السوق العربية المشتركة | التضخم يصل لأعلى مستوى بسبب ارتفاع أسعار الكهرباء والوقود

السوق العربية المشتركة

الإثنين 18 نوفمبر 2024 - 12:17
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

التضخم يصل لأعلى مستوى بسبب ارتفاع أسعار الكهرباء والوقود

التضخم يصل لأعلى المستويات
التضخم يصل لأعلى المستويات

تمر مصر بالعديد من المشكلات والأزمات الاقتصادية وفى مقدمتها ارتفاع معدلات التضخم، فقد سجل الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء الرقم القياسى العام لأسعار المستهلكين خلال شهر يوليوالماضى الذى شهد ارتفاعا ملحوظا قدره 3.3٪ عن شهر يونيوالماضى، والذى يعتبر أكبر معدل تغير شهرى منذ مايو2008، وذلك لارتفاع معظم السلع الإستراتيجية فى هذه الفترة، والعديد من الأسباب أهمها تواكب تلك الفترة مع شهر رمضان وزيادة معدلات الطلب على العديد من السلع وأهمها الخضروات بنسبة 7.4٪، الألبان والجبن والبيض بنسبة 4.6% اللحوم والدواجن بنسبة 4.8٪، وأيضا قرارات زيادة أسعار الكهرباء والوقود والدخان مؤخراً، حيث بـلغ ارتفاع أسعار شرائـح الكهرباء بنسبة 27.9%، الـدخان بنسبــة 16.15%،وذلك برغم انخفاض أسعـــار الــزيوت والـــدهون بنسبــة 1.3% بسبب توفر العديد من أنواعها لدى بقالى التموين بأسعار منافسة، بالإضافة إلى ارتفاع معــدل التضخم السنوى إلى 10.7% خـلال شهر يوليو 2014،وهو أكبر معدل سجل منذ يناير 2014 والذى سجل 12.2%، وأدى ذلك لطرح العديد من التساؤلات حول أسباب هذا الارتفاع الملحوظ فى معدلات التضخم، وهل هى مؤشر إيجابيا أم سلبيا، والنتائج المترتبة عليها، وكيف يمكن مواجهتها الفترة القادمة.



يجيب عن هذه التساؤلات الخبراء والاقتصاديون.

فى البداية أكد الدكتور فخرى الفقى خبير اقتصادى أن ارتفاع معدلات التضخم الفترة الماضية هو شىء متوقع نتيجة لارتفاع أسعار الطاقة والبنزين والكهرباء فى أول يوليو الماضى، مؤكدا أنه لحل مشكلة الدعم تم زيادة الأسعار فى الموازنة الحالية، رغم أن الفئات القليلة مازالت تشعر بالقلق من تلك الزيادة وكيفية الاستفادة من الـ51 مليار جنيه مصرى المفترض أن تعود عليهم فى صورة معاش ضمان اجتماعى حيث سيتم إضافة 1.5 مليون أسرة للاستفادة منه، وتطوير العشوائيات، وتعميم الحد الأدنى للأجور فى الحكومة والهيئات الاقتصادية، والإسكان الاجتماعى لمحدودى الدخل فهناك 50 ألف وحدة سكنية فى حاجة للتشطيب، فضلا عن المدارس والمستشفيات العامة، وجميع هذه الخدمات سيتم تمويلها من خلال 51 مليار جنيه المخصصة من الدولة فى الموازنة الجديدة، حيث يتم الاستفادة منهم فى مشروعات يستفيد منها محدودى الدخل، موضحا أنه ما بين زيادة الأسعار وإعادة ضخهم فى شكل هذا الدعم لا بد يكون هناك فترة تتراوح ما بين 3-4 شهور حتى يبدأ محدودو الدخل فى الشعور بالاستفادة من تلك الزيادة التى تتطلب فترات من الوقت.

واتفق معه فى الرأى فؤاد شاكر رئيس اتحاد المصارف العربية سابقا وأكد أن ارتفاع معدلات التضخم هو شىء متوقع، وتعتمد فكرة قياسه على عدة أساليب قياسية تتعلق بالمستهلكين أو أسعار الجملة أوزيادة فى المعروض النقدى، مؤكدا أن فكرة قياس معدلات التضخم مهمة جدا خاصة إذا شهد انخفاضا، لأن هذا يعنى أنه لا يوجد تشغيل، موضحا أن زيادة الأسعار يعنى أن هناك طلبا مرتبطا لحد كبير بعملية زيادة سعر العملة الأجنبية وانخفاض سعر الجنيه المصرى.

وأكد الدكتور سامى أحمد غنيم أستاذ الاقتصاد والتمويل الدولى أن المشكلة فى مصر تكمن فى اختلال التوازن الداخلى فى الاقتصاد المصرى الذى يرتبط بنواحى مختلفة تتمثل فى عجز الموازنة العامة للدولة، والفجوة الكبيرة فى المدخرات المحلية بمعنى أن حجم الاستثمار أكبر من حجم الادخار مما أدى لحدوث فائض فى الطلب، ومن ثم تلجأ الدولة لسياسة التمويل بالعجز أو الاقتراض داخليا وخارجيا، مما ينعكس على ارتفاع الأسعار وبالتالى ارتفاع معدلات التضخم وزيادة الدين العام وعدم تناسب سعر السلع والخدمات مع الدخل القومى، وأضاف غنيم أن هناك مشكلة أخرى للتضخم تتمثل فى التوسع النقدى الذى لا يتلاءم مع النمو الحقيقى فى الاقتصاد المصرى بمعنى أن الزيادة فى النقود تفوق الزيادة فى الناتج المحلى الإجمالى مما ينعكس على زيادة أسعار السلع، مشيرا إلى أن التشوهات السعرية الخاصة بالسلع والخدمات فى أغلب قطاعات الاقتصاد القومى انعكس على اختلال الاقتصاد بشكل واضح، فضلا عن ضعف معدلات النموالاقتصادى والذى يمثل أقل من 2% حاليا وانعكس ذلك على نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى وترتب عليه استجابة الدولة لضغوط المؤسسات الدولية لوضع برنامج إصلاح اقتصادى رغم زيادة نسبة البطالة، وأشار غنيم إلى أن معدلات الضخم بلغت 13٪ عام 2010 وتزايدت كثيرا الآن، ولا شك أن رفع الدعم عن الوقود وزيادة أسعار الكهرباء كانت سببا فى ارتفاع معدلات التضخم الفترة الماضية لأن زيادة المنتجات البترولية على سبيل المثال انعكست عالى ارتفاع أسعار النقل وبالتالى السلع والخدمات وترتب عليه زيادة التضخم، لافتا إلى سببا آخر لارتفاع التضخم يتمثل فى اختلال التوازن الخارجى لضعف القدرة الإنتاجية والتنافسية، ولمواجهة تلك المشكلة أكد غنيم أن الدولة لها سلطة إصدار النقود لخلق قوة شرائية إضافية فضلا عن استقطاع جزء من القوى الشرائية للأفراد عن طريق الضرائب، حيث إن الإيراد العام للدولة يتمثل فى الضرائب، أو مقابل للخدمات التى تقدمها الدولة للأفراد، أو أن تطلب الدولة من الأفراد التنازل مؤقتا عن جزء من مدخراتهم لوقت معين وبفائدة معينة، ولا بد من تغيير هيكل الاقتصاد القومى، وتطوير الموارد البشرية وتدريبها، وإحداث تغييرات سياسية اجتماعية تدير القوى المعرقلة للتطوير، وتغيير شروط النهوض بالإنتاج من حيث الوسائل والقوى الفنية العاملة، فضلا عن زيادة الإيرادات الضريبية، وفرض ضرائب تصاعدية على الدخل، والاهتمام بالضريبة على المبيعات وضريبة القيمة المضافة، بالإضافة إلى زيادة ما تصدره الحكومة من سندات القروض العامة، واستخدام وسائل رقابة كيفية، واتباع سياسات تحقق انتفاضة فى الأجور، وتثبيت الأسعار.

ومن ناحية أخرى أكد الدكتور محسن الخضيرى أن ارتفاع معدلات التضخم هو جزء من الحرب الاقتصادية على الاقتصاد المصرى، موضحا أن المسئولين فى الحكومات استخدموا سياسات رأسمالية قائمة على الاحتكار فى كافة المعاملات، ومن هنا زادت الأسعار بهذا القدر الكبير من التضخم والذى سيؤدى لنتائج وخيمة خاصة فى ظل وجود أوضاع اقتصادية قلقة ومتوترة ودافعة للغضب، لذلك لا بد من الوعى والإدراك الكامل لجميع المشكلات الاقتصادية.

وأكد الدكتور مختار الشريف خبير اقتصادى أن نقص الإنتاج يعتبر السبب الرئيسى فى ارتفاع معدلات التضخم، موضحا أن الإنتاج هو المسئول عن دفع السلع والخدمات فى الأسواق الذى ينعكس على كل أنواع التضخم، مؤكدا أنه عندما يكون الطلب زيادة على العرض فهذا يعنى أن هناك تضخما، لذلك فلا بد من تنشيط الاستثمار وزيادة الإنتاج أو الاستيراد من الخارج لمواجهة تلك المشكلة.

ومن ناحية أخرى أكد محمود العسقلانى رئيس جمعية مواطنون ضد الغلاء أن هذا الارتفاع فى معدلات التضخم ما هى إلا ارتفاع وهمى، مبررا أن الحكومة لم تأخذ فى اعتبارها فكرة إنشاء عدد كبير من منافذ التوزيع والمجمعات الاستهلاكية ومجمعات الشركات القابضة للصناعات الغذائية، وذلك كشكل من أشكال الضغط على الأسواق فى فترة ما قبل عيد الفطر، مؤكدا أن هذا الارتفاع فى الأسعار أنشأ حالة من الخوف عند التجار لأن الدولة لأول مرة تواجههم فى السوق لخلق حالة التوازن، وأشار العسقلانى بأنه فى رأيه لم يحدث أى تضخم فى شهر رمضان الماضى، موضحا أنه كان يوجد العديد من المعارض التى تبيع السلع بأسعار أقل بكثير من التجار، وعلى سبيل المثال فى الوقت الذى كان يباع فيه قمر الدين بـ40 جنيها، كان يباع فى الشركة القابضة بـ21 جنيها، فكان هناك نوعا من المنافسة مع التجار من خلال المعارض التى تقيمها وزارة التموين والجمعيات الاستهلاكية، وذلك رغم أن شهر رمضان قد شهد ارتفاعا فى أسعار البنزين والسولار والكهرباء إلا أن السلع الغذائية لم تتأثر بالشكل المتوقع. كما أشار عمر الشنيطى خبير اقتصادى إلى أنه لا شك أن ما اتخذته الحكومة من قرارات الفترة الماضية تتعلق برفع الدعم وزيادة أسعار الطاقة تعد سببا رئيسا لارتفاع معدلات التضخم، موضحا أن ذلك كان له أثره فى الزيادة المضطربة فى الأسعار بشكل عام، حيث إن رفع أسعار الطاقة ينعكس بالضرورة على زيادة جميع أسعار المنتجات، وأسعار الأجرة والتى ارتفعت فى المتوسط ما بين 50٪ و100٪ وهذا ما شعر به المواطنون، وينعكس أيضا على زيادة أسعار السلع عموما وجميع الخدمات، فضلا عن ارتفاع سعر الدولار إلى حوالى 7.45 جنيه فى الشهرين الماضيين، وكل هذه الأسباب أدت لارتفاع معدلات التضخم الفترة الماضية، وأكد الشنيطى أن فكرة رفع الدعم كانت لا بد أن تتم بشكل تدريجى وموجه وعلى أشياء معينة بدون أن يكون له أى تأثير مباشر على طبقة الفقراء.