النقابات المستقلة تفتت العمال وتعمل على ضياع حقوقهم 7 نقابات بالاتحاد العام تهاجم الأعضاء الذين يؤيدون «البرعى»
يعد عمال مصر هم الوقود الحقيقى للثورات فشهدت ثورة 25 يناير وما سبقها من احتجاجات عمالية مشاركات كبيرة من جانب العمال ضد النظام الحاكم ويصل تقريبا عدد العمال فى مصر إلى 27 مليون عامل ثم ثورة 30 يونيو والتى شارك فيها العمال بعدد كبير أيضا ضد القرارات الظالمة ضدهم وقد شهد عام 2011 زيادة كبيرة فى النقابات العمالية المستقلة والتى بدأت تأخذ دورها فى العمل النقابى، وقد أثار إنشاؤها وممارستها لبعض الأنشطة النقابية العديد من المخاوف حول الاسباب التى أدت الى انشائها، خصوصا أن هناك بالفعل اتحادا عاما للعمال وإن كانت بعض التهم تدور حوله قبل ثورة يناير من أنه أصبح تابعا للحكومة ولا يستطيع الدفاع عن العمال إلا أنه بعد الثورة تم تغيير أعضاء مجلس إدارة الأتحاد وحاول الاتحاد جاهدا أن يدافع عن حقوق العمال ورغم تغيير الحكومات منذ الثورة إلى الأن فلم نجد تغييرا ملموسا وقويا ويرجع ذلك إلى أنه لم تأخذ أى حكومة قرار بشأن قانون الحريات النقابية الذى ينظم النقابات العمالية، ويعد الوزير السابق أحمد البرعى هو الذى أعطى الحق للنقابات المستقلة فى تأسيسها حيث أصدر لها قانونا خاصا بها يسمح بتواجدها بجانب الاتحاد العام ومنذ ذلك القرار تواجدت العديد من النقابات داخل المصانع والشركات وأصبح من الممكن أن نرى أكثر من ثلاث وأربع لجان نقابية فى المنشأة الواحدة وهو الأمر الذى يدونا إلى القلق على العمل النقابى الذى أصبح مفتتا الأن ويتكلم باسمه العديد من الأشخاص ويزايد كل منهم على الآخر.
وكان المركز المصرى لبحوث الرأى «بصيرة» قد أعلن أن عدد الاحتجاجات التى قام بها العاملون فى مصر فى يناير 2014 وصل إلى 55 احتجاجًا.
قال رفعت حسن وزير القوى العاملة والهجرة السابق أن يعود سبب نشأة النقابات المستقلة إلى عدم وجود نقابات تمثل كافة المهن والصناعات التى يعمل بها العمال، ونتج عن ذلك عدم سماح القانون للعمال بتأسيس النقابات التى يرغبون بها للدفاع عن مصالحهم، وعدم العمل الجاد من قبل النقابات القائمة على تطوير القانون وكذلك تطوير الممارسات العملية لشمول كافة العمال، وابتعاد الكثير من العمال عن الانخراط فى العمل النقابى لقناعتهم بعدم جدوى دور النقابة فى الدفاع عن حقوق العمال. كما ادى غياب الديمقراطية وعدم تجديد القيادات الى عدم الشفافية التامة فى استخدام اموال النقابات او الحقوق المقررة للعمال.
كما قال جبالى المراغى رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر أن ما وصل إليه عمال مصر من ترتيب 130 من أصل 131 دولة وهو الترتيب قبل الأخير فى عدد ساعات العمل، يرجع إلى سياسات الدولة والأجندات الخارجية بالإضافة إلى النقابات المستقلة والتى أدت سياساتها إلى إثارة العمال وتمردهم على العمل وأكد جبالى أن اعتراضه يتركز على وجود العديد من اللجان النقابية داخل المنشأة الواحدة وهو الأمر الذى يفتت العمال فى الوقت الذى نحتاج فيه إلى أن نتكاتف جميعا حول رأى واحد من أجل مصلحة العمال حيث إن الاتحاد العام هو بيت العمال جميعا وقال انه يجب أن نضع ايدينا فى أيدى بعض.
وأشار إلى أن الدولة فشلت فى جذب استثمارات جديدة، ودعا إلى ضرورة إعادة النظر فى سياسات التعليم الفنى، مشددا على أهمية إعادة النظر فى التدريب والتثقيف ووضع الرجل المناسب فى المكان المناسب.
قال توفيق فوزى نائب رئيس الاتحاد العام أن النقابات المستقلة تحتاج الى دراسة وتحليل موضوعى بلا مجاملة حول حقيقة هذه الظاهرة العمالية التى ترغب فى الاستقلال عن اتحاد العمال الذى يضم أضخم عضوية على مستوى المجتمع بالمقارنة مع الأحزاب أو النقابات العمالية الأخرى إذ يضم 4 ملايين عضو وذلك خلال بناء تنظيمى ضخم يضم 1745 لجنة نقابية يقودها 21 ألف قيادة نقابية وهذه اللجان تتبع 23 نقابة فضلا عن وجود 17 اتحادا محليا على مستوى المحافظات، كما أن التنظيم النقابى يضم إمكانات مادية هائلة من بنوك وقرى سياحية وجامعات عمالية ومعاهد تدريب ومدن سكنية، فنحن كقادة الاتحاد العام للعمال نتساءل ما الذى يدفع بعض العمال الى الذهاب الى تلك النقابات؟ هل هو عدم الشعور بقدره النقابات العامة فى استرجاع حقوقهم وتحقيق مطالبهم ام وراء ذلك اسباب اخرى لا نعلمها وأكد أن الاتحاد يعمل من اجل عمال مصر فى المقام الاول ولكن فى ضوء ومصلحة وطننا وبما يتماشى مع الصالح العام فبلادنا تمر بظروف صعبة ونحن نعلم ان بعض العمال حالاتهم المعيشية سيئة ومن حقهم ان يحصلوا على الحياة الكريمة ولكن عليهم ان يعملوا وان يصبروا حتى تمر بلادهم من كبوتها فالاعتصامات والاضرابات غير مقبولة فى تلك الظروف الصعبة ونحن لن ندعم الاضرابات والاعتصامات مع الاعتراف بمشروعية مطالب اصحابة حتى تعبر بلادنا الى بر الامان. وقال مجدى شعبان رئيس نقابة الضرائب والجمارك أن عدد النقابات المستقلة 1500 نقابة، ووصل عدد الاتحادات التى تضم النقابات المستقلة لـ5 اتحادات، وبالرغم من ذلك، فالنقابات المستقلة تواجه العديد من المصاعب والإشكاليات التى منعتها من لعب الدور المنوط بها كنقص الخبرات، ومشكلة توفير التمويل، والهجوم على النقابيين وفصل العديد منهم، وأخيرا مشكلة مع السلطة بعد رفضها تمرير قانون للحريات النقابية يضمن حق التنظيم. وقال أن وجود النقابات المستقلة أدى إلى صراع بين جهازين نقابيين أحدهما رسمى والآخر غير رسمى، ليبقى السؤال: هل تمثل النقابات المستقلة البديل المنطقى والطبيعى للنقابات الحكومية؟ وهل تملك النقابات المستقلة القدرة على جذب العناصر الفعالة للعمال، وسط كثرة النزاعات السياسية داخل الاتحاد الواحد؟ وهل هى تعمل من اجل الصالح العام للدولة والعمال فنحن نجد دائما دعم تلك النقابات للعمال فى اضرابهم واعتصامتهم دون الاعتبار والالتفات للصالح العام والظروف الحرجة التى تمر به البلاد فكل منا يعى الظروف الصعبه للعمال واوضاعهم المتردية فمن المنطق ان يعملوا ويحسنوا من اوضاعهم ومن اوضاع بلدهم بدلا من الاضراب عن العمل حتى لا تزداد الحالة سوءا ولن تستطيع الدولة بذلك تحقيق مطالبهم وتوفر لهم الحياة الكريمة التى هى بالطبع حق لكل المواطنين.
أكد عبدالفتاح إبراهيم رئيس النقابة العامة للغزل والنسيج على رفضه التعددية النقابية التى ينشئها العمال فى شركاتهم المختلفة بسبب النقابات المستقلة لانها تساعد على تفتت حركة العمال وبذلك لا نستطيع التفاوض، خصوصا أن كل نقابة تذهب للتفاوض وحدها وتزايد على الاخر مما يساهم فى الاضرابات وتعطل الانتاج ونجد وقتها صاحب العمل يتفاوض مع الجهة الاضعف ليقول بعد ذلك انه تفاوض مع العمال ووصل الى حل ولكنهم لا يريده الباقى مما يجعل حقوق العمال تضيع. وفى سياق آخر فقد أصدر رؤساء النقابات العمالية السبع «الغزل والنسيج، والبترول، والبناء والأخشاب، والزراعة، والتعليم، والسياحة، المناجم والمحاجر» بيانا أعلنوا فيه رفضهم قرار الاتحاد الأخير بشأن دعم الدكتور أحمد البرعى، وزير القوى العاملة السابق ووزير التضامن الأسبق مديرا عاما لمنظمة العمل العربية.
حيث إنه تم عقد مؤتمر صحفى الأسبوع الماضى بوزارة القوى العاملة والهجرة وحضره الاتحاد العام لنقابات عمال مصر بقيادة جبالى المراغى و6 من أعضاء الاتحاد و 5 اتحادات مستقلة كانوا قد أعلنوا فيه تأييدهم لترشيح البرعى بعد أن كان قد تم طرده من جانب بعض العمال فى احتفال عيد العمال لاتهامه بتفريق وتشتيت العمال بسبب موافقته على النقابات المستقلة وأنه عمل ضد العمال فى قرارات كثيرة وهو الأمر الذى قال عنه البرعى خلال المؤتمر الصحفى بانه تناسى تماما ما حدث فى الاحتفال وأكد وقتها أنه عمل لصالح العمال فى كثير من المواقف فهو الذى أعاد أموال الحوالات الصفراء من العراق بعد 21 سنة تقريبا كما أنه أول من حدد الحد الأدنى بالاتفاق مع القطاع الخاص بواقع 700 جنيه كحد أدنى إلى حين زيادته والتوصل إلى قانون بشأن الحد الأدنى.
بينما أكد رؤساء النقابات فى بيانهم أن القاعدة العمالية على مستوى الجمهورية ترفض تولى «البرعى» لهذا المنصب لأنه- على حسب تعبيرهم- العدو الأول للطبقة العاملة. وقال البيان «آن الأوان أن يعلم الجميع أن البرعى هو صاحب قانون العمل 12 لسنة 2003 سيئ السمعة، الذى أهدر حقوق العمال لمصلحة صاحب العمل، فضلا عن أنه فى كثير من الأحيان كان محاميا لرجال الأعمال فى مواجهة العمال».
وتساءل البيان «كيف يقبل أشخاص من الاتحاد وضع أيديهم فى أيدى من أهدروا حقوق عمالهم وصاحب أجندة تفتيت وحدة العمال بما يضر مصلحة الأمن القومى؟»، مشيرا إلى أن القاعدة العمالية أعلنت رفضها لـ«البرعى» خلال احتفال عيد العمال الذى شهده رئيس الجمهورية المستشار عدلى منصور.
وحذرت النقابات الموقعة على البيان من خطورة ما أعلنه الاتحاد من تأييد لـ«البرعى» فى شق الصف، بين القيادات النقابية والقاعدة العمالية، مما سيكون له أثر سيئ على الوضع العمالى.
وأشارت النقابات إلى أن الاتحاد العام فى تشكيله الحالى شارك فى اجتماع الاتحاد الدولى لنقابات عمال العرب فى الجزائر مؤخرا، وأعلن تأييده لمرشح الكويت فايز المطيرى، رئيس اتحاد عمال الكويت، متسائلا كيف يتم التراجع عن قرار أجمعت عليه نقابات عمال العرب؟
وطالبت النقابات من أطلقت عليهم رفقاء الدرب من النقابات العامة بتحمل المسئولية الوطنية أمام عمالهم، وإعلان موقفهم بصراحة أمام الرأى العام، ليعلم جميع عمال مصر أن من يخون العمال ويفتت وحدتهم فهو لا يريد للعمال الحصول على حقوقهم ولا يريد لمصر الأستقرار والأمان.
كما أعلنت النقابة العامة للعاملين بالمرافق والتى تضم فى عضويتها نصف مليون عامل فى قطاعات الكهرباء والمياه والإسكان والمرافق والصرف الصحى، تجميد عضويتها فى الاتحاد الدولى للعاملين بالصناعات بـ«جنيف» للتدخل فى الشأن الداخلى المصرى.
وأكد عادل نظمى رئيس النقابة أنه اجتمع مجلس إدارة النقابة وأعلن تجميد العضوية فى هذا الاتحاد وأشار إلى أنه تم إرسال رسالة إلى «يوركى راينا» الأمين العام للاتحاد الدولى للعاملين بالصناعات أبلغوه فيها رفضهم القاطع لسياسة ازدواجية التعامل التى ينتهجها الاتحاد مع المنظمات الأعضاء فى دول العالم كما أنه أرسل التقرير أيضا إلى وزراء الكهرباء والخارجية والإسكان ورئيس الاتحاد الدولى مؤكدا أن الاتحاد يسعى لبث سمومه من خلال الفوضى فى المجتمع المصرى، عن طريق دعم وتحريض النقابات المستقلة التى لا سند قانونى لها، ولا وجود لها على أرض الواقع خصوصا أن النقابات المستقلة غير مدرجة ضمن عضوية الاتحاد الدولى التى تمثل النقابة العامة عضوا فيه وتسدد الاشتراكات بصفة دورية.