السوق العربية المشتركة | السفير محمد الربيع أمين عام مجلس الوحدة الاقتصادية لـ «السوق العربية»: المجلس سيضع ثلاث شركات عملاقة على مائدة القمة العربية المقبلة فى تونس

السوق العربية المشتركة

الثلاثاء 24 سبتمبر 2024 - 07:26
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

السفير محمد الربيع أمين عام مجلس الوحدة الاقتصادية لـ «السوق العربية»: المجلس سيضع ثلاث شركات عملاقة على مائدة القمة العربية المقبلة فى تونس

السفير الربيع أثناء حواره مع أمانى الموجى
السفير الربيع أثناء حواره مع أمانى الموجى

بعد الربيع العربى والمشكلات الاقتصادية والسياسية الكبرى التى أصبحت تهدد جميع الدول العربية حكومات وشعوباً فى ظل التدخلات الأجنبية التى اتخذت أشكالاً عدة والتى تهدف فى المقام الأول إلى أن تنهب ثروات الشعوب العربية والهيمنة الاقتصادية والسياسية عليها وإخضاعها، ووسط هذه الأجواء السياسية والاقتصادية الصعبة كان لابد من استدعاء دور مجلس الوحدة الاقتصادية وحلم السوق العربية المشتركة والتكامل التجارى والاقتصادى العربى وهى طموحات أصبحت صعبة المنال فى ظل التحديات الراهنة.
جريدة «السوق العربية المشتركة» التقت السفير محمد الربيع الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية فى حوار من القلب تحدث خلاله عن دور المجلس فى بناء التكتل الاقتصادى العربى وأهم المعوقات التى تواجه هذه السوق العربية المشتركة ودور مجلس الوحدة الاقتصادية فى التغلب عليها وأهم المشروعات الكبرى المطروحة على مائدة القمة العربية 2015 التى تنعقد فى تونس.
تدشين شركة عملاقة للصوامع وتخزين الغلال فى مصر تحـــــــــــــــــــــــــــــــــول مصر إلى سلة للغذاء العربى وتحافظ على 30٪ من الفاقد

■ ما الجديد الذى تم تقديمه من جانبكم منذ تقلدكم المنصب خلال السنوات الأربع الماضية كرئيس لمجلس الوحدة الاقتصادية؟

- فى البداية أتوجه بالشكر لجريدة السوق العربية المشتركة على اهتمامها وتغطيتها لكل أنشطة مجلس الوحدة الاقتصادية بلجانه المختلفة، وأضيف أن مجلس الوحدة الاقتصادية ضعيف جداً وكانت أهدافه وبرامجه ركيكة تترنح يميناً ويساراً لكنها الظروف التى تحيط بأعمال هذا المجلس العتيد الذى يمثل رمزاً من رموز الأمة العربية وهدفا استراتيجياً كبيراً تسعى كل شعوب الأمة العربية- مواطنين وقيادات ومفكرين ومثقفين- لتحقيق الهدف الأسمى وهو الوحدة الاقتصادية العربية الشاملة، وفى الماضى اتجهت بعض الدول إلى إحداث تجمعات اقتصادية وهى تجمعات مرحب بها تعمل فى سد بعض الاختلالات التى طرأت على التكامل الاقتصادى العربى.



وهناك تقدم فى التجمع الخاص بمجلس التعاون الخليجى الذى استطاع أن يمثل بارقة أمل لشعوب المنطقة العربية فى تحقيق الوحدة الاقتصادية بين شعوب هذا التجمع، كذلك الأمر بالنسبة للاتحاد المغاربى الذى يمثل تجمعاً هاماً للنفوذ إلى أسواق الاتحاد الأوروبى والربط بين المغرب العربى والمشرق العربى.

مجلس الوحدة الاقتصادية العربية حقق فى منتصف السبعينيات مصالح حقيقية ما زالت ماثلة أمام العيان تتنامى وتكبر يوماً بعد يوم وهى الشركات العربية المشتركة وهى المصلحة الحقيقية التى حققها العمل العربى المشترك حتى الآن.

هذه الشركات تحولت إلى شركات قابضة لها فروع فى كافة دول العالم العربى وتمثل نموذجاً يحتذى به، خاصة جراء التطورات والمتغيرات الاقتصادية التى طرأت على العالم العربى والتغييرات الدولية من خلال التحالفات والتكتلات الاقتصادية.

■ هل التكتلات الاقتصادية بعيدة عن مجلس الوحدة الاقتصادية أم تحت مظلته؟

- التكتلات الاقتصادية الدولية ليس لدينا تكتل فى الوطن العربى سوى الجامعة العربية ومنظماتها العربية المتخصصة التى تسعى إلى تحقيق التكامل الاقتصادى العربى من منطلقات متعددة، ومن أوجه متعددة، زراعية وصناعية وثقافية واجتماعية، ونحن الآن بصدد التوجه نحو رفع العمل الاقتصادى العربى المشترك من خلال القمم الاقتصادية العربية، فهناك القمم التى بدأت فى الكويت وتنتهى العام القادم فى تونس مطلع يناير 2015، ونسعى لأن يوضع ملف الاستثمار العربى الذى أهمل كثيراً.

■ لماذا نحن فاشلون فى إقامة تكتلات أسوة بالدول الأوروبية والغربية؟

- لا شك أن التكتلات الاقتصادية العالمية تبحث عن المصالح وكيف توجد لنفسها مصلحة تستفيد منها كدولة وكمجتمع.

للأسف الشديد، الوطن العربى يقال إن الإرادة السياسية هى السبب، لكننى أرى أن الإرادة السياسية قد حققت الكثير من الإنجازات خصوصاً اجتماع القمة الاقتصادية العربية.

هناك التشريعات التى أعتقد أنها السبب الأول والنظرة الضيقة للتنفيذيين التى تعمل فى المنافذ الجمركية والتى تحتاج إلى إعادة نظر فى كيفية التعامل مع التشريعات التى تتماشى مع العولمة ومنظمة التجارة العالمية.

نرى الدول العربية تسارع للولوج فى منظمة التجارة العالمية وتتنازل عن كثير من المصالح الحقيقية فى سبيل أن تحصل على العضوية، فى حين يوجد كثير جداً من القضايا التى تقرب الدول العربية من بعضها البعض، ولذلك يجب أولاً أن نعلم كيف نستفيد من المزايا النسبية لكل دولة من الدول العربية وكيف يمكن أن نحقق الرخاء الاقتصادى من الإمكانات المتاحة خاصة الموارد البشرية التى حبانا الله بها وهى فى سن العمل، فى حين نرى أن أوروبا بها نسبة كبيرة من العجائز تصل إلى نسبة 70٪، بينما نحن فى الوطن العربى وفى التجمع العربى، نسبة الشباب تتجاوز 70٪ ونسبة القادرين على العمل تتجاوز 30٪.

هذه أمور يجب أن نتعامل معها، ونستفيد منها فى تحقيق المصلحة العليا للوطن العربى وخلق تجمع اقتصادى يمكن أن يحاكى التجمعات العالمية خاصة فى آسيا، حيث نرى تجمعاً وضع على الخارطة الاقتصادية، وأيضاً «البريكس» الذى تتزعمه البرازيل، التى كانت تترنح قبل 10 سنوات اقتصادياً وكانت مهددة بالإفلاس والخروج من الإطار الاقتصادى الدولى.

والآن تربعت البرازيل واحتلت مركزاً متقدماً وتربعت على مكانة اقتصادية هامة، ولذلك نحن غير عاجزين عن تحقيق تجمع عملاً بقول الله تعالى: «واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا».

■ نسمع هذه الآية كثيراً فى القمم العربية والقمم الاقتصادية، ولكن لا ننفذها على أرض الواقع، وكما قلتم فهناك بعض الدول العربية أو رجال الأعمال تسعى جاهدة لتسجيل نفسها فى المنظمة الدولية، لماذا لا نقوم بعمل منظومة متكاملة وقوية.. ما المعوقات التى تواجه مجلس الوحدة الاقتصادية من إقامة تكتل اقتصادى قوى يضم الدول العربية بما تملكه من إمكانات؟ لماذا تذهب خيرات الدول العربية إلى الغرب ولا نشعر بها؟

- حقيقة مجلس الوحدة الاقتصادية والجامعة العربية وكافة المنظمات لا تألو جهداً فى التفكير والعمل للخروج بدراسات وأبحاث واستراتيجيات تهدف إلى تحقيق كل ما ذكر، ولذلك يجب العمل على تحقيق كل ما يتم الاتفاق عليه من توصيات ونتائج وتنفيذها على أرض الواقع.

محور هذه الموضوعات جميعها يتمثل فى القطاع الخاص، الذى أهمل كثيراً وغيب كثيراً عن حضور اجتماعات اللجان التى هو المسئول عن تنفيذ توصياتها. القطاع الخاص يحمل على عاتقه مسئوليات كبيرة نحمله إياها صباحاً ومساء، لكننا نستبعده من الإدلاء برأيه والحضور للنقاش والتعبير عن طموحه وآماله وأحلامه والأبعاد الحقيقية للنمو بالاقتصاد العربى والتكامل الاقتصادى العربى. فى حين أن التجمعات الاقتصادية فى دول العالم وعلى سبيل المثال «الآسيان» المتحدث على خبرة رجال الأعمال والقطاع الخاص فى تأسيس خارطة طريق لتحقيق تكامل اقتصادى والنفاذ إلى الأسواق ولمحاكاة الشركات العالمية فى التعامل مع التكنولوجيا والبرمجيات ونتائج البحث العلمى.

نحن نحتاج فى الدول العربية إلى هيكلة القطاعات والمؤسسات ذات الطابع الاقتصادى، بأن تتجمع فى تكتل يدرس احتياجات المنطقة العربية، ويدرس استشراف المستقبل وكيف نتعامل مع المفاجآت التى تقع علينا يوماً بعد يوم.

ونحن نختلف ونتبادل الاتهامات فى من هو السبب وراء ما حدث هنا وهناك، نحن نحتاج فقط لأن نفكر بعمق وبصوت عال وأن نضع المصلحة العليا للوطن العربى بعيداً عن المصالح القطرية الضيقة وأن نتعامل مع ا لمزايا النسبية لكل دولة وخصوصياتها لتعظيم الفوائد والمصالح حتى نكتسب ثقة أنفسنا وثقة شعوبنا وثقة العالم.

المستثمر العربى يذهب خارج الوطن العربى برءوس أمواله، لأن هناك تشريعات واضحة ومصداقية فى التعامل، بينما فى دولنا العربية مناخ الاستثمار كالمناخ يتغير صباحاً ويعود مساء.

نحن نحتاج أن نضع سبلا لطمأنة المستثمر ونطمئن المستثمر أن ماله محصن ونحمى ماله والتوقيع بين المستثمر وبين الدولة وما تم الاتفاق عليه يكون محل تقدير واحترام كبير، وبدون ذلك لن نجد مستثمراً عربياً ولا أجنبياً يضع رأس ماله فى مكان لا يحمى ماله.

■ ما أهم القضايا الاقتصادية التى تشغلكم الآن؟

- الأمن الغذائى العربى والمياه، هذان الملفان مرتبطان ارتباطاً دقيقاً بتحقيق استراتيجية مستقبلية فى الوطن العربى.

نحن نتعامل مع السلع الرئيسية كالقمح مثلاً، نرى أن مصر أولى دول العالم استيراداً للقمح، فى حين كانت مصر قبل 40 أو 50 سنة مصدرة للقمح، وهذا يدعونا إلى التساؤل: إلى متى نعتمد فى غذائنا على الغير، إلى متى نعتمد فى غذائنا على القرار السياسى الذى يوظف أحياناً فى تصدير شحنة من القمح أو تنفيذ عقد لبيع القمح خصوصاً أن الغذاء الآن يتماشى مع القرار السياسى لدولة أو أخرى؟

الغذاء الآن يتعامل مع البدائل التى يصنع منها الغذاء كالوقود الحيوى، الغذاء أصبح الآن يتعامل معه كسلعة فى صناعة الإعلان، الغذاء الذى أصبح الآن يستخدم فى الطاقة الجديدة والمتجددة.

نحن أمام مسئولية كبيرة، خصوصاً أن بابا الفاتيكان فى العام 2013 ذهب إلى منظمة الفاو فى اليوم العالمى لمكافحة الجوع، ودق جرس الإنذار وقال إن الغذاء الرخيص لم يعد له وجود وأن هناك مليار جائع فى العالم معظمهم فى إفريقيا، ولا بد من اعتماد الدول على ذاتها فى إنتاج غذائها وغذاء شعوبها، لأنه فى يوم من الأيام ستذهب بعض الدول لشراء الغذاء ولن تجد من يبيعه.

نحن أمام مسئولية كبيرة فى الدول العربية، إذا لا قدر الله قامت حرب ثالثة أوقفت البحار والشحنات، كيف سنطعم شعوبنا، كيف سنتعامل مع أبسط متطلبات تحقيق الأمن الغذائى لدولنا، فليس لدينا صوامع لتخزين الغلال وليس لدينا استراتيجية لتقنين وتحديد احتياجات الدول العربية بحسب الكثافة السكانية وبحسب ثقافة التعامل مع الغذاء.

هناك دول تتعامل مع القمح كسلعة رئيسية وأخرى تتعامل مع الأرز وغيرهما.

نحن بحاجة إلى أن نستشرف استراتيجية الأمن الغذائى العربى التى تم الاتفاق عليها والموافقة عليها فى قمة عمان 1980 وكانت استراتيجية مهمة، ولو كنا بدأنا تنفيذها منذ ذلك الوقت لكنا قد حققنا الاكتفاء الذاتى، فضلاً عن التصدير لدول العالم الأخرى.

■ ما المعوقات التى واجهت تلك الاتفاقية التى تتحدثون عنها، هل ترى أن هذا غباء سياسى من الدول العربية لإهمالهم هذه القضية فى ظل التهديدات الموجودة والمحيطة بنا؟ ما المعوقات الموجودة منذ 1980 لعدم تطبيق ما تم الاتفاق عليه؟

- لا شك أن الغرب وأعداء الأمة العربية شماعة أصبحت غير مقبولة، نحن نرى دولا مثل كوريا فى 1948 لم تكن موجودة على الساحة الاقتصادية.. الآن شركة هيونداى مثلاً التى أصبح الناتج الإجمالى لها يعادل موارد دولة نفطية كبيرة نحن نتعامل مع إفلاسنا فى تحقيق أهدافنا وطموحاتنا بأن نعلق تلك الأخطاء على شماعة أن هناك أعداء للأمة العربية يحيكون لها كذا وكذا.. من منعنا من أن نستفيد من المياه التى تذهب إلى البحار واستصلاح الأراضى وإيقاف السطو على الأراضى الزراعية المستصلحة وتبويرها وتحويلها للاستثمار العقارى، من منعنا من استخدام الطاقات المعطلة والمهدرة والبطالة التى وصلت إلى 18٪ من الاستثمار فى المجال الزراعى من خلال الأيدى العاملة إلى الدول الأخرى.

الإرادة السياسية حقيقة موجودة لكن هناك ضعفا فى تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه، تلك الاستراتيجية لاقت قبولاً كبيراً ووظفت مخرجاتها لأن تكون بارقة أمل فى أن تكون السودان سلة للغذاء العربى، السودان الآن لا يوجد بها استثمار بالقطاع الزراعى ولا بنية تحتية، ولذلك فالاستثمار فى السودان أصبح الآن ضرورياً ومهماً لا بد من التعاطى معه.

الاستثمار فى القطاع الزراعى يمثل 6٪ من الاستثمار فى القطاع الصناعى والخدمى، وهذا أمر معيب، ونحن فى الأصل دول تعتمد على القطاع الزراعى، الذى مخرجاته تذهب خارج الوطن العربى ويضاف عليها قيمة مضافة ثم تعود إلينا بأسعار مضاعفة، فلماذا لا نستفيد من المواد الخام فى القطاع الزراعى للاستثمار فى خلق قيمة مضافة وفى خلق فرص عمل؟

هناك أسئلة كثيرة، لا يمكننى أن أخوض فيها لأن الوقت قصير ويحتاج إلى لقاءات تخصصية لكل أمر من تلك الأمور، نحن فى الوطن العربى يجب أن نحدد الأولوية فى مجال الاستثمارات، نحن دول تتنامى سنوياً فى حدود 10 ملايين نسمة، الآن نحن أكثر من 368 مليوناً، بعد سنتين أو ثلاث سنصبح 400 مليون نسمة، وفى الخمسين سنة المقبلة سنصبح حوالى نصف مليار نسمة. فمن المسئول عن تنامى معدل نمو السكان فى ظل انخفاض معدل نمو التنمية الاقتصادية ومعدل الاستثمار ونموه فى القطاعات الأساسية، ولذلك يجب بحث هذه الأمور من قبل القطاعات الاقتصادية فى حكومات الدول العربية ثم تتعامل مع أن الحكومات تبدأ فى الاستثمار فى البنى التحتية وتشجيع مستثمرى القطاع الخاص بالاستثمار فى القطاع الزراعى.

■ ماذا قدمتم من اقتراحات فى لفت نظر السياسات الحكومية للبدء فى العمل بهذه القضايا التى تشمل النمو فى القطاعين الزراعى والصناعى؟

- حقيقة نحن قدمنا ملفات كثيرة وموضوعات متعددة وأبحاثا ودراسات فيما يتعلق بالاستثمار فى القطاع الزراعى وتحقيق استراتيجية للأمن الغذائى فى العالم العربى وقدمنا دراسات حول مشكلة المياه والاستثمار العقارى فى الأراضى الصالحة للزراعة، وقدمنا دراسات فى تنمية تكنولوجيا الزراعة، وكذلك فى إنشاء الجرار الزراعى كرمز للتنمية الزراعية والآن نؤسس شركة لإنشاء صوامع للغلال، وتخزينها فى مصر.. الذى يذهب 30 -40٪ هدراً من جراء عدم وجود صوامع للغلال، كما قدمنا شركة لتنمية الثروة الحيوانية وشركة أخرى للصيد والثروة السمكية وهذه كلها تحتاج إلى تأسيس وسيتم الإعلان عنها قريباً.

مجلس الوحدة الاقتصادية لم يأل جهداً فى مناقشة مواضيع تم طرحها على المستويات الدولية أو الإقليمية أو حتى على مستوى المنظمات الأخرى.

نذكر أن استراتيجية الأمن الغذائى فى 1980 نضعها أمام أعيننا يوماً بعد يوم ونتكلم عنها الإعلام والاجتماعات والمنتديات حتى نستفيد منها، لأنها استراتيجية مهمة قابلة للتنفيذ فى أى وقت لأنه أعدها 200 مفكر عربى وقد أبلوا فيها بلاء حسناً، نحن أمام مسئولية كبيرة، فاليد الواحدة لا تصفق. نحتاج إلى دعم لوجيستى شامل من القطاعين العام والخاص والمنظمات الأهلية لتكوين فريق يقدم حلاً سريعاً لاختلالات واكبتنا لسنوات طويلة، وما يأتى خلال سنوات طويلة لا يمكن أن تأتى فى يوم وليلة لحله، ولكن نحتاج إلى وضع سلة أولويات للبدء مباشرة فى حل المشكلة، المشكلة تحتاج إلى العامل معها، حيث كنا فى السودان لتنفيذ مبادرة الرئيس البشير وتنفيذاً لقرار القمة الاقتصادية العربية فى الرياض فى الاستثمار بالقطاع الزراعى وذهبنا إلى هناك وكنا نتوقع حضور القطاع الخاص ويتم تقسيم خطة التنفيذ، ولكن ما أشبه الليلة بالبارحة.

■ معالى السفير.. كان هناك حلم يسمى «السوق العربية المشتركة» وبعد ما ذكرته نعتقد أن الوضع صعب لتحقيقه، علما بأن دول أوروبا قامت بتحقيق حلمها فى سنوات قليلة رغم ما بينها من اختلافات كبيرة أى أنهم لا يوجد ما بينهم مثل ما هو موجود لدينا لأننا نمتلك الكثير من الموارد والثروات، فما المعوقات وأسباب إذكاء الخلافات والتمزق بين الدول العربية وهل الشعوب ورجال الأعمال لهم يد فى تلك المعوقات مع الحكومات نفسها؟

- لا يوجد شىء اسمه مستحيل، لا يوجد شىء صعب التحقيق، لا يوجد شىء صعب المنال، إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى، إذا ما صدقت النوايا صلح العمل، نحن أمام مسئولية كبيرة.. السوق العربية المشتركة تحققت فى أوروبا ولم تتحقق فى الدول العربية رغم الاخلافات والفروق الواضحة بين الأوروبيين ولكن الفارق أنهم يمتلكون الإرادة لتحقيق شىء ما، وقد تحقق.

نحن فى الحقيقة هناك أشياء ارتكبناها وأشياء أخرى أقحمت علينا، فهناك خلاف على الحدود السياسية، والحروب التى خاضتها الأمة العربية مع الكيان الصهيونى المغتصب، هناك التوترات الديمقراطية والسياسية التى طرأت على العالم العربى وصاحبتها اضطرابات وقلاقل، إضافة إلى الزعامات التى وضعت أنفسها مهيمنة على مقدرات الأمة العربية وعلى قراراتها، والتحالفات التى تمت مع أمريكا وأوروبا.. هناك مجموعة من الأسباب لكن السبب الرئيسى الذى يجب أن نتعامل معه هو كيف نفصل الاقتصاد عن السياسة، إذا فصلناه كنا حققنا الكثير، قد نختلف فى السياسة لكن لا نختلف فى الاقتصاد، وكنا قد حققنا للمواطن العربى جزءا من طموحاته وأحلامه من خلال حياة كريمة، من خلال جعل المواطن العربى رديفاً للتنمية الاقتصادية.

خيرة أبناء الدول العربية يعملون خارج الوطن العربى يستثمرون خارج الوطن العربى، وهذا سؤال مهم جداً نفهمه جميعاً ويفهمه السياسيون أكثر منا كمواطنين ولكن الآن حصحص الحق، هناك تجارب كبيرة جداً مرت علينا، ومن المهم أن نستفيد من هذه التجارب وندرسها ونتعامل مع الأسباب التى أوقفت تحقق وتقدم السوق العربية المشتركة والآن نحن فى ظل منطقة التجارة العربية الحرة الكبرى، مر عليها أكثر من 16 سنة ولم تستكمل منطقة التجارة العربية الحرة الكبرى، مازالت، رغم القرارات التى اتخذها القمم العربية والمجالس الاقتصادية والاجتماعية لم تنفذ.

نحن أمام مسئولية كبيرة وعلى مشارف تحقيق المرحلة الثانية من مراحل التكامل الاقتصادى والوحدة أو الاندماج الاقتصادى وهو الاتحاد الجمركى، ولم نستكمل بعد تنفيذ المنطقة التجارية العربية الحرة الكبرى.

معدل التجارة البينية العربية لا يزال يتراوح بين 10 - 11٪ ونصفه من النفط أى أن المعدل تقريباً 5٪ لأننا كعرب نستثمر فى نفس السلع تنافسية وليست سلعاً تكاملية، إننا نستورد 90٪ من احتياجاتنا من خارج الوطن العربى ولا نستثمر فيها.

لدينا المعدات والآلات والقوى البشرية ووسائل النقل والتكنولوجيا والبرمجيات.. وكلها لم يتم الاستثمار فيها بالوطن العربى، معظم الاستثمار فى العصائر والبسكويت والشيكولاتة والمياه..نستنزف موارد مالية ضخمة منذ 70 عاماً.

■ لماذا لا ننشئ مثل هذه المصانع لدينا وعندنا من القدرات والمقومات والإمكانات لماذا لا يتم إنشاء تكتل عربى اقتصادى يكون فيه المصانع مثل ما حدث فى السابق بمصر.. نحن نسمع عن مؤامرات لوقف التطور الصناعى بالدول العربية وهذه حقيقة على أرض الواقع، لكننا نريد أن نعلم هل هذا سبب سياسات حكومية كانت ظالمة لشعوبها العربية؟

- أعتقد أن كل زعيم عربى يأمل فى أن يحقق لشعبه الرخاء والرفاهية الاقتصادية والاجتماعية ولكن ما يدور فى كواليس السياسة لا نراه ونعتقد أن هناك ظروفا ومماحكات وانتماءات وغيرها.. ولكن يجب أن نسأل أنفسنا سؤالاً: ألسنا قادرين على استيراد التكنولوجيا ألسنا قادرين على خلق وسائل الإنتاج والتصنيع؟! نعم قادرون، لماذا؟ لأن دولة مثل الصين على سبيل المثال المسئولون الصينيون يطلبون مننا استيراد وسائل الإنتاج والتكنولوجيا وكان آخرها الاجتماع الثالث فى إمارة الشارقة الإماراتية بحضور الشيخ سلطان القاسمى حاكم الشارقة.. لماذا لا يستورد العرب منا التكنولوجيا.. نحن الذين نتباطأ ونؤجل ولوجنا إلى برنامج جديد لتنمية اقتصادنا وواقعنا الصناعى المتهالك.. لا يوجد عندنا صناعات بل منشآت صناعية لأن العالم العربى لم يصنع سيارة، كلها تجميع لم يصنع جراراً زراعياً أو أدوات ثقيلة.. كلها مستوردة من الخارج.. عندنا الحديد وعندنا العقول وعندنا الأموال والأراضى.. فقط ما ينقصنا هو التنفيذ ونصارح أنفسنا بالحقيقة ولا نعلق أخطاءنا على الغير فى عدم اللحاق بالركب الحضارى.

■ أعتقد أنهم «الغرب» لو فعلوا ذلك فالخطأ من أنفسنا؟

- هناك بيت من الشعر «وما نيل المطالب بالتمنى.. ولكن تؤخذ الدنيا غلاباً».. إذا فهمنا معنى هذا البيت حققنا لأنفسنا الكثير، لا يجب أن نتمنى فقط يجب أن نعمل «وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون».

■ هذا تأكيد لمقولة العرب لا يقرءون وإن قرءوا لا يفهمون على الرغم من أننا مصدرون لحضارات العالم؟

-للأسف.

■ بشأن القمة الاقتصادية القادمة فى 2015 ماذا ستقدمون كمجلس وحدة اقتصادية فى تونس، وماذا تم فى تنفيذ توصيات القمة السابقة؟هل نرى بعد ثورات الربيع العربى أن هناك تغييرا حقيقيا على أرض الواقع بالدول العربية؟

- قمة الرياض السابقة كانت قمة مباركة وكانت قمة اعتبرناها قمة الاستثمار، جلالة الملك وضع مبادرة لرفع سقف المؤسسات الاقتصادية والمالية العربية إلى 50٪ وهذا الأمر كان مؤشراً كبيراً للغاية فى التحول من الركود إلى النماء والانتماء.

مجلس الوحدة الاقتصادية العربية لديه أربع شركات لم تتأخر فى تنفيذ مبادرة العاهل السعودى ورفعت سقف موازناتها ورءوس أموالها إلى 50٪.

قمة تونس المقبلة ستكون القمة التى تنظر فى المشاريع الاقتصادية التى تحققت أو فى طور التأسيس.

المجلس سيتقدم بـ3 شركات تم تأسيسها فى زمن قياسى، وهى الشركة العربية لتنمية الثروة الحيوانية «اللحوم الحمراء» والشركة العربية لصوامع وتخزين الغلال وستكون فى مصر، وقام مجلس الوحدة بإنشائها وتأسيسها بالتعاون مع وزارة الزراعة المصرية.

والشركة العربية للاصطياد ومنتجات الأسماك.. هذه ثلاث شركات سنضعها أمام القمة، وعندنا الشركة العربية لإنتاج الجرار الزراعى، إذا تمت فستكون الشركة الرابعة، ولكن المؤكد أن 3 شركات موجودة بالفعل وستقدم أمام القمة بتونس، علماً بأن هناك الآن مؤتمرا فى دبى للاستثمار فى الموانئ ووسائل النقل البحرية وهذا موضوع مهم، سيمثل نقلة نوعية للاقتصاد العربى.

■ لماذا اخترتم مصر فيما يتعلق بالشركة العربية للصوامع؟

- نظراً للموقع الجغرافى لمصر المتميز الذى يقع على 3 قارات كما أن مصر تحتاج إلى دعم اقتصادها.. كما أن 30٪ من القمح تهدر فى مصر بسبب سوء التخزين وعدم وجود صوامع كما أن مصر تتوسط العالم العربى وتستطيع فى يوم من الأيام أن تبعث شحنات إلى كافة الدول العربية.

مصر دولة تحتاج الآن أن نضع اهتمامنا لتلبية احتياجات الشعب المصرى والاقتصاد المصرى من سطوة القرار السياسى الخارجى، ولذلك إن استطعنا تحصين مصر فيما يتعلق بتلبية احتياجاتها، بذلك نحافظ على استقلال قرارها السيسى الذى يصب فى صالح الأمة العربية.

■ الاتحادات العربية دورها لم يكن فاعلا خلال الفترة الماضية، بدأنا نسمع منذ 4 سنوات بعد توليكم هذه المهمة عقد مؤتمرات وأن يتواجدوا على أرض الواقع، فما الجديد بالنسبة للاتحادات العربية لتفعيلها بالدول العربية؟

- أصل فكرة الاتحاد الأوروبى قائم على جزءين الاتحاد الأوروبى للحديد والصلب والاتحاد الأوروبى للفحم، وقد استطاعا أن ينفذا اتحاداً حيث ولد الاتحاد الأوروبى من خلال هذه الفكرة.

الأمة العربية لديها قطاع خاص واعد ومسئول أمام شعوبه فى هذا القطاع فى زخم التكامل الاقتصادى العربى والوحدة العربية قامت الدول العربية بإنشاء اتحادات ودعمها مادياً ولوجستياً وأوصلتها إلى الريادة لتكون أذرعاً حقيقية للتنمية الاقتصادية، وقد حققت هذه الاتحادات إنشاء عدد كبير جداً من الشركات لأن كل اتحاد يضم عددا كبيرا من الشركات إلا أنه فى الآونة الأخيرة أهملت الاتحادات وحوربت ووصمت بأشياء لا تستحقها.. هذه الاتحادات تحتاج إلى من يرعاها ويحل مشاكلها.. فهى ميزة ومكسب.

■ من حارب هذه الاتحادات ومن أهملها ومن وراء ذلك وله المصلحة؟

- هناك بعض الجهات ليست لديها عمق فى التعامل مع الاتحادات وهى جهات عربية فالشركة العربية عندما تمنح جوازا دبلوماسيا فهذه ليست ميزة لأن رجل الأعمال له من الإمكانات ما يفوق هذا الأمر ولا يحتاج إليه بالأساس، لأن هناك بعض الدول التى لا تمنح التأشيرة بين يوم وليلة، نحن نحتاج إلى أن نتعامل مع الموضوع وليس النظر إلى أشياء غير ذات قيمة، يجب أن ننظر إلى ما يقوم به الاتحاد وما ينفذه لتحقيق أهدافه.

نحن نحتاج إلى أن ندفع الاتحاد إلى تحقيق مميزات أخرى لخلق لوبى من الصناعيين، وخلق تكامل صناعى وتكون قادرة على المنافسة خارج الوطن العربى.

هذا ما نأمله ونتوقعه، فالاتحادات هى سفن الأمل للوطن العربى.

■ ماذا ستفعلون خلال الفترة المقبلة لتفعيل هذا الدور على أرض الواقع وما المطلوب من الحكومات لتحقيق ودعم الاتحادات؟

- مجلس وزراء النقل العربى يتعامل مع قطاع النقل المكون من 6 اتحادات وهى سكرتارية فنية نحن أمام مؤتمر دولى للاستثمار فى قطاع النقل، والعمود الفقرى له الاتحادات العربية المتخصصة فى قطاع النقل.

هذه الاتحادات إذا ما وضعت أمام مسئولياتها فلا شك فى أنها ستقوم بتحقيق إنجازات كبيرة، ولكن لا يمكن أن تعمل بمفردها، بحيث يجب أن يكون وراءها حكومات ومسئولون يدافعون عن مخرجاتها وهذه الاتحادات ليست ملائكة، فهم بشر ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله، هذه الاتحادات يجب أن نقدم لها الشكر والثناء لأنها لاتزال تعمل فى ظل الهجوم الشرس عليها من قبل البعض الذين لا يعرفون دورها وأهميتها.

■ هناك بعض الاتحادات القوية وهناك بعضها غير فعال ويستغل مظلة الاتحادات لموضوعات أخرى ودعم آخر، ولم تقدم ما هو مرجو منها.. فهل هذه شائعات أم حقائق؟

- الحقيقة أن أى اتحاد إذا ما نال الاهتمام الكافى والإشراف وتسهيل مهمته فإنه سيحقق الأهداف المرجوة منه وأى اتحاد ضعيف يحتاج إلى من يدفعه للنجاح.. نحن وضعنا الاتحادات الضعيفة إلى جانب القوية لتحريكها وحتى تشرف الاتحادات الناجحة التى لا سابق لها فى المجالات الأخرى فى دفع الاتحادات الضعيفة لتقويتها نحن الآن أمام لائحة جديدة لفلترة عمل الاتحادات وتنظيم شئونها وتضع الاتحادات أمام اختبار إما النجاح أو الفشل.

■ إذا رفض الاتحاد «الضعيف» تلك اللائحة ماذا ستفعلون؟

- سندمج الاتحاد فى اتحاد قوى مماثل له أو قريب من فعالياته أو نجمده حتى يستطيع أن يعمل، لا أن نلغيه، فيمكن تجميد عضويته مباشرة إلى حين هيكلة نفسه، وفى النهاية تظل تلك الاتحادات محدودة للغاية، ولكن هناك كثيرا من الاتحادات تعمل وتقدم إنجازات.

■ لكن بعض الاتحادات الصغيرة تسىء أحياناً للكيان الكبير؟

- هى لا تسىء ولكن أصحاب الشأن فى هذه الاتحادات يعملون من الحبة قبة، الشىء الصغير يضعونه فى الصدارة، والشىء الكبير يضعونه فى الأدراج، قد يكون هذا الاتحاد يحتاج إلى تصحيح أوضاعهم فقط.

■ لماذا لا يتم كشف هؤلاء لأنهم يهدمون كياناً كبيراً على مدار 50 عاماً؟

- نحن مؤسسة وحدة عربية اقتصادية وظيفتها الأولى أن تجمع ولا تفرق، أن تعالج ولا تهدم، أن تضع أهدافها وتعمل على تحقيقها، فلن تربكنا الصغائر.. نحن ماضون للوصول إلى غايتنا وتحقيق أهدافنا ولن نتوقف، وسنعمل جاهدين لتفعيل الاتحادات ودورها المهم للشعوب والدول العربية.

■ مجلس الوحدة الاقتصادى.. لماذا لا تنضم جميع الدول إليه خلال الفترة الماضية وما جهودكم لعودة المنسحبين وتشجيع الآخرين على الانضمام مرة أخرى؟

- نحن نتعامل مع الكيف وليس الكم، فالاتحاد الأوروبى بدأ بـ6 دول فقط، ونحن فى العالم العربى لدينا تجمعان اثنان مجلس التعاون الخليجى والاتحاد المغاربى وهذان 6 + 6، لكن المجلس الخليجى حقق الكثير لأن لديه إرادة ولديه خارطة طريق.

وفى آخر الحوار تقدمنا بالتهنئة للسفير محمد الربيع فى اليوبيل الذهبى.. وشكرناه على الحوار الثمين.