خبراء الاقتصاد: مؤتمر شركاء مصر فى التنمية خطوة مهمة لجذب الاستثمارات العربية والأجنبية
بعد استقرار الأوضاع السياسية والاقتصادية فى مصر، ووضع خطة اقتصادية وبرنامج إصلاح اقتصادى على مدى زمنى يتطلب ست سنوات، ساعد ذلك على فتح المجال أمام مصر لعقد مؤتمر اقتصادى كبير لشركاء مصر فى التنمية وجميع المؤسسات الدولية لدعم الاقتصاد المصرى وجذب مزيد من المستثمرين للاستثمار فى العديد من المشروعات والقطاعات الهامة التى تحتاجها مصر فى الفترة القادمة للنهوض بها اقتصاديا، واتفق خبراء الاقتصاد فى دعمهم لفكرة هذا المؤتمر وأعربوا عن أهميته لمصر مطالبين بتهيئة مناخ الاستثمار الفترة القادمة وتعديل القوانين بما يضمن حقوق المستثمر وملاحقة التجارة الدولية.
فى البداية أكد الدكتور مختار الشريف خبير اقتصادى أن مؤتمر شركاء مصر فى التنمية يعنى أن مصر تطلب دخول الاستثمار الأجنبى، مؤكدا أن مصر لا بد أن تقدم رؤية واضحة حول هدفها من الاستثمار، وهل هى تحتاج الاستثمار الذى يعتمد على التكنولوجيا العالية، أم لمشاريع لتشغيل العمالة، أم لمشاريع تحقق قيمة مضافة، وغيرهم من الأهداف، حيث إنه لا بد أيضا من عرض مشاريع محددة بالفعل قامت مصر دراسة جدوى لها لتقديمها وعرضها على المستثمرين لكى يعى كل مستثمر كيف يمكن أن يساعد فى كل مشروع، مما ينعكس على نقص الوقت والمجهود ويساعد على سرعة التنفيذ، وأضاف الشريف أن مصر لا بد أن تهيئ المجتمع للاستثمار الأجنبى، حيث إن هناك فهما خاطئا لمفهوم الاستثمار الأجنبى فى مصر والذى لا بد أن يتغير، فضلا عن تهيئة وتدريب وتوفير العمالة اللازمة للمستثمر حتى لا يأتى بعمالة من الخارج، مشيرا إلى أن مدخراتنا كان تمثل 15%، واليوم أصبحت أقل من 10% وفى بعض الحالات قد تصل إلى 7% وهو معدل منخفض جدا، لذلك فلا بد من سد فجوة الاستثمار والمدخرات من الخارج، مؤكدا أهمية الاستثمار الأجنبى لمصر الفترة القادمة لتعويض ما فاتنا من فترات زمنية كبيرة، ولا يوجد دولة فى العالم لا ترحب بالاستثمار الأجنبى، وفيما يتعلق بمشروع قناة السويس الجديد على سبيل المثال فقد تأخر كثيرا فى تنفيذه، موضحا أنه مشروع مهم جدا لا بد أن يضع مصر على نقطة التجارة الدولية، فحاليا يمر فى قناة السويس 10% من التجارة الدولية والذى كان يمكن أن ينخفض إلى 2% إذا لم نبادر بهذا المشروع، مبررا أن العالم يتطور فى صناعة السفن ومقدار الحمولة وغيرهم، مما يتطلب التطوير لملاحقة التجارة الدولية.
وأكد عمر الشنيطى خبير اقتصادى أن اللجوء للاستثمارات الخارجية الفترة الحالية يتفق مع التوجه الذى تتخذه الحكومة الآن التقشفى والانكماشى والذى لا شك أنه يعتبر الحل الوحيد لمساعدة الاقتصاد المصرى للخروج من حالة الركود التى يمر بها، أو على الأقل الثبات على ما هو عليه حتى لا ينكمش مرة أخرى، موضحا أن الدعم الخليجى على سبيل المثال العام الماضى فقط بلغ حوالى 25 مليار جنيه فى الموازنة مباشرة وليس من الطبيعى تكرار هذا الدعم مرة أخرى لذلك فمصر فى حاجة حقيقية لاستثمارات خارجية لتحسين الوضع الاقتصادى، فضلا عن تحقيق معدلات تنموية مقبولة، وأشار الشنيطى لأهمية هذا المؤتمر خاصة بعد إعلان السعودية والإمارات والكويت دعمهم لهذا المؤتمر، وهذا ما يؤكد أن ما حدث العام الماضى ومساعدة تلك الدول لمصر فى شكل دعم لن يتكرر هذا العام ؛ ولكن ستتجسد المساعدة فى شكل استثمارات فى مشروعات محددة بصفتهم شركاء لمصر فى التنمية، موضحا أنه لا يمكن توقع حجم المشروعات؛ ولكن فى رأيه أن المبلغ المخصص للاستثمار أصبح 50 مليار دولار طبقا لما ذكرته وزارة التخطيط والذى كان قبل ذلك 100 مليار دولار، وبالتالى يمكن الخروج من هذا المؤتمر باستثمارات من السعودية والإمارات والكويت ودول الخليج بما يبلغ حوالى 50 مليار دولار يمكن الاستفادة منهم فى قطاعات مختلفة مثل قطاع الطاقة، أو مشروعات البنية التحتية، مما سيكون له أثر إيجابى كبير، لافتا إلى أنه لا يتوقع أن تحصل مصر على 50 مليار دولار دفعة واحدة؛ لكن لا شك أننا سنحصل عليهم بشكل تدريجى على فترات زمنية مختلفة قد تصل إلى ست سنوات حيث أن إنشاء أغلب هذه المشروعات لن يبدأ إلا فى العام المالى القادم، كما أن مرحلة الإنشاء تستلزم وقتا طويلا قد يتخطى ٣ سنوات ومن المعتاد أن يتم تنفيذ مثل هذه المشروعات على فترات أطول من المخطط لها، فضلا عن أن العائد من هذا المؤتمر قد يكون أكثر مما هو متوقع، وأضاف الشنيطى أن مشاركة صندوق النقد الدولى والبنك الدولى شىء مهم ومن المتوقع أن تحصل مصر على قروض منهم خاصة بعد اتخاذها لأولى خطواتها فى برنامج إعادة الهيكلة المطلوبة والمتمثلة فى رفع الدعم، أما فيما يتعلق بالاستثمارات الغربية سواء الأجنبية أو الأوروبية فهى لا تحركها الحكومة، ولكن القطاع الخاص هو المسئول عنها، موضحا أن الحكومة فى تلك الدول دورها محدود فى الاستثمار، فضلا عن أن المؤسسات الأجنبية فى أوروبا وأمريكا ستكون لديها تحفظ كبير جدا على الاستثمار فى مصر بسبب الوضع السياسى بها، وهذا الموقف ليس تجاه مصر فقط ولكن فى المنطقة كلها، أما من ناحية الاستثمارات العربية المباشرة فمن المتوقع أن تكون محدودة جدا متمثلة فى الإمارات والسعودية على وجه الخصوص، وأضاف الشنيطى أن إطلاق مشروعات جديدة بشكل عام هى فكرة جيدة، خاصة عندما تكون مشروعات كبيرة تحقق نمو كبير يمكن الاستفادة منه، على سبيل المثال مشروع قناة السويس الجديد فكرة جيدة أن نستفيد من قناة السويس بدلا من اعتبارها مجرد ممر ملاحى للسفن فقط، لكن وجود مشروعات تنموية هناك فكرة مهمة وجيدة، رغم تحفظى على التوقيت حيث إن حفر قناة جديدة يتطلب 8 مليارات دولار وهو مبلغ ليس بسيطا فى ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية الذى يمكن وصفه بأنه أشبه بالمغامرة، فلا بد أولا من معرفة حجم الطلب على التجارة العالمى وهل سيزيد أم لا وأسئلة أخرى لا بد من وضعها فى الاعتبار، مشيرا إلى أنه فى رأيه يرى أن مشكلة الطاقة من الأولويات التى لا بد أن تأخذ فى الاعتبار.
ومن ناحية أخرى أكد الدكتور سامى أحمد غنيم أستاذ الاقتصاد والتمويل الدولى أن مصر لا يمكن أن تعتمد على المنح والقروض دائما، لذلك فهذا المؤتمر يعد مهما، مضيفا أن أشكال تحركات رءوس الأموال تتمثل فى استثمارات دولية فى محفظة الأوراق المالية، أو استثمار أجنبى مباشر، أو تحركات رسمية تتمثل فى القروض سواء كانت ثنائية أو متعددة الأطراف وهذا هو الشكل الذى لجأت إليه مصر من دول مثل السعودية والكويت والإمارات وذلك بعد المشاكل الأخيرة التى تعرضت لها اقتصاديا وسياسيا، وأوضح غنيم أن مصر فى هذا المؤتمر تطلب استثمارات دولية فى السوق المصرى واستثمارات مباشرة فضلا عن الأشكال الرسمية من القروض وليس المنح، مشيرا إلى أهمية إصلاح بيئة الاستثمار القانونية والاقتصادية لتوفير مناخ جيد للمستثمر الأجنبى لضمان حقوقه، وأضاف غنيم أن جميع المؤسسات الدولية تعتمد على النشاط الاستثمارى الذى يختلف من بلد لآخر بناء على عدة عوامل منها: اختلاف عائد الاستثمار، حيث إن العائد لا بد أن يكون مناسبا للمستثمر، فضلا عن دراسة البدائل الموجودة بصفة عامة للدول الجاذبة للاستثمار، لافتا إلى أنه من ضمن عوامل جذب الاستثمار أيضا اختلاف سعر الصرف، حيث إنه لا بد من تثبيت السعر بعدة طرق لأن انهيار العملة فى أى دولة غير جاذب للاستثمار، وأكد غنيم انه لا بد من تعديل قوانين الاستثمار لجذب المستثمر، لافتا إلى أن جميع القوانين الحالية الخاصة بالاستثمار تخص المستثمر العربى، بالإضافة إلى تمكين الاستثمارات الأجنبية من التنوع لتجنب المخاطر، والبعد عن بيروقراطية الإدارة السيئة، فضلا عن ثبات المعاملة الضريبية وضمان حقوق المستثمر من التأميم أو المصادرة إلا بحكم قضائى، وأشار غنيم إلى أن مشروع قناة السويس الجديد بأنه مشروع مهم وقوى وعظيم رغم صعوبة توقيته، حيث إنه يتطلب تمويلا كبيرا، مشيرا إلى أهمية الاهتمام حاليا بالمشروعات الصغيرة التى تحقق دخلا سريعا وتساهم فى تشغيل البطالة.