«كورونا» تدمر المشروعات الصغيرة والمتوسطة.. و«الدولة» تعالج الموقف
إيمان شهاب
من آثار جائحة كورونا التى لا تنتهى آلا وهى توقف عدد كبير من الشركات الصغيرة والمتوسطة، حيث كانت توفر الكثير من فرص العمل خاصة أنه من ضمن القطاعات كثيفة التشغيل، إلى جانب عودة ليس بقليل من العاملين بالخارج، ولهذا ظهرت مبادرة تمويلة من جهاز تنمية المشروعات الصغيرة لدعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة ولو نظرنا إلى حجم تمويل المشروعات تخطى مليار جنيه منذ بدء أزمة كورونا، كما أتاح جهاز المشروعات الحكومى تمويل سريع بهدف الحفاظ على العمالة ومواجهة أى تداعيات قد تؤدى إلى تسريح العمالة، إلى جانب مبادرة بـ5 ملايين دولار والتى تمت بين وزارتى التضامن والتعاون الدولى، لدعم المجتمعات الأكثر احتياجًا والمتضررين من جائحة كورونا، ضمن برنامجى حياة كريمة وتكافل وكرامة، ينفذه برنامج الأغذية العالمى، التابع للأمم المتحدة، ولهذا تم إجراء هذا التحقيق الصحفى لاستطلاع آراء الخبراء حول كيفية مساعدة المشروعات الصغيرة والمتوسطة بالشكل الصحيح؟!
فى البداية، أكد الدكتور مصطفى أبوزيد، الخبير الاقتصادى، أن قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة أحد القطاعات التى توفر الكثير من فرص العمل، خاصة أنه من ضمن القطاعات كثيفة التشغيل، ويستطيع أن يستوعب عددًا كبيرًا من العمالة غير المدربة أو التى ليست لديها خبرة كبيرة فى السوق أو ليس لديها من التأهيل أو التدريب، مشيراً إلى أن الدولة لم تقف مكتوفة الأيدى أمام وقوع الشركات الصغيرة والمتوسطة تحت وطأة ضغوط فيروس كورونا، ولهذا قدمت العديد من الإجراءات التحفيزية التى تمثلت فى تأجيل مدفوعات الضرائب، والمساعدة فى تغطية نسبة من أجور العاملين، مع دعم القطاعات المتضررة عن طريق توفير السيولة والائتمان، وتخفيف الأعباء عن الشركات العاملة فى هذه القطاعات.
أوضح "أبوزيد" أنه من الطبيعى أن تهتم مصر بزيادة مساحة المشروعات الصغيرة والمتوسطة بإعتبارها أحد المحركات الأساسية فى زيادة حجم الناتج المحلى الإجمالى وتوفير الكثير من فرص العمل، لأن هذا القطاع يستطيع أن يستقطب الكثير من الأفراد الذين لا يستطيعون العمل فى القطاعات الكبيرة أو المشروعات الكبيرة بالتالى المشروعات الصغيرة والمتوسطة تستطيع أن تخدم هذه الشرائح.
ويرى الخبير الاقتصادى، الدكتور على الإدريسى، أنه يجب التطرق إلى دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة ولكن ليس بالفكر التقليدى أو المعمول به حاليا عن طريق توجيه الدعم وفشل المشروع والملاحقات القضائية تجاه المستفيد ولكن تطبيق فكر جديد قائم على الإشراف على كل المراحل التى تبدأ من برامج تأهيل وتدريب للمستفيد من خلال المحافظات المختلفة الذى يقوم بتدريب مجموعة مكونة من 100 فرد خلال برنامج ومن يجتازه يحق له التقدم بطلب تمويل ضمن قائمة المشروعات المدروسة والمعدة مسبقًا من خلال الجهة الحكومية التى حددت مشروعاتها سلفًا لتناسب طبيعية ومعطيات إنتاج وموارد المنطقة، فالمشروع الذى يصلح فى قرى الصعيد قد لاينجح فى المحافظات الساحلية.
أضاف "الإدريسى" أنه لا تستطيع أى دولة فى العالم أن تستمر فى سياسة الدعم عبر الإعانات الشهرية عبر شبكات الأمان الاجتماعى، ولا بديل من الإنتاج كما يطلقون عليه فى المثل الشعبى الصينى "لا تعطنى سمكة ولكن علمنى كيفية الصيد"، لافتاً إلى طريق آخر للمساعدة ألا وهو مرحلة التسويق للمنتج لتوفير العائد المادى ونجاح المشروع وخلق كيانات اقتصادية صغيرة قادرة على العيش بحياة كريمة فى وطنها وهنا نكون وصلنا إلى نقطة مهمة؛ وماذا بعد تقديم المنح التى لا تستطيع أية حكومة فى العالم على توفير الاعانات بشكل مستمر.
تابع قائلاً: "وحتى لا تتحول هذه الأسر التى تتلقى الدعم كمسكنات إلى أسر منتجة تحقق قيمة مضافة ولها هامش ربح وتساهم فى زيادة معدلات النمو الاقتصادى".
ومن ناحية آخرى، أوضح الخبير الإقتصادى، خالد الشافعى، أنه تجرى محاولات كثيرة من قبل الدولة لإنقاذ الشركات الصغيرة خاصة فى ظل أزمة فيروس كورونا وتضرر حركة البيع والشراء بالنسبة لقطاع كبير من مصنعى الحرف اليدوية والصناعات متناهية الصغر وهو ما يضعهم فى مأزق كبير فى عدم وجود طلب على منتجاتهم بالفترة الحالية، وكان من أخر هذه المبادرات آلا وهى مبادرة بـ5 ملايين دولار والتى تمت بين وزارتى التضامن والتعاون الدولى، لدعم المجتمعات الأكثر احتياجًا والمتضررين من جائحة كورونا، ضمن برنامجى حياة كريمة وتكافل وكرامة، ينفذه برنامج الأغذية العالمى، التابع للأمم المتحدة، بتمويل من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية قيمته 5 ملايين دولار.
لفت "الشافعى" أن كافة الشركات الناشئة والصغيرة تأثرت بالسلب بأزمة فيروس كورونا، وذلك نتيجة تضرر كافة القطاعات الاقتصادية وتضرر سلاسل الإمداد والتوريد إضافة إلى تفاقم مديونيات بعض الشركات نتيجة دفع رواتب والتزامات شهرية دون أى تحرك يذكر فى حركة مبيعاتها، متوقعاً استمرار التضرر الواقع الحالى على الشركات لحين انتهاء أزمة كورونا وعودة الطلب على الخدمات والمنتجات لسابق وضعها.
وأبدى الدكتور عبدالحميد زيد، أستاذ الاجتماع السياسى، ورئيس قسم العلوم الاجتماعية بكلية الخدمة الاجتماعية، رأيه بأنه لابد من زيادة التوعية بأهمية الإنتاج والعمل عبر المضامين والرسائل الإعلامية الجيدة على عكس ما يقدم الآن، خاصة أنهم يركزون على نماذج تمثل الرفاهية ونماذج للكسب غير المشروع ما يؤثر بالسلب على الشباب، ولابد تفعيل دور منظمات المجتمع المدنى فى التأهيل والتدريب، مشيراً إلى أن هناك سمات وفروق فى شخصية المواطن فى المجتمعات المنتجة التى تقدر العمل وتقدسه منذ مراحل التنشئة بمفاهيم عمل مختلفة عن المجتمعات غير المنتجة.