الخبراء يحددون أهم «الملفات» المطلوب طرحها على مائدة «مؤتمر شركاء التنمية» المقبل
جمال بيومى: قناة السويس الجديدة واستصلاح 4 ملايين فدان والمشروعات الصغيرة والمتوسطة مشروعات جاذبة للمستثمرين
سليمان محمود: الأمل معقود على رجال الأعمال المصريين والسعوديين والإماراتيين للعمل على عودة 4 آلاف من المصانع المغلقة
لا شك أن الفترة الحالية تشهد استقرارا فى الأوضاع السياسية والاقتصادية خاصة بعد نجاح الاستفتاء على الدستور ونجاح الانتخابات الرئاسية التى تتبعها الانتخابات البرلمانية الفترة القادمة، ومن هذا المنطلق جاءت دعوة خادم الحرمين الشريفين لعقد مؤتمر للدول المانحة فى مصر لدعم الاقتصاد المصرى، والذى تم تعديل اسمه بعد ذلك لمؤتمر شركاء مصر فى التنمية وأصبح مؤتمرا اقتصاديا كبيرا لكافة المؤسسات الدولية ولا يقتصر على الدول المانحة فقط، لدفع عجلة الاقتصاد المصرى للأمام وجذب مزيد من الاستثمارات وتشجيع المستثمرين على الاستثمار فى مصر، ويعتبر مشروع المحور الجديد لقناة السويس بطول 72 كم على أن يتم البدء من الكيلو61 وحتى الكيلو95 والذى أول المشروعات القومية الضخمة الجديد التى قررت مصر إقامتها وفق خطة شاملة للتنمية المتكاملة والسعى لبناء مصر الحديثة، واقتحام مشكلات الفقر ووضع نهاية للأزمة الاقتصادية التى تمر بها، وهذا يطرح بطبيعته العديد من التساؤلات حول أهمية هذا المؤتمر وانعكاسه على اقتصاد مصر وحجم استثماراتها الفترة القادمة.
يجيب عن هذه التساؤلات خبراء الاقتصاد والمستثمرون.
فى البداية أكد السفير جمال بيومى الأمين العام لاتحاد المستثمرين العرب انه لا شك أن الملك عبدالله بن عبدالعزيز ملك السعودية هو صاحب فكرة هذا المؤتمر وتلك المبادرة، ومصر لا بد أن تشعر بتلك المساعدة فى صورة منح وقروض تقدم لها، مشيرا إلى بعض الملفات المهمة التى لا بد أن يتم إعدادها جيدا وطرحها أمام هذا المؤتمر، فلا بد أولا أن نعرف هل نحن فى حاجة للمستثمرين بالفعل لمساندة الحكومة أم لا، وهل نستطيع جذبهم للاستثمار، فمشروع مثل قناة السويس الجديدة واستصلاح 4 ملايين فدان والممر الغربى ونشاط الصناعة كلها مشروعات تجذب الاستثمار، ولكن إذا أردنا استثمار قوى فلا بد أن تكون هناك قوانين محددة ضامنة للمستثمر، أما الملف الثانى فيتمثل فى المشروعات الصغيرة والمتوسطة لصغار الشباب والبحث عن وسيلة لاستغلال الطاقات المعطلة وغير المستغلة، فضلا عن ملف الثروة البشرية التى تحتاج لإعادة تأهيل وتدريب خاصة التدريب المهنى بكل أنواعه، موضحا أنه لا بد من أن نستعد لآلاف المشاريع القادمة التى سيتم إنشاؤها والبدء فيها والتى لا يمكن الاستفادة منها أو التعامل معها بدون توافر القوى البشرية المؤهلة للعمل، وأكد بيومى أنه لا يمكن توقع حجم الاستثمارات ؛ ولكن لا بد من الإعداد الجيد لتلك المؤتمر مع الاهتمام بالمستثمرين وعدم التركيز على الجانب العربى فقط.
واتفق معه فى الرأى سليمان محمود عضو مجلس إدارة الشعبة العامة للمستثمرين حيث أكد فى بداية حديثه أن السفيرة الأمريكية آن باترسون ذكرت فى حديثها جملة مهمة وهى أن مئات الملايين فى أيدى المصريين، لذلك فحل تلك المشكلات تكمن فى رجال الأعمال الذين يمتلكون الكثير من الأموال سواء السعوديون أو الإماراتيون الذين ننتظر منهم مشاركة مصر لعودة المصانع المغلقة التى تقدر بحوالى 4000 مصنع، وأن يتعاونوا مع المصريين والعمل معهم بنظام معين، فلا يمكن لدولة الاعتماد على المنح والقروض دائما، ولكن نحن نرحب بالشراكة خاصة فى المصانع لعودة العمل والإنتاج، بالإضافة غلى أهمية تدريب العمال جيد وتأهيلهم للعمل المهنى، وأشار سليمان إلى أن مناخ الاستثمار فى مصر حاليا غير مهيأ للمستثمرين الذى يحتاج لقانون عمل قوى جدا وقوانين أخرى تحمى حقوق المستثمر الذى دائما يبحث عن الانضباط فى العمل والشارع والاستقرار والتعامل مع عاملين ومحاسبين يتمتعون بالنزاهة والشفافية، ويحتاج لبطاقة ضريبية، مشيرا إلى أنه يتوقع أن تشهد الفترة القادمة مساعدات حكومية من حكومة إلى حكومة ولكن قد نحتاج بعض الوقت للاستثمار.
ومن ناحية أخرى أكد ناصر بيان أمين عام الاتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين أنه لا شك أن هذا المؤتمر هو شىء إيجابى جدا وقد تم تعديل اسمه بدلا من مؤتمر المانحين لمؤتمر شركاء مصر فى التنمية لتأكيد أهمية الاستثمار لدفع عجلة الاستثمار فى مصر الفترة القادمة، مشيرا إلى أن توقيته مناسب جدا، لافتا إلى أهميته فى دعم الاقتصاد المصرى وتنمية وجذب استثمارات عديدة لمصر، وأشار بيان إلى أن المستثمرين والحكومة يجب عليهم الإعداد الجيد لهذا المؤتمر وتجهيز مشروعات قابلة للتنفيذ فى مصر، فضلا عن تجهيز المشروعات التى تحتاج إليها مصر الفترة لقادمة، وعلى سبيل المثال مشروع مثلا قناة السويس الجديدة هو خير مثال لتلك المشروعات التى يجب أن تعرض بشكل جيد على المستثمرين وهذا ما يجب أن تهتم به وزارة الاستثمار والتجارة والصناعة.
كما أكد الدكتور فخرى الفقى أن هذا المؤتمر يعد مهما جدا ومبادرة مهمة لجذب حزم تمويلية لمصر وتلبية احتياجاتها الفترة القادمة، حيث أن الاقتصاد المصرى يواجه العديد من التحديات والصعوبات، مؤكدا أن هذا المؤتمر لم يتم تحديد موعده بعد؛ ولكن من المقرر عقده فى نهاية العام، مشيرا إلى أن الحكومة المصرية لا بد أن يكون لديها برنامج وطنى للإصلاح الاقتصادى يغطى احتياجات مصر خلال الست سنوات القادمة، على أن يتم العمل فى الثلاث سنوات الأولى على تعافى الاقتصاد المصرى من الأزمات المالية التى يعانى منها سواء عجز الموازنة، أو ميزان المدفوعات، أو تصحيح الاختلالات الهيكلية، وإصلاح العديد من المنظومات المشوهة مثل منظومة الأجور، والخدمات الاجتماعية، والضرائب، والدعم، ومنظومات قطاع الأعمال العام، والتعليم والصحة، وأسواق العمل، ومناخ الاستثمار، وسوق المنتجات، والعديد المنظومات الأخرى المفترض إعادة تصميمها مرة أخرى لاستقامة الأمور وسرعة معدلات النمو الاقتصادى، وأوضح الفقى أن الثلاث سنوات الأخرى لا بد أن تحقق قفزات تنموية فى الاقتصاد المصرى، والعمل من أول يوم على تصميم شبكة للحماية الاجتماعية لحماية الفقراء وتقليل الفجوة بينهم وبين الأغنياء لتحقيق العدالة الاجتماعية، ومن ناحية أخرى أشار الفقى إلى أنه فيما يتعلق بسد الفجوة التمويلية فتتطلب من 30 إلى 40 مليار دولار لتعافى الاقتصاد المصرى فى الثلاث سنوات الأولى من برنامج الإصلاح، وتحتاج ما يقرب من 30 مليار دولار تقريبا فى الثلاث سنوات الأخرى، وذلك حتى نتمكن من تنفيذ جزء كبير من استثماراتنا، وهذا يعنى أننا نحتاج ما بين 65 و70 مليار دولار خلال الست سنوات الكاملة لعرض ذلك على شركاء مصر فى التنمية فى هذا المؤتمر، لافتا إلى أن مجموعة الدول المانحة الشقيقة ستتواجد فى المؤتمر والمتمثلة فى السعودية والإمارات والكويت، فضلا عن المؤسسات الدولية والإقليمية مثل الصين واليابان وانجلترا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، والمفترض أن تحافظ هذه الدول على حجم استثماراتها فى مصر والتوسع فيها الفترة القادمة، بالإضافة إلى أن هناك شركات عملاقة تابعة لهذه الدول ستتواجد فى المؤتمر وسيكون لديها طلب لاستثمارات عربية وأجنبية، بالإضافة للعديد من المؤسسات الدولية المتمثلة فى صندوق البنك الدولى، والبنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية، وبنك التنمية الإفريقى، والبنك الإسلامى للتنمية، والصناديق العربية للتنمية، وكل هذه الجهات ستتواجد فى المؤتمر لمعرفة البرنامج الإصلاحى الاقتصادى والهيكلى لتنفيذه خلال ست سنوات للمساعدة فى تنفيذه، وأكد الفقى أنه لا بد من تحسين مناخ الاستثمار حيث إن طبقا لآخر تقرير يتعلق بمزاولة نشاط الأعمال كان ترتيب مصر 109 من إجمالى 188 دولة ن وأصبح الآن ترتيبها رقم 128، ولا شك أن هناك عشرة مؤشرات السبب فى ذلك، سبعة منهم سيئون للغاية من حيث تراخيص مزاولة النشاط، وتراخيص البناء، والكهرباء، وغيرهم مما يعكس عدم تهيؤ المناخ بالقدر الكافى لتشجيع رءوس الأموال، لذلك لا بد من العمل الدائم والمستمر. كما أكد الدكتور محسن الخضيرى خبير مصرفى أن مصر ليست فى حاجة لأى مساعدات أو قروض، ولكنها فى حاجة لمستثمر لديه القدرة والفاعلية خاصة أن مصر تملك الإمكانات والموارد اللازمة لجميع المشروعات، التى من المفترض إقامتها فى جميع الأحوال خاصة بعد طول غياب الدولة فى مصر وأصبحت الأمور فى حاجة لدولة رشيدة قادرة على وضع خطط اقتصادية يتم من خلالها تعافى الاقتصاد المصرى من الأزمات التى يعانى منها، وعلى سبيل المثال لدينا كل الطاقات الإنتاجية لتشغيل الاقتصاد بفاعلية، فلدينا الأرض حيث إن سكان مصر يتمركزون فى حوالى 6.5 فقط من مساحة مصر الكلية، فضلا عن توافر الأيدى العاملة حيث إن هناك ما يزيد على 20 مليون متعطل عن العمل وقادرين عليه مما يمكن استغلالهم بسهولة ويسر، ناهيك عن وجود الخبرات الإدارية الكثيرة والتى يمكنها إدارة المشروعات بفعالية ونجاح كبير، وهذا بطبيعته ينعكس على الاقتصاد المصرى، وأشار الخضيرى إلى أن الأمر يحتاج فقط لاستخدام الخطط الاقتصادية لاستئناف برنامج التصنيع الاقتصادى الذى تم إيقافه من قبل، لافتا إلى أنه آن الأوان أن تعتمد مصر على نفسها وأن تنشئ مشروعاتها ولا شك أن تبرع المشير السيسى بنصف ثروته لدعم اقتصاد مصر يبعث برسالة على أنه قائد مصرى حقيقى فعال.
ومن ناحية أخرى أكد فؤاد شاكر رئيس اتحاد المصارف العربية سابقا أن القرارات التى اتخذت تلك الفترة والمتعلقة بتخفيض الدعم واعتماد الموازنة الجديدة وإعلان سياسة إصلاحية على مدار الخمس أو الست سنوات القادمة من أهم الأحداث التى حدثت فى مصر، موضحا أن تلك السياسات هى التى كانت تعوق أى مساعدات قادمة لمصر من العالم الخارجى، حيث إن العالم الخارجى الآن ينظر للمشير السيسى على أنه استطاع أن يفعل ما لم يستطع أحد فعله بتطبيقه تلك السياسات بالطرق السلمية، وفيما يتعلق بهذا المؤتمر الهام أشار شاكر إلى أنه من المتوقع أن يقل العجز فى الموازنة عاما بعد الآخر، فنحن نتحدث عن 50 مليار جنيه تخفيض فى قيمة العجز كل عام على مدار الست سنوات القادمة مع زيادة الموارد وتحسين الوضع الاقتصادى العام مما يعتبر مؤشرا على توازن الاقتصاد العام، مما ينعكس على التصنيف الائتمانى لمصر الذى يبعث برسالة أن مصر قادرة على تسديد ديونها، وأكد أنه سيعرض فى هذا المؤتمر أن لدينا مشروعات بدأنا تنفيذها بالفعل، فضلا عن عرض مشروعات البنية التحتية التى تحتاج لتمويل خارجى فى الغالب، وكل تلك المشروعات مسجلة كتابة بحجم تمويلها بكيفية التسديد لتقديمها للدول المانحة والمشاركة فى المؤتمر، وأكد شاكر أنه لا شك أنه سيكون هناك نتائج إيجابية للمؤتمر، فمن المفترض أن العديد من المؤسسات الدولية ستشارك، فضلا عن إعلان الولايات المتحدة مشاركتها أيضا، حيث ستقدم مصر المشكلات التى تمر بها وتطرح عدة حلول لمواجهتها، وستتناقش مع تلك الدول فى إمكانية الحلول وهل هى واقعية أم لا، ومن الطبيعى أن يكون هناك أرقام ودراسات فى الموازنة الحالية، فضلا عن تعديل الخطة 2020، وتوضيح للأمور خلال عدة سنوات قادمة، لافتا إلى أن المانحين سيتم اجتماعهم لإقرار كيفية المساهمة فى دعم اقتصاد مصر وذلك فى شكل مشاورات ثنائية أو متعددة الأطراف، وأكد شار أنه يعتبر تواجد صندوق النقد الدولى فى المؤتمر من أهم الأطراف الموجودة لأنه هو الذى يقرر مدى سلامة وإمكانية تنفيذ البرنامج المقترح للإصلاح، وبالتالى كل دولة يمكنها وضع إمكاناتها المتاحة حتى نصل للرقم الذى يغطى احتياجاتنا.