ترسيم الحدود الجديدة للمحافظات يهدف إلى تنشيط الاستثمار
جاء اعلان الحكومة على لسان وزير التنمية المحلية اللواء عادل لبيب عن ترسيم حدود المحافظات منذ ايام ليفتح بابا من الامال لخلق استثمارات جديدة والقضاء على البطالة وزيادة الرقعة الزراعية خاصة ان هذا التقسيم الجديد جاء وفقا لنص الدستور الجديد الذى تم الاستفتاء عليه من قبل المواطنين فى مطلع العام الحالى وتمت الموافقة عليه بنسبة تجاوزت الـ90% وهو ما جعل ترسيم الحدود الجديدة وفقا للدستور ليصنع ظهيرا بحريا لمحافظات الصعيد على البحر الاحمر وينشئ 3 محافظات جديدة واعدة جاذبة للاستثمارات فى الداخل والخارج.
وقد انقسم الترسيم الجديد إلى ثلاث مرحل، بداية من المرحلة الأولى بجنوب الصعيد، انتقالاً إلى المرحلة الثانية لإعادة ترسيم الحدود، والتى تتضمن محافظات: «القاهرة والجيزة والسويس وجنوب وشمال سيناء» ثم إلى أن المرحلة الثالثة والتى تشمل محافظات: «وسط سيناء والعلمين والواحات».
وقد اكد اللواء عادل لبيب، أن الهدف من ترسيم الحدود هو تنشيط وجذب الاستثمار، وإيجاد مساحات لاستيعاب الاستثمارات المقترحة والقائمة، وإتاحة الفرص للمحافظات؛ للاستفادة من المشروعات الصغيرة، مؤكدًا أن الحكومة تبذل قصارى جهدها لتنفيذ جميع المشروعات التنموية والاستثمارية.
وقد جاء الترسيم الجديد لتستفيد منه المحافظات بالصعيد فقد تمت زيادة مساحة محافظة الفيوم بنسبة 100%، لتصل لـ12.961 كم بدلاً من 6173 كم مربع، وتم تقليص مساحة محافظة الوادى الجديد بنسبة 34%، من المساحة الحالية، لافتًا إلى أن المساحة الحالية للمحافظة 428 ألفا و360 كم، وتم استقطاع بعض الأجزاء من محافظة الوادى الجديد لتصل 279 ألفا و325 كم2.
بجانب أنه تم زيادة مساحة محافظة بنى سويف نسبة 67%، وذلك لتصبح 17 ألف كيلومتر و721 بدلاً من 10 آلاف و564 كم2، لافتًا إلى أنه تم ضم منطقة مدوم التابعة لمحافظة الفيوم لمحافظة بنى سويف.
كما زادت مساحة محافظة أسيوط بنسبة 105% وذلك لتصبح المساحة الإجمالية للمحافظة كلها 28 ألفا و785 كم2 بدلاً من 14 ألفا و41 كم2، مشيرًا إلى أنه تم تقليص أجزاء من محافظة المنيا بنسبة 8% لافتًا إلى أن المساحة لحالية 32 ألفل و31 كم2 لتصبح 30 ألفا و35 كم2.
كما تمت زيادة مساحة محافظة الأقصر بنسبة 10 أضعاف المساحة الحالية لتصبح 37 ألفا و523 كم2 بدلا من 3 آلاف و263 كم2، وتم زيادة المساحة الإجمالية لمحافظة سوهاج بنسبة 222%، لتصبح المساحة الإجمالية للمحافظة 28 ألفا و874 كم2 بدلا من 8 آلاف و957 كم2.
وقد تم مضاعفة مساحة محافظة قنا بنسبة 194% لتصبح المساحة الإجمالية للمحافظة 30 ألفا و107 كم2 بدلا من 10 آلاف و544 كم2.
وتم تقليص المساحة الإجمالية لمحافظة البحر الأحمر بنسبة 92%، لتصبح المساحة الإجمالية 8 آلاف و840 كم2 بدلاً من 117 ألفا و957 كم2، وزادت مساحة محافظة أسوان بنسبة 102%، لتصبح المساحة الإجمالية للمحافظة 129ألفًا و383 كم2 بدلًا من 64 ألفًا و11 كم2.
وهو ما يعنى أن الخريطة الادارية لمصر قد تغيرت وان هناك اعادة توزيع للسكان وانشاء مدن جديدة فى خطة قومية كبرى لبناء مصر جديدة وهو ما دفع «السوق العربية» لمعرفة رأى عدد من خبراء الاقتصاد والزراعة والمياة والقانون فى الفوائد التى ستعود على مصر من الترسيم الجديد للحدود.
نهضة اقتصادية
فى البداية يقول الدكتور مصطفى النشرتى استاذ الاقتصاد بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، إن تقسيم المحافظات الجديد وانشاء 3 محافظات جديدة سيترتب عليه نهضة اقتصادية كبرى لان المحافظات الجديد تم اختيارها بعناية من قبل الحكومة فمحافظة وسط سيناء التى تعتبر خالية من السكان عدد السكان بها الان لا يزيد على 50 الف نسمة فى حين انها تستطيع استيعاب اكثر من مليون مواطن لوجود العديد من الصناعات الواعدة بالمحافظة ابرزها الصناعات القائمة على التعدين والرمال البيضاء بالاضافة الى أن هناك مياها جوفية صالحة للزراعة وهو ما يعنى انشاء مجتمعات زراعية جديدة.
ويؤكد النشرتى أن اهمية وسط سيناء انها تمثل عمقا للامن القومى المصرى، اما محافظة العلمين فهى محافظة واعدة استثماريا خاصة فى مجال الزراعة لوجود ترعة الحمام التى من خلالها سيتم استصلاح وزراعة 200 الف فدان بجانب أن انشاء محافظة فى الحمام سيطهر المنطقة من الالغام وهو ما يعنى اقامة انشطة سياحية خاصة لافراد الاسر الذين شاركوا فى الحرب العالمية الثانى ولهم رفات فى منطقة العلمين.
ويؤكد النشرتى أن محافظة العلمين لها مستقبل مشرق فى مجال التعدين من بترول وغاز، اما محافظة الواحات البحرية والتى تضم الواحات البحرية والفرافرة والتى لم يتجاوز سكانها 100 الف فهى تضم عيون ماء جوفية تساعد على زراعة 800 الف فدان فى حالة ضم واحة سيوة لها اما فى الوضع الحالى سيتم زراعة 400 الف فقط بجانب انشاء العديد من المدن الصناعية بالمنطقة وهو ما سيكون عنصر جذب للمواطنين من المحافظات المختلفة للعيش فى هذه المحافظات الجديدة.
قطار التنمية
اما الدكتور محمد ابراهيم جاد رئيس وحدة ادارة الازمات واستشراف المستقبل بالمركز القومى لبحوث الصحراء فيؤكد أن الترسيم الجديد للمحافظات بمثابة اعطاء الاشارة لانطلاق قطار التنمية فى كل محافظات مصر لان التقسيم الجديد وانشاء 3 محافظات سيؤدى إلى استيعاب اكثر من 10 ملايين مواطن للعمل فى الزراعة والمدن الصناعية الجديدة والتعدين والسياحة وهو ما يعنى أن اصحاب الاموال ورجال الاعمال سيقومون بعمل استثمارات كبيرة فى المحافظات التابعين لها بجانب أن اقامة 3 محافظات جديدة وانشاء بنية تحتية بها من طرق وامن وصحة وغيرها من الخدمات سيكون عنصر جذب لرءوس الاموال من الداخل والخارج ويقول جاد أن الظهير البحرى لمحافظات الصعيد سيقضى على البطالة تماما وسيحد من نزوح ابناء الصعيد لان الظهير البحرى سيؤدى الى انشاء ميناء بكل محافظة على البحر وهو ما يخلق فرص عمل جديدة فميناء يعنى انشاء مدن صناعية واقامة سياحة وزراعة بكل محافظة. وقال جاد أن توسيع محافظات الصعيد مع اعادة توزيع السكان بها يستوعب اكثر من 30 مليون مواطن مع خلق فرص عمل حقيقية لهم، مؤكداً أن الرئيس السيسى اعطى اشارة البدء فى انشاء شبكة طرق جديدة بطول البلد وعرضها بمسافة 3500 كيلومتر وهو ما سيسهل الانتقال بين المحافظات ونقل البضائع ما يؤدى الى تغيير الخريطة الزراعية فى مصر ويطالب جاد المصريين بالمساهمة فى بناء مصر من خلال خلق توجه وطنى لدعم المشروعات الكبرى بمصر وخلق فرص للاستثمارات فى كل المجالات والمحافظات من خلال توفير الاستثمارات للازمة للمشروعات العملاقة والتى اعطى الرئيس السيسى اشارة البدء لها.
عصر الاستثمارات
ويرى على رجب نصار نائب النقابة العامة للفلاحين أن النهضة الكبرى بدأت فى كل المجالات ما دفع الحكومة الى ترسيم جديد ووضع خريطة جديدة لمصر تحتاج الى وضع خريطة زراعية للاستثمار فى مجالات الزراعة المختلفة تتمثل فى أن تقوم الدولة بتسليم اراضٍ بالمحافظات الجديدة لابناء المزارعين وصغار المزارعين من المحافظات الزراعية بجانب تسليم كل الشباب الحاصل على مؤهل زراعى بكالوريوس زراعة أو تعليم زراعى متوسط 5 افدنة لاقامة مجتمعات عمرانية زراعية جديدة فى المحافظات الجديد مع اعادة توزيع السكان داخل محافظات الصعيد حتى تتحسن الظروف الاقتصادية لمواطنى الصعيد.
اما الدكتور محمد مغازى رئيس قسم القانون العام واستاذ القانون الدستورى بجامعة الازهر فيؤكد أن الدستور الجديد لم ينظم السلطات فقط بل نظم طريقة التنمية للدولة من محاور التنمية التى اشار اليها الدستور الجديد اعادة ترسيم الحدود بين المحافظات واعادة النظر فى الترسيم السابق لاقليم الدولة المختلفة وفقا للمادة 236من الدستور من باب الاحكام الانتقالية التى تنص على «ان تكفل الدولة وضع وتنفيذ خطة للتنمية الاقتصادية والعمرانية الشاملة للمناطق الحدودية والمحرومة منها الصعيد وسيناء ومطروح ومناطق النوبة وذلك بمشاركة اهلها فى مشروعات التنمية وفى اولويات الاستفادة منها مع مراعاة الانماط الثقافية والبئية للمجتمع المحلى خلال 10 سنوات من تاريخ العمل بهذا الدستور»، وبالتالى قرار انشاء 3 محافظات جديدة وهى العلمين والواحات ووسط سيناء تعد تطبيقا لهذا النص الدستورى دون الانتظار للفترة الانتقالية الطويلة وهو ما يعنى حرص الحكومة على تنفيذ نص الدستور دون تباطؤ، وهو ما سيترتب عليه خطوة اخرى يجب تنفيذها فى القريب العاجل تتمثل فى تنفيذ ما ورد فى مواد الدستورالمتعلقة بالادارة المحلية والتى وضعت عدة معايير دستورية للتقسيم الادارى للمحافظات والمدن والقرى وهذه المعايير هى: الظروف الاقتصادية والاجتماعية وفقا للمادة 175 والمادة 176 من الدستور والتى تنص على «تكفل الدولة دعم للامركزية الادارية والمالية والاقتصادية»، وكذا المادة 177 من الدستور والتى تنص على «تكفل الدولة توفير ما تحتاجه الوحدات المحلية من معاونة علمية وفنية وادارية ومالية وتضمن التوزيع العادل للمرافق والخدمات والمواد وتقرب مستويات التنمية وتحقق العدالة الاجتماعية بين هذه الواحدات طبقا لم ينظمه القانون».
ووفقا لهذه النصوص الدستورية فان الترسيم الجديد للمحافظات وانشاء محافظات جديدة لها ظروف اقتصادية واجتماعية من صميم نصوص الدستور الجديدة الذى قدم خطوة مهمة على طريق الاصلاح الادارى بالمحافظات سيغير خريطة مصر والتوزيع السكانى والاقتصادى والاجتماعى خلال سنوات قليلة قادمة.