السوق العربية المشتركة | خبير دولي بالمياه والموارد المائية: اكتمال تخزين «سد النهضة» لـ74 مليار متر مكعب سيؤدى لطوفان على السودان

اكتمال تخزين سد النهضة لـ74 مليار متر مكعب سيؤدى لطوفان على السودان ولا يصبح لها وجود على الخريطةالتعنت الإث

السوق العربية المشتركة

الإثنين 23 ديسمبر 2024 - 12:59
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

خبير دولي بالمياه والموارد المائية: اكتمال تخزين «سد النهضة» لـ74 مليار متر مكعب سيؤدى لطوفان على السودان

_بإكتمال حفر قناة «جونقلي » جنوب السودان سيدخل خزانة مصر المائية 9مليار متر مكعب



 

_فيضانات وسيول «مدمرة»  أدت الى.. صحوه سودانية ..التعريف بمدى خطورة سد النهضة .. تقارب في وجهات النظر المصرية السودانية

 

_التعنت الأثيوبي في قضية «سد النهضة» له اسباب داخلية سياسية من الدرجة الأولى

 

_فيضانات السودان لاتشكل خطورة على السد العالي..فهو من أعظم 10مشاريع في القرن الماضي

 

أكد الدكتور عباس شراقى الخبير الدولى بالمياه واستاذ الموارد المائيةبجامعة القاهره، فى حديثه إلى «السوق العربية» انه من المتوقع أن يرتفع منسوب نهر النيل خلال فترة الفيضان من 80 إلى 120 سم، لافتًا إلى أن الحد الأقصى للنهر هو 182 سم، بعدها تدخل مصر مرحلة الخطورة، خاصة أن موسم الأمطار العام الحالى مرتفع جدا فى بحيرة فكتوريا وعند انتهائه فى يونيو يبدأ موسم الأمطار فى إثيوبيا.

واوضح خبير المياه الدولى انه لابد من إقامة مشروعات رأسية فى جنوب السودان، حيث الامطار الغزيره والمياه السطحية بجنوب السودان التى لا تستفيد منها مصر والسودان، فنحن بحاجة إلى اقامة مشروعات تتمثل فى شق قنوات مائية مثل «قناة جونجلى» التى بدأ الحفر بها فترة حكم الرئيس الراحل السادات وتم إيقاف الحفر بها عام 1983حيث يصل طول هذه القناه إلى 360 كيلومترا حال اتمام حفرها فإن اجمالى ما يتم الاستفادة به من مياه من هذه البحيره يصل إلى 9 مليارات متر مكعب سنوياً، وهذه الكمية من المياه تعادل نهر نيل اخر للدولة المصرية.

وتابع لابد من عمل مشروعات فى قلب السودان تكون غطاء للسودانيين من مخاطر الفيضانات، والاستفادة من مياه الامطار بإسقاطها مباشرة إلى النيل، ذاكرا الفرصة سانحة الأن بالتواجد والتعاون مع الجانب السودانى من أجل مد يد العون والمساعدة لحمايتهم من مخاطر واضرار الفيضانات والسيول.

واضاف ان ارتفاع منسوب المياه فى بحيرة فكتوريا كان أعلى منسوب فى التاريخ، كما كان ارتفاع منسوب المياه فى الخرطوم اعلى منسوب ايضا فى التاريخ لاسيما بعدما وصل ارتفاع النيل فى الخرطوم الى17,66متر.. والى نص الحوار.

■ كيف تتعامل مصر مع فيضان النيل؟

- أثارت تحذيرات محافظة البحيرة، من غرق بعض الأراضى طرح النيل، حالة من الذعر والخوف لدى الأهالى، تحسبًا لتكرار مشاهد الفيضان فى السودان،

واوضح الدكتور عباس شراقى، الخبير الدولى بالمياه واستاذ الموارد المائيةبجامعة القاهرة، انه من الواضح أن وزارة الرى بدأت فى تصريف المياه الزائدة المجمعة خلف السد العالى، بسب ارتفاع كميات المياه والضغط على مفيض توشكى، أن تحذيرات محافظة البحيرة للأهالى والمزارعين يجب ألا تسبب ذعرا أو خوفا، مشيرًا إلى أن الأراضى المنخفضة هى الأكثر تأثرًا حتى أن البعض منها يقترب من النهر 3 أمتار فقط، علما بأن اراضى طرح النهر معرضة للغرق فى اى وقت يحدث فيه زيادة لمنسوب المياه فى النيل، لأن اراضى طرح النهر هى اراضى نيلية الأصل.

متابعا أن وزارة الرى تتحكم فى مياه نهر النيل من خلال استقبال الفيضان للسد العالى وملء بحيرة ناصر، ثم فتح مياه الفيضان لتوفير أغراض الشرب وأعمال الصناعة وخلافه وتحويل المياه للمصارف والترع، لافتًا لأن وزارة الرى لن تسمح بأن يهدد الفيضان المدن الرئيسية على النهر، موضحًا أنه ممكن اللجوء إلى فتح قناطر إدفينا فى دمياط، وفراسكور فى رشيد حال استمرار تدفق المياه، ويتم التحكم فيها من خلال وزارة الموارد المائية والرى.

وأشار شراقى، إلى أن جوانب نهر النيل بحالة جيدة، لافتًا إلى أن القناطر الشمالية يمكنها تصريف كميات أخرى من المياه، واوضحت وزارة الرى انه لا يمكن أن تهدد المياه السد العالى الذى يستقبل الفيضان منذ شهر ونصف تقريبًا.

■ لماذا يتم صرف المياه الزائدة من السد العالى..علما بأنها تسبب الكثير من المشاكل للمواطنين؟

- تستقبل مصر فيضان نهر النيل الذى يبدأ فى أغسطس حتى أكتوبر من كل عام، إلا أن هذا الفيضان وصل حجم ارتفاعه فى السودان إلى 181 مترًا فى سابقة هى الأولى من نوعها، متابعا وزارة الموارد المائية والرى مضطرة إلى زيادة تصريف مياه السد العالى، تخوفا من الا يستطيع مفيض توشكى تحمُل تفريغ جميع المياه الزائدة القادمة، وبالتالى حتى لا تصل البحيرة إلى منسوب مياه اعلى من منسوب 182 مترا، وهو اعلى منسوب للمياه فى نهر النيل ومن المتوقع أن يرتفع منسوب نهر النيل خلال فترة الفيضان من 80 إلى 120 سم، لافتًا إلى أن الحد الأقصى للنهر هو 182 سم، بعدها تدخل مصر مرحلة الخطورة، خاصة أن موسم الأمطار العام الحالى مرتفع جدا فى بحيرة فكتوريا وعند انتهائه فى يونيو يبدأ موسم الأمطار فى إثيوبيا فى شهر يونيو ايضا وهو فى زيادة عن معدلاته هذا العام، ويعود الفيضان مرة أخرى بعد انتهائه فى إثيوبيا إلى البدء فى بحيرة فكتوريا، وان دل ذلك يدل على أن نهر مياه النيل فيه ثابتة ومرتفعة طوال العام وذلك من فضل الله علينا.

■ ما التحديات التى تواجه الموارد المائية فى المناطق الجافة؟

- الدولة المصرية تقع فى منطقة شديدة الجفاف والفحولة ما عدا عن الساحل الشمالى بمصر الذى يسقط عليه بعض الامطار الخفيفة وسيناء حيث جبل سانت كاترين وحلايب وشلاتين، والتحدى الاكبر يتمثل فى ثبات حصة مصر المائية مع الزيادة المطردة فى عدد السكان، التى تصل سنوياً إلى 2مليون نسمة، والفرد يحتاج سنويا إلى 1000متر مكعب مياه، منوها ان متوسط الفرد حاليا من المياه يصل 565مترا، مبشرا ذلك لا يخيف ولا يحدث فزعا وهلعا للمواطنين، لأن الدولة قادرة اقتصاديا على توفير ما نحتاج إليه من مياه، لان معظم احتياجاتنا إلى الماء من أجل الزراعة لتوفير ما نحتاج من الغذاء فإذا توافرت اللحوم والمحاصيل فلسنا باحتياج إلى الماء، ونطمئن الشعب المصرى بأن مياه الشرب موجودة ولا تنقطع، على غرار دول غنية بالمياه ولكنها من افقر دول العالم مثل الكونغو حيث يصل نصيب الفرد فيها إلى 15 ألف متر مكعب سنويا، وإثيوبيا يصل نصيب الفرد فيهامن المياه إلى 2500متر، والسودان 1500متر، على النقيض تأتى دولة مثل الكويت يصل نصيب الفرد فيها إلى 10 أمتار سنويا، وهى من الدول الغنية عالميا، والتحديات الأخرى تتمثل فى زراعة محاصيل شرهة للمياه من «ارز وقصب السكر»، وهم من اشره المحاصيل استهلاكا للمياه فى العالم، ومن ضمن التحديات ايضا ترك طرق الرى التقليدية واتباع الطرق الحديثة.

■ ما الحلول العلمية لمواجهة التحديات المائية.. واحدث التكنولوجيا لتحقيق الأمن المائى؟

- الحلول العلمية لمواجهة هذه التحديات تتمثل فى إقامة مشروعات الجانب الاكبر منها سيصبح خارج مصر مثل إقامة مشروعات رأسية فى جنوب السودان، حيث الامطار الغزيرة والمياه السطحية بجنوب السودان التى لا تستفيد منها مصر والسودان، فنحن بحاجة إلى اقامة مشروعات تتمثل فى شق قنوات مائية مثل «قناة جونجلى» حيث يصل طول هذه القناة إلى 360 كيلومترا حال اتمام حفرها كمرحلة اولى نستطيع من خلالها توفير 4,5 مليار متر مكعب، وفى المرحلة الثانية نستهدف 4,5 مليار متر مكعب، بالتالى اجمالى ما يتم الاستفاده به من مياه من هذه البحيرة حال اتمام حفر قناه جونقلى يصل إلى 9 مليارات متر مكعب سنوياً.

أما بالنسبة إلى التحديات الأخرى فتكمن فى استنباط انواع جديدة من المحاصيل تستهلك مياهًا اقل وتعطى انتاجية اعلى، وإعادة النظر فى التركيب المحصولى لزراعة المحاصيل الأقل استهلاكا للمياه وتعطى عائدا أكبر، والعمل على تطوير الرى من الرى الحقلى إلى الرى الحديث، والاستفادة من الامطار المصرية عن طريق حصد مياه الامطار فى سيناء، والبحر الاحمر والساحل الغربى، وتقليل الفواقد عن طريق تبطين الترع، وتغطية بعض المجارى المائية الزراعية.

■ متى بدأ حفر «قناة جونجلى» جنوب السودان من قبل الدولة المصرية؟ ولماذا تم إيقافه؟

- بدأ حفر هذا المشروع العملاق فترة حكم الرئيس الراحل محمد أنور السادات، نهاية السبعينيات، وتم إيقاف الحفر عام 1983، وشدد خبير المياه الدولى على ضرورة اتمام شق هذه القناه، ما يتطلب بذل الوقت والجهد والمساعى الحثيثة مع السودان الشقيق، وأشاد شراقى بالدور الذى تقوم به الحكومة المصرية من إرسال إغاثات وإعانات إلى السودان نتيجة الفيضان الذى ألحق خسائر فى الأرواح ودمر وهجر الكثير من المواطنين، ولا ننكر الدور الذى قام به وزير الموارد المائية والرى، حيث توطيد العلاقات مع الجانب السودانى.

■ من وجهة نظرك كيف يتم إقناع السودان بإكمال شق «قناة جونجلى» جنوب السودان لتحقيق أقصى استفادة ممكنة لضمان الحفاظ على وحدتى «الأرض والمياه»؟

- السودان ليس له مصلحة مائية فى اكتمال شق القناه، ولكن سوف تحصل على الاستفادة الأكبر من خلال المشروعات المصاحبة للقناة ولابد من إقناع الجانب السودانى بتلك المشروعات المصاحبة من «محطات كهرباء، ومياه، وطرق وكبارى»، لاسيما انه بعد اتمام شق القناه سوف تتحول المستنقعات والبرك إلى أراضى زراعية وسكنية، يستفيد منها المتضررون من السيول، ولابد ايضا من عمل مشروعات فى قلب السودان تكون غطاء للسودانيين من مخاطر الفيضانات، والاستفادة من مياه الامطار بإسقاطها مباشرة إلى النيل، ذاكرا كما نوهت من قبل الفرصة سانحة الآن بالتواجد والتعاون مع الجانب السودانى من أجل مد يد العون والمساعدة لحمايتهم من مخاطر واضرار الفيضانات والسيول، علما بأن تكلفة اتمام شق قناة جونجلى بالمشروعات المصاحبة تصل إلى 15مليار جنيه تقريباً اى ما يعادل محطة تحلية واحدة، وبالتالى نحصل على نهر نيل اخر مدى الحياة.

■ ما مدى اجمالى مساهمة السودان فى إيراد مياه النيل؟

- السودان حالياً لا يساهم بمتر واحد فى مياه نهر النيل سواء أكان الشمال أو الجنوب، علما بأن الامطار الواقعة على السودان اكثر بكثير من الأمطار الواقعة على إثيوبيا، فجميع إيرادات المياه الواقعة على نهر النيل تصل إلى 85% قادمة من إثيوبيا و15%قادمة من بحيرة فكتوريا، فالمياه رغم كثرتها بالجنوب والشمال السودانى تأتى وتهدر ولا تصب فى نهر النيل.

■ هل المشروعات القومية لتحلية المياه.. ستعوض مياه النيل؟

- مشكلة مصر المائية تتمثل فى توفير مياه للزراعة حيث تشكل اكثر من 80%من الاستخدامات المصرية، منوها إن مصر لديها عجز يقدر بـ40%من احتياجاتها وهو ما يعادل 40مليار متر3، ويتم التغلب على 20 مليار متر3 من إعادة استخدام المياه اكثر من مرة لمياه الصرف الزراعى، او الصحى والصناعى، ولكن إذا استخدمت فى الزراعة فهى مكلفة وغير اقتصادية، لاسيما ان المتر المكعب من المياه يعطى من 5- 10 جنيهات حين أن تكلفة المتر من تحلية مياه البحر تصل إلى 15جنيها.

■ كيف ترى اسبوع «القاهرة للمياه» فى نسخته «الثالثة 2020»؟

- اسبوع القاهرة للمياه هو نشاط وزارى إعلامى فى الدرجة الأولى العائد العملى منه غيرمرضٍ، لاسيما ان تكلفته مرتفعة جدا، ولكن فى النهاية يعمل على تبادل الخبرات.

■ ما أسباب سقوط الأمطار بكثافة على السودان؟ ما أدى إلى فيضانات وسيول مدمرة أحدثت رقما قياسيا جديدا لارتفاع النيل فى الخرطوم؟

- شهدالعام الحالى امطارا غزيرة على الهضبة الاستوائية وبحيرة فيكتوريا وإثيوبيا والسودان شرق افريقيا بالكامل، سقطت الامطار عليها نتيجة ظروف مناخية على مستوى الكورة الأرضية، وليست ظاهرة محلية، وذلك مرتبط بظاهرة تحدث فى المحيط الهادئ تسمى «لانينا» نتيجة كتل باردة تحدث على سطح المحيط الهادئ، وبالتالى يتم التنبؤ بها بناء على وجود هذه الظاهرة على سطح المحيط الهادئ بإقتراب نزول أمطار، بناء عليه عند زيادة الأمطار فى الهضبة الاستوائية يونيو من العام الماضى توقعنا انه سوف يسقط امطار على إثيوبيا، وتم تنبيه السودان فى شهر مايو انه سوف تسقط امطار فى أغسطس القادم، وهذه التنبؤات تتم على أساس ظواهر علمية، وما آلت إليه بحيرة فيكتوريا من ارتفاع فى منسوب المياه كان أعلى منسوب فى التاريخ، كما كان ارتفاع منسوب المياه فى الخرطوم اعلى منسوب ايضا فى التاريخ لاسيما بعدما وصل ارتفاع النيل فى الخرطوم الى17,66متر.

■ فى حالة وجود خلل فى «سد النهضة» هل تزداد الأمور سوءا؟ وما الأضرار التى لحقت بالسودان نتيجة الفيضانات؟

- فى وجود خلل فى سد النهضة عند تخزين 5مليارات متر وهو ما تم تخزينه إلى الآن ربما تكون الآثار مدمرة ولكن نستطيع التغلب عليها، حسب حالة السدود فى السودان خاصة إذا لم تكن ممتلئة عن آخرها وتستطيع أن تستوعب المياه الزائدة القادمة من سد النهضة، قٍس على ذلك السد العالى، أما إذا كانت السدود ممتلئه ولا يوجد بحر نستطيع تفريغ المياه فيه فإن مصر بذلك تكون معرضة للخطر الداهم، لذلك نقول انه حال وجود خلل يتوقف الأمر على مدى قوة واستيعاب السدود الموجودة للمياه بمصر والسودان، منوها انه حالة اكتمال المساحة التخزينية لسد النهضة وحدث خلل ومشاكل بالسد سيحدث طوفان على السودان ولايكون للسودان وجود على الخريطة، ومن الطبيعى أن يؤثر على السد العالى المصرى، لكن الدولة المصرية احسن حالا من السودان ونحن جاهزون وعلى أهُبة الاستعداد، لان المياه القادمة من سد النهضة إلى أن تصل إلى السد العالى تصل فى 6ايام، خلالهم يتم صرف المياه من بحيرة ناصر قدر المستطاع، ومفيض توشكى وبوابات السد العالى ايضا، وفى هذه الحالة سوف يحدث إيلاما لمحافظات الصعيد نتيجة غرق الكثير منها، وبعدها نستطيع أن نتجاوز العثرات، وذلك افضل من وجود طوفان يجتاح الدولة بأكملها، وابدى شراقى رأيه فى هذا الصدد لابد من توسعة مفيض توشكى، لدرء وتجنب المخاطر التى قد تحدث نتيجة اكتمال المساحة التخزينيةلسد النهضة، وتعمل وزارة الموارد المائية والرى وهو مثبت فى خطتها على التوسع فى مفيض توشكى.

واوضح شراقى أن الفيضانات ألحقت الكثير من الأضرار الجسيمة، فى الأرواح والممتلكات، ومن وافتهم المنية اكثر من 117شخصا وتشريد الآلاف، وغرق آلاف الأفدنة الزراعية، وعليه تم انهيار لسد «بوط»، وحدث شلل فى الحركة بالشارع السودانى الشهر الماضى، نتيجة انهيار الطرق.

■ ما المكاسب العائدة على مصر والسودان من الفيضانات؟

- المكاسب متعددة رغم الخسائر الكبيرة التى لحقت بالسودان، لاسيما بعد زيادة منسوب المياه فى السودان، وعليه حدث زيادة فى منسوب المياه فى بحيرة ناصر، إمتلاء الخزانات المصرية السودانية، أصبح هناك بارقة أمل تلوح فى الأفق بين مصر والسودان حيث تقريب وتوطيد العلاقات المصرية السودانية بعد أن مدت مصر يد العون إلى الشعب السودانى متمثلة فى إلحاق طائرات إغاثة محملة بالبضائع وكافة متطلبات الشعب السودانى الشقيق، وفتح جسر جوى بينهما، الفيضان كان وسيلة مهمة فى تعريفه بالمناطق التى تحتاج إلى إقامة مشروعات تنموية، التعريف بالأماكن الأكثر تضررا، ايضاح الصورة وإيصالها كاملة للحكومة والشعب السودانى بالمخاطر التى قد تحدث للسودان حالة اكتمال مراحل الإنشاء والتخزين لسد النهضة، الوقوف يدا بيد بجانب الدولة المصرية فى تدويل قضية سد النهضة والتعريف بمخاطر اكتمال بناء السد على الدولتين وحفظ حقوقهم المائية المشروعة دولياً.

■ متى ستنتهى الفيضانات..وما الدروس المستفادة منها؟

- الأمطار بدأت حالياً فى الانحسار، ونهاية الامطار بالنسبة إلى السودان وإثيوبيا بنهاية شهر سبتمبر، وتصاحبها امطار خفيفة فى شهر أكتوبر، لاسيما بعد انخفاض منسوب المياه فى النيل.

وتابع شراقى بأن الدروس المستفادة من الفيضانات تتمثل فى التنبؤ باماكن المخرات والسيول، والتعريف السريع بالأماكن التى نبدأ فيها بالمعالجة، والتعريف بالأماكن الخطرة، والتى تحتاج إلى سدود صغيرة أو كبيرة، ومعرفة السودان بمدى خطورة سد النهضة، وسرعة وتيرة التعامل مع الجانب الإثيوبى فى قواعد الملء والتشغيل، وتقريب وجهات النظر بين مصر والسودان.

■ كيف ترى أمان سد النهضة من حيث الموقع والتصميم والإنشاءات الهندسية؟

- شركة سالينى المنفذة للعمل هى من الشركات الإيطالية الكبرى، وقد أعلنت إثيوبيا فى فبراير 2011 عن عزمها إنشاء سد على النيل الأزرق، والذى يعرف بسد هيداسى على بعد 20-40 كم من الحدود السودانية بسعة تخزينية تقدر بحوالى 16.5 مليار متر مكعب أسند إلى شركة سالينى الايطالية بالأمر المباشر وأطلق عليه مشروع إكس وسرعان ما تغير الاسم إلى سد الألفية الكبير ووضع حجر الأساس فى الثانى من أبريل 2011، بسعة تخزينية 64مليار متر مكعب ثم تغير الاسم للمرة الثالثة فى نفس الشهر ليصبح سد النهضة الإثيوبى الكبير بسعة تخزينية 74 مليار متر مكعب، وهذا السد هو أحد السدود الأربعة الرئيسية التى اقترحتها دراسة مكتب الاستصلاح الأمريكى USBer، وان دل ذلك يدل على أن إثيوبيا من الناحية العلمية من دول العالم الثالث ولا تتبع الإجراءات السليمة فى الإنشاءات الهندسية، مُتعجلة فى إقامة المشروعات، اما من ناحية عدد التوربينات فبدأت ب15 توربن ثم بـ16 إلى أن اتضح أن التوربينات الموجودة حالياً 11توربين فقط، بالتالى يوجد تخبط فى مواصفات السد.

أما من الناحية الهندسية فالدولة المصرية قامت بتشكيل لجنة دولية عام 2012، لمراجعة الإجراءات الهندسية تضم خبراءمن الخارج استمر عمل اللجنة لمدة عام وترأى للجنة ان هذه الإجراءات أولية لا ترقى لإتمام اكتمال السد، وهى اللجنة الأولى والأخيرة، لا سيما بعد رفض الإثيوبيين دخول لجان مرة أخرى للسد، واللجنة أوصت فى 25صفحة، بدراسات لابد من عملها، وضربت إثيوبيا بكافة التوصيات عرض الحائط وما زالت فى طريقها إلى إتمام انشاء السد وبدأت فى تخزين 5مليارات متر مكعب.

■ اى من النقاط يتركز فيها الخلاف بين الدول الثلاث حول عملية ملء سد النهضة؟

- المفاوضات الحالية تتم بناء على قواعد الملء والتشغيل، وتم ترك المفاوضات فى القواعد الإنشائية والهندسية والإرتفاع المسموح، خاصة بعد اشتراط إثيوبيا بأن المفاوضات شىء والإنشاءات شىء اخر، على غرار القواعد والأسس الدولية المتعارف عليها حال الخلاف على بناء السدود يتم التفاوض وحينما يتم التوصل لاتفاق يتم البناء والإنشاء بناء على ما تم الاتفاق عليه.

مصر تريد أن يكون الملء مرتبطا بموسم الأمطار، مثل العام الحالى الأمطار غزيرة فلا مانع من الملء، وفى حالة سقوط امطار قليلة عدم الملء كى لا تؤثر على الأمن المائى المصرى، اذا ملء سد النهضة مرتبط بحالات تساقط الأمطار«الظروف الهيدرولوجية»، وإثيوبيا ترفض ذلك وترى أن نهر النيل ملكية خاصة لها، والسودان لا يوجد لها أى تحرك أو نشاط ملحوظ إلى الآن.

■ ما النتائج التى حققتها ندوة المهندسين العرب حول ازمة فيضانات السودان؟

- تم تبادل الاراء والأفكار والخروج ببعض التوصيات، وتم التنبيه على أنه يوجد مناطق فى السودان تحتاج إلى مشروعات، وضرورة التعامل المصرى السودانى، وضرورة وجود صحوة وتشريعات فى السودان، وتطوير القنوات المائية ويأتى على رأسها النيل الأبيض فمصر لديها الخبرة وتمتلك المعدات الثقيلة القادرة على تنفيذ كافة المشروعات والتى تم استخدامها فى قناة السويس، والحفارات التى تم بها حفر الأنفاق.

■ هل تشكل فيضانات السودان مخاطر على السد العالى؟

- فيضانات السودان لاتشكل مخاطر على السد العالى، فالسد العالى تم بناؤه حين ذاك هندسيا على أعلى مستوى، وهو من أعظم 10مشروعات فى العالم فى القرن الماضى، من الناحية الهندسية والاستفادة منه للبشرية ليس للمصريين فحسب، موضحا الخبير الدولى بالمياه أن السد العالى يتم تطويره بشكل مستمر، حيث يوجد نفق داخل جسم السد يتم من خلاله مراقبة الطبقة الداخلية بالسد اولا بأول وماذا يحدث بلُب السد من الداخل.

■ كيف ترى التحركات المصرية لإيضاح أزمة سد النهضة عالمياً؟

- لم تستطع مصر ايضاح وجهة النظر عالمياً بالصورة المطلوبة، على غرار ما تفعله السفارات الإثيوبية فى ايضاح وجهات النظر عالميا بأن مصر متجنيه على إثيوبيا، ولا تريد لها أن تنهض وان تخرج من النفق المظلم سواء أكان عجزا فى الكهرباء او غيرها، وأنها دولة فقيرة اقتصادياً، بطريقة أثارت بعض دول العالم، عل غرار الواقع تماما، وهى طريقة مبالغ فيها والدولة المصرية مع بناء أى سد إثيوبيا شريطة اتباع القواعد الدولية، وإثيوبيا لم تفعل اى شىء من ذلك، والترويج المصرى لبناء سد النهضة بطرق غير سليمة وتعدى على الحقوق المصرية، وبمواصفات مبالغ فيها وبسعة تخزينية 74مليار متر مكعب يمثل اضرارًا جسيمة على مصر وخاصة السودان، فإثيوبيا تريد اكتمال تخزين هذا الكم وسعته اكبر من النهر الذى يبلغ 50مليار متر مكعب، ويمثل خطورة فى حجز الكمية الكبيرة من المياه، وهذه السعه التخزينية تصل إلى ارتفاع فى منسوب المياه من 500:600 متر فوق سطح البحر، ولا يفوتنا ان الخرطوم على ارتفاع 300متر أى تمثل المياه ضعف ارتفاع الخرطوم وما يزيد، وفى حالة انهيار السد، المياه سوف تندفع بقوة وكثافة تدمر السودان بالكامل خاصة أن السد قريب من الخرطوم بـ500 كيلو، فكان يجب أن تقوم شركة محايدة باستلام السد وتنفيذه بموافقات وشروط من الدول الثلاث بحيث لا تضر دولة بمصالح دولة اخرى، وإثيوبيا ليس لها حق بالانفراد بهذه الخصائص دون الرجوع إلى القواعد العامة، لأن هذا النهر ليس ملكية شخصية لدولة دون أخرى، فإثيوبيا بهذه الصورة مهيمنه عسكرياً على السودان

■ كيف ترى المفاوضات الجديدة بشأن ازمة ملء سد النهضة الإثيوبى والوصول إلى اتفاق قانونى ملزم ونهائى عقب فشل جولة المفاوضات الاخيرة؟

- يوجد حاليا حالة صمت رهيبة من الدول الثلاثة وغير مبررة علما بأنهم فشلوا فى نهاية شهر اغسطس بعمل مسودة موحدة، يتم الاتفاق على ان كل دولة تكتب تقريرا ورؤيتها فيه على شكل مسودة وتقدمه إلى الاتحاد الافريقى وبعد ذلك يتم اتخاذ خطوات اخرى يتمثل فى اجتماع على مستوى رؤساء الوزراء أو رؤساء الدول وتم تقديم ذلك فى نهاية أغسطس ونحن على موعد مع ساعات قلائل تفصلنا عن شهر سبتمبر ولم نرى أى جديد يذكر، ولم يكتب الاتحاد الافريقى تقريرة بفشل المفاوضات والرسالة إلى مجلس الأمن، فى حين أن مجلس الأمن فى انتظار رد من الاتحاد الأفريقى.

واوضح أن إثيوبيا حاولة إفساد هذا الملف وعدم إيصاله إلى مجلس الأمن، كما حاولة إفساد مفاوضات واشنطن من البداية التى انتهت فى شهر فبراير بعدم حضور إثيوبيا وتعنتها الصريح، وأنها ماشية قدما فى الملء سواء بإتفاق أو عدم إتفاق وبدأت بتصريحات استفزازية، ومصر لجأت إلى مجلس الأمن تطالب إثيوبيا بعدم الملء منفردة وأنها رفضت الحضور فى واشنطن وعودة المفاوضات من جديد، وكان الموقف المصرى وقتها افضل من ما آل إليه حالياً.

■ كيف ترى دور الخارجية المصرية فى هذا الملف؟

- كثفت الخارجية المصرية الأيام الأخيرة حشد الرأى العام العالمى لتوضيح الأزمة وموقف مصر منها من خلال العديد من الندوات والمؤتمرات بالدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية، وبعد فشل مفاوضات واشنطن التقينا لسفراء كافة الدول الأوربية والأفريقية وتم توضيح ما وصلت إليه مفاوضاته سد النهضة والتعنت الإثيوبى، والسودان لم يكن له أى دور يذكر فى هذا الملف، منوها أن التحركات المصرية بتدويل قضية سد النهضة مهمة للغايه، ولابد من أن يكتب الاتحاد الافريقى تقريره ولا يعلق هذا الملف الشائك بأنه غير قادر على على وضع حلول وارسال مذكرته إلى مجلس الأمن، وكان وزير الخارجية المصرى السفير سامح شكرى قد حذر، فى كلمته أمام مجلس الأمن، من أن قضية سد النهضة لها تبعات مهولة على الشعب المصرى، ما يتطلب بذل الجهود والتعاون من جانب المجتمع الدولى للوصول لحل عادل لهذه الأزمة.

■ كيف ترى «اسبوع القاهرة للمياه »فى نسخته الثالثة «2020»؟

- إثيوبيا ليس لديها مع معوقات سوى تكملة الإنشاءات الهندسية، من تدبير الأموال اللازمة، لكن لا توجد معوقات سياسية ولا اى معوقات لها دخل بالمفاوضات لاسيما انه يوجد تعنت واضح وصريح من إثيوبيا فى اى شيء له دخل بالمفاوضات.

■ ما تصورك لمستقبل مفاوضات سد النهضه؟

- أكد عباس شراقى، خبير المياه المصرى، أن هناك احتمالين، هما إما إعلان فشل المفاوضات وكتابة تقرير إلى مجلس الأمن بذلك، أو سعى الدول المعنية لتقريب وجهات النظر والتوصل لاتفاق يرضى الدول الثلاث.

وقال شراقى إن الاحتمال الثانى هو الأقرب، إذ أن مصر تحرص دائما على استمرار المفاوضات واتباع سياسة النفس الطويل حتى التوصل لاتفاق مرضٍ لمصر والسودان ويحفظ حقوقهما وفى الوقت ذاته يحقق مصالح إثيوبيا.

■ ما السيناريو المتوقع لحل أزمة سد النهضة؟

- أبدى شراقى رأيه قائلاً لابد من اللجوء إلى مجلس الأمن فى اسرع وقت ممكن، وعلى مصر مطالبة الاتحاد الافريقى بتكملة المفاوضات او إنهاء المفاوضات والذهاب إلى مجلس الأمن، ولابد من كثر حالة الصمت والجمود الموجوده منذ أكثر من شهر، فمصر من أهم الأطراف التى لابد وأن تبحث عن حلول خاصة أنها من أكثر الدول الثلاث المتضررة مائيا.

■ ما سر تعنت إثيوبيا وخداعها للعالم فى قضية سد النهضة؟

- التعنت الإثيوبى له اسباب داخلية سياسية من الدرجة الأولى، إثيوبيا دولة كبيرة من حيث عدد السكان حيث تصل إلى 110 ملايين نسمة، ويوجد لإثيوبيا 80 مجموعة عرقية مختلفة فى اللغه والديانة والعادات وبينهم اقتتال، مشيرا إلى أن الحكومة الإثيوبية لعبت على توحيدهم واصطفافهم من خلال بناء سد النهضة.