«قطاع الزراعة».. ورحلة الثراء السريع جراء تداولات «أسهمه»
محمد غراب
مطالب بإعادة تقييم أسعار الأصول التى تمتلكها الشركات الزراعية خاصة «الأراضى»
لم تكن الارتفاعات التى حظيت بها أسهم القطاع الزراعى محض صدفة، أو ناتجة عن عمليات مضاربية، ولكن فى حقيقة الأمر أن تعلق هذا القطاع الحيوى بالعديد من السلع الاستراتيجية وتدخله حتى فى الصناعات الدوائية، وحتى ارتباطه بالأمن الغذائى وقت الأزمات كان له دور فى هذا الصعود الكبير، وبرغم خسائر محاسبية لبعض الشركات المقيدة على هذا القطاع فكانت على الجانب الآخر الظروف الدافعة والمتمثلة فى الأصول والأراضى التى تمتلكها العديد من الشركات المقيدة بها، هذا فضلا عن اهتمام الدولة بالملف الزراعى والناتج عن التوجيهات المباشرة من الرئيس «عبدالفتاح السيسى» بالاهتمام بالرقعة الزراعية وتوسعتها وتوفير كل ما يلزم هذا الشأن، وهو ما دفع الأسهم الزراعية بالبورصة المصرية للصعود الكبير، فهنا سنجد سهم «العامة لاستصلاح الأراضى» قد ارتفع من مستويات 7 جنيهات فى مارس الماضى، إلى ما فوق مستوى الثلاثين جنيها محققا مكسبا كبيرا قد يصل إلى 5 أضعاف السعر، وهناك سنجد سهم «الدولية للمحاصيل الزراعية» قد استطاع التحليق من عند مستويات الـ1.5جنيه للسهم فى مارس الماضى إلى مستويات ما فوق الـ3.25 جنيه حاليا، هذا برغم تحقيق الشركة لخسائر محاسبية فى نتائج الأعمال، كما سنجد أيضا سهم «العربية لاستصلاح الأراضى» والذى حقق مكاسبا مضاعفة على شاشات التداول مسجلا تداولاته حول المستوى السعرى 22 جنيها، وذلك بعد أن كان يتداول حول مستوى الـ8 جنيهات فى مارس الماضى.. هذا على سبيل المثال وليس الحصر، فقطاع حيوى مثل هذا القطاع برغم الخسائر التى تعانى منها معظم شركاته على أرض الواقع وداخل أوراق نتائج الأعمال، إلا أنا شاشات التداول استطاعت الاستجابة لتوجيهات الدولة متمثلة فى الرئيس بالإهتمام بهذا الملف وهو ما استطاعت الأسهم على شاشات التداول تحقيقه بالفعل من خلال أرباح كبيرة حظيت بها أسهم الزراعة.
كيف أثر الأداء الجيد لأسهم «القطاع الزراعى» على قطاع «الدواجن» بارتفاعات فى «أسهمه»
فى هذا السياق قال «وليد هلال» المحلل الفنى للبورصة المصرية وعضو الجمعية المصرية للمحللين الفنيين، أن الاهتمام بالقطاع الزراعى بات حتميا بعد أزمة «كورونا» التى تأثر بها العالم كله، وبعد إجراءات الحظر والإغلاق الاقتصادى التى كان لها بالغ الأثر على النواحى الاقتصادية الشتى، والتى كانت تتطلب توافر كميات كبيرة وكافية من الغذاء ولفترات، وخصوصا المحاصيل والسلع الأساسية والضرورية، لذا كان على الدولة متمثلة فى الرئيس عبدالفتاح السيسى، الاهتمام بالزراعة والعمل على زيادة الرقعة الخضراء قدر المستطاع، فكانت توجيهات الرئيس السيسى بالاهتمام بالمشروعات الزراعية وتقديم الخدمات الزراعية المناسبة لتحديث الزراعة المصرية من خلال الاستفادة من البحوث العلمية والتعاون بين القطاع الزراعى والقطاعات الأخرى، هذا فضلا عن تفعيل دور التعاونيات والنقابات المعنية التى تستهدف رفع القيمة المضافة للمحاصيل، وكان تشديد الرئيس على أهمية عمل برامج قومية لتوفير أفضل الحلول، للتحديات التى تواجه القطاع الزراعى وربط الانتاج الزراعى بالصناعات ذات الصلة، تحقيقا لغاية الدولة فى زيادة الرقعة الزراعية على المستويين الأفقى والرأسى، بزيادة المساحة المنزرعة وتطبيق الأساليب الحديثة فى الزراعة.
وأكد «هلال» أن قطاع الزراعة بالبورصة المصرية قد تأثر إيجابيا، على اعتبار أن البورصة المصرية تعتبر مرآة للاقتصاد ونافذته الشرعية، وأدى الاهتمام بهذا الملف إلى تنمية قطاع الدواجن والذى صعدت مؤشراته بقوة خلال الفترة الأخيرة، مع اهتمام الدولة به وتوفير كافة مستلزماته، لنجد أيضا أن هذا أثر تأثيرا إيجابيا على أسهم شركات الزراعة المباشرة مثل أسهم «شمال الصعيد والدولية للمحاصيل» وكذلك قطاع أسهم المطاحن لما تمثله تلك الشركات من أهمية كبيرة خلال الأزمة الراهنة بجانب ما توفره للمواطن من مستلزمات ضرورية للمعيشة حتى فى أسوأ الظروف.
وأشار «هلال» إلى أن مشاريع الدولة بهذا الشأن كانت على مستوى جيد متمثلة فى 200 مركز لتجميع الألبان على مستوى الجمهورية، ومضاعفة تمويل مشروع البتلو بمقدار مليارى جنيه إضافية وذلك خلال اجتماع الرئيس عبدالفتاح السيسى مع الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء، والسيد القصير وزير الزراعة واستصلاح الأراضى والمهندس مصطفى الصياد نائب وزير الزراعة واستصلاح الأراضى لشؤون الثروة الحيوانية والسمكية والداجنة، وهو ما دعم أداء الأسهم المتعلقة بتلك المشروعات على شاشات التداول بالبورصة المصرية صعودا.
أرقام الصادرات الغذائية تعكس نمو قطاع الزراعة وتفعيل بورصة السلع سيعكس أثرا للأداء الاقتصادى
من جانبه قال «هشام حسن» مدير استثمار رويال للتداول، أنه مما لاشك فيه أن القطاع الزراعى أصبح له شأن كبير، وخاصة بعد توسع مصر فى الرقعة الزراعية خلال السنوات الأخيرة، وانعكس هذا الأداء الإيجابى على أرقام الصادرات الغذائية من مصر إلى الخارج، وعلى مستوى ارتباط الزراعة بالغذاء فسنجد أن القطاع الغذائى أيضا داخل البورصة ليس بالشكل الكلى ولكنه موجود، وخلال الفترة الماضية عكست تلك الشركات أداء إيجابى، محققة ارتفاعات ملحوظة، ومن المأمول تفعيل بورصة السلع التى ستصبح محلا مباشرا وانعكاسا فوريا لأثر الأداء الاقتصادى خلال الفترة المقبلة طالما أن الدولة تتوسع فى الرقعة الزراعية.
مطالب بإعادة تقييم أسعار الأصول التى تمتلكها الشركات الزراعية خاصة «الأراضى»
وأضاف «سمير رؤوف» خبير أسواق المال، أن شركات القطاع الزراعى عليها أخبار لإعادة الهيكلة وذلك للحد من الخسائر المحاسبية، حيث بدأ قطاع الأعمال بعمل خطة لإعادة هيكلة الشركات التابعة لها فى هذا القطاع بداية من إعادة تقييم للأصول، وأرجع «رؤوف» ارتفاعات تلك الأسهم لارتفاع قيم الأصول المملوكة لها، والمتمثلة فى الأراضى والمعدات، وأرجع رؤوف خسائر بعض الشركات على أرض الواقع إلى سوء الإدارة التى تعانى منها تلك الشركات، فيما أرجع الأسعار الحالية للأسهم إلى الدورة الاقتصادية متمثلة فى عمليات صعودية ناتجة عن أخبار جوهرية، وأكد أيضا أن القيمة الحقيقية لأسعار تلك الأسهم قد تكون عشرة أضعاف الأسعار الحالية الموجودة على شاشات التداول، هذا استنادا إلى تقييم الأصول المتمثلة فى «أراضى» بالأسعار الحالية، وهنا يناشد الخبير المسؤولين المنوطين بإعادة تقييم أسعار الأراضى التابعة لتلك الشركات نظرا لما سيعود بالنفع على المال العام، لتحول العديد من الأراضى من أراضى استصلاح إلى أراضى عقارية زحف عليها العمران وغير من أسعارها بدرجة كبيرة جدا.
قوة الشركات الزراعية قد تجعلها تتعرض لعمليات دمج أو إسناد إدارتها للصندوق السيادى
فيما تكمن قوة تلك الشركات لأنها تعتبر جزءا من خطة استثمارات الصندوق السيادى بحسب «رؤوف» وهو ما قد يجعلها تتعرض لعمليات دمج أو نقل تبعية أو إسناد إدارتها للصندوق السيادى وفقا للخطط المعلنة من الدولة ولتوقعات بعض الخبراء، هذا لأن هذا القطاع يعتبر هو العمود الفقرى لقطاع الأغذية، وحتى قطاع الأدوية قد يعتمد على القطاع الزراعى فى الأساس، هذا لما يعنيه هذا القطاع من توفير النباتات الطبية وغيرها من المواد الخام.
تميز قطاع الزراعة بالعديد من مصادر التمويل يفتح له الضوء الأخضر..
وأشار «مصطفى نور الدين» المدير التنفيذى لدى هوريزون للتداول، أن هناك 545 مليون دولار لدعم مشروعات التنمية الزراعية فى 13 مشروع للانتاج الزراعى فى العام الجارى 2020، بالإضافة إلى أن مساحة مصر الإجمالية مليون كم2 وهى ما يساوى 238 مليون فدان، معظمها صحراء ومنها 5.5% فقط مسكونة، وتبلغ المساحة المزروعة 8.6 مليون فدان، أى ما يمثل 3% من إجمالى مساحة مصر، وهنا يحق القول أن قطاع الزراعة والتصنيع الزراعى يتميز حاليا بالعديد من مصادر التمويل المتخصصة، ليس فقط من البنوك، ولكن أيضا من العديد من الجهات غير المصرفية مثل جمعيات أهلية وجهات دولية تتبنى مشاريع ومبادرات، مما يدعم هذا القطاع، كما أن القطاع الزراعى ذاته يدعم 14.7% من الناتج القومى الإجمالى، ويعمل به حوالى 8.5 مليون شخص وهو ما يشكل نسبة 32% من سوق العمل المصرى.