بعد أن أصبح «الأقصى للأجور» أمرا واقعا: الخبراء يحذرون من فشل التطبيق لعدم توافر «قاعدة بيانات» والتلويح بهجرة الكفاءات من الحكومة
د.مصطفى النشرتى: لا بد من وجود قاعدة بيانات بإجمالى ما يحصل عليه المواطن من الجهات المختلفة والصناديق الخاصة
د.يمن الحماقى: لا بد من إعادة النظر فى منظومة الأجور وربط الأجر بالإنتاج
د.رفعت العوضى: «الحد الأدنى والأقصى» تأخر كثيراً وتسبب فى تردى الأوضاع الاقتصادية
د.مختار الشريف: الحكومة تعاملت مع تطبيق الحد الأدنى والأقصى بالقطعة النشرتى
جاء اصرار الحكومة برئاسة المهندس ابراهيم محلب على تطبيق الحد الاقصى للاجور على كل القطاعات بالدولة دون استثناء احد ليفتح بابا من الجدل بعدما اعلن عدد من الجهات والهيئات فى البنوك والقضاء والبترول رفضها تنفيذ القرار وتلوح بهروب الكفاءات، لكن الحكومة تمضى قدما فى تنفيذ القرار بعدما أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسى قرارًا بقانون قبل أيام بتحديد الحد الأقصى للعاملين بأجر لدى أجهزة الدولة، بحيث يكون الحد الأقصى لما يتقاضاه أى عامل من العاملين فى الحكومة، هو 42 ألف جنيه (5.88 ألف دولار) شهريا، بما يمثل 35 ضعفا من الحد الأدنى البالغ 1200 جنيه (168 دولارا).على الجميع دون استثناء ليؤكد ان الدولة ماضية قدما فى تطبيق الحد الاقصى للاجور على جميع القطاعات بلا استثناء رغم تعالى الاصوات التى تخشى هروب الكفات والخبراء لتقليص المرتبات ولكن جاء قرار رئيس الجمهورية الذى اكد انه سوف يطبق الحد الأقصى على أى عامل من العاملين فى الحكومة، ووحدات الإدارة المحلية، والهيئات العامة، والقومية الخدمية، والاقتصادية، وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة والعاملين بقوانين وكادرات خاصة.
وتجدر الاشارة الى انه يوجد فى مصر 29 هيئة اقتصادية، منها الهيئة العامة البترول وهيئة قناة السويس، وهيئة السكة الحديد، واتحاد الاذاعة والتليفزيون، كما توجد 9 شركات قابضة تعمل وفقا لقانون قطاع الأعمال.سيتم تطبيق هذا الحد الاقصى عليهم بجانب تطبيقه على مؤسسة الرئاسة التى ستعمل بنص المادة 27 من الدستور، التى جاء فى فقرتها الأخيرة أنه «يلتزم النظام الاقتصادى اجتماعيا بتكافؤ الفرص والتوزيع العادل لعوائد التنمية وتقليل الفوارق بين الدخول والالتزام بحد أدنى للأجور والمعاشات يضمن الحياة الكريمة، وبحد أقصى فى أجهزة الدولة لكل من يعمل بأجر وفقا للقانون».
والذى حدد أن راتب رئيس الجمهورية المصرى، جرى تحديده بموجب قرار بقانون صدر فى مايو الماضى، بحيث لا يتجاوز إجمالى ما يحصل عليه الرئيس شهريا مبلغ 42 ألف جنيه مصرى، مقسمة مناصفة بين الراتب الشهرى وبدل التمثيل.
وهو ما دفع (السوق العربية) لمناقشة كيفية تطبيق الحد الاقصى وتحاول الاجابة عن السؤال الصعب: هل تنجح الحكومة فى تطبيق الحد الاقصى بالفعل ام ان هناك معوقات فى طريق التطبيق؟ خاصة بعد بدء الحكومة الاسبوع الماضى في العمل بالموازنة الجديدة للعام المالى 2014/2015 التى اعتمدها الرئيس عبدالفتاح السيسى بعد إجراء تعديلات على الموازنة تشمل تخفيض العجز المستهدف من 12 إلى 10% من الناتج المحلى الإجمالى، بما قيمته 239.9 مليار جنيه حتى نهاية يونيو من العام المقبل.
فى البداية يقول الاستاذ الدكتور د مصطفى النشرتى استاذ الاستثمار والتمويل بجامعة مصر الدولية إن الحكومة لن تنجح فى تطبيق الحد الاقصى للاجور وذلك بسبب عدم وجود قاعدة بيانات تتضمن ما يحصل عليه الموظف من اجر وبدلات وحوافز من جهات اخرى لان نظام الصناديق الخاصة يتيح للصندوق صرف مكافآت وحوافز لكبار العاملين فى الدولة رغم ان عملهم لا يتصل اتصالا مباشرا بعمل الصندوق وبالتالى فكان يجب أولا ان تتوافر قاعدة بيانات تتضمن جميع المبالغ التى حصل عليها الموظف من عدة جهات «مكافآت وحوافز» ثم يتم تقديم اقرار سنوى بقيمة الدخل الذى حصل عليه الموظف معتمدا من الجيهات التى منحت هذه المبالغ ثم بعد ذلك يتم رد ما زاد عن الحد الاقصى لخزينة الدولة وبالتالى فكل ما يقال عن تطبيق الحد الاقصى سيتم تطبيق عن الجهة التى يعمل بها الموظف بشكل اساسى لكن لن يسرى على ما يحصل عليه من جهات متعددة فمثلا الشرطة تحصل على مكافآت من وزارة التعليم للاشراف على امن الامتحانات كما تحصل على مكافآت من وزارة الكهرباء نظير حماية المنشآت الخاصه بها، وبالتالى فهناك تعدد فى الدخل من جهات اخرى والحل ان يقدم الموظف اقرارا بالدخل الذى يحصل عليه ويقوم برد ما يزيد على الحد الاقصى وهذا يحتاج الى صدور تشريع تفصيلى فى هذا الموضوع لابد ان تكون هناك جهة تتلقى هذه الاقرارات من الموظفين وتراجع المرتبات والمكافآت. واكد النشرتى ان تطبيق الحد الاقصى سيتقابل برفض من بعض الجهات فهناك مستشارون فى البنوك الحكومية يتقاضون اضعاف الحد الاقصى وفى شركات البترول ولا بد ان يطبق القرار بحسم حتى يكون له مردود ايجابى على الاقتصاد المصرى.
فى حين ترى الدكتورة يمن الحماقى استاذة الاقتصاد جامعة عين شمس ان تطبيق الحد الاقصى للاجور اصبح قانونا واقعا والقادم هو اثار تطبيقه وقلة البيانات والمعلومات عن الدخل سوف تتسبب فى حدوث مشاكل عند التطبيق وقد تتسبب فى هجرة كفاءات للخارج خاصة فى قطاع البنوك والبترول. واضافت الحماقى ان هناك فجوة بين الاجر والدخل كلما زادت اصبح من الصعب تطبيق القانون ولابد من اعادة نظر فى منظومة هيكلة الاجور فى مصر بحيث ان نربط الاجور بالانتاج ففى مصر الاجور غير مرتبطة بالانتاج ولذلك فهناك مشكلة فى تقييم الاجور. واشارت الحماقى لان ثورة 25 يناير قامت بشعار العدالة الاجتماعية وذلك يكون من خلال عدة محاور بأن يحصل الناس على خدمات صحية انسانية وتحصل على خدمات تعليمية جيدة، وتحصل على فرص عمل ذلك هو ما يحقق العداله الاجتماعية وليس الحد الادنى والاقصى للاجور ولابد لإيجاد فرص للطبقات الفقيرة بتحسين وضعها وأن تكشف قدرتها ولا بد من توافر قدرات مؤسسية لمعالجة تلك المشاكل بدلا من ان ندور فى حلقة مفرغة واكدت الحماقى انه لابد لايجاد افكار من خارج الصندوق وتمكين الطبقات الفقيرة من استغلال امكاناتها وتشجيع الصناعات الصغيرة وان يتم ذلك بالتوازى مع معالجات مشاكل الحد الادنى والاقصى للاجور فالمشاكل الاقتصادية فى مصر اكبر بكثير من ذلك ولا بد من اتخاذ حزمة جريئة من القرارات الاقتصادية.
اما الدكتور رفعت العوضى استاذ الاقتصاد الاسلامى بجامعة الازهر فيقول ان قانون الحد الأدنى والاقصى قد تأخر اصداره طويلا ما تسبب فى تردى الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية فى مصر طوال الاربعين عاما الاخيرة وتحديدا منذ تطبيق نظام الانفتاح الاقتصادى وهو ما ادى الى ارتفاع نسبة الفقر 40%.
وقال العوضى ان تطبيق الحد الادنى والاقصى سيؤدى الى وضع الاقتصادى المصرى على الطريق الصحيح.
وشدد العوضى على الحكومة بالاخذ فى الاعتبار عند دخول القانون حيز التنفيذ ان تراعى نظرية الكفاية التى تعنى تكلفة المعيشة من غذاء وكساء وتعليم وهو ما يجب ان توفرها الحكومة اولا لكل مواطن ثم يتم يتم تحديد تنفيذ الحد الادنى بطريقة متغيرة ترتبط بارتفاع الاسعار بحيث يرتبط الاجر بالانتاج حيث لا يحق لاى مسئول ان يحصل على اجور عالية دون ان يقابل ذلك بانتاج وقد ضرب العوضى مثلا لذلك ان هناك بعض الموظفين يحصلون على مليون ونصف مرتبا شهرىا وتساءل: هل هناك انتاجية تساوى هذا المبلغ؟
وتابع ان العلاقة الصحيحة بين الحدين الاعلى والادنى هى نظام عام للعاملين بالدولة دون فتح باب للاستثناء الذى يطالب به البعض الان وهو ما سيؤدى الى ان الفقراء يزدادون فقرا والاغنياء يزدادون غنى.
فى حين ويرى الدكتور مختار الشريف الخبير الاقتصادى واستاذ الاقتصاد بأن الحكومة تعاملت فى منظومة الحد الادنى والاقصى بالقطعة منذ الحديث عن تطبيقة قبل 3 سنوات تقريبا وهو خلاف ما يحدث فى كل الدول ففى كل الدول منظومة الحد الادنى والاقصى منظومة متكاملة يجب الاخذ بها جملة واحدة ولكن ما حدث قبل ذلك هو ان الحكومة اخذت جزءا واحدا وقامت بتنفيذه او تسعى لذلك وهو ما يعد تلاعبا بعقلية المواطن البسيط وهو ما تسعى الحكومة الان لتصحيحه.
وقال الشريف ان نظام العمل فى كل الدول يتمثل فى عقد عمل بين الحكومة والعامل محدد المدة يجد كل 5 سنوات أو 10 سنوات كما يتم الاتفاق بين جهة العمل والعامل اما فى مصر العقد مدى الحياة دون تغيير وهو ما يتسبب فى عدم حصول العامل على اجر عادل فى الغالب.
وقال الشريف ان الحد الادنى والاقصى يجب ان يكون مختلفا جغرافيا وقطاعيا فكل قطاع له اجر يختلف عن الاخر بجانب ان مكان اقامة العامل يحدد اجره.
واضاف ان هناك خلطا كبيرا بين الاجر والدخل، فالدخل اجر مقابل عمل والدخل هو جملة الدخل لكل عامل سواء اكان من عمل او مشروع او غيرها من المصادر. اما الدكتور حاتم قابيل استاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة فيقول: قانون انه يجب على الحكومة لكى تنجح فى تطبيق ما تريد فى منظومة الاجور ان تعيد نظر فى عدة محاور تتمثل فى ان يدرس القانون كل شريحة عمالية دراسة تربط الاجر بطبيعة العمل وكفاءة العام وان يكون الدخل مرتبطا بمعدلات التضخم والا يكون هناك ابواب خلفية للقانون او استثناءات ولا يزيد دخل أى موظف عن 35 ضعفا وطالب قابيل الحكومة باتخاذ حزمة اجراءات لتفعيل القانون منها النظر فى الاولويات غير المستغلة واعلان برنامج تقشف للوزراء وكبار الموظفين مع تطبيق قانون الضريبة التصاعدية على الدخول بجانب استغلال الصناديق الخاصة كمصدر تمويل مع اعادة النظر فى اللوائح والنظم التى تنظم عملها.