بعد تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة محلب: مفاوضات صندوق النقد اعتراف بالمسار الصحيح للاقتصاد المصرى
خبراء: القرض الدولى رسالة طمأنة لاستقرار الأوضاع فى مصر
خطة الإصلاح الاقتصادى تضمن زيادة الاستثمار وخفض عجز الموازنة
شهدت مصر الفترة الماضية استقرارا للأوضاع السياسية خاصة بعد نجاح الانتخابات الرئاسية وتشكيل الحكومة الجديدة، ما دفع كريستين لاجارد مديرة صندوق النقد الدولى لإعرابها عن أملها فى المزيد من التعاون بين صندوق النقد الدولى وبين مصر الفترة القادمة.
الحكومة المصرية أكدت حرصها على التعاون والتواصل مع مختلف الدول والمنظمات الدولية بهدف خلق شراكة حقيقية معها فى مجالات متعددة تساهم فى دفع عجلة التقدم والتنمية إلى الأمام مما ينعكس على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية فى المجتمع المصرى، ما أدى لوجود المزيد من التساؤلات حول أهمية الحصول على هذا القرض الذى يمثل 4,8 مليار جنيه فى تلك المرحلة، وهل مصر مستعدة حاليا للتفاوض مع بعثة الصندوق أم أن المساعدات العربية كافية لتحقيق أهدافها، يجيب عن هذه التساؤلات عدد من الخبراء.
فى البداية يؤكد السفير جمال بيومى أمين عام وحدة الشراكة المصرية الأوروبية بوزارة التعاون الدولى أنه لا بد أولا الآن من التفرقة بين ما إذا كانت مصر فى حاجة لهذا القرض وبين رغبة بعثة الصندوق حاليا فى التفاوض مع مصر، مؤكدا أنه لا شك أن مصر تحتاجه هو وغيره من القروض الدولية، ولكن بعد التدفق الكبير لمساعدات الدول العربية الآتية لمصر أصبح هناك تأنٍ فى التفكير فيما يتعلق بهذا القرض، وذلك حتى لا نلتزم بسياسات لسنا مستعدين لها فى المرحلة الحالية سواء تتعلق بزيادة الأسعار أو إعادة هيكلة الدعم وغيرها من الإصلاحات التى يفرضها الصندوق شرط الحصول على القرض،
وأوضح بيومى أنه لكى نحصل على قروض جديدة فلا بد أن يكون هناك برلمان تستند إليه الحكومة والذى يمثل الشعب الذى بطبيعته هو من يعطى التفويض للحكومة بالموافقة، وأشار بيومى إلى أن أهمية هذا القرض لمصر ترجع لسببين : أولا استفادة ماديا، وثانيا فإنه يمثل ضمانا واعترافا بأن سياسة مصر الاقتصادية تسير فى الطريق الصحيح، فضلا عن اتباعها برنامج إصلاحى اقتصادى سليما يعتبر ضامنا للدول الأخرى المانحة بقدرة مصر على السداد مما قد يساعد على الاقتراض من أى دولة أخرى، مؤكدا أن حصولنا على هذا القرض مرهون حاليا بإجراء مفاوضات وليس إلزاما، كما أضاف بيومى أن المهم فى المرحلة الحالية ليس حجم الاستثمارات بقدر أهمية قدرة مصر على استيعاب تلك الاستثمارات والتى تمثل مفتاحا لجذب الاستثمارات، وأكد أن ملزمة حاليا باتفاقيات يتم تمويلها كل فترة زمنية محددة وقد تزيد كل فترة ولا شك أن تلك الاتفاقيات ستستمر الحكومة الجديدة فى تنفيذها وقد تضيف إليها بعض التحسينات.
واتفق معه فى الرأى سليمان محمود عضو مجلس إدارة الشعبة العامة للمستثمرين حيث أكد أن موافقتنا على إجراء مفاوضات مع بعثة قرض صندوق النقد الدولى الفترة القادمة تعنى أن مصر عادت لطبيعتها اقتصاديا، موضحا أن حصولنا على هذا القرض ينقل رسالة تعبر عن انتهاء المشاكل الاقتصادية فى مصر فضلا عن استقرار الأوضاع السياسية وطمأنة الدول الأخرى بوضع مصر الاقتصادى، وأضاف أنه فى هذه الحالة سينعكس ذلك أيضا على إعادة التصنيف الائتمانى لمصر، وأشار سليمان إلى أهمية المساعدات العربية التى لا بد أن تتكاتف الفترة القادمة لمساعدة مصر على تجاوز هذه الأزمة، كما أوضح أن مستقبل الاستثمار الأيام القادمة يتوقف على نشاط القطاع السياحى أولا، فالاقتصاد والاستثمار يرتبطان بسياسة الدولة حتى يستطيع المصريون فى الخارج استثمار أموالهم فى مصر وذلك عندما نهيئ لهم المناخ المناسب للاستثمار، مؤكدا أنه لا بد من العمل والإنتاج أكثر من الاعتماد على القروض والمنح والمساعدات.
ومن ناحية أخرى أكد الدكتور مختار الشريف خبير اقتصادى أن الحصول على قروض فى الوقت الحالى لا يمثل أهمية إلا بعد انتخاب البرلمان الذى من اختصاصه الموافقة أولا على أى قرض قبل الحصول عليه، فالفكرة قائمة على أن الحكومة تتعاقد على القروض لكن الذى يقوم بتسديدها وفوائدها الشعب الذى يمثله البرلمان، وأضاف الشريف أن الشروط التى يضعها صندوق النقد الدولى للحصول على القرض تكون صعبة حتى يضمن أن مصر لديها اقتصاد قوى تستطيع أن تسدد قيمة القرض فى المواعيد المحددة، وأشار إلى أن ما تتخذه الحكومة حاليا من إجراءات تتعلق بفكرة إلغاء الدعم أو زيادة الأسعار أو أى قوانين ضريبية فما هى إلا محاولة من الحكومة لإصلاح الوضع الاقتصادى لديها وليس له أى علاقة بقرض صندوق النقد الدولى لأن الذى يمثله عبارة عن مجموعة خبراء هم الذين يحددون ما إذا كانت مصر ستأخذ القرض أم لا، مؤكدا أنه لا يمكن أن يكون هناك اقتصاد أو استثمار بدون أمن، وأضاف الشريف أنه لا شك أن مصر تحتاج لأى قروض خاصة من المؤسسات الدولية المرحلة الحالية لأن ذلك يؤكد أن مؤسساتها قوية، بالإضافة إلى أنه يعتبر بمثابة شهادة ضمان وقوة للاقتصاد المصرى.
كما أكد فؤاد شاكر رئيس اتحاد المصارف العربية سابقا أن مصر تستطيع أن تقترض من أى دولة عندما تتعهد ببرنامج إصلاحى اقتصادى يتمثل فى الخفض التدريجى للدعم، وزيادة الإنتاج، وخفض عجز الموازنة التدريجى، بالإضافة إلى الإصلاح الاقتصادى، مؤكدا أنه لا شك أن مصر تحتاج لهذا القرض ماديا، فضلا عن اعتباره شهادة ثقة وضمان للاقتصاد المصرى لأن من يعطى قروضا لا بد أن يضمن استردادها، وأشار شاكر إلى أن الحكومة تسعى حاليا للإصلاح الاقتصادى أولا بغض النظر عن أى قروض، مشيرا إلى أهمية العمل والإنتاج الفترة القادمة ووقف الاحتجاجات الاعتصامات.
وأشار الدكتور فخرى الفقى خبير اقتصادى ومدير سابق لصندوق النقد الدولى إلى أن مصر هى التى تضع البرنامج الخاص بالتمويل وفقا لاحتياجاتها المادية على الأقل خلال الأربع سنوات القادمة، وذلك فى إطار خطة متوسطة الأجل ويشمل هذا البرنامج سواء علاج الاختلالات المالية فى الموازنة وميزان المدفوعات، أو مشروعات البنية التحتية والخروج من الوادى الضيق مثل مشروعات تنمية محور قناة السويس، وتنمية الصعيد، والوادى الجديد، وذلك لنضاعف المساحة المأهولة بالسكان، وغيرهم من المشروعات والخطط التى تساعد على تعافى الاقتصاد المصرى حتى نلحق بالدول الأخرى التى نهضت، مشيرا فى ذلك إلى دعوة خادم الحرمين الشريفين لعقد مؤتمر للدول المانحة وهذا يعتبر تمويلا سواء كان من الدول العربية أو الأجنبية ما يتطلب وجود برنامج إصلاحى لدى مصر تعبر فيه عن أهدافها وما تحتاجه من أجل نهضتها مرة أخرى، وأوضح الفقى أن مصر تحتاج لتمويل ضخم لا بد أن يكون طويل الأجل ويكون له فترة سماح عالية تصل إلى 40 أو 50 سنة، وأن يسمح بتسديد الفوائد وتأجيل سداد المبلغ الأصلى فيما بعد، كما أن الفوائد أيضا لا بد أن تكون بسيطة، كما أضاف الفقى أن البنوك لا بد أن يكون لها دور هام فى المرحلة القادمة بما تملكه من مبالغ ضخمة تستطيع أن تضعها فى المشروعات المتعثرة ومساعدة المصانع المتوقفة عن الصناعة للعمل مرة أخرى.