بعد زيارة الرئيس السيسى مصر وروسيا تسعيان الى التعاون فى كل المجالات
جاءت زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى الاخيرة لروسيا ولقائه مع الرئيس الروسى بوتين لتعطى اشارة البدء لعودة علاقات قوية بين الجانبين المصرى والروسى فى شتى المجالات الاقتصادية الصناعية والعسكرية والسياسية والسياحية وغيرها من العلاقات التى امتددت على مدار الـ70 سنة الاخيرة والتى شهدت حالات من القوة احيانا والضعف احيانا اخرى بين الجانبين، وتأتى اهمية عودة العلاقات لتلقى المصالح وتشابه الظروف بين البلدين فى الوقت الراهن وقد جاءت هذه الزيارة استكمالا لمباحثات انطلقت من القاهرة فى 14 نوفمبر 2013 بين وزيرى الدفاع ثم فى روسيا فى فبراير من العام الحالى تم خلالها تحديد وجه التعاون المتبادل فى المجالات التجارية، الاقتصادية، والعسكرية، وأكدا عزمهما على تعزيز الشراكة بين القاهرة وموسكو لحل القضايا الملحة على الصعيدين الدولى والإقليمى ومواصلة تعميق التعاون المصرى- الروسى.
وهو ما انعكس بقوة على الزيارة الاخيرة للرئيس السيسى الذى اطلع الجانب الروسى على التطورات الاقتصادية فى مصر، خاصة فيما يتعلق الاستثمار، حيث تعكف مصر على صياغة حزمة تشريعية جديدة لتحسين مناخ الاستثمار وجذب الاستثمارات الروسية، بالإضافة إلى تطوير التعاون فى المجال السياحى فروسيا تعد من أكبر الدول المصدرة للسياحة إلى مصر لم تمنع مواطنيها من الذهاب إلى مصر منذ 25 يناير حتى الان،وهو ما يعكس عمق العلاقات الثنائية بين مصر وروسيا الاتحادية والتى تتميز بالتنوع والرقى فى مجالات التعاون،
فقد شهدت العلاقات المصرية- الروسية تميزا خلال فترة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضى وزادت فى منتصف التسعينيات لتصل لمستوى الشراكة الاستراتيجية وفق الاتفاق الموقع فى يونيو 2009.
يرجع تاريخ العلاقات بين مصر وروسيا إلى ما يقرب من 70 عاما حين تم تعيين أول سفير لمصر لدى الاتحاد السوفيتى، وازدادت العلاقات بشكل قوى منذ عام 1955 منذ بداية طلب الزعيم الراحل جمال عبدالناصر استيراد سلاح من تشيكوسلوفاكيا وبعدها جاء قرار عبدالناصر تأميم قناة السويس وبناء السد العالى وشارك الروس فى بناء السد وذلك عن طريق تقديم الدعم الفنى والتقنى العالى.
ومنذ ذلك الوقت توطدت العلاقات الروسية- المصرية وانطلقت إلى آفاق غير محدودة اقتصاديا ودعم برامج التنمية الصناعية فى مصر ببناء كل من مصانع الحديد والصلب بحلوان وأيضا مجمع صناعة الألومنيوم فى مدينة نجع حمادى، كما أن غالبية الأسلحة التى خاض بها الجيش المصرى حروبه والتى انتصر بها على إسرائيل فى ظل قيادة الرئيس الراحل أنور السادات كان أيضا روسيا وتوقفت العلاقات فى عهد السادات بعد الحرب، حيث اتجه إلى الأمريكان بسبب مشاكل وانهيار الاتحاد السوفيتى لكنها ازدهرت مرة أخرى فى السنوات الأخيرة من عهد مبارك. كما أن الزيارات المتبادلة بين البلدين تؤكد عمق العلاقة وقوتها، حيث كانت اقرب زيارة هى قيام وزيرى الدفاع والخارجية الروسى إلى القاهرة فى نوفمبر الماضى، تأكيدًا لدعم روسيا الكامل لمصر بعد ثورة يونيو وتوطيد وتعزيز للعلاقات المصرية- الروسية. وقيام الجانب المصرى بعد ذلك برد الزيارة فى فبراير الماضى حيث أعلن المشير عبدالفتاح السيسى وزير الدفاع والإنتاج الحربى فى ذلك الوقت أن زيارته لموسكو بمثابة انطلاقة جديدة للتعاون العسكرى والتقنى العسكرى بين مصر وروسيا ويصب فى مصلحة البلدين. اما بالنسبة للعلاقات الاقتصادية بين البلدين فقد شهدت خلال الفترة السابقة بطئا فى حجم التبادل التجارى بين مصر وروسيا بمقدار 25% خلال 2013 ليصل إلى 3 مليارات دولار مقابل 4 مليارات دولار خلال عام 2012.
فقد بلغ حجم التبادل التجارى بين البلدين منذ بداية العام وحتى أغسطس الجارى نحو 3.900 مليار جنيه، وبلغت صادرات الحاصلات الزراعيه 1.9 مليار جنيه فيما سجلت الواردات حتى يوليه الماضى نحو مليون جنيه، ليصل اجمالى التبادل التجارى بين البلدين فى قطاع الحاصلات الزراعيه نحو 1.964 مليار جنيه، بلغ حجم التبادل التجارى بين البلدين فى قطاع الصناعات الغذائية نحو 1.06 مليار جنيه وسجلت الصادرات 59 مليون جنيه فيما بلغت الواردات مليار جنيه، وقطاع الصناعات الهندسيه بلغت صادراته نحو 12 مليون جنيه فيما سجلت الواردات 6 ملايين جنيه ليصل حجم التبادل التجارى بينهما الى 18 مليون جنيه.
وبلغ حجم الصادرات المصرية إلى روسيا فى عام 2012 نحو 341 مليون دولار منخفضة عن عام 2011 والذى بلغت 481 مليون دولار وقد بلغت خلال يناير من العام الجارى 37 مليون دولار.
أما الواردات المصرية من روسيا فقد وصلت عام 2012 إلى نحو 3212 مليون دولار مرتفعة عن عام 2011 الذى بلغت فيه 2337 مليون دولار، فيما سجل عجز الميزان التجارى عام 2012 قيمة 2870 لصالح روسيا.
ويبلغ إجمالى الاستثمارات الروسية فى مصر 62,65 مليون دولار عام 2013 بإجمالى عدد 383 شركة تعمل فى مجالات السياحة والانشاءات والقطاعات الخدمية وتأتى روسيا فى المرتبة 46 من حيث الدول المستثمرة فى مصر. ويتمثل حجم الاستثمارات المصرية فى روسيا إلى 7,13 مليون دولار فى عام 2013 وتتركز معظمها فى مخازن للاخشاب التى يتم تصديرها إلى مصر وبعض المعاملات العقارية. أما عن الاتفاقات الدولية بين البلدين فقد تم توقيع بروتوكول تعاون بين الجانبين تضمن 11 مجالًا اقتصاديًا، وتوقيع عدة اتفاقيات فى مجال الاستخدام السلمى للطاقة النووية والاتصالات والأقمار الصناعية والتعاون فى المجالات الطبية والدوائية.
-اتفاق بشأن منح بعض المنتجات المصرية تخفيض قدره 50% فور انضمام روسيا لمنظمة التجارة العالمية عام 2005.
-اتفاق للتعاون فى مجال صحة الحيوان عام 2004.
- اتفاق بشأن انتهاج روسيا اقتصاديات السوق عام 2004.
-مذكرة تفاهم للتعاون فى مجال الاستخدام السلمى للفضاء عام 2003.
-اتفاقية الأوفست بين وزارة التجارة الداخلية والتموين ووزارة الزراعة عام 2003.
-اتفاقية للتعاون فى مجال الحجر الزراعى، تم التوقيع عليها بالأحرف الأولى فى عام 2003.
- برنامج التعاون طويل الأجل لتنمية التعاون الاقتصادى والتجارى والعلمى والفنى عام 2001.
- مذكرة تفاهم فى مجال الاستخدام السلمى للطاقة الذرية عام 2001.
-اتفاق تشجيع وحماية الاستثمارات عام 1997.
-اتفاق تجنب الازدواج الضريبى عام 1997.
-اتفاق النقل البحرى عام 1997
- اتفاق التعاون فى مجال البحث العلمى والتكنولوجيا عام 1997.
-اتفاق تسوية الديون المتبادلة عام 1994.
-اتفاق التعاون الاقتصادى والعلمى والفنى عام 1994.
- اتفاق التجارة والتعاون الاقتصادى والعلمى والفنى وبروتوكول ملحق بالاتفاق السابق ينص على تبادل شرط الدولة الأولى بالرعاية عام 1993.
- الاتفاقات بين الهيئات وتجمعات رجال الأعمال..
- فى عام 2002، مذكرة تفاهم للتعاون المشترك بين البنكين المركزيين فى مصر وروسيا.
-اتفاق تأسيس مجلس رجال الأعمال المصرى– الروسى المشترك عام 1999.
-اتفاق تعاون بين الهيئة العامة لشئون المعارض والأسواق الدولية ومركز موسكو لنقل التكنولوجيا عام 1999.
-اتفاق التعاون بين اتحاد الصناعات المصرية واتحاد الصناعات الروسية عام 1997.
-اتفاق التعاون بين غرفة تجارة الإسكندرية وغرفة صناعة تجارة وصناعة إقليم موسكو عام 1997.
-اتفاق التعاون بين الاتحاد العام للغرف التجارية وغرفة التجارة والصناعة الفيدرالية عام 1994.
و يعتبر الصندوق المصرى للتعاون الفنى مع دول الكومنولث، آلية فعالة وناجحة فى تطوير أشكال التعاون الفنى والعلمى والتكنولوجى بين مصر وروسيا، ونقل التكنولوجيا إلى مصر من خلال إيفاد الخبراء إلى مراكز الأبحاث المصرية ونشر اللغة العربية فى روسيا ودول رابطة الكومنولث. وعن عودة العلاقات بين الجانبين تقول الدكتورة عالية المهدى عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية السابق انه من المؤكد ان الاقتصاد المصرى سيشهد انطلاقة كبرى بعد الشراكة الروسية الاخيرة بسبب العديد من الايجابيات فى الزيارة الاخيرة للرئيس السيسيى تتمثل فى: اولا فيما يخص القمح فان روسيا وعدت بتوفير القمح لمصر وهذا جيد جدا من عدة امور وهى ان القمح الروسى بديل للقمح الامريكى وهو ما يعنى تنوع مصادر استيراد القمح لمصر، بجانب ان القمح الروسى ارخص سعرا من القمح الامريكى لقرب المسافة بين ومصر وروسيا. اما ثانى الجوانب المهمة فهى ان روسيا ستقوم بالاستيراد من مصر للخضر والفاكهة وهو ما يعنى دخول عملة صعبة لمصر ويزيد من احتياطى النقد الاجنبى بجانب انعاش السوق الزراعى المصرى.
ثالثاً ان السوق السياحى الروسى من اهم الاسواق فى السياحة المصرية ويعتمد عليه بشكل كبير وبهذه الاتفاقات يتم انطلاق وعودة الافواج الى مصر وهو ما سيجعل السياحة تتعافى بسرعة\ وتؤكد المهدى ان روسيا تملك شركات تعدين عملاقة فى مجال البترول والطاقة سوف تقوم بالتنقيب عن المواد البترولية وطاقة بديلة وهو ما ينعكس بالنفع على الجانبين. اما عن الجوانب العسكرية فروسيا لديها تكنولوجيا على قدر كبير من التميز والقدرة العسكرية مما يعنى ان مصر سوف تحصل على حاجتها من السلاح دون ان تمارس امريكا ضغوطا عليها، وهو ما يؤكد اهمية العلاقة لمصر من حيث التنوع فى العلاقات بين الشرق والغرب دون الاعتماد على جانب واحد.
اما الدكتور مختار الشريف استاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة فيقول ان عودة العلاقات بين مصر وروسيا جاءت احياء لعلاقات قديمة بين الجانبين وهو ما يعنى تنوع مصادر الصادرات والسلاح دون الاعتماد على الدول الغربية وامريكا معا.\ وهناك حقيقة لابد من الافصاح عنها ان روسيا تحتاج بشدة الى شريك قوى فى الشرق الاوسط بعدما ادار لها الغرب ظهرة ويطالب بعقوبات اقتصادية عليها بسبب الازمة الاخيرة مع اوكرانيا وانفصال اقليم القرم وهو ما يعنى ان روسيا فى اشد الحاجة للشراكة مع مصر وهو ما يعنى ان هناك تشابها وتشابك مصالح بين الجانبين بجانب تقارب الظروف الاقتصادية والسياسية.
وعن اهم مجالات التعاون بين الجانبين يقول الشريف ان مصر تحتاج الى السلاح الروسى حتى تنوع مصادر استيراد السلاح ولا تعتمد بشكل كامل على الجانب الامريكى فى التعاون العسكرى خاصة ان مصر تعقد صفقات سنوية لشراء السلاح بـ3 مليارات دولار وهو مبلغ كبير. اما الامر الاخر الذى ستستفيد منه مصر فهو ان مصر تريد فتح اسواق جديدة للصادرات المصرية فى اوروبا والعالم وروسيا سوق واعدة لشراء المنتجات المصرية وروسيا تحتاج الى مصدر للحاصلات غير اوروبا. اما ثالث المجالات فهو ان كل الصناعات الثقيلة فى مصر انشأها الروس فى فترة الخمسينيات والستينيات القرن الماضى وسوف تسعى الحكومة الحالية الى احيائها مرة اخرى من خلال هذه الاتفاقات.
ويؤكد الشريف ان التقارب المصرى- الروسى سيؤدى الى التقارب السياسى بين روسيا وباقى الدول العربية وهو سيظهر خلال الفترة المقبلة من خلال التعاون العربى- العربى والعربى- الروسى.