الصيادلة خارج نطاق المحاسبة
المواطنون يعترضون: الصيدليات الكبرى تحتكر المستورد.. والأسعار نار
ارتفعت أسعار الأدوية المستوردة خاصة المرتبطة بالأمراض المزمنة بشكل مبالغ فيه، وعلل البعض هذه الزيادة بارتفاع أسعار المواد الخام، والشركات الدولية تفعل ذلك لتعويض خسائرها. فى الوقت الذى تؤكد فيه الإحصاءات والأطباء أن السبب وراء ارتفاع الأسعار هو احتكار الصيدليات ووجود نظام تسعيرة فاشل.
يقول إبراهيم ناصف- موظف- ابنى مريض بالسرطان وذهبت إلى معهد الأورام ليتلقى جلسة الكيماوى فكانت المفاجأة بعدم توافر الأدوية المطلوبة لحالته وأخبرونى أن الحالة تتطلب دواء مستورداً غير موجود بالمستشفيات العامة وأنه متواجد بالصيدليات الكبرى وعندما سألت وجدت سعره سبعة آلاف جنيه فكيف لى أن أوفر هذا المبلغ شهرياً؟!
تضيف نور الهدى اسماعيل: أصبت بمرض التصلب العصبى المتناثر وقرر الأطباء علاجى بالعقار « Avonex» المستورد وعند شرائه وجدت أن ثمن العلبة الواحدة التى تحتوى على أربع حقن يتخطى الـ16000 جنيه ومدة العلاج ستتخطى العام أى أن التكلفة تتعدى الـ80000 جنيه فمن يتحمل كل هذه التكاليف والأعباء وإذا استطعت توفير علبة واحدة فكيف سأوفر الباقى؟!
وتشاركهما فى المأساة حنان فتحى- 19 عاما- قائلة: أصبت بنفس المرض منذ خمس سنوات وأحتاج إلى كورس علاج لمدة عام كامل بتكلفة تتخطى 68000 جنيه باستخدام عقار «Avonex» لكننى عجزت عن توفير هذه المبالغ فتمكن منى المرض وانتشر بكل أنحاء جسدى فجعلنى غير قادرة على السير وأصبحت حبيسة كرسى متحرك.
وتروى عواطف حسيب- مريضة بسرطان الرئة- مأساتها قائلة: ذهبت لطبيب متخصص فى الأمراض الصدرية ووصف لى بعض الأدوية المستوردة لكنى فوجئت بسعرها الذى يبلغ 28000جنيه فاضطررت إلى اللجوء لأهل الخير كى يساعدونى فى الحصول عليه بعد أن علمت أنه غير موجود إلا باحدى الصيدليات الكبرى ولولا مساعدة أهل الخير لى ما استطعت توفيره، وعندما سأل بعضهم على سعره بالخارج وجد سعر الدواء لا يتعدى 600 دولار.
ويشكو سعيد محمد- مريض كبد- قائلاً: حالتى الصحية متدهورة للغاية وأكد الأطباء لى أننى أحتاج دواء معينا «مستوردا» لكننى وجدت سعره مرتفعا جداً يصل إلى 14000 جنيه، وأخبرونى أنه يجب عليّ دفع «عربون» وأنتظره لأنه يأتى بالطلب وغير متوافر الآن.
ويعترف الدكتور طارق المهدى بأن نظام التسعيرة الذى يحكم الأدوية المستوردة نظام فاشل لأنه يؤدى إلى تدنى بعض الأصناف وارتفاع أسعار أصناف أخرى بشكل مبالغ فيه، لذلك لا بد أن يتجنب الموزع والمستورد جشع الصيادلة بالإضافة إلى ضرورة وجود رقابة فعالة من الجهات المعنية فى كل قطاع تقوم بتوزيع الكميات المستوردة إلى الجهات التى حصلت عليها طبقاً للفواتير المدونة للمستورد والموزع للحد من التلاعب فى الأسعار.
< احتكار الاستيراد
ويؤكد أيضاً أن هناك شركات تمتلك صيدليات خاصة بها تقوم باستيراد الدواء واحتكاره دون توزيعه على باقى الصيدليات، ولذلك لا بد من إعادة النظر فى القوانين التى يرجع تاريخ صدورها إلى «عبدالناصر» وإلزام جميع الشركات المستوردة والوكلاء التجاريين الممثلين للشركات الأجنبية بمصر بضرورة إعطاء حصة من المنتجات المستوردة إلى الشركة المصرية لتجارة الأدوية.
من جانبه يقول الدكتور محمد عبدالوهاب- رئيس قسم الكبد بمستشفى جامعة المنصورة- أنه يوجد بعض الصيدليات توفر الدواء الأجنبى غير الموجود لبعض الفئات التى تحتاجه لكن المشكلة تكمن فى أن بعضا من هذه الصيدليات يستغل احتياج المريض للدواء المستورد ويقوم ببيعه بأسعار مضاعفة فمثلاً تقوم ببيع عقار معين بـ1500 جنيه فى حين أنه يباع فى أمريكا بـ100 دولار أى ما يعادل 700 جنيه مصرى، وتتمركز المشكلة أيضاً فى جانبين مهمين احدهما الاستغلال والآخر هو الجمارك ومصاريف الشحن والنقل، فعلى سبيل المثال دواء «أوميدوم» تم ايقاف استيراده فى فترة معينة من الفترات فقامت بعض الصيدليات باستغلال ايقاف الحكومة استيراده وقامت هذه الصيدليات باستيراده لصالحها ورفع سعره بصورة جنونية فبعد أن كان ثمن العبوة جنيها قاموا برفع سعرها لتصل إلى 20 جنيها كذلك يوجد بعض الأدوية يتم تهريبها وبالتالى لا يؤخذ عليها جمارك.
< غياب الرقابة
كما يؤكد أنه يجب وجود رقابة على مثل هذه الأدوية المهربة والاشراف على كشوف الأدوية التى يحتاجها المرضى خاصة فى أمراض السرطان والدم لأنهم أكثر فئة تحتاج إلى شراء الأدوية من الخارج.
ويضيف رئيس قسم الكبد بمستشفى المنصورة: كما يتم عمل كشوف دولية بشكل دورى كل عام يحدد فيها الأدوية الناقصة التى لا يتوافر مثلها فى السوق المصرى وتتم مراجعتها عن طريق الصيدليات بوزارة الصحة وبمعاونة كبار الأطباء المتخصصين فى الأمراض الخطيرة ثم عمل تأشيرات بشرائها مثلما كان يحدث قديماً، وذلك لضمان صحة تخزينها لكى لا تفقد الأدوية قدرتها على الشفاء وحفاظاً على المادة الفعالة من التلف وأن تكون الشركة المصرية لتجارة الأدوية هى المستورد وليست الصيدليات.
يقول الدكتور سمير المرسى- نقيب الصيادلة- أن وزارة الصحة وزارة مستهلكة تعتمد على ميزانية الدولة فيجب على الدولة تخصيص 25: 30% من ميزانية الدولة لصالح وزارة الصحة، فمنذ مدة طويلة تأخذ وزارة الصحة الدواء حرا من شركات ولم يتم تسديده حتى الآن ما أدى إلى زيادة المديونية بوزارة الصحة بل وارتفاعها إلى مبالغ طائلة، ومع ذلك لا نستطيع حجب الدواء عن المواطنين فمكونات الدواء جميعها مستوردة سواء كيماويات أو مستلزمات حتى زجاجات الحقن ونحن نقوم فقط بالتصنيع كما أن زيادة سعر الدولار واليورو أدى إلى زيادة الدواء.
< الدواء المصرى
وأكد الدكتور سمير أن الدواء المصرى آمن بنسبة 100% ولا يقل مستوى الدواء فى مصر عن مستوى الدواء فى أى بلد آخر، لكن أحياناً الدواء لا يأتى بالنتيجة المطلوبة وذلك يرجع إلى عدم تخزينه بشكل جيد فالتخزين عنصر مهم، فالأدوية لها درجة حرارة تحفظ بها كل لا تفقد المادة الفعالة بها وقد قمنا بعمل إجراءات جديدة تلزم جميع الصيادلة بضرورة وجود تكييفات داخل الصيدليات لتهيئة الجو المناسب داخل الصيدليات للحفاظ على الدواء، وهناك سبب آخر وهو الحالة النفسية للمريض والراحة النفسية فالمصريون لا يعتقدون إلا فى الدواء المستورد.
وأضاف أن هناك أدوية تأتى مستوردة من الخارج بنسبة 100% وتقوم النقابة بعمل مساعدات من أجل الوقوف إلى جانب المرضى للحصول على هذه الأدوية، ومن الجدير بالذكر الإضرابات التى تقوم بها نقابة الصيادلة فمعظم الناس تعتقد أن هذه الإضرابات نقوم بها من أجل المرتبات ولكن السبب الحقيقى هو رغبتنا أن تقوم الحكومة برفع مستوى وزارة الصحة ورفع مستوى الأدوية وزيادة الميزانية من أجل وجود دعم يساعد المرضى فى الحصول على الدواء بأسعار مناسبة.
وأكد أيضاً أن هناك دورا فعالا لنقابة الصيادلة وهو تحرى الدقة فى أن يكون الصيدلى هو صاحب الصيدلية ومديرها حتى لا تصبح الصيدلية مادة مستغلة لتجارة المواد المخدرة وحتى لا يكون هناك أى تلاعب فى أسعار الدواء، ومن يخالف ترفع عنه موافقة النقابة وتسحب تراخيصه وذلك حرصاً منا على المواطنين وحتى لا تكون الصيدلية وسيلة لتدمير صحة المواطنين.