السوق العربية المشتركة | مجموعة العشرين بحاجة لنظام بديل عن بريتون وودز

السوق العربية المشتركة

الإثنين 18 أغسطس 2025 - 23:27
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
نائب رئيس مجلس الإدارة
م. حاتم الجوهري
مجموعة العشرين بحاجة لنظام بديل عن بريتون وودز

مجموعة العشرين بحاجة لنظام بديل عن بريتون وودز

مع الحديث الدائر حول حرب العملات والخلافات بشأن سياسة مجلس الاحتياطى الفيدرالى الأميركى فيما يتعلق بالتسهيل الكمى، فان مجموعة العشرين تتشكل باعتبارها آخر اختبار للتعاون الدولى. والسؤال الذى ينبغى أن نطرحه: تعاون بهدف تحقيق أى غاية؟



عندما جربت مجموعة الـ7 التعاون الاقتصادى فى الثمانينات، ركزت اتفاقيتا بلازا ولوفر اهتمامهما على أسعار صرف العملات. الا أن الأسس التى تقوم عليها السياسة كانت أكثر عمقا.

لقد أرادت ادارة ريجن، بتوجيه من جيمس بيكر، وزير الخزانة فى ذلك الوقت، أن يقاوم تصاعد التوجهات الحمائية فى الكونجرس، كما نشهد اليوم. وبالتالى جمعت السياسة بين التنسيق على صعيد العملات مع اطلاق جولة الأوروجواى التى أدت الى تأسيس منظمة التجارة العالمية وقدمت دفعة للتجارة الحرة أسفرت عنها اتفاقيات مع كندا والمكسيك. لقد عملت القيادة الدولية مع السياسات المحلية لتعزيز ودعم القدرة التنافسية.

وكجزء من هذا «النهج الاجمالى»، كان من المفترض أن تعالج دول مجموعة السبع أساسيات النمو، التى هى اليوم برنامج الاصلاح الهيكلى. فعلى سبيل المثال، قانون الاصلاح الضريبى لعام 1986 وسع من قاعدة الايرادات بينما خفض معدلات ضريبة الدخل الهامشية. وعمل بيكر مع زملائه فى مجموعة السبع ومحافظى البنوك المركزية لتنسيق تعاون دولى يهدف الى بناء ثقة القطاع الخاص.

ويمضى التاريخ بعد التغييرات الهائلة التى حدثت فى 1989 ولا تزال تجربة ثمانينيات القرن الماضى تخضع للنقاش حتى الآن، الا أن ذلك النهج الاجمالى كان مهما لجهة الجمع بين اصلاحات مفيدة للنمو وفتح التجارة والتنسيق على صعيد أسعار صرف العملات.

كيف يمكن لنهج مثل هذا أن يبدو اليوم؟ أولا، للتركيز على الأساسيات ينبغى على مجموعة أساسية من دول مجموعة الـ20 أن تتفق على جداول أعمال متوازية للاصلاحات الهيكلية وليس مجرد موازنة الطلب لتحفيز النمو. فعلى سبيل المثال، من المفترض لخطة الصين الخمسية المقبلة أن تنقل الاهتمام من تصدير الصناعات الى شركات محلية جديدة وقطاع الخدمات وتقديم المزيد من الخدمات الاجتماعية لمواطنيها ونقل التمويل من الشركات المملوكة للدولة التى يحتكرها القلة الى المشروعات التى ستعمل على دعم وتعزيز الانتاجية والطلب المحلى.

وبوجود وضع اقتصادى عالمى جديد، فان الولايات المتحدة الأميركية بحاجة الى معالجة الانفاق الهيكلى والدين المتضخم اللذين سيرهقان النمو الاقتصادى فى المستقبل. كما تحدث الرئيس باراك أوباما عن خطط لتعزيز القدرة التنافسية واحياء اتفاقيات التجارة الحرة.

ويمكن للولايات المتحدة والصين أن تتفقا على خطوات محددة تعزز بعضها البعض لتقوية ودعم النمو. واستنادا الى ذلك، بامكان البلدين أن يتفقا أيضا على مسار لارتفاع قيمة اليوان، أو على الانتقال الى نطاقات واسعة لأسعار الصرف. ويمكن للولايات المتحدة، فى المقابل، أن تقاوم العمل التجارى الانتقامى المتبادل، أو القيام بما هو أفضل من ذلك، والدفع قدما باتجاه اتفاقيات لفتح الأسواق.

ثانيا، ينبغى على الاقتصادات الرئيسية الأخرى، بدءا من مجموعة السبع، أن تتفق على التخلى عن التدخل فى العملات، الا فى ظروف نادرة متفق عليها من قبل الآخرين. وقد ترغب باقى بلدان مجموعة السبع فى تعزيز الثقة من خلال الالتزام بخطط النمو الهيكلى أيضا.

ثالثا، من شأن هذه الخطوات أن تساعد الاقتصادات الناشئة على التكيف مع التفاوت فى التعافى من خلال الاعتماد على أسعار صرف مرنة وسياسات نقدية مستقلة. وقد يحتاج البعض الى أدوات لمواجهة تدفقات الأموال الساخنة القصيرة الأجل. وبإمكان مجموعة العشرين أن تضع القواعد لتوجيه هذه التدابير.

رابعا، ينبغى على مجموعة العشرين أن تدعم النمو من خلال التركيز على الاختناقات فى جانب المعروض فى البلدان النامية. وتساهم تلك الاقتصادات بالفعل بنصف النمو الاقتصادى العالمى، كما أن الطلب على وارداتها يزيد بوتيرة أسرع مرتين من واردات البلدان المتقدمة. وينبغى على مجموعة العشرين أن تقدم دعما خاصا للبنية التحتية، والزراعة وتطوير قوة عاملة ماهرة وصحية. ويمكن لمجموعة البنك الدولى وبنوك التنمية الاقليمية أن تكون الأدوات لبناء نمو متعدد الأقطاب فى المستقبل يستند الى تطوير القطاع الخاص.

خامسا، ينبغى على مجموعة العشرين أن تكمل برنامج تعافى النمو هذا بوجود خطة لبناء نظام تعاونى نقدى يعكس ظروف الاقتصادات الناشئة. وسيحتاج هذا النظام الجديد، على الأرجح، الى اشراك الدولار واليور والين والاسترلينى واليوان يتحرك نحو التدويل ومن ثم حساب رأسمال مفتوح.

كما ينبغى لذلك النظام النظر فى توظيف الذهب كنقطة مرجعية دولية لتوقعات السوق بشأن التضخم وقيم العملات المستقبلية. ورغم أن الكتب قد تنظر الى الذهب على أساس أنه مال قديم، فان الأسواق تستخدم الذهب اليوم كأصل نقدى بديل.

ان تطوير نظام نقدى يخلف «بريتون وودز II Bretton Woods «II، الذى ظهر فى 1971، أمر سيستغرق وقتا. لكن علينا أن نبدأ. فنطاق التغييرات التى حدثت منذ 1971، تطابق حتما تلك التى حدثت خلال الفترة من 1945 و1971 والتى أدت الى التحول عن «بريتون وودز I» الى «بريتون وودز II». ان العمل الجاد ينبغى أن يشمل التغييرات المحتملة فى قوانين صندوق النقد الدولى لمراجعة رأس المال وسياسات الحساب الجارى وربط التقييم النقدى لصندوق النقد الدولى مع التزام منظمة التجارة العالمية بعدم استخدام السياسة النقدية لإزالة الامتيازات التجارية.

هذا النهج الاجمالى والتعاون الاقتصادى يتجاوزان حوار مجموعة الـ20، غير أن الأفكار عملية ومجدية وليست راديكالية. كما أن لها مزايا واضحة. فهى توفر النمو والأجندة النقدية التى توازى اصلاحات القطاع المالى فى مجموعة الـ20. ويمكن البناء عليها من خلال اضفاء اجراءات اضافية موجهة جنبا الى جنب مع خطوات ذات مصداقية لاتباعها مع مرور الوقت، ما يسمح بحوار سياسى فى الداخل. كما يمكن أن يساعد فى اعادة بناء ثقة العامة والأسواق، والتى ستظل تحت وطأة الضغط في2011. ولعل المسألة الأكثر أهمية، هى أن هذا النهج الاجمالى يمكن أن يجعل الحكومات متقدمة على المشاكل قبل حدوثها بدلا من التعامل برد الفعل مع العواصف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.

القيادة أو الانجراف؟ ان قرار مجموعة الـ 20 يمكن أن يحدد ما اذا كان بمقدور التعاون المتعدد الأطراف أن يحقق انتعاشا اقتصاديا قويا.