي من هؤلاء الرجال الذين نعتز ونفخر بهم، فكم نحن بحاجة إلى كل يد تمتد لخدمة الوطن وأبنائه، والسيرة الطيبة يشع ضياؤها على من حولها، وعلينا أن نشجع هؤلاء الرجال والنساء الذين لا يدخرون وسعًا في خدمة أوطانهم ومواطنيهم.
رحم الله أبا كفاح سالم بن مبارك الشروقي ابن عمة الوالدة ومثواه الجنة ورضوان النعيم، وعزاؤنا إلى أهل بيته وأولاده وإخوانه علي وخالد وأحمد ومحمد وفيصل وعبدالله وجميع أهلنا في رحيمه ورأس تنورة ودارين بالمنطقة الشرقية وعموم خليجنا العربي.
وعلى الخير والمحبة نلتقي..